أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - عريان الذي ذهب لربه وهو بكامل إناقته الإنسانية














المزيد.....

عريان الذي ذهب لربه وهو بكامل إناقته الإنسانية


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6076 - 2018 / 12 / 7 - 04:40
المحور: الادب والفن
    


عريان الذي ذهب لربه وهو بكامل إناقته الإنسانية


لا اعرف بالتحديد كيف أرثي شاعر أمتلك أيات الكلمات وتفنن في تصوير كل أوجاعنا فصار الناطق الرسمي باسم الفقراء والمخلصين لتربة طينهم، ولكن وجدت من الواجب الأوجب أن أكتب ولو بعض الحروف لعلها تطفيء شيئا من نار غضبي على انني لم اكثر من مستمع يهزه طرب الكلمات دون أن أنتفض كالزلزال لأقتص ممن زرع الوجع في طين الوطن، هذا الطين الذي خرجنا منه محملين بالأهات قبل أن نعرف معنى أن نكون أو من نكون.... سيدي الشاعر لا أجاملك حين أقول من الفلسفة والحكمة أن يصنع الإنسان من عذاباته أغنية يمرر بها وجوده كي يبقى منتظرا أن تطلع الشمس من مخبأها أو يشرق القمر من نفوس أكلها تثريب الزمان وجار أيما جور، حتى وأنني عندما أردت أن أكتب حروفي المتواضعة هذي بدأت السماء تبكي والنجوم استأذنت سمائها لتنظم مع جوقة المعزين برحيلك، أي مجد هذا الذي يصنعه شاعر عريان إلا من روح إنسانية لا تقبل أن ترى الدموع وحدها فرس الرهان بل أرسلت خيول العشق الأصيلة لتطارد وتسابق فيتحول الميدان إلى ما يشبه قيامة كبرى أسمها العراق أرض النخيل والشعراء ومنجم الإبداع.
قد ابرر لمن سماك عريانا وأنت الذي ألبستك المعاناة ثياب الفخر ومنك لكل من عشق جرس حروفك أو تستر بسربال قصائدك العفيفة، نعم عريان أنت من وسخهم ومن زيفهم ومن سطوة نفوسهم التي مهما تدثرت بأنيق مفاخر اللباس فعوراتهن تبرز من خلال الف ثوب وثوب لتفضحهم، إني أذا أحسدك على المسمى بل أني تمنيت أن أكون مثلك عريان بلا خطيئة، لكن قدري فرض علينا أن لا يكون عريانان في الوجود، فواحد يكفي ليصبغ وجه الحياة بألوان شتى، كلها تنبئ عن فارس جال وصال ودار مع احلام الفقراء كما تدور حبات مسبحة حكيم بين أصابع تقية نقية، غير لاهية ولا ساهية تمجد في شأن الإنسان حيت تمجد اسم الرب، يا سيدي....
الرحيل ليس معجزة ولا هي بفلتة من فلتات الزمان فهو مركبنا جميعا ومن منا لم يَفقد أو يُفقد، ولكن الحسرة أنك لم تحصد أيا من سنابلك التي زرعتها في خصب أرض العراق، ولم تر أول غيث ينزل من بعد قحط السنسن التي صارعتها، فترجلت متعبا من مشقة السفر وأنت في عنفوان عطاءك وقد تركت مقود سفينة الشعر لغيرك وكأنك تقول (هيت لك)، فخرجت من تحت معطفك قبائل الشعراء وقوافل المترفين عشقا وولها بتراب الوطن ورائحة العنبر وشذا (كصايب الحديثات)، وتركت من خلفك إرثا إنسانوينا يستوي فيه جمال الإبداع كما يستوي فيه إبداع الجمال لشعوبا تتعارف بلحن (بلايا وداع)، لقد قرأت كثيرا من الكلمات التيملؤها حزن والأخرى توشحت بالألم وثالثة تحسرت على ترجلك السريع لتصبح وتمسي بعد اليوم البراحل الذي لم يغادرنا أبدا، أما أنا فلم أتوجع ولا أدعي أني أشعر بالغربة بعدك لأن من يتوجع بصوت فهو لم يذق طعم الوجع من قبل، ومن يشعر بالغربة خلاف حضورك لم يزرعك كشجرة سدر في صميم روحه.
المهم سيدي ارجو أن لا تكون قد نسيت في جيبك القديم رسائل أمهاتنا ولا وصايا أباءنا ولا قصصات ملئت دموعا وأهات نزفها أبنائنا حين جردوك من ثيابك، متأكد أنك لم تنسى شيئا ولكني أخشى أن يسرقوها منك في الطريق وأنت ذاهب للرب لتلقي عليه السلام وتعرض له سفارتك عنا، فليس بأحرى من شاعر أن يكون سفيرا بين يدي الرب ليكلمه عن كل ما جرى ويستفهم منه عن أي ذنب نتبلى، ولأي عذر نلجأ لنبرر لأنفسنا على الأقل كل هذا الي أحاط بنا وأحطنا به، الخشية سيدي الشاعر هنا مبررة لأني عرفت أن البعض من الذين يدعون أنهم جند للسماء قد سرقوا الله قبل أن يسرقونا، وأنت رجل سلك طيب السريرة لا تفقه ما يفقهون ولا تعرف أراذل ما يحتالون به علينا، سأنتظر جوابك مولاي أيها الشاعر بقصيدة تخرج من بين حبات تراب قبرك لتزف لنا بها بشرى لقاءك وجواب مقام الرب، علنا وأقول علنا نفهم فكل الرسائل التي وصلتنا من غيرك مزقها مرتزقة أمون قبل أن تصل لنا وكتبوا بمداد أصفر رسائل مزورة أن الله غاضب علينا لأننا لا نعبد ما يعبدون.
واخيرا سيدي الشاعر وأنا أودعك بهذه الكلمات أرجو أنك الآن في سلام بعد رحلة عناء تكبدتها وقد كان سيرك وسيرتك وسرك كما هو نهر مدينتك، لم ولن يكل عن رفد الأرض بأسباب الحياة لكنه لم يطلب أجرا ولم يدع إحسانا، فهو يجري عشقا ويسقى كؤسا من حب لمن يعرفه ومن لا يعرفه وحتى لمن أراد له الموت والفناء، الأنهار سيدي كائنات أبدية لا تلتفت لمساوئ البشر ولا لغضبه لأنها كما يقال عنها لا تملك حب العبودية ولا تميل للأستعباد، إنها حرة بطبيعتها ومن عشق خرير مائها صار حرا سعيدا لو حمل كل أهات البشر وتقيد بكل قيود من أراد الشر، فالحرية دوما تسبق ما سواها وتعيش الأبدية ولا تعرف الموت ولم تنشغل بالرحيل والفناء... سيدي الشاعر هنيئا لك ما دمت عريانا.....



