أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نضال العبود - المثقف و الميكيافيلية














المزيد.....

المثقف و الميكيافيلية


نضال العبود

الحوار المتمدن-العدد: 1515 - 2006 / 4 / 9 - 07:57
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


انحطاط المجتمع و تخلفه سياسياً و اقتصادياً و ثقافياً ينعكس على بنية العقل عند الفرد الإنسان، طريقة تفكيره و نتائج فعله و سلوكه.

انحطاط المجتمع يجد منعكساته المباشرة على القيم كمحمول للفرد، و كمكون أساسي للأخلاق التي تتأسس عليها الدولة كمجموعة من المؤسسات. تغدو مبادئ الأخلاق الثلاثة المطلقة – الحق و الخير و الجمال – قيماً متحركة نسبية فاقدة للهوية و المضمون.

العلاقة جدلية بين الفرد-المجتمع كطرف و السلطة-الدولة كطرف آخر، "كما تكونون يولى عليكم"، هما طرفان لمعادلة واحدة، عندما يزداد الطرف الأول يزداد الطرف الثاني، و عندما ينقص الطرف الثاني ينقص الطرف الأول بدوره، علاقة ترابط و اتحاد في الشكل، و انفصام و تضاد في المضمون الواقعي التاريخي.

وحده المثقف من يمتلك وضوح الفكرة و صفاء الرؤيا، و سمو الهدف و نبل الوصول إليه.
المثقف نوعان : مثقف لنفسه و هو قليل الفاعلية، و مثقف لنفسه و غيره و هو المثقف العضوي أو المنتج، حيث ترتبط همومه بهموم المجوع أي المجتمع، يرى الفكرة يشذبها، و يحدد الهدف الذي هو رفع معاناة المجموع و الارتقاء به، يضع الآليات و يعمل على زيادة الوعي، يحشد المؤيدين من أصحاب المصلحة و هم الغالبية، يناضل لرفع الأذى عن المتضررين ضمن منهجية تكتيكية مستمرة نسبية، لتصب في النهاية في خدمة الأهداف السامية للبشرية كإستراتيجية مطلقة دائمة، و هي مبادئ الأخلاق من حق و خير و جمال كمكونات جوهرية لثلاثة : الإنسان- الطبيعة- الكون.

المثقف هو طبيب المجتمع، أول ما يحس بمرضه و يعاني منه أيضاً، يحسه و يرصده و يلاحظه، يبحث عن الدواء، يجد طريقة الوصول إليه، لكنه لا يستطيع الحصول عليه لوحده فهو بحاجة لمساعدة الآخرين أصحاب المصلحة، يهديهم إليه، يصفه و يعمل معهم بعد أن يسلحهم بالوعي و يولد لديهم إرادة و قدرة استخدامه.

وظيفة المثقف تصحيح ما اعوّج من القيم، و إزالة ما شابها من شرور و آثام. طريقه يبتدئ من الجزئي المحدود ليصل إلى الكلي الشامل الذي يعني الإنسان كصفة وجود. فالإنسان أي إنسان لا يمكن أن يستوعب الكلي إذا لم يهزه الجزئي الذي ينقله إلى فضاء الكل، المحسوس أولاً يليه المجرد، هي جبلة خلق الإنسان عليها.

الوصولية أو الذرائعية أو الانتهازية أو الميكيافيلية صفات لمسمى واحد و هو أن تتبوأ مركزاً أو مكانةً أو مرتبةً لست أهلاً له، يدر عليك منافع شخصية جمة، و تتمتع بكافة أو بعض ميزات الحالة الجديدة التي وصلت إليها، و تعود و تطل على الآخرين من موقعك الجديد كحق شرعي لك، و لا تتوانى عن استخدام كافة الوسائل غير الشرعية و غير الأخلاقية للوصول أو بجملة مفردة الغاية تبرر الوسيلة.

على المستوى الكبير، لم كن الوصولية تحمل هذا الاسم، بل يمكن أن تحمل اسماً مناقضاً و هو الشرعية ، كأن ينتظم المجتمع ضمن أحزاب مهمتها البحث عن خلاص جماعي لطبقات عريضة من الجهل و الفقر، ثم يرهلها التاريخ و الأشخاص لتصبح منبراً للوصولية و الخلاص الفردي و تراكم الثروة و السلطة و الجاه. تتولد فيها ثقافة مشوهة يندمج الجزء بالكل و يتمثل الحزب مثلاً بأشخاص، و الوطن بحزب أو بعض أحزاب.

الوصوليون يعيقون أي إصلاح و يقفون ضد كل تغيير، إذا كان الانتقال إلى حالة أخرى يتحقق فيها مصلحة الكل أو معظم الكل، يفقدهم ميزاتهم التي يتمتعون بها بدون وجه حق أو شرعية. مع أنهم لن يعدموا الحيلة و لا الوسيلة للاستفادة من الحالة الجديدة، بما يتمتعون به من صفات زئبقية.

على المثقف كمهمة سامية أن يكشفهم و يحددهم في كل زمان أو مكان.

تنتشر الوصولية على المستوى الصغير أي الفرد- المجتمع كنتيجة منطقية و كاشتقاق لتفشيها على المستوى الكبير، الذي يتميز بتميّع القوانين و اختلاط المعايير و تفشي الجهل و محاصرة العلم و تغليب الشكل على المضمون.
تصاب شخصية الفرد بالتناقض و عدم الإقناع، فهي تدّعي شيئاً و تفعل خلافه، كأن يدعي أحدهم محاربة الفساد و يكون في الوقت ذاته أحد أساطينه و جلاوزته، و يصبح مثله مثل الزانية التي تحاضر في العفاف.

الوصولية داء عضال يصاب به المجتمع في كل زمان أو مكان، و يحتاج إلى معالجة مستمرة لا تنتهي بالإطلاق إلا بانتقال المجتمع إلى ذاك الذي تحدث عنه أفلاطون أو الفارابي، لذلك فمهمة المثقف كمهمة الطبيب الذي يعطي الدواء لاستئصال هذا الداء و ينشر الوعي بين الناس بمخاطره على حياتهم ليحاربوه و يعالجوه بدورهم.
----------------------------------------------------------------
د. نضال العبود – سوريا – 7/4/2006



#نضال_العبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التخلي عن القطاع العام تفريط بحقوق العمال و إضعاف للسيادة ال ...
- ما هو السبيل للوصول إليها ؟
- أنا و الآخر، صدام الحضارات ... الاستبداد و الشعوب العربية
- الناس لا تأكل شعارات
- لماذا فشل القطاع العام في سوريا؟
- خصخصة القطاع العام في سوريا
- منظمات المجتمع المدني و آفاق الإصلاح
- حماس و روسيا
- القوة العالمية الثالثة
- البحث العلمي بين الشعار والتطبيق
- هل المرأة حقاً هي شرف الرجل؟
- حماس تلج المجتمع الدولي من البوابة الروسية
- مديرية حقول الفساد
- الشفافية في مواجهة الفساد
- تهميش حملة شهادات الدراسات العليا و تداعي القطاع العام في سو ...
- إصلاح العلاقة بين الدولة و المجتمع‏


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نضال العبود - المثقف و الميكيافيلية