أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 3














المزيد.....

شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 3


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6044 - 2018 / 11 / 4 - 23:54
المحور: الادب والفن
    


أيام الصيف ذات النهارات الطويلة، تمضي بطيئة وممضّة بطقسها الحار، المذكّر الغافلين بأتون جهنم. إلا أنّ " دلير " كان ما ينفكّ سائراً على طريق الصراط، الأطول من أيّ صيفٍ أفريقيّ. محبطاً، كان يقلّب في كلّ حين أوراقَ السيرة المراكشية غير المكتملة، التي خُطّت كلماتها من لدُن أغراب ثمانية مروا في المدينة الحمراء خطفاً أو رويّةً، موزعة مصائرهم بالتساوي بين قسمَتَيّ الموت والحياة. في المقابل، كانت أوراق كتابه، المصنّف في خانة أدب الرحلات، تتكاثر يوماً بعد يوم وذلك بفضل ساعات التسكّع في المدينة؛ وهيَ ساعات، مشحونة بحيوية روحٍ تتوقُ، في آنٍ معاً، لأماكن الجمال والقبح، الهدوء والصخب، الشهوة والتصوف، الانحراف والاستقامة؛ لكل ما مَنَحَ المدينة ألقابها المتعددة، انتماءاتها المتباينة، فوارقها ومفارقاتها وتناقضاتها. لم يكن في وسعه فهمَ ماضي المدينة، المصوَّر مشهداً مشهداً في تذاكر تلك السيرة، إلا بمقارنته مع حاضرها ـ كما حظيَ هوَ بالتعايش معه في خلال السنوات الخمس الأخيرة.
لقد بدت مراكش لأولئك الذين قاربوها سابقاً، وتحديداً قبل قرابة ربع قرن، بمثابة قرية كبيرة بمَن اجتاحها من بربر الجبال وأعراب البوادي؛ ضواح سكنية، تطوّق من الخارج أسوارَ المدينة القديمة، ملتهمةً بنهم دائبٍ عرصاتِ النخيل ودساكر الزيتون ورقع الأشجار المثمرة وجدعاتِ الصبّار. فإذا هيَ اليوم، في زمن كتابة هذه الأسطر، حاضرةٌ مزدهرة تُضاهي أحدث المدن، سواءً المستلقية على الضفاف الشرقية للبحر المتوسط أو المتوغلة جنوباً بمحاذاة الصحراء الممتدة بين قارتين يفصل بينهما بحرٌ في حُمرة المحار.. حاضرة، تضم إقليماً يجعلها ملتصقة أيضاً بالمحيط العظيم، المُكنّى في كتب الجغرافيين المسلمين ب " بحر الظلمات " بسبب لون مياهه القاتمة وكونه يُفضي إلى اللانهاية. لم يكن بلا مغزى إذن، أن تُستهل هذه السيرة بتذكرة " تاجر موغادور "، العائدة إلى منتصف القرن التاسع عشر، والمترجِمة أحوالَ رجلٍ مشرقيّ قدِمَ من الشام عن طريق جزيرة يونانية كي يجد ملاذاً لأميره في حمى سلطان مراكش العلويّ؛ أميره الكرديّ، الذي سبقَ وتمرد على سلطان بني عثمان قبل أن يتم أسره ونفيه إلى تلك الجزيرة.

