أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كوثر الياسري - طروحة الاقتران بين الاستراتيجية والامن والمعرفة















المزيد.....


طروحة الاقتران بين الاستراتيجية والامن والمعرفة


كوثر الياسري
باحثة سياسية

(Kawthar Hassan Al_yasiri)


الحوار المتمدن-العدد: 6088 - 2018 / 12 / 19 - 21:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أولا: الاستراتيجية
لم يتفق معظم الباحثين على تعريف محدد للاستراتيجية، فمنهم من يشير لها بالغايات ذات الطبيعة الأساسية، والبعض يطلقها على الأهداف المحددة، ووضع البدائل المختلفة، لاختيار البديل المناسب بمدة زمنية قابلة للتنفيذ. وتزخر أدبيات الإدارة بالشروحات المتعلقة بمعنى الاستراتيجية، فمنها من يعتبر أن لها وجهين أساسيين، يتعلق الأول بوضع الاستراتيجية، والثاني يأخذ شكل خطة استراتيجية، تشمل على مجموعة من الأهداف والغايات التي يتم العمل على تنفيذها لاحقاً. وهي عملية حشد وتوزيع الموارد (البشرية والمادية والمالية) لتحقيق الأهداف (1 ).
وتعرّف الاستراتيجية كذلك بأنها وسيلة تعتمدها الجهة المسؤولة عن صياغة الخطط والأهداف اللازمة لتحقيق المواءمة بين الموارد والفرص المتاحة في البيئة الخارجية، لاتخاذ القرارات المهمة على المدى البعيد، بهدف تعظيم تلك الموارد والفرص، عبر الاستخدام الكفؤ لمواجهة الاحتياجات في البيئة الداخلية (2).
وتفهم الاستراتيجية على أنها رؤية شاملة على المدى الطويل، تقع تحت رحمة التغيرات المستمرة وغير المتوقعة، وقد تؤخذ القرارات الاستراتيجية في أجواء من الضغط المستمر، لتكون من أصعب القرارات وأعقدها على الإطلاق، لكونها تقع تحت هيمنة التغيرات والتحولات، وكونها تأتي بعد عدة تقييمات وتقديرات أهمها :المجازفة والرهانات، والوسائل والإمكانيات، والأخطار، والظروف (3).
وتجدر الإشارة إلى أنّ هناك مجموعة من المطالب والمقومات الواجب توافرها لصياغة استراتيجية عامة وشاملة، هي: (4)
1- الأساس العلمي القائم على الاستفادة من الخبرات والتخصصات ودراسة التجارب والخطط السابقة والاستفادة منها.
2- مبدأ مركزية التخطيط وليس مركزية التنفيذ، من خلال إيجاد التوازن والتنسيق الضروريين لخطط القطاعات المختلفة، لتلقى مسؤولية التنفيذ على عاتق القطاعات المختلفة.
3- ضرورة توافر مبدأ الإلزامية والمرونة، حيث إن هناك ضرورة للالتزام في التنفيذ، مع وجود بدائل مختلفة تمكن من مواجهة الاحتمالات الطارئة.
4- مبدأ يتعلق بواقعية الخطط والأهداف المراد تحقيقها.
5- القدرة على مواصلة الاستمرارية في تطويرها وفقاً للظروف المستجدة، بوجود مقومات مادية وبشرية وتنظيمية وتشريعية لتحقيقها.
وتمر الاستراتيجية بثلاث مراحل، وهو ما يسمى بـ " إدارة الاستراتيجية"، وهي: (5)
1. صياغة الاستراتيجية: والتي تشمل تحديد الرؤية القومية والقطاعية والفرعية، وتحديد الرسالة على المستوى القومي والقطاعي والفرعي، وتحديد الغايات الوطنية، والأهداف والسياسات الاستراتيجية.
2. تنفيذ الاستراتيجية: ويشمل ذلك: إعداد وتأهيل القيادات الاستراتيجية، وتوفير مظلة وطنية من الوعي الاستراتيجي والسلوك الوطني، وتحقيق التكامل والتناسق للنشاط الوطني، عبر إعادة صياغة التشريعات والسياسات التي تتناسب والغايات الوطنية، وتوفر الأوضاع المطلوبة لتحقيقها، وتوفير جهاز إداري لتنفيذ الاستراتيجية بكفاءة، وترتيب الشراكات الوطنية الداخلية وتقاسم الأدوار بين الحكومة من جهة ومنظمات المجتمع ومنظمات الأعمال، لتنفيذ الاستراتيجية، وإنجاز التغيير الاستراتيجي المطلوب لتهيئة الأوضاع المناسبة لتحقيق المصالح الاستراتيجية وتقييمها.
3. مرحلة رقابة وتقييم الاستراتيجية: كخطوة لإدارة الاستراتيجية في إطار التأكد من صحة التفكير ودقة التخطيط وكفاءة التنفيذ، من خلال اعتماد جودة التفكير الاستراتيجي وجودة الخطة الاستراتيجية، وصولاً لجودة الأداء الفعلي ومطابقته للمخطط المستهدف، ومعرفة مدى تناسبها مع التغييرات التي تحدث في البيئة الداخلية والخارجية، ومقارنة النتائج الفعلية بالأهداف المتوقعة من تطبيق الاستراتيجية، وبالتالي اكتشاف الانحرافات سواء كانت في التصميم أو التطبيق، على المستويات التكتيكية والتشغيلية والاستراتيجية، من خلال مجموعة من العوامل، وهي:
1. درجة التناسق الداخلي بين السياسات والاستراتيجيات والإمكانات.
2. درجة التناسق مع الظروف المحيطة.
3. مدى مناسبتها للموارد المتاحة.
4. درجة المخاطر التي تتضمنها الاستراتيجية.
