أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الكيلاني - خالد الكيلاني يكتب : محنة العقل الجمعي في مصر














المزيد.....

خالد الكيلاني يكتب : محنة العقل الجمعي في مصر


خالد الكيلاني

الحوار المتمدن-العدد: 6042 - 2018 / 11 / 2 - 09:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هناك حكاية من سير الصحابة تُروي عن الخليفة العادل سيدنا عمر بن الخطاب بروايتين ، الأولى تقول أن رجلاً كان قد قتل أخا عمر في معركة اليمامة عندما ارتد مع من ارتد ، ( فقد قتل زيداً بن الخطاب في حروب الردة )، وأسلم الرجل بعد ذلك ، وجاء إلى عمر بن الخطاب رضي اله عنه يوماً ، فقال له عمر : أأنت الذي قتلت زيداً ؟ ، قال : نعم ، قال عمر : أُغرب عن وجهي ، فإني أبغضك ، فقال الرجل : يا أمير المؤمنين ، أوَ يمنعني هذا حق لي عندك ؟ قال عمر : لا ، فقال الرجل : ما لي وحبك … إنما لا يأسى ( يحزن أو يبكي ) على الحب إلا النساء .
وفي رواية أخرى أن عمر رضي الله عنه قد قالها لوحشي بن حرب ، العبد الحبشي الذي استأجرته هند بنت عتبة في معركة أُحد لقتل سيدنا حمزة بن عبد المطلب عم الرسول عليه الصلاة والسلام ، لأنه قتل أباها وأخيها في معركة بدر ، ثم أمرته ببقر بطنه وإخراج كبده وإعطائها لهند ، وكان وحشي قد أسلم بعد ذلك .
أياً ما كانت الرواية الصحيحة ، فالشاهد فيها أنه في السياسة لا يوجد حب أو كره ، إنما يوجد تقييم موضوعي لأعمال الشخصية العامة سواءً كان سياسياً أو كاتباً أو صحفياً أو إعلامياً .
ولكننا ابتلينا في السنوات الأخيرة بحالة من " العُقم " في التقييم الموضوعي لأي شخصية عامة ، وأصبحت كل أحكامنا عاطفية على الشخصيات العامة ، بل وغير الشخصيات العامة أيضاً .
أحكام عاطفية لا تستند إلى العقل أو المنطق ، وليس فيها سوى لونين فقط هما الأبيض أو الأسود ، فإما أن تكون معي تماماً لدرجة التماهي ، وإما أن تكون مختلفاً ولو في جزئية صغيرة معي ، فأنت ضدي وعدوي وتستحق الموت ، وحتى لو توفاك الله فأنت لا تستحق ولا تطمع في رحمته … مع أن الحياة الإنسانية كلها ليست أبيض أو أسود ، إنما يغلب عليها اللون الرمادي .
وفي السنوات الأخيرة وبسبب حالة السيولة السياسية ، وفقدان أو غياب البوصلة الإعلامية التي تنشر وتنثر الوعي ، تعود الناس على اقتناص العناوين دون التعمق في جذور أي موضوع ، واكتفوا من القراءة بسطرين على الفيس بوك أو تويتر ، أو بعدة ثواني مجتزأة من ڤيديو لبرنامج تليفزيوني ، أو تصريح ما لشخصية معينة … وبنوا أحكامهم على تلك الشخصية من خلال هذا الرأي المجتزأ أو المبتسر من سياقه .
ولأن العقل الجمعي يتعامل مع السياسة كما يتعامل مع مباريات كرة القدم ، فقد تحولات منصات مواقع التواصل الإجتماعي إلى ما يشبه " الألتراس " في كرة القدم ، فما أن تأتي سيرة فلان إلا وينبري الجميع ليقولون لك أن فلان هذا قمة في الوطنية ويذوب عشقاً في حب الوطن ، وقد لا يكون فلاناً هذا قد قدم في حياته شيئاً واحداً لمصلحة هذا الوطن ، أو ضحى بشيء واحد في سبيل هذا الوطن … وربما لا يعرف حتى معنى كلمة وطن من الأصل ، ولو كان كاتباً أو صحفياً أو إعلامياً ، فربما لا تقرأ له جملة وحيدة صحيحة أو وجهة نظر واحدة معمقة في هم من هموم الوطن … ومع ذلك تجد له عشرات الآلاف من المتابعين والمعجبين ، لمجرد أنه يعلن على صفحته كل يوم ، أو في مقالاته أنه يحب ويعشق هذا الوطن ، وهو يخلو تاريخه تماماً من موقف واحد يؤكد هذا الحب .
وما أن تأتي سيرة فلان أخر ، شاء له حظه التعس وصدقه مع نفسه أن انتقد ذات مرة أداء هذا المسئول أو ذلك الوزير ، أو ربما كانت له رؤية مختلفة في ما يحقق مصلحة هذا الوطن ، إلا وانبرى هذا الألتراس بنعته بالخائن والعميل الذي يعمل لمصلحة أعداء الوطن … مهما كان قد قدم سابقاً لهذا الوطن من أعمال جليلة ، ومهما كان قد ضحى لأجل هذا الوطن في مواقف أخرى .
وربما ساهمت رؤية المصريين للدين في العقود الأربعة الأخيرة ، وذلك الفهم المغلوط للدين الذي تعمد نشره في المجتمع السلفيون والإخوان ، على هذه الرؤية الحدية للأشياء ، وافتقادنا للفكر الوسطي في السياسة والإقتصاد والعلاقات الإنسانية ، كما افتقدناه تماماً في الدين .
بل إن هذه المحنة قد انسحبت حتى على العلاقات بين الناس ، سواءً علاقات الصداقة أو حتى العلاقات الأسرية ، بل وعلاقة الإخوة داخل الأسرة الواحدة .
فهناك إخوة مهما قدموا لإخوتهم من تضحيات ، ومهما كانت مواقفهم السابقة ناصعة معهم ، يتصيدون لهذا الأخ ذلة صغيرة … ربما لا علاقة لهم بها ، وربما لا وجود لها سوى في أذهانهم ، ليبدأوا ضده حملة من الكراهية المقيتة متناسين ومتنكرين لكل ما قدمه لهم في سابق الأيام والسنوات .
إنها محنة العقل الجمعي في مصر حالياً ، هذا العقل الذي يستسهل إجتزاء وابتسار الحقائق ، ويرفض إلى حد العداء الخلاف في الرأي والإختلاف في الرؤى … الذي هو سنة الحياة .



