أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - اليساريّون أفّاقون















المزيد.....


اليساريّون أفّاقون


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 6062 - 2018 / 11 / 23 - 17:48
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


اليساريون أفّاقون
ما يؤكد أن اليساريين جميعهم دون استثناء ليسوا إلا أفّاقين هو أنه ليس لديهم أي مبدأ محدد وثابت، وأنا أتحداهم جماعات وأفرادا أن يذكروا ولو مبدأ واحداً مهما كان ضئيلاً وتافها يؤمنون به ويدافعون عنه . لعل بعضهم لا يجد استجابة على هذا التحدي الفاضح سوى الإدعاء بالديموقرطية مبدأً لهم غير أن الديموقراطية قامت في بريطانيا والطبقة الحاكمة يمينية محافظة فالديموقراطية البورجوازية ليست من بضاعة اليساريين .

هل يمثل اليساريون طبقة اجتماعية بعينها ؟
الجواب على هذا السؤال يستلزم البحث عن الطبقة الإجتماعية الأفاقة التي يمثلها هؤلاء الأفاقون . إنها الطبقة البورجوازية الوضيعة (Petty Bourgeoisie) التي لا دور لها في التطور الإجتماعي ولذلك هي على الدوام أفاقة . فهي في النظام الرأسمالي كما في النظام الإشتراكي في حالة مقاومة مستمرة، لكنها مقاومة إلى اللامكان، تقاوم كيلا تتحول إلى بروليتاريا خلافاً لحكم التاريخ، وقد دمغها كارل ماركس وفردريك إنجلز بالرجعية دائما وأبداً، وهي لذلك أيضاً تحمل دمغة الأفاقين.
في هذا السياق نستذكر لينين، وهو من يُستذكر في مختلف المقامات، حيث تنبأ قبل الثورة قائلاً .. غداً عندما يستلم البلاشفة السلطة ستنهال على حزبنا البورجوازية الوضيعة زرافاتٍ ووحدانا مما يوجب على حزبنا إذاك أن يكون صارما معها . ولذلك طالب لينين قيادة الحزب في العام 22 أن تطرد من الحزب 100 ألفاً من الأعضاء المشتبه بشيوعيتهم أي الأفاقين . وفعلاً لم يستطع أن يطرد الحزب أكثر من 20 ألفاً كان منهم زوجة ستالين التي لم تذكر للمحققين من هو زوجها . وإذاما أخذنا جانب لينين في هذا المقام فلنا أن نفترض أنه ما زال في الحزب 80 ألفاً من الأفاقين نجحوا بانتحال شخصية الشيوعي وهو مهنة الأفاقين الرئيسة .

عندما استولى الجيش الأصفر – الأحمر سابقاً – على كامل السلطة السوفياتية حال رحيل ستالين في العام 53 وجد من يدعمه في الحزب من الأفاقين الذين لم ينجح الحزب في التعرف عليهم وطردهم من الحزب في العام 22 من أمثال خروشتشوف وزبانيته . كان من قواعد العمل الشيوعي بموجب النظام اللينيني هو أن يطهر الحزب نفسه إثر كل مؤتمر عام له ويتخلص من الأعضاء المتحدرين من طبقة البورجوازية الوضيعة دون أن يتمكنوا من التطهر من كل آثارها . ذلك ما جرى في العامين 36 – 38 . أما فيما بعد العام 38 وقد بدأ الاتحاد السوفياتي الاستعداد للحرب وحتى نهاية الحرب وإعادة الإعمار وحتى العام 52 تعذر القيام بتطهير الحزب حيث كانت الحرب ضد العدو الوحشي الغادر حرباً وطنية حاربها الجميع بغض النظر عن إنتمائهم الطبقي . ما يلزم التوقف عنده قبل كل مراجعة ونقد للمشروع اللينيني المتمثل بالإتحاد السوفياتي هو أن الهيئة العامة للحزب في المؤتمر العام التاسع عشر في نهاية العام 52 عارضت توجه ستالين في تطهير الحزب بدءاً بإزاحة جميع أعضاء المكتب السياسي وإحالتهم إلى التقاعد وهو ما تسبب باغتيال ستالين بالسم من قبل ثلاثة من أعضاء المكتب السياسي الذين لم يتطهروا من الخلق البورجوازي الوضيع .
في العام 65 حذرت الحزب الشيوعي الأردني من أن طغمة خروشتشوف في الكرملين هي معادية للإشتراكية وأن اصطفاف الحزب خلفها يجعل من الحزب معادٍ للشيوعية . ولما لم يتنحوا عن طغمة خروشتشوف حتى بعد طرد خروشتشوف ابتعدت عن الحزب وعانيت جرّاء ذلك من الجوع والمهانة .
في النصف الثاني من الثمانينيات بدت وجوه الأفاقين في الأحزاب الشيوعية تطفح بالتفاؤل بقيادة غورباتشوف يرفع راية "البريسترويكا" و "الغلاسنوست" أي إعادة البناء والشفافية ؛ ونشر اليساري المعروف الدكتور فؤاد زكريا مقالاً في جريدة كويتية يستبشر بغورباتشوف وسياساته، وقال فيما قال أن البشرية كانت محظوظة باعتماد غورباتشوف التزلف والنفاق حتى الوصول إلى قمة القيادة، فرددت علية حينذاك في جريدة الرأي الأردنية أقول .. سرعان ما ستندم يا زكريا على ما تقول . وفعلاً لم تمضِ سنوات قليلة حتى انهار الاتحاد السوفياتي بقيادة غورباتشوف .

