نوميديا جرّوفي
الحوار المتمدن-العدد: 6064 - 2018 / 11 / 25 - 13:45
المحور:
الادب والفن
( قصة قصيرة)
إلتقت جارتها و سلّمت عليها، و طلبت منها أن تذهب لبيتها. استجابت هذه الأخيرة لطلبها متفاجئة من هذه الدعوة غير المنتظرة،و الساعة لم تتجاوز منتصف النهار.
أدخلتها و رحّبت بها،قدّمت لها عصيرا و قالت لها:
أعتذر منك،احتجت لمن أبُثّه شكواي.. أنا يتيمة الأب و الأم،لا إخوة لديّ، لديّ ابن و ابنة، أعيش حياة الترف، انظري حجم البيت الضخم الذي أعيش فيه، عندي أفخم الأثاث، أسافر كل سنة لبلد.. و لكنني أتعس الناس..
تفاجأت الجارة: كيف؟
فأجابتها: زوجي زير نساء، كل نهاية أسبوع يأخذني عند أخته لتمضية يومي الخميس و الجمعة ،و قبل ذهابي يأمرني بترتيب السرير بملاءات يختارها هو.
تعلمين.. صرت مسخرة و مهزلة في الحيّ، و كل الجارات تتهامسن في غيابي،و تضحكن عليّ ،و أغلبهنّ تخبرنني بأنّ زوجي يأتي بعشيقاته دوما في آخر الأسبوع..
فقالت لها: لكن لماذا؟ أنت سيدة جميلة، يتمناك ألف رجل، بيتك مرتّب،مهتمة بأطفالك.
ماذا ينقصك؟! و لماذا أنت راضية بالعيش هكذا؟! حيّرتني!!
أجابتها بهدوء: ماذا أفعل؟ أين أذهب؟ إلى الشارع؟ أنا يتيمة و لا بيت عندي يأويني و يحمي أولادي من الفقر و يسترني من أنياب ذئاب الشارع.. أنا مقهورة،ذليلة،مهانة، مسكينة،مجروحة، أموت في اليوم مائة مرة.
كلما أنظر إليه أحترق في أعماقي،و أدعو له الرب في صلواتي ليبتعد عن الوحل الذي تلطّخ به.. هذا أقلّ ما أستطيعه للأسف،فهو أب أولادي.. و أشكرك جارتي العزيزة لأنك استمعتي لتذمري و شكواي، و شاركتني آلاما دفينة تقتلني.
قالت لها هذه الأخيرة و هي تُودّعها:
يحفظك الرب و يحميك و يستجيب لدعواتك، لقد أبكيتني و أنت تتحملين إهانة بصمت دفين..
و غادرت و الدموع تتساقط من عينيها ألما و حسرة عن جارتها، و صبرها بقلبها الكبير ،فقط لأجل أبنائها.. إلى متى تُهان المرأة الشرقية؟!
#نوميديا_جرّوفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