|
شرّ البليّة ما يُضحِك !!
سلام ناصر الخدادي
الحوار المتمدن-العدد: 6048 - 2018 / 11 / 8 - 05:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
شــرّ الـبـلـيّـة مـا يُـضـحِـك !! سـلام نـاصـر الخُـدادي مرّت علينا ومازالت تجارب عديدة في حياتنا ، والدروس التي تعلمناها ، ماهي الا خلاصة لتلك التجارب التي أخذت منا وقتاً وجهداً حتى استفدنا منها . وتعلّمنا ايضاً أن نصحّحَ الخطأ إن وقعنا فيه ، لكن من الصعب والمعيب جداً أن نكرّر الخطأ مرة ، ونعيده بإصرارٍ اكثر من مرة ! ولنأخذ مثلاً واقع الحال في العراق وما آل اليه الوضع هناك : فمنذ 15 عاما ، استلمت (احزاب) معينة السلطة هناك ، بعد أن كانت معارضة للنظام ، مهمشة ، مشتتة بين الدول ، نكرة ، ليس لهم بصمة او كفاءة تذكر .. لكن ما ان استتبّ الأمر لهم ، حتى قويت شوكتهم وطالت مخالبهم ، وكشروا عن انيابهم ، وبانت للجميع افعالهم وعُرفوا بطمعهم وجشعهم وحبهم لذاتهم فقط .. ولكي يتم تمويه نواياهم ، بدأوا بطرح شعاراتهم : (وحدة العراق هي هدفنا) !! (المحافظة على الشباب من الضياع) !! (الدين أمانة باعناقنا)!! (حافظوا على دينكم )!! (مذهبكم في خطر)!! لقد وجدت هذه الشعارات التي (تدغدغ) المشاعر سبيلا الى عقول الناس .. واصبح ترديدها على كل لسان .. ولأجل تطبيقها على مجتمعٍ غلبت عليه عدة عوامل كالجهلِ والتخلف والانانية : أبعدوا الكفاءات والمثقفين والفنانين والمتنورين فرقوا الشعب قوميات ومذاهب وعشائر زرعوا الكره والبغض بين الناس ، وجعلوهم بمراتب عليا ودنيا .. لأنهم وجدوا الارضية الخصبة لزرع افكارهم المريضة .. فالجهل منتشر ، واللامبالاة (اني شعلية!) اضحت شعارا للجميع .. البلادة وعدم الاكتراث هي السائدة .. اسكات اصوات المثقفين بكيل السب والشتم والتهم الجاهزة لهم ..
وهكذا استطاعوا من وضع ايديهم على مؤسسات الدولة .. وبسط نفوذهم بعد ان تحصنوا (بشعاراتهم) !! وأن يزرعوا فكرة (الحلال والحرام) بين الناس .. وهذا (باطل وذاك عاطل) !! .. وانفقوا الملايين لبناء (سفارات) في الخارج !! وتناسوا عمدا بناء الانسان .. نعم ، (سفارات) حتى لو كان البناء خاليا من المراجعين !! فالمهم أن يرتفع (علم) العراق عالياً !! وطبعاً صفق المصفقون ، وطبل المطبلون ، وهرول خلفهم الفارغون ، وبالتأكيد دافع عنهم التافهون !! لقد استشرى الفساد وعم الخراب ، واصبح التشرذم والفرقة واقع الحال ، والضياع هو السائد ، وطبقات الناس هي العرف المتّبع .. والمؤسسات عبارة عن دكاكين لأصحاب المال فقط .. يستثمرونها حسب مصالحهم الشخصية واهوائهم ، غير آبهين بقضايا المجتمع . وتحول شعار (وحدة العراق) الى (وحدات) ادارية مستقلة متباعدة متناحرة ، ما انفكوا يكيلوا لبعضهم القذف والسب والشتم .. كما سخّروا نفراً ضالاً وجعلوهم (عربات قاذورات) لرمي اوساخهم لمن اختلف بالرأي معهم أو صارحهم بحقيقتهم ! او كشف زيفهم وخداعهم وكذبهم !!.. واختلط الحابل بالنابل .. وساد الهرج والمرج .. وعلا الضجيج والصراخ .. وكل يدّعي إن الحقّ معه ، وهو صاحب الحجّة المطلقة .. ويحاول بشتى الطرق والوسائل من اسقاط غيره ، في أتون حرب مستعرة لا هوادة فيها ، وكل ما بان في الأفق بصيص من الأمل .. أطفأه التصعيد والتشهير والمهاترات . وأمام هذا الحال المريض والواقع المزري ، انبرى بعض المثقفين ومن يحملون الضمير النقي والحس النظيف والقلب الخافق حبا واخلاصا ، والفكر النير .. ليطرحوا برنامجا مهما للإصلاح .. وينقذوا (ولو بشكل جزئي) ما يمكن انقاذه .. ويصححوا المسار .. بعد أن بدأت صحوة المجتمع تنمو تدريجياً ، وبعد ان تعالت الاصوات المطالبة بالإصلاح وتغيير هذا الواقع المرير .. وما ان اطلق النداء .. حتى وجدنا مع المنادين نفس اصحاب (الاحزاب)!! ونفس قادة (المؤسسات) !! ونفس اصحاب الدكاكين !! يطالبون ايضا بالإصلاح !! ويطالبون بـ(وحدة العراق) وهم بالأساس من مزقها .. وايضا تعالت اصواتهم خوفا مِن (ضياع الشباب) وهم مَن اضاعوهم !!! بل إن الشباب قد ابتعد اصلا بعدما رأى امام ناظريه احتدام الصراع بين (قادة) الكتل والاحزاب !! وسمع الكم الهائل وبشكلٍ (مباشر) كل التسقيط والتشهير ونشر الغسيل !! شر البلية ما يضحك !! الان عرفنا شر البلية .. لكن أتعلمون ماهو المضحك ؟؟ المضحك يا سادتي الكرام .. أن تجد نفس اصحاب الدكاكين من يرسم لك طريق الاصلاح !! وتجد نفس الدجالين من يقرر لك الخلاص وستجد ايضا نفس المصفقين والمطبلين والمهرولين هم المطالبين بالتغيير !! سيظهرون لك بزي جديد !! وطبعا ببرنامج جديد !! ويستقبلونك بعد ان يفرشوا لك طريقاً بالورود والزهور .. وتجدهم ينتظرونك بابتسامة ودودة .. ليسألونك باستهزاء : (ها ؟؟ شلونك انت ؟؟ بعدك زين ؟؟) لترجع دوامة الصراع من جديد ... وتيتي تيتي ... مثل ما رحتي جيتي !!! والحر تكفيه الاشارة !! سيدني 24 اكتوبر 2018
#سلام_ناصر_الخدادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طرزان حكيم الزمان
-
الخطوط الحمراء .. الخطوط الخضراء
-
الفساد حين يكون توافقياً !!...
-
يابن الرافدين
-
الإقليم والأقاليم مرة اخرى !!
-
أغمضي عينيكِ
-
مَن يقودُ مَن ؟؟
-
نفترضُ لو إنّا ..
-
إفرازات الزمن الرديء
-
المدارس الأهلية .. الواقع والطموح
-
الأقليات العراقية والمشاركة الوزارية
-
همسات دافئة
-
الأقليات بين الحقوق والدموع !!...
-
وددتُ أن أقول
-
التوافق .. والفساد السياسي
-
غربة الجسد
-
لِمَ الصمتُ ؟
-
أحبك اكثر
-
من بذرة ... إلى شجرة للخوف !!
-
طفلي المجنون
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|