مرام عطية
الحوار المتمدن-العدد: 6052 - 2018 / 11 / 12 - 21:14
المحور:
الادب والفن
أينَ زمرُّدةُ الزمنِ الجميلِ
_______________________
كشجرةِ صنوبرٍ أحلامي ، دائمةُ الخضرةِ، ورافةُ الظِّلالِ ، يتفيأُ تحتَ أغصانها المتعبونَ، و يستطبُّ المرضى والمحزونون بنسائمها العليلةِ ، سامقةٌ شرفاتي كنخلةٍ تقطفُ عناقيدَ النجومَ .
وكأرضٍ يابسةٍ ، جفَّفتها رياحُ الخريفِ
مزروعة بالأخاديدِ ، مساحاتُ جسدي النَّحيلِ شققتهُ نيرانُ الظلمِ و النرجسية ، وأدمته ثلوجُ الحاضرِ المريرِ، فغدا بساطَ أوجاعٍ أو حصيرةً منسوجةً بألوانِ العللِ وضروب السقامِ ، عزَّ شفاؤها على الأطباءِ ، معاملُ القهرِ ومصانعُ الحرمانِ في بلادي دائمةُ الدورانِ ، لا تتوقفُ عن إنتاجِ الألمِ والحسراتِ تلقي حمولتها المترعةِ بالخذلانِ والريبةِ على ضفافي النَّديَّةِ ، تطوِّقُ سلاسلها جيدَ زهوري ،كم حاولت أن أثقبَ عجلاتِ قطاراتها أو أرميها بالعطبِ ! فأبعد مفرزاتها عنِّي ، وَلَكِنْ عبثاً حاولتُ .
ماأقسى جيوشَ الخرابِ التي تفتكُ بمدائني ! لاتسمعُ صهيلَ خيولي التي تريدُ أن تهدأ فترتاحَ ، وما أغزرَ روافدُ الجهلِ وفتاوى الأديانِ التي تجرفُ صخورَ التَّحدي من محيطاتي !! عقاربُ التقاليدالصحراوية تصطادُ أسماكَ الحضارةِ من شعري ، تلتهمُ عصافيري الصغيرةَ وترعى مهرجانَ الشِّتاءِ في هيكلي العظمي، حيثُ يعزفُ كلُّ جزءٍ منهُ سمفونيتهُ الفريدةَ ، ويعلو رقصُ الأوجاعِ و عزفِ الألمِ .
قيصرُ الخرابُ طاغيةٌ يحتلُّ أقاليمي الخصبةَ، يهزأ منجلهُ الفولاذي بقلاعي المائيةَ وأشواقي اللاذورديَّةَ . ياللأسى !! مواعيدُ الَّلهفةِ تودِّعني و أقمارُ الفرح تختفي من سمائي .
وبينَ أحلامي الورديَّةِ وجسدي الضعيفِ تشقى طفلةُ روحي اذ ترسمُ الحياةَ بألوان قزحٍ فألبسها ثوبَ الأملِ ؛ لتشلَّ ذراعَ اليأسِ ، و أهديها قفازاتِ العزيمةِ ؛ لتذيبَ ثلوجَ الأحزانِ ، وها هي تلمحُ نوارسَ بيضاءَ تخفقُ أجنحتها في جزيرةٍ حبٍّ ، وتسمعُ أناشيدَ نهرٍ عذبٍ على إيقاعِ نبضٍ مخمليٍّ ، ومازالَ محركُ البحثِ في فؤادها يدورُ بحثاً عن زمرُّدةٍ أضاعتها في الزمنِ الجميلِ
_________
مرام عطية
#مرام_عطية (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