إنهار الإتحاد السوفياتي على أيدي "الشيوعيين" الأفّاقين في العام 91 بعد عام واحد فقط مما تنبأت في العام 63 وكان من الطبيعي أن يتوب الشيوعيون الأفّاقون عن تأفّقهم، غير أن ما حدث هو العكس تماماً فكان أن ازدادوا تأفقاً وسموا أنفسهم "يساريين" ؛ لئن كان الشيوعي ملتزما، ظاهرياً على الأقل، بمبادئ الماركسية المعلومة فاليساري طليق الفكر واللسان ولا يلتزم بأية مبادئ، ومحور التأفق لديه واسع الحدين يمينا وشمالاً ؛ مبدؤهم الوحيد هو التأفق، التأفق الوقح الذي لا يحده أفق ثابت . هم في الأصل لم يسموا أنفسهم باليساريين إلا ليتخلصوا من إسار الماركسية المحكم . يتقوّلون بالديموقراطية والعدالة الإجتماعية وحقوق الإنسان ولدى فحص هذ التقولات يتبين أن جميعها ليست ذات معنى محدد وثابت . هي أقوال لا يتقولها إلا أفاقون .
في العام 94 كما أتذكر جيداً زارني أحد قادة الحزب الشيوعي وكان أكثر الساخطين عليّ في الحزب منذ انفصالي في العام 65، زارني بعد قراءة كتابي "أزمة الإشتراكية وانهيار الرأسمالية " الصادر في العام 92، زارني ليقول لي .. " يحق لك يا رفيق أن تبصق في وجوهنا !! " ؛ رفضت قوله بغضب، ليس لأن قائد الحزب ومؤسسه فؤاد نصار له فضل كبير على كل الشيوعيين في الأردن وكان إذاك تحت التراب وكذلك مساعده فهمي السلفيتي بالرغم من أن علاقتي بالحزب انتهت عبر مشادة عاصفة معه إلا أنه كان يعترف لرفاقه بأن فؤاد النمري شيوعي حقيقي . كنت وما زلت أحترم هذين القائدين الشيوعيين بالرغم من أنهما سمحا لعصابة خروشتشوف بتضليلهما لكنهما لم يعلنا نفسيهما يساريين، حيث الشيوعي يسترشد بمنارة الماركسية دون انحراف إلى اليمين أو اليسار كما أكد لينين في المؤتمر العام العاشر للحزب في العام 21 .

أولئك اليساريون الذين ليس لهم تاريخ في مسيرة الشيوعية، ليس للشيوعيين أن يقرعوهم أو يبصقوا في وجوهم بالرغم من أنهم ليسوا أقل تأفقاً من الذين لهم تاريخ طويل في مسيرة الشيوعية وانقلبوا اليوم بعد انهيار المشروع اللينيني إلى يساريين أفاقين فما كسبوا إلا العار والشنار .



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحزب الشيوعي العراقي (2/2)
- الحزب الشيوعي العراقي (2/1)
- الحزب الشيوعي اللبناني
- أيتام الأفاقَين تروتسكي وخروشتشوف
- صمٌ بكمٌ ... ليسوا شيوعيين
- الشيوعية ستنتصر قريباً رغم أنف -الشيوعيين-
- شيوعي يعلن إفلاسه
- ماذا يقول التاريخ عن الربيع العربي ؟
- مناظرة قوى الحرب الروسية بنظيرتها الأمريكية
- أعداء ستالين أعداء الشيوعية
- أدعياء الشيوعية أعداء الشيوعية
- تجاهل قوى التاريخ
- شيوعيون ومع ذلك يعرضون عن التعرّف على الإتحاد السوفياتي !! ( ...
- شيوعيون ومع ذلك يعرضون عن التعرف على الإتحاد السوفياتي !! (5 ...
- شيوعيون ومع ذلك يعرضون عن التعرف على الإتحاد السوفياتي !! (4 ...
- شيوعيون ومع ذلك يعرضون عن التعرف على الإتحاد السوفياتي !! (3 ...
- شيوعيون ومع ذلك يعرضون عن التعرف على الإتحاد السوفياتي !! (2 ...
- شيوعيون ومع ذلك يعرضون عن التعرف على الإتحاد السوفياتي !!
- الشيوعية - المؤنسنة ! -
- ما زال العالم يعيش عصر الثورة الإشتراكية - 12


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية ترفض مخطط التهجير
- أبو عبيدة يكشف عن هوية جثامين الإسرائيليين ممن ستسلمهم الفصا ...
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- ارتفاع تأييد اليسار الألماني بفضل حضوره القوي على الإنترنت ق ...
- جيلاني الهمامي: إعادة كتابة الجغرافيا
- حزب النهج الديمقراطي العمالي ينحني إجلالا لشهداء حركة 20 فبر ...
- تعليم: بلاغ مشترك حول اللقاء مع وزير التربية الوطنية للنقابا ...
- الحرب في أوكرانيا: دفاع مشروع على أمن روسيا وتسريع لسيرورة ب ...
- وفد تركي في كردستان العراق: أوجلان يعمل على حل -ديمقراطي- لل ...
- تركيا: اعتقال 282 شخصًا بينهم صحفيون وسياسيون للاشتباه بارتب ...


المزيد.....

- الذكاء الاصطناعي، رؤية اشتراكية / رزكار عقراوي
- نظرية التبادل البيئي غير المتكافئ: ديالكتيك ماركس-أودوم..بقل ... / بندر نوري
- الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور ... / فرانسوا فيركامن
- التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني ... / خورخي مارتن
- آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة / آلان وودز
- اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر. ... / بندر نوري
- نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد / حامد فضل الله
- الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل / آدم بوث
- الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها ... / غازي الصوراني
- الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟ / محمد حسام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - اليساريّون أفّاقون