|
الحرب الخفية في العراق
احمد صحن
كاتب وباحث
(Ahmed Sahan)
الحوار المتمدن-العدد: 1515 - 2006 / 4 / 9 - 01:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تشابكت في زمنٍ واحد جملة قضايا هامّة معنيّة بها منطقة الشّرق الأوسط، وتقود واشنطن تفاعلاتها بأوجه مختلفة بعد فترة الحرب الباردة ، وجاء غياب الاتحاد السوفيتي عن المنطقة ليزيد من حجم التساؤلات عن هذه الخيوط في قضايا المنطقة ، ورغم حجم القضية الفلسطينية ، واللبنانية السورية ، ومسألة الملف النووي الإيراني اذ أصبحت بغداد الآن مكمن العقد المتشابكة بالمنظور الدولي.. . منذ ان سقط النظام في بغداد في التاسع من ابريل عام 2003 بسرعةٌ دعت الكثير من المراقبين الى التفكير والتمحيص بكل جذور تلك الحرب وسير تفاصيلها ، التي أثارت الكثير من الأسئلة المتعلقة بالحرب العسكرية نفسها . فبين صمود مدينة ام قصر أمام القوات الأمريكية لمدة اثنا عشر يوما واستسلام بعض المدن الكبرى عن طريق التفاوض مع القوات الأمريكية مثل مدينة الموصل و الانبار وصلاح الدين والتي لم تشهد تلك المدن حربا ذات ضراوة كالتي شهدتها المدن الجنوبية سواء التي خاضتها القوات العراقية النظامية او مليشيا حزب البعث مع القوى الزاحفة نحو بغداد ، فهذا المشهد الحربي افرز تناقضا يدعونا للتأني في الحكم عليه ، ومن الغرابة أن نجعله صورة للتناقض التقليدي وحتى سقوط بغداد نفسها التي لم تر حربا شرسة ، فقط بدبابتين عبرتا نهر دجلة حتى سقطت بغداد عسكريا .. وعلى أساس ما حصل في العراق بعد السقوط فإننا نربط مابين تلك الأحداث وبعض الخطوات التي اتخذتها كل من سوريا وإيران والعراق استعدادا لمواجهة الخطر القادم .. ان زيارة علي حسن المجيد الى سوريا قبل الحرب بسبعة أيام وسياسة الحياد الايجابي التي أعلنتها الإدارة الإيرانية قبيل الحرب، تبدو تلك الخطوات ترتبط ارتباطا مباشرا مع ماحصل بعد انهيار الدولة العراقية واستمرار هذا الانهيار حتى الان ، ان تلك الدولتيين تسعيان لللاجهاز على المشروع الامريكي في العراق بكافة السبل . تشكل ايران وسوريا قطبان رئيسيان في بوصلة القلق والاهتمام الدوليين ،لاسباب مختلفة تماما من ناحية نوعية الاهتمام ومصادر القلق ، كلاهما على عتبة المواجهة ،من مكانتين مختلفتين ،اقليميا ودوليا . فطهران في مقعد القيادة ، تملك زمام المبادرة ،وتتوسل اليها القيادات الاوربية والادارة الامريكية متمنيتان ان تكون عاقلة ومتعاونة . بالمقارنة ، دمشق بالمقعد الخلفي في انتظار الاحكام ، تقع في عزلة دولية وإقليمية . القاسم المشترك بين الدولتين هو العراق ولبنان باستراتيجيات تكاد تكون متناقضة ، ومن موقع يبرز إيران دولة أهم وأقوى من الدول العربية كلها معا ويضع سورية في مرتبة التطاول على الأهمية عراقيا ولبنانيا . وان تطور قضية الملف النووي الإيراني واحتمالية رفعه الى مجلس الأمن ، سيجعل الأيام المقبلة في العراق أيام شد الحبال وشد الأحزمة . والأسابيع والأشهر المقبلة ستتوج إيران المنتصر والمستفيد الأكبر من الحرب