أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد برقان - الثقافة الاحتجاجية (8)














المزيد.....

الثقافة الاحتجاجية (8)


رشيد برقان

الحوار المتمدن-العدد: 6074 - 2018 / 12 / 5 - 01:59
المحور: الادب والفن
    


إن المهمة التي تضطلع بها الثقافة الاحتجاجية مركبة وصعبة فمن جهة هي تغرد خارج سرب الكليات والتراكمات المكتسبة؛ في حين أن الثقافة السائدة ترتكز على تأويل أحادي الجانب للمشترك العام بين الناس. وهي تسعى إلى تكسير الثقافة السائدة، وهذا يجبرها على التعرض للبدهيات العامة. ومعلوم أن الناس تميل إلى الوثوق بهذه البدهيات، وتنفر من كل محاولة لزعزعتها. لأن الثقافة السائدة تميل إلى خلق التماهي بينها وبين هذه البدهيات عبر التأويل الأحادي. وتركز في الأذهان أن التفسير الوحيد لهذه البدهيات هو الذي تقدمه، وأن التلازم بينها وبين تأويل الثقافة السائدة هو التلازم الوحيد. لهذا تحتاج الثقافة الاحتجاجية إلى مجهود جبار ومضاعف، كما تحتاج إلى دعامات قوية وأشكال تعبيرية نافذة.
إن المسار الذي تسير فيه الثقافة الاحتجاجية يجب أن يكون عقلانيا في أسسه، حماسيا أو تحميسيا في تركيبته النهائية، كما يجب أن يسير بطريقة سقراطية تبتغي أولا تكسير الموجود لدى الخصم وزعزعة تلك العلاقة الوثوقية بينه وبين ما اكتسبه من ثقافة يعتقد أنها المعبر الفعلي عنه، ثم يعمل، بعد ذلك، ومن خلال حوار مباشر مع الذات أو مع الغير، على خلق مبادئ جديدة أو بناء علاقة جديدة مع ثقافته، سواء المرتكزة على أسس علمية او تستند إلى علاقة تاريخية أو عاطفية فقط.
وبالإضافة إلى ما ذكر يجب ان يكون المسار المذكور واضحا في قطعه مع الثقافة السائدة. إن أحد المعضلات التي تعيشها كل ثقافة جديدة، ومنها الثقافة الاحتجاجية هو مواجهة ومقاومة كل عملية احتواء واستيعاب قد يطالها من الثقافة السائدة؛ لأن عملية الاحتواء والاستيعاب هذه هي التي تمهد لعملية استيعاب النخب السياسية، فتجعل خطابهم ضبابيا أو مبهما بقدر كبير.
ومن جهة ثانية تؤسس الثقافة الاحتجاجية لرؤية جديدة مما يجعل السلاح الذي تشتغل به قد ينقلب عليها، لأن موجة التشكيك وعملية تنمية الوعي النقدي قد تستعمل أيضا ضدها. ففي لحظة معينة تضطر الثقافة الاحتجاجية أن تخرج من ثوبها التشكيكي الهدمي لتبني أسسا جديدة، وعندها يجب أن تكون هذه الأسس مبنية على دعامات قوية من العلم والقيم والأخلاق. وأن تستند على متعارف الناس الذي يجب أن يقوم على تأويل جديد.
ولعل في خاصية البناء هذه ما يفصل الثقافة الاحتجاجية عن العدمية. فهذه الأخيرة تهدم فقط بدون أفق، ويكون محركها هو الغضب الذي لا يستطع استبصار أفق مستقبلي منير، بينما تهدم الثقافة من أجل غاية محددة ومقصودة هي بناء أفق جديد والقطع مع الثقافة السائدة، وذلك من أجل بناء ثقافة جديدة أكثر تحررا وأشد تجاوبا مع تطلعات الفئات الصاعدة.
وهنا نود أيضا أن نوضح أن الثقافة الاحتجاجية بما أنها ليست عدمية، ولا تعمل على الهدم المطلق، فإنها تدخل في علاقة انتقاء مع الثقافة الموروثة وتختار منها ما يلائمها ويدعم طروحاتها، بالقدر نفسه الذي تحارب ما يعرقل عملها. وفي هذا مسار طويل من الأخذ والرد والتوضيح والكشف.



#رشيد_برقان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثقافة الاحتجاجية (7)
- الثقافة الاحتجاجية (6)
- الثقافة الاحتجاجية (5)
- الثقافة الاحتجاجية (4)
- الثقافة الاحتجاجية (3)
- الثقافة الاحتجاجية (2)
- الثقافة الاحتجاجية (1)
- مناصفة الإرث جرأة في الطرح أم هروب إلى الأمام
- مانفع المهرجانات
- تسريب الامتحانات أو فن صناعة الأبطال
- الزين اللي فيك أو جرح الكرامة
- لكل مقام نفاق مناسب
- الزين اللي فيك محروق
- من أجل 20 فبراير ثقافية
- حول 20 فبراير و المثقف
- عودة إلى المشهد الثقافي بالمغرب
- من أجل مشهد ثقافي هادف
- المثقف و الممانعة
- وصفة خارقة للريادة الثقافية
- من أجل ثقافة بديلة


المزيد.....




- موقف غير لائق في ملهى ليلي يحرج شاكيرا ويدفعها لمغادرة المسر ...
- بأغاني وبرامج كرتون.. تردد قناة طيور الجنة 2023 Toyor Al Jan ...
- الرياض.. دعم المسرح والفنون الأدائية
- فيلم -رحلة 404- يمثل مصر في أوسكار 2024
- -رحلة 404- يمثّل مصر في -أوسكار- أفضل فيلم دولي
- فيلم -رحلة 404- ممثلاً لمصر في المنافسة على جوائز الأوسكار
- فنانون من روسيا والصين يفوزون في مهرجان -خارج الحدود- لفن ال ...
- اضبط الآنــ أحدث تردد قناة MBC 3 الجديد بجودة عالية لمتابعة ...
- كيف تمكنت -آبل- من تحويل -آيفون 16 برو- إلى آلة سينمائية متك ...
- الجزائر: ترشيح فيلم -196 متر/الجزائر- للمخرج شكيب طالب بن دي ...


المزيد.....

- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش
- تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة / كاظم حسن سعيد
- خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي ... / أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد برقان - الثقافة الاحتجاجية (8)