أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - [1]. فراخ العصافير، قصّة قصيرة














المزيد.....

[1]. فراخ العصافير، قصّة قصيرة


صبري يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 6095 - 2018 / 12 / 26 - 18:58
المحور: الادب والفن
    


المجموعة القصصيّة الثَّانية
ترتيلةُ الرَّحيل

إهداء:

إلى روح والدي وروح والدتي
وإلى الأحبّة الأهل والأصدقاء الأصدقاء!

1 . فراخُ العصافير

إهداء: إلى طفولتي وأسرتي
الَّتي كانت تعانقها سهول القمح أيَّام الحصاد!

أحنُّ إلى أيّامِ الحصاد. كنتُ أتوهُ بكلِّ شغفٍ بينَ متاهاتِ الحقولِ، ألملمُ النَّباتات الملوّنة بأبهى أنواعِ الزُّهورِ، تتراقصُ أمامي صوراً ومشاهدَ مسربلة بين طيّاتِ الغمام. عندما كنتُ طفلاً، كنتُ أعبرُ البراري الفسيحة، أركضُ خلفَ الفراشاتِ والجرادِ الأخضر. أهربُ من لملمةِ باقاتِ الحنطة. كانت أمّي تقولُ لأسرتي دعوهُ يفرحُ معَ عوالمِ الفراشاتِ والعصافير.
أتذكّرُ جيِّداً كيفَ قادتني إحدى الفراشات إلى أعماقِ الحقلِ وإذ بي أمامَ عشِّ عصفورٍ، فيه فراخ صغيرة تفتحُ مناقيرَها عطشاً.. تساءَلتُ، هل هذه الفراخ عطشى مثلي أم أنّها تتوقُ إلى أحضانِ الأمِّ؟! .. ركضْتُ نحوَ جرّةِ الماءِ ثمَّ عدْتُ حاملاً في يدي الصَّغيرة طاسةَ ماءٍ، فقالَتْ أمّي لمَنْ هذا الماء يا ابني؟ ركضْتُ نحوَ الجهةِ المعاكسة لأهلي قائلاً، لفراخِ العصافير، ضحكَتْ أمّي ثمَّ قالَتْ، ونحنُ ألَا نستحقُّ قليلاً من الماءِ يا ابني؟ سآتي حالاً يا أمّي، .. تهْتُ عنِ العشِّ ولم أهتدِ إليهِ لأنّهُ كانَ وسطَ الحقلِ ثمَّ جلسْتُ وحيداً وسنابلُ القمحِ تحضنُ دمعي، قَلِقَ الأهلُ عليّ عندما طالَ بهم الاِنتظار، وخافوا أن تكونَ قد لسعتني أفعى في قيظِ تلكَ الظَّهيرة في رحابِ الحقلِ.. ثمَّ استنفروا يبحثونَ عنّي فوجدتْني أختي، زغردَتْ وقالَتْ هوذا صبري، ثمَّ حملتني وهي تمسحُ دمعي، فبكيتُ أكثر، سألتني أمّي ماذا تريدُ يا ابني؟ قلْتُ لها ضيّعتُ الطَّريقَ إلى عشِّ فراخِ العصافيرِ! .. ضحكوا، فجنَّ جنوني وطلبْتُ منهم أن يمشّطوا الحقلَ بحثاً عنِ العشِّ. تلكَؤُوا في بادئِ الأمرِ لكنّي بدأتُ أبكي بصوتٍ عالٍ، فما وجدوا بدّاً إلَّا أن ينصاعوا إلى أمري، وبدَؤُوا يبحثونَ عن العشِّ، أمسكَتْ أختي يدي ونحنُ نمشي. بعدَ لحظاتٍ سمعْتُ أمّي وهي تهلهلُ (كليليليليلي!)، هوذا العشُّ يا صبري!
ركضْتُ بفرحٍ، آهٍ .. ولكن أينَ طاستي؟ قلْتُ لأختي اركضي، نسيْتُ طاستي هناكَ عندَ دمعتي، ركضَتْ أختي مثلَ البرقِ ثمّ جاءَتْ تحملُ رغبتي، أمسكْتُ الطَّاسة ثمَّ وضعْتُ اصبعي في الماءِ وبدأتُ أنقِّطُ قطراتِ الماءِ في حلقِ الفراخِ وهي تفتحُ مناقيرَها الغضّة، نظرَ والدي إليَّ بتمعُّنٍ، ثمَّ همسَ متمتماً معَ أمّي، كنتُ غائصاً في عوالمِ الفراخِ، أُغدِقُ على حلوقِهم العطشى مطري، سمعْتُ والدي يقولُ لأمّي هذا الولد "مو عادي"، فقالت أمّي "خلّي" يفرح معَ فراخِ العصافير، فقالَ لها "خلّي" يفرح لكنّه شديدُ الحساسية إلى درجةٍ لا يتصوّرُها عقلي، وأخافُ عليهِ من الجنونِ، جنونِ الحبِّ والعشقِ، جنونِ التَّواصلِ معَ اِخضرارِ الكونِ!
.. فَرَحْتُ عندما شبعَ الفراخُ ثمَّ أمسكْتُ الفراخَ بيدي وبدأتُ أداعبُ زغبَها النَّديِّ، أتذكَّرُ أنّني قبَّلتُها .. كنْتُ أشعرُ وكأنَّها تشكرُني، كانتْ عيونُها الصَّغيرة تنظرُ إلى عيوني، هل فهمَتْ أنّني لسْتُ أبيها ولا أمّها؟
هل عرفَتْ أنّني دمعةٌ ساخنة تخرُّ على فضاءِ الرُّوحِ؟.. شوقٌ جامحٌ إلى هلالاتِ العشقِ، ومضةُ فرحٍ طريّة فوقَ جباهِ النَّسيمِ، طفولةٌ مفروشةٌ فوقَ أمواجِ البحرِ. تعالي يا طفولتي أريدُ أن أفترشَكِ فوقَ أجنحتي لعلَّكِ تفتحي أمامي أبوابَ النَّعيمِ.

