|
الدَّبّورُ لا يَصنَعُ عَسَلاً
ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)
الحوار المتمدن-العدد: 6095 - 2018 / 12 / 26 - 22:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كان إتفاق الأطراف السياسية الرئيسية المتطاحنة في الجبهة الشيعية على ترشيح عادل عبد المهدي لمنصب رئيس الوزراء ، أحد العجائب ، بعد الإتفاق على تمرير صفقة إنتخاب الحلبوسي كرئيس لمجلس النواب على الرغم من كل اللغط الذي أثير حول مزاد بيع أصوات " نوّاب الشعب " . وافق عبد المهدي على قبول المهمة ، ، بعد أن سمع وعوداً من عراقيب بتركهم له حرية إختيار وزرائه بدون تدخل من " أحد " . ولكن لماذا وافق ، فلذلك حساب آخر . لبس الرجل سترة بجيب كبير ، وضع فيه ورقة سمّاها " طلب إستقالة " ، وأعلن ذلك للمَلأ ، كخطوة إستعراضية لقوّته ، وقدرته في إلإقدام على فعل " شيء " ، وقدّم برنامجاً وزاريّاً أقلّ ما يوصف به أنه برنامج طموح . وبخطوة پروتوكولية كلف رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي بتشكيل الوزارة ، في جلسة لمجلس النوّاب ، تجاوزاً لكل اللغط الذي كان حول توصيف " الكتلة الأكبر " . خطى عبد المهدي خطوته الإستعراضية الثانية ، بحجة قيامه ب" إختيار " وزرائه " التكنوقراط " بطريقة " علمية " بإستخدام أحدث آلية تكنولوجية ، فأعلن لكل من يرغب من أبناء الشعب " الحرية " في تقديم طلب التعيين كوزير ، عبر الإنترنيت ، وأنشأ موقعاً ألكترونيّاً لهذا الغرض . صَدّق الكثير ، وتقدّموا بطلباتهم بالآلاف ، وكل واحد يحدوه الأمل أن تكون من نصيبه الوزارة التي تقدّم بطلبه لها ، معتمداً على مؤهلاته العلمية وخبراته . بدأت تصفيات الطلبات المقدّمة بغربال ، ثم منخل ، ثم تحليل وترشيح بورقة الترشيح أو قماش الموسلين ، فأصبح لا يمرّ منها إلاّ مَن كان كزئبق لا يتوفر إلاّ في دكاكين الكتل السياسية إيّاها . " على مَن تريد إتعبّرها يا عبد المهدي ، مو العراقي مفَتّح باللبن ! " لم يعبر وزير في مجلس النوّاب إلاً بتوافق الكتل ، ولو تمّ ذلك " جوّه العباية " ، ولكن المسألة إنفضحت عندما وصلنا إلى وزارتي الدفاع والداخلية ، فبالله عليك يا عبد المهدي : هل تستطيع القسم بالعبّاس (ع ) أنك تمارس " حريّتك الكاملة " في إختيارك لوزرائك ؟ وإن كنت لا تستطيع ، فعجبي : لماذا تحتفظ بورقة الإستقالة في جيبك لحد الآن ؟ أصبح واضحاً للعيان ، وضوح الشمس ، من خلال التجربة ، لخمسة عشر عاماً ، عجافٍ ، ومتابعة تصريحات " المسؤولين والسياسيين " في تسقيطاتهم لبعضهم البعض ، ومن خلال الخلاف الذي ينشأ بين اللصوص ، وتنكشف " البوگة " ، أن " العملية السياسية " التي يريدونها إنما هي تقاسم المناصب لغرض : 1. الإستمرار في نهب العراق ، مع الحفاظ على الحصانة ضد المساءلة . 2. الضمانات بخصوص عدم الكشف عن الفساد الماضي ، أو المساءلة بشأن الأموال المنهوبة .
