أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسماء غريب - القصيدة الذهبية














المزيد.....

القصيدة الذهبية


أسماء غريب

الحوار المتمدن-العدد: 6049 - 2018 / 11 / 9 - 13:27
المحور: الادب والفن
    


(1)
إلهي،
حينمَا خرجتُ مِنْ بيضةِ حرْفِكَ
تخاصمتْ حُروفُ النّقدِ بشأني
وكثُرَ لغَطُهُم حَولِي
وبدأ كلُّ واحدٍ منهُم ينظُر إليّ
تارةً بعينِ الخوفِ
وتارةً بعينِ الشكِّ والترقّبِ
وتاراتٍ أخرى بعينِ الفتنةِ والحسدِ
(2)
إلهِي،
الآنَ وقدْ قامَ كبيرهُم منْ على كُرسيّه
مُدجّجاً بنظريّاتهِ الجذّابة العَجِيبَة
وبقلمِهِ الفضيّ ونظّاراته الطبيّة الأنيقة
ومسطرَتهِ السوداء
فما الذي يا تُرى سيقولهُ لهُم؟
(3)
هذهِ قصيدةٌ جديدة، لا عهدَ لي بحرفِها
سأسألُ عنْها "فرديناند دي سوسير"
و"تزيفيتان تودوروف"
وقد أعرضُها أيضاً على "جاك ديريدا"
و"أومبرتو إيكو"
قال الناقدُ الأكـاديميّ
ثمّ نفضَ يديهِ منْ غُبارِ المكتب
وهُو لا يعرفُ حتّى من يكونُ
"دي سوسير" ولا "تودوروف"
(4)
إلهي،
أهذا الذي سيقرأ حُروفي؟
ألا يوجدُ أحدٌ غيرهُ
إنّ أبياتِي لتبكِي بدلَ الدّمع دما
أما منْ حرف آخر؟
(5)
سمعَ بُكائِي ناقدٌ آخر
ثم قامَ مِن على كُرسيّهِ الخشبيّ
وشمّر عن ساعدِ الجدّ
ثم قال:
لا يا سَادتي،
هذه ليستْ بقصيدةٍ جديدة
هذا حرفٌ فاتنٌ يحتاجُ للغةٍ من نوعٍ آخرَ
سأسألُ عنه أخي الجاحظ وابن رشيق القيرواني
ثم أتدارسُ شأنَه في الغدِ القريبِ
مع صاحبي الجرجاني وابن جنّي
(6)
إلهي،
ما شأنُ هذا الرّجل بي
فقد ارتعدتْ فَرائصِي خوفاً منهُ
أعْني من نظرةِ الشّبقِ في عينيْه
فأنا أعرفُها جيّداً
إنّهُ يركضُ وراءَ العسلِ الأسودِ
قُلْ لهُ أن يخرجَ من محرابكَ
فإنهُ حرفٌ كذّابٌ أشِر
لا هُو يعرفُ شيئا عن البيان والتّبْيينِ
ولا عن كتابِ الخَصَائصِ
(7)
خرجَ الحرفُ الكاذب
ودخل الحرفُ الطّائفيّ السّاحرُ
يرتدي جُبّةً خضراءَ
وفي يدهِ سبحةٌ سوْداء
نظر إليّ بعينٍ ماكرةٍ زرقاء
ثم صرخَ قائلا:
يا سادتي
هذهِ ليستْ بقصيدة
إنها امرأةٌ كاهنَة
تكتبُ الطّلاسم
وتجيدُ نقْش الرّقع والجَداولِ
آتوني باللبان والحرملِ
والشبّ وملح البحْرِ
ولا تنسوا الجمْرَ وسَوْط النُّطق
فإنّي لجالدُها وجاعِلـُها اليومَ تنطقُ
وترسمُ لكُم خريطةَ كنوزهَا
(8)
إلهي،
ما العملُ الآن؟
فأنتَ تعلمُ أكثرَ منّي ألّا أمانَ للسّحرة
ولا رحمةَ في قلوبهِم
فلهمْ في كلِّ ساعةٍ قول
ولن يُجيدَ أحدٌ منهُم قراءَتي
ليتكَ تطردُهم منْ رحمتكَ يا إلهي
(9)
خرجَ السّاحرُ مذموما مدْحورا
ودخلتْ هذه المرّة امرأةٌ حسنَةُ المَظهر والمبْسمِ
