|
الحاكم العربي
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6085 - 2018 / 12 / 16 - 19:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عندما نتحدث عن الحاكم العربي ، فان المقصود الحكم العربي ، ومنه الحاكم العربي ، لان الأول هو من انتج الثاني ، ضمن مفارقات تستسيغ التعتيم ، والالتفاف على الحقيقة المجردة التي هي سيادة الاستبداد والطغيان . وبالرجوع الى مختلف أنواع الحكم في العالم العربي ، نكاد نجزم ان ّ الحاكم والحكم العربي ، هما من عيّنة وطينة خاصة ، لا مثيل لها في أنظمة الحكم الديمقراطية في العالم . فبتسليط نظرة تحليلية على أنظمة الحكم في البلاد العربية سنجد ، انْ لا علاقة لها اطلاقا ، ولا تتشابه بأنظمة الحكم في الدول الديمقراطية الغربية . في الأنظمة السياسية الاوربية ، وباليابان ، وأستراليا ، وامريكا ، وكوريا الجنوبية ، سنجد ان أنظمة الحكم ، وانْ اختلفت شكليا كعناوين ، فهي لا تُسيّر تمشيا مع الاهواء ، والرغبات المكبوتة ، التي تختلف من شخص حاكم الى آخر ، كما انها لا تتغير بتغير شخص الحاكم ، او الحزب الحاكم ، بل تُسيّر استنادا الى المؤسسات الديمقراطية التي وضعتها الشعوب المتقدمة ، وان اختلفت العناوين ، والاسماء من ملكية برمانية اوربية ، وجمهورية برلمانية اوربية . ان الحاكم ، وأنظمة الحكم في الدول المتقدمة الديمقراطية ، يخضعون للمؤسسات ، وللتاريخ ، والقيم الاصيلة للشعوب ، ولا تخضع للأهواء ، والرغبات ، والنرجسية العدمية الحقيقية ، التي هي " ولو طارت معزة " . لذا فمهما تغير الحاكم او الحازب الحاكم ، فان القواعد الأساسية للأنظمة السياسية الديمقراطية ، تبقى هي هي ، بدون تغيير يمس الأصول، والقيم ، الإنسانية الاوربية . النظام العام الأوربي المتعارف عليه ، يبقى الأساس ، وانْ كان من تغيير ، فيمس الضفاف والحواشي ، كإجراءات الضرائب ، والسياسة الاجتماعية . ان تغيير الإجراءات ، والميكانيزمات التي تتبدل عند كل فترة حكم ، لا تؤثر على اصل الحكم ، الذي يبقى هو الديمقراطية ، وخدمة الشعب والإنسانية . ان هذه الخاصية ، انْ لم نقل القاعدة التي تُعرف بها الدول الديمقراطية الاوربية ، لا تتأثر ابدا إنْ آل الحكم مرة الى الأحزاب الاشتراكية ، او آل في مرة أخرى ، الى الأحزاب الليبرالية ، والنيو-ليبرالية ، وللأحزاب اليمينية . فباستثناء برامج احزب اليمين المتطرف ، وبرامج أحزاب اليسار المتطرف ، وهي اقلية تدخل الرعب في نفس الشعب المتمسك بالقيم الديمقراطية ، وبالقيم الاوربية ، خاصة تلك التي تولدت بعد الحرب الكونية الثانية ، هي سبب تجنيب الدول الديمقراطية ، مخاطر الانقلابات العسكرية ، وانقلاب الجماعات السياسية ، كما تجنب ربط الدولة بشخص الحاكم ، او الحزب الحاكم ، ومن ثم تكون هي من اختيار النخب للحكم ، الذي لن يكون غير حكم الشعب ، لأنه هو من اختار في جو ديمقراطي ، واستنادا على دساتير ديمقراطية شعبية وليست دساتير ممنوحة ، من يحكمه . ان الشعب في هذه الحالة ، هو من يختار نوع الأغلبية للحكم ، والأقلية لممارسة المعارضة ، وهو من يجعل الأغلبية اقلية ، والأقلية اغلبية ، ودائما للوصول الى هذه الحالات ، فان الأنظمة تستعمل الديمقراطية التي هي ديمقراطية الشعب التي افرزتها صناديق الاقتراع . إذن فبقدر ما نجد الحكام في الأنظمة السياسية الاوربية ، و بالعالم الحر ، يحكمون بإرادة الشعب ، وبالاستناد الى القوانين والدساتير الديمقراطية التي هي من صنع الشعب ، نجد الحكام العرب يحكمون بشعار الذاتية المريضة ، وبحب العظمة ، والنفخ في الشخصية ، وبالتحدي بالاستناد الى شعار " ولو طارت معزة " ، كما انهم يربطون انظمتهم بالاحتكام الى الدين والقرآن والنبي ، وبالترويج لغباء الثقافة المرعية ، المحنطة بالبخور التي تمتح من الغيب الغير المنظور ، والغير الملموس . فالحكام العرب بهذه الحقيقية المعلنة والغير غائبة عن احد ، يجعلون من انفسهم ، حكاما متسلطين ، مغتصبين للسلطة ، و للثروة ، ولكل الجاه والمال . فهم لم يـأتوا الى الحكم بالطرق الديمقراطية المعمول بها في الدول الأوربية الديمقراطية ، بل سنجد ان منهم من اغتصب الحكم بالانقلابات