|
التحريض على تخريب الآثار من (إسلام ويب) إلى داعش.. واستدعاء لسيرة أحمد شاه مسعود
السيد شبل
الحوار المتمدن-العدد: 6093 - 2018 / 12 / 24 - 22:20
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تنظيم داعش الذي خرّب ودمّر الآثار التاريخية في شمالي العراق وفي سورية وكان يطمح لفعل ذلك بمصر، مُقدّمًا بذلك أفضل خدمة لأعدائنا، فعل ذلك اتساقًا مع تلك الفتاوى التي تجدها على أحد أشهر المواقع المخصصة للإفتاء، وهو " إسلام ويب "، وهو موقع رسمي تابع لإدارة الدعوة والإرشاد الديني بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر، ومرتبط بالدعاة الإخوان أو السلفيين الإخوان.
حيث تجد عند سؤال الموقع عن حكم هدم الأهرامات والتماثيل المصرية القديمة، إحالة لسؤال عن حكم هدم الأصنام، وفيها تأييد لما فعلته حركة طالبان في أفغانستان من هدم للتماثيل الأثرية، ثم انتقال إلى مصر ودعوة لهدم وطمس كل التماثيل والآثار المصرية القديمة حتى ولو كانت غير معبودة !، مع الحقن بالكراهية والازدراء تجاه تلك الآثار، كما يبذل الموقع جهدًا شاقًا للرد على سؤال "لماذا لم يتم هدم الآثار المصرية في وقت الفتح الإسلامي؟"، لينتهي إلى أن عدم هدمها في هذا الوقت لا يُستنتج منه القبول بوجودها!، وكل هذه الفتاوى التخريبية والتى ترقى لكونها مؤامرة يتم دعمها بأحاديث دينية، دون مراعاة السياق الزمني والتاريخي لها، وفي تجاهل تام لطبيعة العصر الآن، وفي وأدٍ صريح للعقل، وفي إساءة للموروث الديني ذاته، وآلية التعامل معه... وإلى جانب التحريض ضد التماثيل والمعابد الموروثة منذ آلاف السنين، هناك تحريض آخر على هدم الأضرحة التي تخص آل البيت والأولياء والقديسين المسيحيين والزعماء الوطنيين بالمرّة! (وهذا ما نفّذه الوهابيون القطبيّون بكثافة في السنوات الأخيرة) ، كما يُلاحظ تسفيه الموقع من القائلين بأن تلك التماثيل تراث إنساني، فهي بنظره، كاللات والعزى (!)، يجب إزالتها دون الالتفات لشيء.
النكتة، هنا، هي أن هذا الموقع يتم النظر إليه باعتباره "وسطي"، بعيد عن التطرف، وربما تجد مديره شخص مهندم ومُحجم عن إطلاق لحيته!.. بينما لا يمكن لمتابعه المؤمن بما فيه، إلا أن يكون داعشي، لكن ربما مع وقف التنفيذ.
أما اللافت هنا حقًا، والكاشف لمدى ازدواجية هذا التيار، فهو أن واقعة هدم طالبان للتماثيل البوذية وغيرها، هي ذاتها الوقائع التي تاجر بها الإخواني الأفغاني الطاجيكي " أحمد شاه مسعود "، حين سافر إلى فرنسا ثم بلجيكا في ربيع عام 2001، وقابل وزير الخارجية الفرنسي "هوبير فيدرين" وكبار رجال الدولة هناك، واعتبره "نيكول فونتين" رئيس البرلمان الأوروبي "قطب الحرية في أفغانستان"!، واستخدم "مسعود" واقعة هدم التماثيل للتحريض على طالبان، باعتبارها حكم رجعي متعصّب في مقابل التقدميّة التي يمثلها!، طالبًا أن يدعمه الغرب لمواجهتها، وفي هذا الوقت فعلا كان هناك -وبعد فترة إحجام- تنسيق بين السي آي إيه وشاه مسعود.
أما خصومة مسعود وطالبان أساسًا، فبدأت عندما أطاحت طالبان المدعومة من باكستان، بحكمه هو، ورئيسه الإخواني مؤسس الجماعة الإسلامية " برهان الدين رباني " في 1996، ودفعت بهما من كابول إلى شمال البلاد، حيث شكلوا ما عرف بـ"التحالف الشمالي الأفغاني"، بالتعاون مع آخرين كالإخواني الوهابي " عبد الرسول سياف " المرتكب لسيل من الجرائم الطائفية، وزعيم حزب الاتحاد الإسلامي المدعوم سعوديًا، والحاصل على جائزة الملك فيصل في 1985، والذي كان، رغم انضوائه بهذا التحالف الشمالي، مقربًا أيدولوجيًا، وربما تنظيميًا من طالبان والقاعدة.
وكان (شاه مسعود، رباني ، سياف)، ومعهم قلب الدين حكمتيار، على رأس المقاتلين الذين استقبلوا الدعم من الويلات المتحدة الأمريكية والخليج ورئيس باكستان محمد ضياء الحق طوال الثمانينيات بهدف قتال السوفييت، وجميع هؤلاء من المتأثرين بحسن البنا وسيد قطب، ومن أتباع جارهم الباكستاني أبي الأعلى المودودي، وقد أدّوا مهامًا تخريبية منذ الستينيات والسبعينيات حين قاموا ببث أفكار رجعية، مؤسسين "الجمعية الإسلامية" في 1972 (شهدت انشقاقات لاحقًا، فأسس حكمتيار الحزب الإسلامي عام 1975)، ودبّروا للتآمر على أول رئيس جمهورية في أفغانسنان وهو "محمد داود خان" في خريف 1974.