#خالد_الكيلاني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خالد الكيلاني يكتب : هل كان السادات خائناً ؟
- الإخوان كمان … نزل فيهم قرآن !!!
- خالد الكيلاني يكتب : هل هناك حل ؟
- خالد الكيلاني يكتب : ما بين مبارك والسيسي … دروس الماضي ، وإ ...
- خالد الكيلاني يكتب : عفواً أستاذ مكرم … إنه إعلام المصطبة
- خالد الكيلاني يكتب : عفواً فضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع ال ...
- خالد الكيلاني يكتب : هوامش على دفتر الحوار …
- خالد الكيلاني يكتب : صديقي وأنا وخالد علي وشارع شامبليون !!!
- خالد الكيلاني يكتب : الرئيس السيسي وسياسة لعب الكبار
- خالد الكيلاني يكتب : ولا أي إندهاشة !!!…
- الفوضى الإعلامية … والخراب في العالم العربي !!!
- موقفي من النقاب والحجاب ... ورأيي في الخمار والجلباب .
- خالد الكيلاني يكتب : ‏Master Seen الجماعة و- العسكر- !!!
- إيه اللي حصل ... وإزاي حصل ؟!!! . الخطة ... 1
- خالد الكيلاني يكتب : قصة مشادتي مع وزير خارجية قطر الأشهر
- الميكروفون واللافتات والإسلام الجديد ... وأنا ( الحلقة الأول ...
- خالد الكيلاني يكتب : قراءة هادئة في قرار ترامب بمنع مواطني 7 ...
- خالد الكيلاني يكتب : لماذا العاصمة الجديدة ؟
- حقوق الصحفيين قبل حرياتهم يا أستاذ إبراهيم
- خالد الكيلاني يكتب : يصل ويسلم


المزيد.....




- إسرائيل تلغي جميع الرسوم الجمركية على المنتجات الأمريكية قبي ...
- -البنتاغون- لـCNN: إرسال طائرات إضافية إلى الشرق الأوسط
- موسكو لواشنطن.. قوات كييف تقصف محطات الطاقة الروسية
- الجيش الإسرائيلي يصدر أوامر إخلاء جديدة في رفح
- تصعيد روسي في خاركيف: هجمات جديدة تخلّف إصابات ودمارًا واسعً ...
- -صدمة الأربعاء-.. ترقب عالمي لرسوم ترامب الجمركية
- بيليفيلد يطيح بباير ليفركوزن من نصف نهائي كأس ألمانيا
- نتنياهو يعيد النظر بمرشحه لرئاسة الشاباك
- لوبان: الحكم الصادر بحقي مسيس
- خطة أوروبية لمواجهة الرسوم الجمركية


المزيد.....

- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الكيلاني - خالد الكيلاني يكتب : محنة العقل الجمعي في مصر