أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - التراجيديا الإنسانية 1














المزيد.....

التراجيديا الإنسانية 1


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 6048 - 2018 / 11 / 8 - 15:19
المحور: الادب والفن
    


كانتْ هناكَ لطخةُ دمٍ أخضرَ على الزجاجْ
ومِنْقَارٌ محطمٌ في القطارْ
حملتُ جسدَ الطائرِ بأصابعَ مرتعشةْ
كانَ عليَّ أن ألقيَهُ مِنِ النافذةْ
فألقيتُهُ في فمي
ومزقتُهُ بأسناني


كانَ فعلي الأخرقْ
كتمزيقِ الورودِ البيضاءْ
على صدرِ حبيبتي العاري
كعضي للكلابْ
وأنا على كَفَلِهَا أعوي
كقضمي للتفاحْ
حِ
الأزرقْ
كتمزيقي للموجْ
على ساحلٍ مرعبٍ بهدوئِهْ


أنا قرصانُ الحبرِ الأسودْ
كَنْزِي العظامُ في المقابرْ
هناكَ حيثُ أدفنُ البحرَ مَعَ جثثِ الأسماكْ
كِ
ومناقيرِ العنادلْ
أو آكلُهَا نيئةْ
ةً
كالمحارْ
مَعَ بعضِ العسلْ
وقليلٍ مِنِ الملحْ


أنا الغريبُ كنتُ الغريبْ
كنتُ كَفَّ أبي الملتصقةَ على خدي
منذُ كنتُ طفلاً
مسخَ كافكا كنتُ
وفي سوقِ العقابِ التنزيلْ
كانَ أبي قد ضربني بعنفٍ حتى غابَ عنْ عَقْلِهْ
كانَ قاتلي
وغدا القتيلْ
عندما عادَ إلى صوابِهِ بحثَ عنْ كَفِّهْ
وجدَ أسناني مزروعةً فيهْ
عَضَّ بها كلبًا هائمًا على وَجْهِهْ
وكَفُّهُ يقهقهْ


هل أيأسُ من قُبْلَتِهَا على عُنْقِي؟
قَفَزَتْ نانسي بذكورتي
ولمْ تحتملْ أكثرَ ضغطَ بنسلفانيا عليها
كان حذاؤها يؤلمُهَا
وهِيَ تقفزْ
زُ
كانَ يؤلمُهَا
فأعطيتُها حذائي
وبدلاً من أن تضعَ قدمَهَا فيهْ
وضعتْ ذكورتي
كانت ذكورتي تُشْغِلُهَا عن قدمِهَا
عني
قالتْ لَها أُحِبُّكْ
كِ
وهي تقبِّلُهَا
كنتُ أفكرُ أنها مثيلتُهَا
كانت ذكورتي عِبْئِي
وكنتُ يائسًا تمامًا


لنْ أنتحرَ مثلما فعلَ أخي الصغيرْ
عندما خنقَ نفسَهُ مِنْ قَدَمِهْ
عندما فَوَّتَ قطارَهُ الأخيرْ
عندما قَدَّمَ لي قَدَمَهُ الميتةَ هديةْ
عندما غَادَرَتِ الأشجارُ حديقتَنَا
عندما لم يتوقفْ عنِ الضَّحِكْ
كِ
عليها
"لماذا تضحكُ كالأبلهِ" سألتُهْ بِتَعَالْ
أجابني بتباهْ
"لأن قدمي الميتةَ تُدَغْدِغُنِي بأصابعِهَا"
كانَ يكذبْ
وأرادَ خنقي من قدمي
لولا أنني وضعتُ يدَهُ على شفتيْ نانسي
فراحَ يلعبُ بِهِمَا
فتحَ فمَهَا
وراحَ يلعبُ بلسانِهَا
أخرجَ لسانَهَا من فمِهَا
ووضَعَهُ في فَمِهْ