ستوكهولم: آب (أغسطس) 2003



#صبري_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- [10]. استمراريّة القهقهات الصَّاخبة، قصَّة قصيرة
- [9]. وللزهور طقوسها أيضاً! ، قصّة قصيرة
- [8]. مشاهد من الطُّفولة، قصّة قصيرة
- [7]. احمرار السَواقي، قصّة قصيرة
- [6]. اللّص والقطّة، قصّة قصيرة
- [5]. قتل النَّاطور الحمامة، قصّة قصيرة
- [4]. حالات اِنفلاقيّة قُبَيْلَ الإمتحان قصّة قصيرة
- 3 رنين جرس المدرسة، قصّة قصيرة
- 2 . امطري علينا شيئاً يا سماء! قصّة قصيرة
- المجموعة القصصية الأولى، احتراق حافات الروح، استهلال، [1] اح ...
- خمس مجموعات قصصية المجلّد الأول، مدخل للقصص
- تصفّح العدد السّادس من مجلة السَّلام الدولية الصادرة في ستوك ...
- حملة تضامن مع الشاعرة المبدعة فاطمة ناعوت
- صباح الخير يا مالفا أيّها المرفرف فوق تاج الإرتقاء في سماء ا ...
- إصدار جديد للأديب التَّشكيلي السُّوري صبري يوسف بعنوان: ديري ...
- طفولةٌ مزدانةٌ بأريجِ النّعناعِ البرّي
- كتابةُ الشِّعرِ إنغماسٌ عميق في رحابِ أحزانِنا وأفراحنا
- الكتابة معراج العبور إلى فراديسَ الجنّة، حلمٌ متطايرٌ من مرا ...
- تمتلكُ الفنّانة جاهدة وهبة حنجرة حريريّة صافية من شوائب هذا ...
- قراءة تحليليّة لقصائد الشَّاعر القس جوزيف إيليَّا


المزيد.....




- -كُتاب المغرب-يستنكر -التشويش-على عقد مؤتمره الوطني الاستثنا ...
- في اليابان.. الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان يعزز جسور التباد ...
- “سجل الآن“ اعلان توظيف وزارة الثقافة والفنون 2024 بالجزائر و ...
- الحب كحلم بعيد المنال.. رواية -ثلاثية- لأديب نوبل يون فوسه
- المسرح الروسي يزين مهرجان قرطاج
- الممثل اللبناني نيقولا معوض يتحدث بالتركية.. ما القصة؟
- فنانة كازاخية تهدي بوتين لوحة بعنوان -جسر الصداقة-
- تطورات في قضية اتهام المخرج المصري عمر زهران بسرقة مجوهرات
- RT Arabic توقع مذكرة تعاون مع مركز الاتحاد للأخبار في الإمار ...
- فيلم رعب لمبابي وإيجابية وحيدة.. كواليس ليلة سقوط ريال مدريد ...


المزيد.....

- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - [1]. فراخ العصافير، قصّة قصيرة