وللعلم فإن برهان ربّاني كان ممن اتصلوا بالإخوان في مصر بنهاية الستينيات عندما كان يدرس في الأزهر، ويحصل منه على ماجستير بالفلسفة الإسلامية !!، وسيّاف مرّ بذات التجربة في مطلع السبعينيات، عندما كان يستعد للحصول على ماجستير في علوم الحديث من الأزهر بالقاهرة.
ولما انسحب السوفييت في 1989، وانتصرت واشنطن، واصلوا القتال لإسقاط حكومة محمد نجيب الله، وتم لهم الأمر في إبريل 1992، وأعلنوا قيام "دولة أفغانستان الإسلامية"، برئاسة برهان الدين رباني، وتولى شاه مسعود وزارة الدفاع، وكان يفترض أن يتولى حكمتيار زعيم الحزب الإسلامي رئاسة الحكومة بناء على اتفاق لتقسيم السلطة، لكنه رفض.. فانطلق قطار الحرب الأهلية بين "المجاهدين السابقين" لمدة 4 سنوات، تم فيها تخريب كابول حرفيًا، وإعادتها للعصر الحجري، ومات فيها عشرات الألوف من الأفغانيين، وتمت فيها مجازر رهيبة على أسس مذهبية وطائفية (حزب الاتحاد الإسلامي الوهابي ضد حزب الوحدة شيعي والحليف لحكمتيار).. واستمر الأمر على هذا المنوال حتى ظهرت طالبان في 1994، ثم استولت على كابول، مطيحة بكل هؤلاء في 1996، معلنة تأسيس" إمارة أفغانستان الإسلامية". تحالفت طالبان مع بن لادن، ثم بعد أحداث 11 ستمبر، تدخلت أمريكا في أفغانستان، وأطاحت بحكم طالبان، ومكّنت التحالف الشمالي الأفغاني من الحكم، فعاد برهان الدين رباني ليمارس مهامه كرئيس للبلاد من كابول، ثم سلّم السلطة -بناء على اجتماع جرى بألمانيا- لحامد كرزاي (وهو العميل الذي حشد الغرب للتدخل في أفغانستان، وكان في السابق نائبًا لوزير الخارجية في حكومة برهان رباني، ثم تم إبعاده لعلاقته بحكمتيار، كما أيّد أيضًا طالبان لفترة، قبل أن ينتقل بالنهاية لدعم التحالف الشمالي)، كما حصد عبد رب الرسول سياف مناصب بارزة في البرلمان.. لكن شاه مسعود لم يكن موجودًا ليقطف ثمار تحريضه الغرب على التدخل، لأن طالبان كانت قد نجحت في اغتياله في 9 سبتمبر 2011.. فعاقبت فرنسا أولئك الذين نفذوا فيه الاغتيال.
يُرجى ملاحظة أن نظام طالبان كان مرفوضًا حينها أيضا من كل من موسكو وطهران، لتخوفهما من تمدد الفوضى والتطرف والمخدرات.
--- الفتوى من إسلام ويب http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=7458
#السيد_شبل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حسن الترابي.. كلعنة أصابت السودان
-
المودودي من المخابرات البريطانية إلى التآمر على -ذو الفقار ب
...
-
السلفية كمؤامرة على التراث
-
دور بريطانيا والعدو الإسرائيلي في حرب اليمن ضد جمال عبد النا
...
-
في رثاء ألمانيا الشرقية / الديمقراطية: لم تجمعها علاقات دبلو
...
-
معركة جاليبولي .. والدجل الإخونجي
-
آل سعود وبريطانيا والإخوان: مراحل التأسيس
-
الإعلام القطري.. والترويج للاستعمار
-
عملية باب العزيزية 1984.. تآمر وخيانة ورجعيّة -الجبهة الوطني
...
-
من هو جمال خاشقجي؟
-
وكالة ناسا الأمريكية: خلفيتها، وجرائم (دوايت آيزنهاور) الرئي
...
-
محاولة اغتيال مادورو: الإمبريالية الأمريكية مستمرة في عدوانه
...
-
منتدى أمريكا والعالم الإسلامي: بوابة للاختراق، وحلقة وصل لتع
...
-
-السلفية الجهادية- بليبيا.. والدعم البريطاني
-
المصالح السياسية خلف حملات تلميع الرئيسة الكرواتية
-
المصالح السياسية خلف حملات تلميع كرواتيا ورئيستها
-
من شينجيانغ إلى إدلب.. كيف اجتمع العرب والصينيون بمعركة واحد
...
-
جيش تحرير كوسوفو، ما هو ؟
-
جون فوستر دالاس.. وتوظيف -الدين- لخدمة مصالح واشنطن
-
تفكيك الدولة المصرية.. بيد النظام ؟
المزيد.....
-
ترامب يوقع مرسوما بفرض عقوبات على الجنائية الدولية
-
بيسكوف: لم تناقش روسيا والولايات المتحدة تنظيم لقاء بين بوتي
...
-
وزير الدفاع السوري: منفتحون على استمرار الوجود العسكري الروس
...
-
سياسي عراقي: انسحاب القوات الأمريكية من البلاد قد يتأخر
-
-الغارديان- : ترامب سيضطر إلى مراعاة مصالح روسيا والصين
-
الخارجية الأمريكية: نقل الفلسطينيين إلى خارج غزة سيكون مؤقتا
...
-
خلافات بشأن حكومة لبنان: اجتماع لعون وسلام وبري ينتهي بلا تص
...
-
الطيران الإسرائيلي يشن غارات على جنوب لبنان وشرقه رغم اتفاق
...
-
دعوة للانتباه.. مسار ضم وتهجير الضفة بدأ
-
جوا وبحرا.. كاتس يدرس السماح لسكان غزة بالسفر عبر إسرائيل
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|