|
التخطيط لاستعادة ستراتيجية المسرح العربي
طه رشيد
الحوار المتمدن-العدد: 6054 - 2018 / 11 / 14 - 20:30
المحور:
الادب والفن
غفلت المؤسسات العربية، ومنذ فترة ليست بالقصيرة موضوعة تطوير المسرح العربي، فالجامعة العربية بقيت تراوح بين ترميم الصدع بين الأشقاء هنا وهناك دون جدوى! ومن دون أن تلتفت بشكل جاد للوضع الثقافي بشكل عام والفني بشكل خاص. وبقيت المؤسسات الثقافية مثل اتحاد الفنانين العرب أو اتحاد الكتاب العرب ليس احسن حالا من الجامعة العربية في تعاملها مع المسرح العربي، الذي بقي يعمل بقدراته الذاتية وبشكل انفرادي٠ وخاصة بعد التغييرات التي لحقت بالمنطقة مع مطلع القرن الحالي، فتقلصت المهرجانات المسرحية العربية إلى حدودها الدنيا، واختفى مهرجان المسرح العربي في بغداد، وضاع بريق مهرجان دمشق المسرحي مع دوي القنابل والمفخخات! ونسيت معظم الحكومات أهمية المسرح المدرسي باعتباره الينبوع الحقيقي لتزويد المسارح الحقيقية بالطاقات والمواهب الجديدة.كما اختفت في بعض البلدان، العراق نموذجا، الفرق المسرحية الأهلية التي كانت محترفة بصنعتها، ومنافسة للدولة بانتاجها المسرحي، متخذة من المسرح رسالة لإصلاح الوضع الاجتماعي والثقافي والسياسي، وأغلقت ابوابها، وحل محلها بما يسمى بالمسرح التجاري مقدما عروضا لا تبتعد عما يقدم في الكابريهات سيئة الصيت! وما بقي من مهرجانات مسرحية، فإن معظمها تطالب الفنان الضيف على تحمل تذاكر سفره( منين يا حسرة!) إلا في حالات قليلة واستثنائية. وفي النصف الثاني من العشرية الأولى لهذا القرن لاحت فكرة تاسيس هيئة للمسرح، قبيل اختفاء المهرجانات الكبرى، وتحديدا عام 2007 . لقد اختفت المهرجانات الكبرى في 2011، وما تعرض له الواقع العربي من هزة كبرى عجل بدفع الهيئة العربية للمسرح للعمل الاستراتيجي، ففي الوقت الذي بدأت الاضطرابات تعم المنطقة العربية و تشتت ما هو مشتت أصلا، كانت الهيئة تجمع ما يزيد على ثلاثمائة مسرحي عربي على مدار اربعة ملتقيات انتجت الاستراتيجية العربية للتنمية المسرحية. و من عام 2012 صارت كل البرامج مستندة لتلك الاستراتيجية التي استطاعت الهيئة نيل الاعتراف بها من مؤتمر وزراء الثقافة في الرياض كانون الثاني/ يناير 2015. ومن حسن حظ المسرحيين العرب ظهور رجل يعشق المسرح معتقدا، وهو على حق، بأن المسرح هو الحياة، فكانت المبادرة بتاسيس الهيئة العربية للمسرح لحاكم الشارقة، الشيخ د.سلطان بن محمد القاسمي، واضعا إدارتها لاناس أكفاء وذوي اختصاص، ليعملوا دون كلل او ملل، وليسهروا على تطوير عمل الهيئة يوما بعد يوم! في كل الدورات التي حالفنا الحظ بحضورها، كان وصولنا يقع بين الساعة الثانية والساعة الثالثة صباحا، وكنا نتفاجئ باستقبالنا في تلك الساعة المتاخرة من الليل بمسؤولي الهيئة، ليعانقوا هذا ويقبلون الاخر، وكأنهم اصدقاء لنا منذ سنوات، ومعظمهم من اصول مسرحية كتابةً واخراجا وتمثيلا! وينتقل هؤلاء، وبكل رحابة صدر،من سهر الليالي إلى أتعاب النهار بتنظيم وترتيب المهرجان بندواته النقدية العديدة وبعروضه المسرحية وراحة الضيوف والمشاركين، الذين يبلغ عددهم أكثر من