أنا ألعبُ بروحي بطريقةٍ لا يعرفُهَا أحدٌ غيري
أَدْخُلُ كُلِّي في فمِ نانسي
فأخنُقُهَا وهِيَ محبورةْ
تطيرُ منْ نهدِها الأبيضِ حمامةْ
فأخنقُهَا
تطيرُ منْ مِنقارِ الحمامةِ حمامةْ
فأخنقُهَا
تطيرُ منْ مِنقارِ الحمامةِ حمامةْ
فأخنقُهَا
تطيرُ مِنْ مِنقارِ الحمامةِ حمامةْ
فأخنقُهَا
وَهَلُمَّ جرَّا
لتخرجَ مِنْ جوفِ الحمامةِ لعبةُ الروليتْ
أراهنُ على نسوري
فأربحُهَا
أراهنُ على صقوري
فأربحُهَا
أراهنْ على وحوشي
فأربحُهَا
أراهنُ على قروشي
فأربحُهَا
أراهنُ على كلِّ رموزِ قهري
فأربحُهَا
أراهنُ على حمائمي
فأخسرُهَا
أراهنُ على حدائقي
فأخسرُهَا
أراهنُ على حقائقي
فأخسرُهَا


التراجيديا وجوهٌ عابسةٌ تضحكْ
وجوهٌ ضاحكةٌ تحزنْ
قرونُ ثورٍ أخرسْ
قرونُ زمنٍ أطرشْ
قرونٌ مِنِ الفُلْفُلِ الأحمرْ
رِ
والأخضرْ
رِ
والسُّمَّاقْ
قرونٌ مِنِ الضَّحِكِ الأسودْ
دِ
والبكاءْ
أزواجٌ تخونُهُم نساؤُهُمْ وهمْ في السريرْ
وهمْ في الدغلْ
لِ
وهمْ في المرآةْ
تزوجتْ نانسي أخي الصغيرَ في مرآتي
بعدَ انتحارِهْ
تحتَ إطارِ أمي
كانتْ لسانَهَا
كانتْ لعابَهَا
كانتِ السَّخَّانَ الكهربائيّْ
كانتِ العَلَمَ الأمريكيّْ
كانتِ النَّهْدَ الأبيضْ
نهدَهَا الأحمقْ
قَ
كانتْ
كانت نهدَهَا الذي
كنتُ آخذُ معَهُ كأسَ بيرةَ في بارْ
والذي
كانَ يحزنُ لَمَّا أحزنْ
وكانَ يفرحُ لَمَّا أفرحُ


كانَ هناكَ أناسٌ يصرخونَ في الحيِّ اللاتيني
لم يكونوا يعرفونَ لماذا
ولم أكنْ أعرفْ
لم يكنْ نهدُ نانسي يعرفْ
لم يكنْ أحدٌ يعرفْ
كانوا يصرخونَ بأعلى صوتِهِمْ
ولم يكونوا يعرفونَ لماذا
لم يكونوا يعرفونَ أنهمْ مجانينْ
كانوا يصرخونْ
نَ
في الحيِّ اللاتيني
كانوا مجانينْ
ولم يكونوا يعرفونْ
كانوا يصرخونْ
نَ
في الحيِّ اللاتيني
كانوا يُلَوِّحُونَ بأيديهِمْ
لم يكونوا يلوحونَ بمناديلِهِمْ
كانوا يُلَوِّحُونَ بأيديهِمْ
وكانوا يُهَدِّدُونَ بقبضاتِهِمْ
لم يكونوا يعرفونَ لماذا
كانوا مجانينْ
ولم يكونوا يعرفونْ
كانوا يصرخونْ
نَ
في الحيِّ اللاتيني
لَمَّا فجأةً أخذوا يشيرونَ إلى الناحيةِ التي كنتُ أقفُ فيها
لم يكنْ نهدُ نانسي معي
كنتُ أقفُ في الخارجْ
جِ
كالزجاجْ
جِ
شفافًا
وعلى الزجاجِ لطخةُ دمٍ أخضرْ



#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سارة
- مريم
- فاطمة
- عزف منفرد على كمنجة جمال خاشقجي
- أنا لا أُطاق أنا لا أُحتمل
- أضواء أوتاوا
- صلوات سياسية ونصوص متنوعة الكتاب
- الإخفاقات الذريعة ونصوص متنوعة الكتاب
- الإخفاق الذريع 15
- الإخفاق الذريع 14
- الإخفاق الذريع 13
- الإخفاق الذريع 12
- الإخفاق الذريع 11
- الإخفاق الذريع 10
- الإخفاق الذريع 9
- الإخفاق الذريع 8
- الإخفاق الذريع 7
- الإخفاق الذريع 6
- حوار الحضارات يتبعه لندنيات النص الكامل
- أغانٍ إلى حفيدتي الملكة مارجو الديوان


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - التراجيديا الإنسانية 1