الأمريكية في العراق ليس من ناحية نفوذها داخل العراق وحسب وإنما لجهة سعيها واحتفاظها بالقدرات النووية . هذه الأشهر أيضا ستثبت إن القرارات الكبرى خرجت من الأيدي العربية ، لأسباب كثيرة بعضها بسبب أخطاء فادحة ارتكبتها بعض من أنظمة المنطقة ، وبعضها لان لغة الفاعلين ( الكبار) في منطقة الشرق الأوسط لا تشمل اللغة العربية بل باتت محصورة بين اللغة الفارسية والانكليزية والجواب على ذلك فان كوندليسا رايز لم تجد استجابة من بعض دول الخليج العربي من اجل تطويق إيران ،واستباق إيران للتعامل مع دول الخليج بلغة تختلف عن أي وقت مضى ،زاد من صعوبة المواجهة مع كل من إيران وسوريا من جهة وأمريكا من جهة اخرى . تتميز العلاقة السورية ـــ الإيرانية بالفرادة والخصوصية من نوعها في زمن تشابك المصالح وتبدلها تبعا للاحتياجات الوطنية والظروف الدولية ،فرغم اختلاف نظام الدولتين إيديولوجيا بين علمانية النظام السوري وإسلامية النظام الإيراني ، الا ان ثمة امورا كثيرة تجمعهما وتضعهما في خندق واحد لتحقيق المصلحة المشتركة ومواجهة الخصوم معا . وشهدنا في العراق حرب الخليج الاولى في الثمانينيات من القرن الماضي عندما وقفت سوريا الى جانب ايران في حربها مع العراق ، ومع مرور الايام والسنوات تتزايد العلاقات الثنائية تشابكا والتحاما وكأن بينهما تقسيما للادوار في المنطقة العربية والشرق الأوسط خصوصا . ويكاد ان يقف المراقب متحيرا في وصف تحالف وعلاقات ستراتيجية متشابكة الى هذا الحد ، رغم تغير الظروف الاقليمية والدولية من مجيء اية الله خميني بصحبة ثورته الاسلامية قبل خمسة وعشرين عاما . لا شك أن العلاقة السورية الإيرانية وان كانت تحتفظ بشكلها التقليدي في السياسة الدولية إلا إن تلك العلاقة تترتب عليها استحقاقات سياسية بسبب المصير والمخاطر التي تحوم حول تلك الدولتين .. فان إعلان التعاون الإيراني السوري لمواجهة الخطر الأمريكي يوحي لنا ان العراق اصبح ساحة الحرب الخفية الدائرة بين كل من سوريا وايران من جهة وامريكا من جهة اخرى . ـ اذار ـ 2006
#احمد_صحن (هاشتاغ)
Ahmed_Sahan#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكرة في ملعب الشعب
-
مرايا 11 سبتمبر
المزيد.....
-
أثناء إحاطة مباشرة.. مسؤولة روسية تتلقى اتصالًا يأمرها بعدم
...
-
الأردن يدعو لتطبيق قرار محكمة الجنايات
-
تحذير من هجمات إسرائيلية مباشرة على العراق
-
بوتين: استخدام العدو لأسلحة بعيدة المدى لا يمكن أن يؤثرعلى م
...
-
موسكو تدعو لإدانة أعمال إجرامية لكييف كاستهداف المنشآت النوو
...
-
بوتين: الولايات المتحدة دمرت نظام الأمن الدولي وتدفع نحو صرا
...
-
شاهد.. لقاء أطول فتاة في العالم بأقصر فتاة في العالم
-
الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ باليستي قرب البحر الميت أ
...
-
بوتين: واشنطن ارتكبت خطأ بتدمير معاهدة الحد من الصواريخ المت
...
-
بوتين: روسيا مستعدة لأي تطورات ودائما سيكون هناك رد
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|