5. الأفق الزمني المناسب الذي تمتد عليه الاستراتيجية.
6. القدرة على العمل بها ومدى صلاحيتها.
ثانيا: الامن
يكاد مصطلح الأمن القومي أن يغطي جميع مناحي الحياة بمفاهيمه وتأثيره، فقد ظهر مفهوم الأمن على الصعيد العملي منذ بداية الخليقة، وإن كان قد اتخذ صورة عملية تتخطى النظريات، حيث بدأ بأمن الإنسان البدائي الذي تمثل في توفير الغذاء والمأوى وحماية الحياة من الاعتداء والتكاثر، ثم تطور إلى أمن الأسرة، ثم أمن الجماعة، فالعشيرة، فأشباه الدول، ثم الدولة الواحدة، ثم مجموعة الدول والجماعات ذات القواسم المشتركة، أو التي تحاول بناء قواسم مشتركة، نظرا لكونها تعيش حالة من حالات التكاتف العرقي- كأوروبا- وبعض الديانات التي تآزرت فيما يمكن تسميته بالأمن القومي، ليس كأشخاص فقط، بل أيضا كممتلكات مادية وذهنية ومعنوية (6).
لقد تعلق الأمن في جميع الحالات عبر التاريخ بالأفراد قبل أي شيء آخر، لكن كان على الفرد أن يتخلى عن استقلاليته الذاتية لصالح سلطة مركزية مشتركة، والتي أنشئت من أجل حمايته كفرد وكشعب من العدوان الداخلي والخارجي في إطار "عقد اجتماعي"، أي أن الفرد كلف الدولة بحماية أمنه، وهو الأمر الذي لا يزال ساريا في عرف معظم الدول لكونه مصدرا من مصادر صلاحية وشرعية النظام، وسببا للولاء العام (7).
كما ان الامن في الوقت الحالي يمثل اكثر اتساعا أي ان للأمن مفهوم شامل وفي ضوء هذه الشمولية اصبح للأمن روافد عديدة تتمثل في الامن العام، والامن الاجتماعي، والامن الاقتصادي، والامن السياسي، وتلك الروافد وغيرها تغطي جميع المجالات التي تقوم عليها أجهزة الامن ( 8).
وتجدر الإشارة الى ان مفهوم هذا المصطلح قد تغير في عصرنا الحالي، واكتسب سمات عديدة في ظل تدفق المعلومات العالمي، وظهور عصر الإنترنت والعولمة، ووسائل الاتصالات السريعة التي حولت العالم إلى قرية واحدة يكاد أبعدها يكون أقرب إلى الإنسان من أقرب الأشياء المادية ( 9).
يقدم الباحث في الشؤون الأمنية "ميخائيل ديلون" تعريفا للأمن، إذ يرى أن مفهوم الأمن مفهوم مزدوج؛ فهو لا يعني وسيلة للتحرر من الخطر فقط، بل يعني كذلك وسيلة لاحتواء هذا الخطر وجعله محددا. وبما أن الخوف أوجد الأمن فإنه يقتضي بالضرورة القيام بإجراءات مضادة للتحكم في الخوف أو احتوائه أو إقصائه. ومن أحدث التعريفات التي تطرقت إلى مفهوم الأمن، تعريف "باري بوزان" الباحث في مجموعة كوبنهاجن المتخصصة في الدراسات الأمنية حيث يعرف الأمن بأنه: "التحرر من التهديد" (10).
وينقسم الأمن على صعيد أهميته إلى مفهوم: الأمن الخشن "Hard security" والأمن الناعم "Soft" security".
1. الأمن الخشن: هو ذلك الأمن الذي يلجأ إلى استخدام الطابع العسكري، والذي- في غالبيته- يقوم على اختلاف القوى بين الدول المختلفة نظرا لعدم امتلاك وسائل القوة الكافية للدفاع عن نفسها في حالات نشوب النزاعات الحدودية، أو الصراعات على مناطق الهيمنة والنفوذ.
2. الأمن الناعم: فتندرج فيه كل التحديات غير العسكرية التي تواجه الدول، مثل التحديات الصحية والجرائم المدنية كالمخدرات وغسيل الأموال والقتل وغيره. والمشاكل العربية والتطرف والإرهاب، وهي تحديات غير مباشرة ذات طبيعة مركبة، يتداخل فيها أمن الأفراد بأمن الدولة. وقد تكون هذه الظاهرة ذات أبعاد تتجاوز حدود الدولة، وربما ذات طابع عالمي (11).
لعل من أوسع وأشمل المفاهيم الخاصة بتعريف الأمن هو ذاك الذي يقول: إن مفهوم الأمن يتضمن أمن المواطن وممتلكاته، وتاريخه، وتراثه، ومعتقداته، وحرياته الأساسية، ويتضمن سيادة الدولة وسلامة أراضيها وحدودها السياسية والحرية النسبية للقرار الوطني، ويتضمن الاستقرار الأمني، والاجتماعي الداخلي، وقدرة الدولة على النهوض بمتطلبات التنمية الشاملة للمجتمع، من خلال دمج ثلاثة عناصر أساسية وهي: (12)
1. حاجة الدولة إلى مقدرة دفاعية كافية لردع التهديدات الاستراتيجية الداخلية والخارجية.
2. حاجة المواطن للأمن والاستقرار الداخلي.
3. حاجة المجتمع إلى النمو والتنمية الشاملة.
ولو عمدنا إلى تمحيص كل هذه العناصر وصنفناها، لوجدنا أنها تندرج تحت أربعة أبعاد استراتيجية أساسية بالنسبة للأمن، وهي: البعد العسكري، والبعد الاجتماعي، والبعد السياسي، والبعد الاقتصادي. وهي الأبعاد الاستراتيجية الأساسية التي يرتكز إليها الأمن سواء الوطني، أو الإقليمي، أو القومي أو الدولي، والتي تحتاج إلى عوامل لمساعدتها في تجسيد ذاتها، فهي تدور في فلك شديد التناقضات والضغوط والمنافسة، في ظل وسيلة تكنولوجية تنخرط في جميع مناحي الحياة، وتديرها وتيسرها، وكلما افتقرت الأبعاد الأربعة إلى الوسيلة التكنولوجية أصبحت أقل تأثيرا وجدوى وأخلت بالوضع الأمني من الجانب الذي تفتقر إليه الدولة (13).