العسكرية ، ومنهم من ورثه لصوصية وليس بطرق شرعية ، ومنهم من يوظف الرعية في دفعها للتصويت على دستور الحاكم المستبد ، الطاغي ، الدكتاتور ، وليس دستور الرعية التي يتحدد دورها في الإنتاج ، لزيادة ثروة الحاكم ، والطبقة التي تدور به ، ولخدمته اكثر في بسط سلطاته ، وحكمه على الرعية المهووسة بتلذذ المازوشية . هكذا ، فبينما يكون الحكام الغربيون الديمقراطيون في خدمة شعوبهم ، محاطين بخبراء متخصصين ، ومثقفين جهابذة ، ومن العيار الثقيل ، يكون الحكام العرب محاطين بالأميين ، والمرضى النفسانيين ، والمرضى الغير الطبيعيين ، وبأشباه المتعلمين ، ولا نقول المثقفين الذين ينحصر دورهم في تمجيد شخص الحاكم ، خاصة اذا علموا بضعفه ولا مبالاته ، وكان هيامه مولعا بالطاووسية ( الطاووس ) ، أي تعجبه المظاهر ، والألوان ، والموزاييك ، في حين من حيث الحقيقية ، الواقع ينطق بخلاف ما يصنعون ، وبخلاف ما يروجون ، وكأني بهؤلاء يمارسون الكذب على الحاكم ، فيعطوه صورة كاذبة لا تعكس في شيء الواقع ، حتى يحنطوه ويغلفوه ، ويركبون له نظارات لا ترى الاّ امامها ، لا الى يسارها ولا يمينها ، لكي يستمروا مستبدين بالدولة ، ينهبون ، ويراكمون ما لذ وطاب ، من الثروة الطازجة والغير الطازجة ، وحتى يستمروا في تكبيل الافواه ، المنادية بالديمقراطية ، والشاجبة للديكتاتورية ، وللاستبداد ، والطغيان ، وللفساد المستشري بكل مفاصل الدولة . ان هذه الحقيقية الجلية للعيان ، تجعل الدول الغربية اكثر استقرارا سياسيا واجتماعيا ، وتجعل الدول العربية اكثر عرضة ، لعدم الاستقرار السياسي ، والأمني ، والاجتماعي ، وضحية للاضطرابات كما جرى بدول الشرق الأوسط مؤخرا ، وكما سيجري بدول شمال افريقيا في السنتين ، او الثلاث القادمة ، أي انتظار ثورة الجوع ، التي سينفخ فيها عوامل ، كانفصال جزء من الأرض ، او إقليم ، او ما شباه ذلك . هكذا نجد انه بقدر ما تحتكم الشعوب والحكام في الدول الديمقراطية ، الى المؤسسات الاوربية ، يحتكم الحكام العرب الى القمع والإرهاب ، وتحتكم الشعوب الى العنف ، وكلا العنفين ، يستمد شرعيته من الدين ، ومن القرآن ، والنبي ، في حين ان المخطط الذي ينفد باسم الدين لا علاقة له به . ان هذا الوضع الغير المقبول اطلاقا ، يجعل من دول عدم الاستقرار التي تفتقر الى ثقة شعوبها الساخطة عليها ، دائما ضحية مشاريع دول الاستقرار . الم يلعب ساركوزي ، واوباما ، وبرلوسكوني ، وكل الغرب ، ومعهم الحكام الخونة العرب ، وجامعة الحكام العربية ، دورا في تدمير ليبيا ، سورية ، اليمن ، انفصال جنوب السودان ..... لخ . الم تلعب فرنسا دورا رئيسيا في انقلاب عسكر الجزائر على انتخابات 1988 بالجزائر ؟ الم تدفع سفيرة أمريكا ببغداد ، صدام حسين لغزو الكويت ؟ الم تسمح أمريكا للأسد ، بدخول لبنان بعد نشوب الحرب الاهلية ؟ الحاكم العربي ، شخص متسلط ، استبدادي ، طاغي ودكتاتور . والحكم العربي ، بعيد عن الديمقراطية ، بعد السماء عن الأرض .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل اقترب انهاء مدة بعثة الامم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في ال
...
-
زمن العهْر ، زمن الذّل ، زمن القهْر ، زمن الإنكسار .
-
الطاغية العربي
-
لقاء جنيف : أي مخرج .. أي نتيجة ؟
-
ملكية برلمانية ام جمهورية برلمانية .. اي تغيير جذري سيكون با
...
-
كل شيء للفقراء .
-
أيّ بلاد هذه ........ بلادي ليست قابلة للنسيان ( 9/9 )
-
هل عدد الصلوات وعدد الركعات ممارسات شرعية ؟
-
دولة السحل ..... تسحل مواطنيها
-
أيُّ بلاد هذه ......... ( 8/9 )
-
يمامة أطلسية طارت تنشد الحرية
-
اي بلاد هذه .... بلاد قابلة للنسيان ( 7/9 )
-
الزمن العفن ..... الزمن الرديء
-
ايّ بلاد هذه ...... بلاد قابلة للنسيان ( 6/9 )
-
قلم الرصاص ، كاتم الصوت القاتل
-
تحليل خطاب الملك / خطاب تودّد
-
أبلاد هذه ........ بلاد قابلة للنسيان ( 5/9 )
-
أيُّ بلاد هذه ...... الظلم والحگرة والقهر ... ( 4/9 )
-
تحليل القرار 2440 لمجلس الامن .
-
أيّ بلاد هذه .... واشْ منْ بلادْ هذي ... ( 3/9 )
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|