3. عدم الكشف عن الجرائم التي أرتكبت ضد الشعب سواء في بيع أرضه أو رهن سيادته أو خلق فتنة التفرقة الدينية والمذهبية والعنصرية . كل مَن يعتقد أن التوزير أو الإستيزار ، في عراقنا اليوم يتمّ على أسس الكفاءة ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب ‘ فهو على ضلال مبين ، إنما لا يتمّ ذلك إلاّ أن يكون " الشخص " مؤهّلاً للقيام بالمهام المذكورة ، ويكون هو مصبوغاً بها بما يضمن للآخرين أن يتحكموا به . فليس لفلان ، مثلاً أن لا يقوم بواجبه ، ما دام للآخرين الحق في فتح ملف سرقة بنك ، وآخرٌ عليه أن يسمع ويطيع تفادياً لفتح ملفات الإغتيالات والمحاكمات والقتول في سجون سرّيّة ، وكذا آخر مخافة كشف أسرار إحتلال الدواعش لأرض الوطن وجرائمهم التي نالت الملايين من أبناء الشعب ، وهكذا غيرهم من مَن سرقوا مليارات الدولارات من المال العام وإيرادات النفط وحوّلوها إلى خارج البلاد ، وغيرهم الذين إستحوذوا على مساحات واسعة من أراضٍ وعقارات في مناطق حيوية. ليست العملية السياسية التي يريدها هؤلاء ، عملية شريفة ، وليس عادل عبد المهدي صاحب العصا السحرية التي تفعل شيئاً في البلاد ، لسبب بسيط جداً هو أن " الدّبوّر لا يصنع عسلاً " . لقد لاحت آمالٌ عريضة في كون أكثرية أعضاء مجلس النوّاب هم من شرفاء أبناء الشعب ، سواء عندما تمّ التصويت في إحدى جلسات المجلس سريّاً ، إذ جاءت نتائج التصويت مخيّبة لآمال رؤساء الكتل ، وكذا تظاهرة النواب بشعار " باطل ، باطل " عند تقدّم عبد المهدي بإسم فالح الفيّاض مرشّحاً لوزارة الداخلية . أملنا أن يقف النوّاب الشرفاء ، وقفة واحدة ، مثلما وقفوا في الجلسة التي أزاحوا فيها سليم الجبوري عن كرسي رئاسة مجلس النوّاب . يقفوا وقفة العراقي الشهم المقدام الشريف ، ويضعوا كل شيءٍ في مكانه الصحيح .
#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)
Yelimaz_Jawid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تحذيرٌ للنوّابِ المنتقلين
-
الحَسمُ مطلوبٌ
-
مُعَوّقات الإتفاق بين الأطراف
-
ماذا بعد العدّ والفرز اليدَوي ؟
-
التظاهراتُ لم تعُد عَفَويّة
-
طَبخةُ الحربِ الأهليّةِ
-
دودة الشجرة
-
فيروس مرض الطفولة اليساريّ
-
حذاري من الإنعزالية
-
لا يُلدَغُ المرءُ من جحرٍ مرّتين
-
نحنُ عملنا شيئاً ، فتُرى ماذا عملتُم ؟
-
لِمَن يَعقلون
-
جبهة للإنتخابات
-
لِمَ
-
خطابٌ إلى - مثقّفينا -
-
خِطابٌ لأولئك
-
يَومَ يُكنَسون
-
مَرَّ شهرٌ على الإستفتاء
-
رَدُّ مُداخلة
-
صَرخَةُ أمّة
المزيد.....
-
ماذا قالت هيلاري كلينتون عن تعرض ترامب لمحاولة اغتيال ثانية؟
...
-
-الاعتراف بحكومة صنعاء-.. مسؤول أميركي يصف تصريحا للحوثيين ب
...
-
إسرائيل توسع أهداف الحرب بعد تلويح جديد بالخيار العسكري ضد ح
...
-
هذه الأسلحة ستكون أشد فتكا من الأسلحة النووية والعالم يتسابق
...
-
-لا أحد يحاول حتى اغتيال بايدن- هاريس-.. ماسك يحذف منشورا أث
...
-
واشنطن: التحقيقات الأولية بشأن عائشة نور لا تبرئ إسرائيل
-
نتانياهو يوسع أهداف حرب غزة
-
-الاعتراف بحكومة صنعاء-.. مسؤول أميركي يصف تصريحا للحوثيين ب
...
-
مثول المتهم بمحاولة اغتيال ترامب أمام محكمة فيدرالية
-
بلينكن يزور مصر في أول زيارة إلى الشرق الأوسط لا تشمل إسرائي
...
المزيد.....
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
المزيد.....
|