***
في سنواته الأولى بمراكش، كان " دلير " يقضي الوقتَ خارجاً بالتجول في دروب المدينة القديمة. كان آنذاك يتحاشى حيَ غيليز الراقي، إلا في مناسبات مبتسرة مع عديله الفرنسيّ، وكانت في الليل غالباً ـ كدعوة عائلية إلى مطعم أو سهرة خاصة في ملهى. كونه يضيق ذرعاً بالعلاقات الاجتماعية وما تفرضه من لباس رسميّ، فإنه أعتاد أن يتهرب من الزيارات والحفلات. ذلك كان يثير حفيظة الشقيقة الكبرى لامرأته، واجدة فيه نوعاً من الغرور والاستعلاء. كذلك نظرت " أنغام " بعين الريبة للعلاقة الجيدة بين صهرها هذا وخصمها اللدود، الذي عرفنا أنه أخوها غير الشقيق. لم يكترث الصهرُ بأيّ عنعنات مماثلة، حينَ كان يمضي مع ابن حميه إلى منزله في الضاحية ليقيم لديه أحياناً بضعة أيام. مؤخراً، مع استهلال المهمة المتواشجة بالسيرة المراكشية، أضحت صلتهما شبه يومية.
من ناحيته، كان " إدريس " يختال بقامته الضخمة أمام أفراد أسرة أبيه في كلّ مرةٍ يستدعيه فيها الصهر السوريّ من أجل خدمةٍ ما. هذا، مع أنه كان مثلهم تقريباً، لناحية الجهل بطبيعة تلك المهمة ومراميها: " ما أعرفه أنه يؤلف كتاباً عن مراكش، وقد نصحته بإهدائه لجلالة الملك كي ينال الحظوة لديه! "، قالها ذات مرة أمامهم بكثير من التباهي وذلك في غياب الصهر المعنيّ. تساءلت امرأةُ صاحب الحظوة المأمولة، وقد انتابها إحساسٌ مماثل: " هل أنتَ واثق من جدّيته في تقبّل الفكرة؟ "
" من..؟ آه، نعم بطبيعة الحال! "
" مبعث قلقي، أنه لا يهتم سوى بالكتابة. لقد سبقَ وتوقف عن نشر مقالاته في موقع خليجي، مع كونه مورداً جيداً له "، قالتها وهيَ تشمل الآخرين بنظرة سريعة. انتقل الاهتمام إليهم، واتخذوا من الخبر حديثاً لبقية السهرة. في اليوم التالي، جاء " بيير " في سيارته وأوقفها في مقابل منزل حميه. بعد دقائق، كانوا يصرخون من المنزل التحتاني على الصهر السوريّ طالبين منه النزول بسرعة. فلما استبطأ " الكَاوري " عديله، فإنه صعيد إليه بنفسه وكان نادراً ما يفعل ذلك: " أنت مدعو للخروج معي، الليلة. سأنتظرك تحت، لحين أن ترتدي سترة مناسبة "، خاطبه بانكليزية ركيكة مطعّمة بمفردات من الدارجة المحلية. كمألوف العادة أيضاً، تناولا العشاء في حدود الساعة الثامنة بأحد المطاعم ومن ثم توجها إلى بار ـ ديسكو لقضاء السهرة هنالك.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متاهة
- شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 2
- شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 1
- شيرين وفرهاد: الفصل الثاني 5
- شيرين وفرهاد: الفصل الثاني 4
- شيرين وفرهاد: الفصل الثاني 3
- شيرين وفرهاد: الفصل الثاني 2
- شيرين وفرهاد: الفصل الثاني 1
- شيرين وفرهاد: الفصل الأول 5
- شيرين وفرهاد: الفصل الأول 4
- شيرين وفرهاد: الفصل الأول 3
- شيرين وفرهاد: الفصل الأول 2
- جزيرة مهجورة
- شيرين وفرهاد: الفصل الأول 1
- زين وآلان: الفصل السابع 5
- شجرتان وأسطورة صغيرة
- زين وآلان: الفصل السابع 4
- زين وآلان: الفصل السابع 3
- أُضحِيّة
- زين وآلان: الفصل السابع 2


المزيد.....




- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...
- تهديد الفنانة هالة صدقي بفيديوهات غير لائقة.. والنيابة تصدر ...
- المغني الروسي شامان بصدد تسجيل العلامة التجارية -أنا روسي-
- عن تنابز السّاحات واستنزاف الذّات.. معاركنا التي يحبها العدو ...
- الشارقة تختار أحلام مستغانمي شخصية العام الثقافية


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 3