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشروع المدني لتصحيح واقع العمل السياسي في العراق.
- النجدة .... سيقتلون الله (قصة قصيرة)
- الإنسان المأزوم بين الله والمعبد
- الجنس ودوره في حياة الإنسان ج9
- الجنس ودوره في حياة الإنسان ج8
- الجنس ودوره في حياة الإنسان ج7
- الجنس ودوره في حياة الإنسان ج6
- الجنس ودوره في حياة الإنسان ج5
- لماذا نحتاج لموقف موحد للقوى المدنية والديمقراطية في العراق؟ ...
- الجنس ودوره في حياة الإنسان ج4
- نحو مراجعة شاملة لموقف القوى المدنية على ضوء تجربة سائرون
- بين أزمة السياسة وتأزم الدين.... العلمانية حل لإشكالية الإنس ...
- الحلم العلماني
- يسألونك عن الله
- المرجعية الدينية وحق التصرف بمال المسلمين
- قيامة الحب....والحقيقة
- رسالة مواطن عراقي إلى السلطتين التشريعية والتنفيذية في العرا ...
- بيان التجمع المدني الديمقراطي للتغير بشأن الأنتفاضة العراقية ...
- الفكر الحر وتناقض الواقع في المجتمعات المغلقة
- الجنس ودوره في حياة الإنسان ح3


المزيد.....




- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - عريان الذي ذهب لربه وهو بكامل إناقته الإنسانية