كما وان الأمن الوطني والقومي يقومان على مقدرة الدولة في إعداد استراتيجية شاملة، كأداة من أدوات التخطيط الاستراتيجي الشامل للنهوض والارتقاء والصمود، ويؤسس لدولة تقوم على رعاية ودعم مواطنيها مدنياً وسياسياً واجتماعياً وثقافياً واقتصادياً، يحقق العدالة وتكافؤ الفرص للمواطنين، في ظل خدمة مدنية تقوم على العلم والقانون، ما يعني عدم تحكم فئة معينة بمقدرات البلد، يمنعها من ممارسة الفساد والاستبداد.
ومن الناحية السياسية يسعى التخطيط الاستراتيجي على صعيد الأمن الوطني، لتحقيق وحدة المشاعر الوطنية وإرضاء القاعدة الجماهيرية، وإرساء قيم العدالة والمساواة وعدم التمييز، استناداً لقرارات ذات شكل وطني مبنية على المعرفة والمؤسسية والتخطيط المحكم، ما يضمن بقاء اللحمة الوطنية لتكون الدرع الواقي لأمن المجتمع وحمايته واستقراره.
أما اجتماعياً، فإن التخطيط الاستراتيجي الناجح يقوم على قدرة الدولة في التعامل مع عصر تكنولوجيا المعلومات بتأهيل كوادر بشرية تتمتع بمهارات عالمية، وتحصل على خدمات اجتماعية وصحية وسكنية، تحظى من خلالها الأجيال بكل مقومات الأمن الذي يقوم على دعم المقومات الإنسانية، التي تنتج جيلاً قادراً على احترام قيمة العلم والعمل والوقت، وهو يعني ضرورة الاعتماد على امتلاك قوة أساسية، لتخطيط استراتيجي لدعم التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية على اختلاف أصنافها، ويدعم ثقافة المواطن ومعتقداته، وتوفر قوة عسكرية للدولة تحمي من خلالها أمنه الشخصي والإنساني، إضافة إلى حدود الدولة السيادية.
واقتصادياً، يقوم التخطيط الاستراتيجي السليم على تأمين فرص عمل بأجر يتلاءم مع الوضع المعيشي للمواطن، وتحقيق تنمية متوازنة تحقق العدالة، وتراعي حقوق المواطنين، من خلال دعم كل ما يؤصل لأمن إنساني شامل. إن من بين المعايير العامة التي تستخدم لرفد التخطيط الاقتصادي بسُبل النجاح، انطلاق الدولة من إنجازات المرحلة الجارية للتنمية، والبناء عليها، والحرص على تنمية الموارد الطبيعية المتاحة والاستفادة من الموارد البشرية الوطنية على كل المستويات، والاهتمام بالمناطق الريفية والمهمشة ومناطق جيوب الفقر للاستفادة أكثر من مخصصات التنمية، والحرص على المساواة في ميدان المنافسة لجميع الشركات والمؤسسات الوطنية، وإفساح المجال للنمو المعرفي للمؤسسات والأفراد وتشجيع الابتكار وإنشاء الشركات الصغيرة ودعمها، ودعم المشاريع الصغيرة كذلك، وحماية الملكيات الفكرية ودعم البحث والتطوير، والتوسع في التعليم المهني والتدريب، وتوفير الأطر القانونية التي تهدف إلى زيادة الإنتاجية والنمو(14).
ويختص التخطيط الاستراتيجي إذاً باستشراف المستقبل، قريب المدى وبعيد المدى، وصياغة طرق حكيمة لتحقيق أهداف الدولة العليا التي ترسمها لنفسها أملاً في تحقيق استقرار شامل للأفراد والمؤسسات، ما يستدعي توفر كادر كفؤ يقوم على تحقيق تلك الأهداف، بمستويات عالية لمواجهة التحديات القائمة والحفاظ على الأمن الوطني الشامل.
وتكمن أهمية التخطيط الأمني الاستراتيجي في وضع إطار عام يحدد التوجهات المستقبلية لأداء العمل الأمني، وتحديد الرؤية والهدف والغاية المستقبلية للأمن، وتقويم المرحلة السابقة والوقوف على نقاط القوة للبناء عليها، وتجنب نواحي الضعف في أداء العمل الأمني والتهديدات التي تواجهه، وابتكار آليات عمل متطورة لتحقيق أمن وطني يواجه التحديات القائمة المتمثلة بوجود بيئة متغيرة وشائكة، ما قد يوجد انطباعات لدى الأفراد والمؤسسات بغياب الأمن اللازم لتحقيق استقرار عام في حياتهم كافة (15) .
ثالثا: المعرفة
يمكن تعريف المعرفة على أنها مجموع الأمور التي تم إدراكها، أو تعلمها، أو اكتشافها، كما تضم المعلومات والحقائق والمهارات المكتسبة من خلال التعليم والخبرة والفهم النظري والعملي، ومن الجدير بالذكر أنّه يمكن أن يتم بناء المعرفة من خلال التفكير، وتختلف أساليب اكتساب المعرفة باختلاف مراحل نمو الإنسان، ففي مرحلة الطفولة على سبيل المثال يتم تلقي المعرفة على شكل مجموعات، ومع مرور الوقت يصبح الطفل وتصبح الأجيال القادمة قادرةً على بناء وتوليد المعرفة من تلقاء ذاتها من خلال التشكيك بالمعرفة الموجودة حالياً ونقدها لبناء معرفة أوسع من التي سبقتها .

