يوسف حمك
الحوار المتمدن-العدد: 6039 - 2018 / 10 / 30 - 20:15
المحور:
الادب والفن
ثقتي به ما كانت في محلها . بعد أن كنت مكتظاً باعتزازٍ تجاهه .
تفكيري كان حبلى بوهمٍ ، ظننته مختلفاً عن الآخرين من ذوي
النفوس الخاوية ، و أصحاب الضمائر الملوثة بداء الارتزاق .
تبين أن محتوى دواخله كان هشاً كهشاشة طبقتنا السياسية المخيبة للآمال .
و مدمراً كفتاوى شيوخنا الجهلة لكل مقومات الحياة .
أو كتزييف نداء ثوريٍ تقدميٍ يدعو لتحرر المرأة ، لكنه يواريها خلفه
لتعيش في ظله ، و لا يراها إلا جسداً ، فيمتص أجمل رحيق عمرها .
إعجابي به كان مذهلاً حتى التصق بصميمي . قبل استكثار سقطاته ،
و يخسر الكثير من سمعته بكبواته المتكررة التي لم تسعفه من السقوط
دفعةً واحدةً من عيني .
كنت أرى قلبه ينبض نبلاً ، و روحه تدور في فلك النقاء ، يفيض جمالاً
ترتقي به ، و تسمو .
و كنت أشطب على كل أمرٍ يستصغره باللامبالات ، و أسحق كل ما كان
يقلل من شأنه بإقناع نفسي أنه نوعٌ من المنافسة ، و أعتبره تشهيراً ، أو
من ضروب الغيرة .
إلا أن انحبس إعجابي الذي كان في أوج ضخامته ، و انكمش كمه الهائل حتى خمدت جذوته ، و انطفأ توهجه . من هبوب مغرياتٍ عارمةٍ ، لم يحتمل
صموده أمامها .
فتمايل حتى لامس الأرض ، و سجد ضميره لصاحب النفوذ ، و قبل يديه ذليلاً .
حظوظنا في بلدان الشرق الحمقاء تولد تعيسةً هكذا .
علاقاتٌ مشبوهةٌ في خضم عتمة الظلام ، و عمالةٌ وضيعةٌ
في وضح النهار .
و الأنكى نفوذ أي فردٍ بزيه العسكري يرتقي لسحقك - بل سحق شعبٍ بأكمله - مهما كان رصيدك في الطيبة و حسن السمعة غزيراً ، كغزارة آبار نفط
كركوك و الخليج . و لا يجعلك تنفذ بريشك من سطوته . مهما كان دماغك
يشع وعياً ، و منه يسيل فكراً مستنيراً .
فرياح قمعه ستعصفك بوبائها ،
و تزرع في روحك جروحاً تنزف بلا توقفٍ .
عالمٌ مليءٌ بالفساد و الابتزاز ، ينصب أجساداً مفخخةً للقنص و التزلق .
فناؤه كبيرٌ ، غير أنه لا يتسع إلا لجحافل المتطفلين ، و المتسلقين ،
و بائعي الذمم في مزادٍ رخيصٍ .
#يوسف_حمك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