مرام عطية
الحوار المتمدن-العدد: 6076 - 2018 / 12 / 7 - 18:49
المحور:
الادب والفن
سأجمعُ عقيقَ الأماسي
______________________________
أمِّي ، رحلَ الدفءُ عن أسرَّتنا مذ ارتقيتِ السماءَ ، صهلَ الغيابُ ، ماأشدَّ صقيعَ الأيامِ ! لولا خيالك الطَّافرُ حناناً ، مازالَ الدَّهر يلاحقنا كخرافٍ يتعقبهُم ذئبٌ أو كجناةٍ فارين من العدالةِ ، يحفرُ خنادقَ أمام أرزاقنا ، يرشقُ زهورنا بالحجارةِ ، ويسقينا أكوابَ المرارةِ . بغيابكِ جفَّ ضرعُ الليالي، دار الزمانُ على نخلتي ، وطحنت رحاهُ سنابلي ، لن أقفَ كسولةً ضعيفةً ، سأسير على خطاكِ ، أضيفُ العسلَ لحنظلي ، وأرفو مزقَ الأحلامِ ، أرقِّعُ شقوقَ روحي العريضةِ بالصبرِ ، أتيتُ منزلنا الْيَوْمَ أدعو أشجارَ التينِ والزيتون التي رعتها يداكِ المباركتانِ لتسردَ لي حكاياتكِ الدافئةَ ، تنشدَ على مسامعي أغانيكِ ، وتعيدَ لعينيَّ صورَ الطفولة ومرحها في حديقة الدارِ مع أخوتي ، سأجمعَ زمرُّدَ الذِّكرياتِ وعقيقَ الأماسي النَّديَّةَ لأشتري بثمنها أقراصَ الحبور ، وفيتامين الحياةِ ، كما بعتً ماكينة الخياطة التي تفتخرين بأنها هدية والديك في العرسِ وقوارير المطبخ الضرويةِ ثمناً لتسجيلي في الجامعةِ أنا وأختي ، وأستلفُ من الغدِ حزمة نورٍ و مساحةَ راحةٍ ثمناً لدقيقِ السعادة ،كما استلفتِ الدقيقَ والحليب من بقاليةِ جارنا الحانوتي ؛ لتصنعي لنا كعكَ العيدِ ، وتمنحينا الحبورَ رغم جيوشِ الأسى و أشواكِ الحرمانِ .
_______
مرام عطية
#مرام_عطية (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