تكرهُ الشِّعْر والشعَراء
وَقالتْ بتأفّف وغرورٍ:
ما لنَا وقصائدُ الصّوفية
ألا تعلمونَ يا إخوتِي
أنّهُم مَجانين ومَرْضى نفسيّون
يعانُون مِن الوحدَة والإحباطِ
ويتخيّلون أشياءَ ما أنزلَ الله بها من سلطانٍ؟
(10)
إلهي،
دعْ هذه المرأةَ هُنا
فقد أعجبنِي قولُها،
فهيَ أوّل من اعترفَ بي
وسطَ حشدِ النوْكى هذا
أيْ نعمْ لم تُحْسِنِ التّعبيرَ عمّا يجولُ بخاطِرها
ولكنّها على الأقل نَعَتَتْنِي بالقصيدة الصوفيّة
وغداً ستشرقُ شمسُها
وستكونُ أوّلَ من يكتبُ عنْ حرفِي
(11)
إلهي،
الآنَ وقد طردْتَ حتّى المرأة النّاقدَة
وقُلتَ إنّ في قلبِها حقداً وحسداً
وإنّها سَتلوِي عُنُقي
ما إن تشمّ رائحةَ الشّمس فيَّ
وتراودُ ألِفِي الأحمرَ عن نفسِه
كلّما رأته يعانقُ بينْ أبياتي نقطتِي البيضَاء
فإنّي لديّ اقتراحٌ آخر
(12)
إلهي،
ضَعْنِي وسَطَ إزارٍ أبيض
واجمعْ كبارَ أهلِ النّقْد حولِي
واجعلهُم يجْرون القُرعَة فيما بيْنهُم
وليُلقوا بِأقلامِهُم في مَاءِ حرْفي
ومن سَار قلمُه ضدّ التيّار
فهُو الغالبُ
(13)
إلهي،
يا للمفاجأةِ العظيمةِ
أهِيَ هذه الطفلةُ الخجولةُ التي سَتَقرأنِي،
أهيَ التي ستَفُكُّ رموزي وأسرارِي؟
شكرا لكَ يا إلهِي
على نِعَمِكَ التي لا تُعدّ ولا تُحْصَى
فإنّي أرى في قلبِهِا آدم وإبراهيمَ ونوحاً
وموسَى وعيسى ومريمَ
ثمّ محمدّاً وعليّاً
وفاطمَة والحسنَ والحُسينَ
دعْها إذن تتحدثُ عنِّي:
(14)
يا سَادَتِي،
إنّ هَذه ليستْ بقصيدةٍ فقط:
إنّها فردوسٌ منَ الشّمُوس والأقمَار والكواكبِ
إنّهَا محيطٌ أخضر ونوارسُ بيضٌ
بلْ قلبٌ صبٌّ متيّم
وأشجارٌ مِنَ المنّ والسّلوى
إنّها أنتَ يا إلهي
قالتِ الطّفلة بلسانٍ ألثغ
ثم غاصَتْ في محيطِي الأخضَر
أنا القصيدة الذهبيّة.



#أسماء_غريب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ترجمَةِ ما لا يُتَرْجَمُ؛ تجربةُ المُسْتشرقِ الإيطالي ألي ...
- العقلُ الأخلاقيّ بيْنَ حضَارتَيِ القولِ والفِعْل عندَ جواد ع ...
- رسالة آتون الأخيرة
- التلميذ والكهربائيّ
- بيْن عشقيْن؛ عِشقِي للتّرجمة و(عشق سرّي) لريتانّا أرميني
- أصحاب دانتي المترجمون: من اللقاء والتعارف إلى اشتكال المعاني ...
- حديثُ الهَداهِدِ في مَحاريبِ لينا هويان الحسن وبُيوتِها المُ ...
- عينُكَ
- الوتد الرّابع والدرويش
- موسى يستيقظ
- ثلاثة مطارات
- رع وسيرجي
- متلازمة زليخة
- ليلة بيضاء
- حكاية سفينة
- شجرة الأحديّة
- اشْهَدْ أيّهَا البَحْرُ الأسْوَدُ


المزيد.....




- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسماء غريب - القصيدة الذهبية