تنقسم المعرفة إلى خمسة أقسام رئيسية، وهي على النحو الآتي:
1. المعرفة الشخصية: وهي المعرفة التي تتعلق بالخبرة الشخصية، وحقائق ومعلومات حول حياة الشخص نفسه.
2. المعرفة الإجرائية: وهي معرفة كيفية القيام بالأشياء المختلفة، ومثالها: معرفة كيفية ركوب دراجة، أو تعلّم كيفية لعب كرة السلة، وغيرها.
3. المعرفة المقترحة: وهي المعرفة المتعلقة بالحقائق التي تدور حول العالم أجمع.
4. المعرفة المفاهيمية: وهي طريقة تأطير النماذج الذهنية والأفكار، وبناء المعلومات والمعارف في الدماغ.
5. المعرفة الهيكلية: هي تنظيم المصطلحات والمفاهيم بمعانٍ عميقة في الذهن، مثل التفكير في الحساب، والتفكير فيما يحدث بالعالم، والأسباب والنتائج وغيرها من الأمور.
ويكمن الاقتران بين الاستراتيجية والمعرفة من خلال استراتيجية إدارة المعرفة وهي الرؤية طويلة الأمد لما ستكون عليه المؤسسات والمنظمات في المستقبل، وهي أيضاً تُعد النشاط الأكثر وعياً بأهمية تنمية الكفايات المحورية الجوهرية سواء داخل المؤسسات والمنظمات أو خارج المؤسسات المنافسة لها. لقد احتلت المعرفة دوراً أساسياً في المؤسسات والمنظمات سواء أكانت تفكيراً استراتيجياً (المعرفة كإطار)، أو ميزة تنافسية (المعرفة كموضوع). ومع التطور الكبير في الاستراتيجيات القائمة على المعرفة، أخذت المعرفة في التطور المتسارع، إذ أصبحت المعرفة هي المصدر الأول في إنشاء المعارف الجديدة وتطوير تطبيقاتها في الحصول على منتجات وخدمات وعمليات وممارسات جديدة. وباختصار، فإن تقدم أي مؤسسة أومنظمة يتوقف على قيمة المعرفة فيها، وعلى قدرتها على إدارة هذه المعرفة لصياغة السياسات العقلانية، واتخاذ القرارات الرشيدة، والإنجاز وفق مستوى الأداء المنشود والمخطط له سعياً للارتقاء. ومن أجل ذلك لابد من أن تمتلك المؤسسات والمنظمات رؤية استراتيجية واضحة المعالم فيما يتعلق بإدارة المعرفة فيها، سواء فيما يتصل بإنتاجها من خلال مصادرها الداخلية، أو استقطابها والحصول عليها من المصادر الخارجية، وبالتالي توظيفها بما يقلص الفجوة المعرفية لديها (16).
وتتضح طبيعة المعرفة من خلال البيانات والمعلومات والمعرفة والتقنيات حيث أن الأنشطة هي التي تحدد العمليات مثل عمليات الإنتاج اذ تقدم بيانات وهذه تعتبر تدفقات غير مهيكلة تتكون من أرقام أو خصائص ذات صلة وثيقة حينما يتم النظر إليها داخل محيط مشاركة محدد، وتتحول البيانات إلى معلومات لإظهار الهياكل أو الأشكال داخلها ويتم ذلك من خلال تحليل هذه البيانات فإذا تم استغلال تلك المعلومات بالمنظمة فإنها تكون المعرفة للمنظمة ويمكن أن تنتشر تلك المعرفة بواسطة التقنيات المتعددة، ويمثل الاستغلال الامثل للمعرفة مزايا تنافسية تتم من خلال عدد من العمليات التحويلية مثل تحليل البيانات والاتصالات لنقل المعلومات ، وهذه العمليات يجب أن تتم إداراتها بكفاءة وفعالية كما يتطلب ذلك أيضاً استراتيجية لإرشادها وتوجيهها وأن تتكامل هذه الاستراتيجية مع رسالة المنظمة (17).
ويمكن حصر دور الاستراتيجية في إدارة المعرفة كما يلي: (18)
1. صنع المعرفة بالتركيز على الخيارات الصحيحة والملائمة.
2. توجيه المنظمة إلى كيفية معالجة موجوداتها الفكرية، مثلا الابتكار.
3. تساهم الاستراتيجية في تحديد المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية للمنظمة وعليه التركيز عليها لجمع المعرفة حولها.
4. إن اختيار الاستراتيجية يدفع في اتجاه معرفة جديدة.