خمسمائة ضيف في كل مهرجان! والذين يأتون من عواصمهم العربية أو من المنافي، إذ أن الهيئة تختار العرض المسرحي الناجح سواء كان لفرقة حكومية أو أهلية! واستطاعت "الهيئة" أن تنجح برسم ملامح مهرجان مسرحي عربي سنوي حقيقي، سنة بعد أخرى، متنقلة بين العواصم العربية ليعود مطلع السنة المقبلة إلى " ام الدنيا " القاهرة بنسخته الحادية عشرة. ولم تكتف الهيئة العربية للمسرح بإقامة هذا المهرجان، بل راحت تتعاون مع الدول العربية لإقامة مهرجاناتها المسرحية الوطنية، فكان للأردن وفلسطين نصيبهما من هذا التعاون، وقبل ذلك كان لموريتانيا حظها الوافر بإقامة مهرجان المسرح الموريتاني بالتعاون مع الهيئة. ناهيك عن قيام " الهيئة " بتكريم رواد الحركة المسرحية العربية وتشجيع كتاب المسرح العربي بتقديم الجوائز المجزية للنصوص المسرحية وللبحوث والدراسات المتخصصة في هذا المجال، في كل دورة، وطباعتها على نفقتها الخاصة، حتى أصبحت منشورات الهيئة مرجعا مهما لذوي الاختصاص والمهتمين. والأهم من هذا وذاك هو إدراك الهيئة العربية للمسرح لخطورة موضوعة "المسرح المدرسي" باعتباره النواة التي يمكن لها أن تزهر بورود جديدة في بساتين المسارح الفارهة، فراحت تقيم الورشات والتدريبات والاشراف على العروض المسرحية المدرسية في العديد من العواصم العربية، عبر توأمة مع تلك العواصم بمبادرة غير مسبوقة! لولا الامل لبطٍلَ العمل، وهذا العمل بدون تخطيط ستراتيجي سيبقى يراوح في مكانه! فبينما اختفت أو خفت بريق المسارح العربية، فإن جهود الهيئة العربية للمسرح هي الامل المرتجى بايقاد أضواء المسارح كي تضيء الحياة!
#طه_رشيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الخصخصة تزيد القيظ لهيبا!
-
احفاد 14 تموز!
-
الرياضي العضوي والفنان الملتزم!
-
احتراق الاقنعة!
-
الماء والخضراء والكهرباء!
-
جدوى ساحة التحرير)
-
مع من سائرون؟!
-
من ينتصر ل فلانة؟!
-
الفساد مبكرا!
-
نموذج المصالحة المجتمعية!
-
حكومات تستحي!
-
الشراكة وضرورة المعارضة!
-
من يصلح ان يكون نقيبا؟!
-
جواد الاسدي ودروسه الجديد!
-
الفنان الكبير الراحل طه سالم
-
على مشارف التسعين!
-
مهرجان الأغنية الريفية واغاني الأصالة والهور والقصب
-
من المسؤول؟
-
ماذا يريد التكفيريون؟!
-
رحيل مباغت!
المزيد.....
-
-أجمل كلمة في القاموس-.. -تعريفة- ترامب وتجارة الكلمات بين ل
...
-
-يا فؤادي لا تسل أين الهوى-...50 عاما على رحيل كوكب الشرق أم
...
-
تلاشي الحبر وانكسار القلم.. اندثار الكتابة اليدوية يهدد قدرا
...
-
مسلسل طائر الرفراف الحلقة92 مترجمة للعربية تردد قناة star tv
...
-
الفنانة دنيا بطمة تنهي محكوميتها في قضية -حمزة مون بيبي- وتغ
...
-
دي?يد لينتش المخرج السينمائي الأميركي.. وداعاً!
-
مالية الإقليم تقول إنها تقترب من حل المشاكل الفنية مع المالي
...
-
ما حقيقة الفيديو المتداول لـ-المترجمة الغامضة- الموظفة في مك
...
-
مصر.. السلطات تتحرك بعد انتحار موظف في دار الأوبرا
-
مصر.. لجنة للتحقيق في ملابسات وفاة موظف بدار الأوبرا بعد أنب
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|