|
الطاغية العربي
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6079 - 2018 / 12 / 10 - 20:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل الطغيان ماركة عربية إسلامية اصيلة مسجلة ؟ وهل اصل مرض الطغيان ، جينة او فيروس يسكن الخلايا ، والعقول ، والدم العربي الأكثر من مُكلس ؟ وهل قدر العرب ، وهنا لا افرق بين الحكام الطغاة ، والشعوب المازوشية التي تتلذذ الطغيان ، هو العيش في الطغيان ؟ لماذا تطرد الشعوب الحرة طغاتها ، ولماذا تتمسك ، وتتشبث الشعوب العربية ، والإسلامية بطغاتها ، ومستبديها ، وجبابرتها المرضى ؟ لماذا حين تحصل هبّة ، او انتفاضة ، ولا أقول ثورة ، وتنجح في إزاحة الطاغية ، تأتي بطاغية اكثر منه طغيانا ، سواء من طغاة النظام الذي طردوا طاغيته ، او باستقدام نظام آخر لا يختلف عن سابقه في ممارسة الطغيان ؟ لماذا الشعوب الحرة حين تتخلص من طغاتها بالموت او بالثورة ، تقيم الاهازيج ، والاحتفالات ، والافراح ، والمهرجانات ، ولماذا العرب والمسلمون ، حين يتخلصون من طغاتهم بالموت ، يبكون ـ ويولولون ، ويندبون ، وكأنهم فقدوا حجرا ثمينا ، او ذرة ماس او ياقوت ؟ الم تبكي الجماهير المصرية جلادها الذي اداقها الويل ، جمال عبدالناصر ؟ الم تبكي الخائن السادات ؟ الم تبكي الصهيوني حسني مبارك ؟ الم تطبل لطاغيتها الجديد السيسي ؟ الم تبكي الجماهير الجزائرية جلادها بومدين ؟ الم تتشبث بطاغيتها المريض عبدالعزيز بوتفليقة ؟ الم تبك ايران الخميني ؟ الم تكن الجماهير تندب خذها ،وتضرب سيقانها ، وترطم رأسها مع الحيطان ، لو مات القدافي ، او صالح ، او صدام في ليبيا ، واليمن ، والعراق موتة طبيعية ، غير موتتهم العصية ؟ الم تبكي جماهير الأردن عميل الصهيونية الملك حسين ؟ الم تبكي قبائل بنوهلال وبني سليم العروبية ، موت الحسن الثاني الذي اداق الشعب الزقوم ؟ ولن يبكيه لا آل الفاسي ، ولا من كانوا مستفيدين من الوضع على حساب الشعب والمال العام ؟ الم يبدأ الطغيان العربي الإسلامي ، منذ بداية اول حكم قريشي إسلامي ، حين ارغم النبي محمد ابنه بالتبني زيد على تطليق زوجته زينب ، وحين فعل ما طُلب منه ، دعاه لان يخطبها له ، ليتزوجها لنفسه بعد ان كانت زوجة لابنه ؟ الم يقتل خالد بن الوليد قائد جيوش المسلمين مالك بن نويرة ، ويطبخ رأسه في الزيت فوق النار ، لكي يختلي بزوجته الفاتنة ام تميم ؟ الم يمارس عمر السبي والسلب ؟ الم يستحوذ عثمان على بين المال ؟ الم يصل الطغيان قمته مع معاوية وذريته ، ومع الدولة العباسية والعثمانية ؟ الم ينتشي الطاغية بطغيانه فينتفخ كالطاووس ، وهو يشاهد الجماهير المُجوّعة ، والجائعة واقفة عن بكرة ابيها في الصيف القاحط ، او الشتاء البارد القارص، تلوح له ، وتهتف باسمه ، وتزغرد ، وتصيح من شدة الخوف عااااااااااااااااش ؟ لكن ما سبب طغيان الطاغي وتجبر المتجبر ؟ وما سبب انبطاح وتشبث المنبطحين بأهداب الطاغية المستبد ؟ السبب الرئيسي في سيادة الأنظمة الطاغية ، الرعوية والمستبدة ، هو شعور الناس بالخوف ، ومن المصير المجهول التي ينتظرها ، وما دامت هي كذلك ، فلا مناص لها من الاحتماء بمن تعتقد انه يحميها من خوفها المستمر الابدي . السبب في ذلك سيادة الثقافة الأركاييكية ، والخرافة ، والتقليد الغارق في جذور الاستبداد . فالخوف من الطبيعة ، ومن الجن، والسحر، والنار ، جعل الجماهير مسكونة ، مهووسة بالخرافة ، والجذبة ، واللجوء الى الاضرحة والقبور ، للتبرك والشفاء ، والدعاء لبطريركها حاميها حراميها . السبب ان تراث العرب والمسلمين ، تراث ماضوي ينفر من العقل ، ويتشبث بالخرافة التي تعتمد الاساطير المُكبلة لروح الابداع ، والخلق ، والتجديد . الطاغي لا يسود لوحده ، بل تلحق به هيئات ومؤسسات ، هي التي تسهر على ممارسة طغيانه واستبداده . يلتحق بالطاغي الحكومة ، البرلمان ، القضاء ، الجيش ، الجدرمة ، أجهزة الاستخبار والضبط ، وزارة الداخلية ، الأحزاب ، النقابات ، المجتمع المدني المُميّعْ ، الزوايا ، الاضرحة ، المواسم ، الأسواق الأسبوعية ، الجماعات الدينية ... لخ . فهل من خلاص من أنظمة الاستبداد والطغيان ؟ وهل بالإمكان تغيير الحال والاوطان ، والقضاء على نظام بارع في انتاج العبيد والرعايا ، وتقاليد الذل المدانة منذ زمان ؟ لا حل ولا مخرج ، من ثورة شاملة على التراث ، المحنط اللاّجم للعقل ، والمهووس بالنقل . فبدون الثورة على التراث الناتج للعبيد ، الذين يقبلون الطغيان ، ويهيمون عشقا في الاستبداد ، يستحيل الحديث عن النظام الديمقراطي . ان اميركا لم تحقق نماءها وازدهارها، الاّ حين ثارت على الكاثوليك وانشأت البروتستانية . واوربة لم تأخذ بأسباب نهضتها ، الاّ بفضل أولئك الذين ثاروا على الكنيسة ، ومن داخل الكنسية نفسها ، فيما عرف بحركة الإصلاح الديني ، وتحضرنا أسماء وازنة أمثال مارتن لوثر ، كلفن ، زونجلي ، ارزمس .... لخ ، وغيرهم من المفكرين الذين مزقوا الغلاف الزائف للحقيقية ، وخلقوا المناخ الملائم لتقدم العلوم الإنسانية والتجريبية . فهل مفكرينا عجزوا في الاقتداء بركب العقل وتطليق النقل ؟ المفكرون الإسلاميون ، قليل منهم من فطن لدور العقل على النقل في احداث الثورات ، والقضاء على الاقطاع والطغيان ، لان الأغلبية الساحقة منهم ، التزمت بحرفية النص ، فكانت النتيجة انْ جمدوا الفكر ، واسرفوا في التأويل ، فركبوا متن الشطط ، والتقى الراديكاليون المحافظون ، وااليبراليون المتطرفون ، عند نتيجة واحدة ، هي الاغفال او التغافل ، عن حقيقة العلاقة بين العقل الفعال ، والعقل المنفعل . فبدون ثورة على المساجد ، ومن داخل المساجد ، قدوة بأوربة وامريكا ، سيبقى الطاغية العربي يمتح من ثقافة التجميد ، وطقوس التكبيل والتحنيط ، وسيبقى العبيد ينتجون ولا يستفيدون ، وفي مجتمعات كهذه تقدس المظاهر القروسطوية ، والتقاليد الغابرة ، يستحيل الحديث عن الدولة الديمقراطية .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لقاء جنيف : أي مخرج .. أي نتيجة ؟
-
ملكية برلمانية ام جمهورية برلمانية .. اي تغيير جذري سيكون با
...
-
كل شيء للفقراء .
-
أيّ بلاد هذه ........ بلادي ليست قابلة للنسيان ( 9/9 )
-
هل عدد الصلوات وعدد الركعات ممارسات شرعية ؟
-
دولة السحل ..... تسحل مواطنيها
-
أيُّ بلاد هذه ......... ( 8/9 )
-
يمامة أطلسية طارت تنشد الحرية
-
اي بلاد هذه .... بلاد قابلة للنسيان ( 7/9 )
-
الزمن العفن ..... الزمن الرديء
-
ايّ بلاد هذه ...... بلاد قابلة للنسيان ( 6/9 )
-
قلم الرصاص ، كاتم الصوت القاتل
-
تحليل خطاب الملك / خطاب تودّد
-
أبلاد هذه ........ بلاد قابلة للنسيان ( 5/9 )
-
أيُّ بلاد هذه ...... الظلم والحگرة والقهر ... ( 4/9 )
-
تحليل القرار 2440 لمجلس الامن .
-
أيّ بلاد هذه .... واشْ منْ بلادْ هذي ... ( 3/9 )
-
أيُّ بلاد هذه ... واشْ منْ بلادْ 2/9
-
أيّ بلاد هذه ..... 1/9
-
موت الاحزاب . الدولة البوليسية تفرغ الاحزاب من مضمونها . ( 1
...
المزيد.....
-
صدق أو لا تصدق.. العثور على زعيم -كارتيل- مكسيكي وكيف يعيش ب
...
-
لفهم خطورة الأمر.. إليكم عدد الرؤوس النووية الروسية الممكن ح
...
-
الشرطة تنفذ تفجيراً متحكما به خارج السفارة الأمريكية في لندن
...
-
المليارديريان إيلون ماسك وجيف بيزوس يتنازعان علنًا بشأن ترام
...
-
كرملين روستوف.. تحفة معمارية روسية من قصص الخيال! (صور)
-
إيران تنوي تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة رداً على انتقادات لوك
...
-
العراق.. توجيه عاجل بإخلاء بناية حكومية في البصرة بعد العثور
...
-
الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا استعدادا لضرب منطقة جديدة في ضا
...
-
-أحسن رد من بوتين على تعنّت الغرب-.. صدى صاروخ -أوريشنيك- يص
...
-
درونات -تشيرنيكا-2- الروسية تثبت جدارتها في المعارك
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|