المصادر
___________
(1) معن وعد الله المعاضيدي، اسهامات نظرية الاستراتيجية القائمة على الموارد في تحقيق الميزة التنافسية، مجلة بحوث مستقبلية، كلية الحدباء الجامعة، مجلد (4)، العدد (4)، 2006، ص12.
(2) المصدر نفسه، ص13.
(3) نبيل محمد سليم، الاستراتيجية الامريكية في العراق ومعضلة الامن، مجلة دراسات دولية، جامعة بغداد، العدد (36)، 2008، ص6.
(4) رعد الزبن، دور التخطيط الاستراتيجي في دعم الامن الوطني وأثره على الاستقرار السياسي، بحث منشور على شبكات المعلومات الدولية، على الرابط الاتي:
http://raadalzaben.com/ar/module.php?type=article&id=58
(5) ابراهيم محمد، التحديات الداخلية والخارجية المؤثرة على الأمن الوطني الأردني في الفترة 1999 – 2013، دراسة حالة، جامعة الشرق الأوسط_عمان، 2013، ص34.
(6) خالد عكاب حسون وفاطمة حسن شبيب، الامن الإنساني في إطار المواثيق والمنظمات الدولية، مجلة العلوم القانونية، جامعة بغداد، مجلد (31)، العدد (2)، 2016، ص145.
(7) المصدر نفسه.
(8) حسني درويش عبد الحميد، الاستراتيجية الأمنية والتحديات المعاصرة، مركز الاعلام الأمني،2018، ص4.
(9) رعد الزبن، مصدر سبق ذكره.
(10) المصدر نفسه.
(11) خالد عكاب حسون وفاطمة حسن شبيب، مصدر سبق ذكره، ص160.
(12) حسني درويش عبد الحميد، مصدر سبق ذكره، ص76.
(13) المصدر نفسه.
(14) رعد الزبن، مصدر سبق ذكره.
(15) حسني درويش عبد الحميد، مصدر سبق ذكره، ص170.
(16) نور ناصر الهزاني، استراتيجية إدارة المعرفة بين النظرية والتطبيق، بحث منشور على شبكة المعلومات الدولية، على الرابط الاتي:
https://nalhazani2012.wordpress.com/2012/04/21/
(17) ينظر: ممدوح عبد العزيز رفاعي. إدارة المعرفة: المفاهيم، المبادئ، التطبيقات، دار الكتب والوثائق القومية_مصر، 2009، ص 25.
(18) المصدر نفسه، 27.



#كوثر_الياسري (هاشتاغ)       Kawthar_Hassan_Al_yasiri#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طروحة الاقتران بين الدين والدولة والنظام السياسي
- لماذا يكذب القادة
- في مفهوم الفساد : أنواعه وأسبابه العامة
- منظمات المجتمع المدني:المفهوم والمميزات
- الفواعل من غير الدول في العلاقات الدولية
- مفهوم العولمة : انواعها - اهدافها
- البعد الديني في الحرب الأمريكية على العراق عام 2003
- الولايات المتحدة الأمريكية و العراق : رؤية في أسباب و مسوغات ...


المزيد.....




- -لا خطوط حمراء-.. فرنسا تسمح لأوكرانيا بإطلاق صواريخها بعيدة ...
- الإمارات ترسل 4 قوافل جديدة من المساعدات إلى غزة
- الأمين العام لحلف شمال الأطلسي روته يلتقي الرئيس المنتخب ترا ...
- رداً على -تهديدات إسرائيلية-.. الخارجية العراقية توجه رسالة ...
- ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة في لبنان؟
- زيلينسكي: الحرب مع روسيا قد تنتهي في هذا الموعد وأنتظر مقترح ...
- الإمارات.. بيان من وزارة الداخلية بعد إعلان مكتب نتنياهو فقد ...
- طهران: نخصب اليورانيوم بنسبة 60% وزدنا السرعة والقدرة
- موسكو.. اللبنانيون يحيون ذكرى الاستقلال
- بيان رباعي يرحب بقرار الوكالة الذرية بشأن إيران


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كوثر الياسري - طروحة الاقتران بين الاستراتيجية والامن والمعرفة