(قراءة في رواية سحر البحر للروائي المصري أشرف الخريبي)

لنا الفاضل

الحوار المتمدن-العدد: 6037 - 2018 / 10 / 28 - 23:52
المحور: الادب والفن
    

قراءة في رواية سحر البحر
للروائي أشرف الخريبي

نبدأ من العنوان الذي انتخبه الكاتب للرواية (سحر) و(بحر )عالمان من أوسع العوالم التي تتسم بالغموض دلالة على اننا سنضع رحالنا على متن المجهول الاخاذ.
رواية من الفنتازيا والواقع يتداخلان ليحيلنا الراوي الى روح معلقة بين عالمين ،
روح تنظر للماضي وتعيش الحاضر في انتظار ان يكتمل شكلها النهائي في بوتقة الانصهار للمشاعر والترقب والفهم ،إنها رحلة نحت للروح .
مع أول ابيات شعرية نفتتح بها غوصنا في الرواية والسطور التي تعقبها تتفتح لنا واحة من الشعر يصنفها الروائي بخمسة من الأوراق لنضع اقدامنا على اول الطريق مع الورقة الأولى:الوجود
نبحر الى الوجود الذي لا تسعفه النيران المتأججة في داخله لتغيير الاقدار التي صنعته، يتوه الراوي في دهاليز الذاكرة وهو يمسك بنا معه في ذكريات ناعمة تشبه حكايات الأجداد عن البحر والجنية الحسناء ،هل تلبسته الجنية أم إنها حقا صفاء حبيبة الطفولة والصبا العمر كله، كان من الصعوبة الفصل بين المتخيل والحقيقة مع جزالة اللغة وتأطيرها الحدث .
تقول صفاء: يجب ان نسلم للقدر
لننتهي مع فصل الوجود ونحن تائهين بين الجنية التي خطفت رؤاه وحاضره، والام الحزينة لابنها الذي كادت ان تفقده، الاب المنهك وهو يجود بالوصايا
وبطلنا الذي يتوق للوحدة والصمت ليسمع صوت الأرض وصوت البحر


الورقة الثانية: السؤال
هنا الانزياح للتصوف
شيء من النحت لنصقل الروح ونفهم رؤيته في شكل الألم، شكل الشعاع حين يمر بالعين، شكل الولع حين يختلط بالطين.

لقد تحرر الكاتب من قيود المنطق والشكل والإخبارفي انتظارنا للسؤال،
يحادث البحر ،
يحادث الليل،
يقدم على التجربة المحرمة، فيقتات من روحه الاسى
يلوذ بالفرار
ليعود لأصل قلبه ويحادثها: انها علامة الوهم يا صفاء
المزامير بصوتها الواهن ،تشابك العبارات لا إجابة ،يظل الاغتراب ملتصقا بهذا التيه.
فصل كثيف في العبارات غرائبي في الوصف

الورقة الثالثة :الحصار

انه الفصل الذي يتحدث عن صدمة الرحيل الاقسى ،رحيل الام ،رحيل الحبيبة
الخوف والعجز يوّلدان الحزن والوحدة ويعود البحر ويكون هذه المرة مرادفا للموت عوضا عن انه كان الثيمة الأساسية للحياة والعمق والتكوين .
انه بحر الحرمان العالم الواسع الذي ينفرد بذاكرة تعجز عن ذكر التفاصيل، تعجز عن تذكر ماضيه السحيق ، لكنها تعلم انه يدرك رحابة وجوده في هذا العالم. هكذا يظل يقودنا الكاتب من تداعي الى اخر في ارهاصات الروح التي لا تكف عن التساؤلات والقلق والعتاب.
الكشف عن الخيانة لم يكن له جواب أيضا حين يخاطب الاب الذي كان يجلب نساءً غريبات امام البحر ويذيق (الأم) أنواع القهر الصامت الخجول.
البطل يقول: هكذا ابقى وحيدا ً، والبحر يشاركني الغناء...
اننا نتكلم عن الحصار الروحي في جسد القلق...

-نبقى نتابع انثيالات الروح التي كأنها أتت لتحدثنا من الاف الأعوام عن وجودها السامي والق الألم اذ يمتد صوته في نسغ الروح هادرا في الورقة الرابعة: الوحشة

الزمن بلا حساب
الحلم
عنوانان رئيسيان فيهما دلالة على اكتشاف ان الحياة هي في ذروتها الموت الجميل للأخر ربما او انها المشاهدة الغير واعية للوهم، بينما يبقى البحرهو الثيمة الأساسية التي تقام حولها كل المناجاة والتساؤلات.
في كل الصفحات نجد الربط الواعي بين الاساطير والالهة والحكايات وابطال الحب والقوة ،وبين وعي الكاتب انه وحبيبته يمثلهم جميعا انه بحكايته ومشاعره وتأملاته هو خلاصة التجارب الإنسانية .
انها رحلة الوحشة ورحلة التجربة .







نصل الى الورقة الخامسة المعنونة بالصمت
الاف السنين في ذاكرة الكاتب تجعله هو آدم و هي حواء والحب الذي كان سبب ديمومة هذه الحياة ويتوقف امام علامات الدهشة في الحنين الذي ينتابه كلما رحلت الشمس،كل هذا الحنين محاولات العودة للمصب ،يقودنا الكاتب في ملحمته المرسومة شعراً الى اللحظة ،اللحظة الدافقة التي يحاكم بها البداية والنهاية في رحيل دافق الابتهاج الى مدن المحال خاصته.



في سحر البحر نجد الذات المبدعة تستجلب الحكمة في موجات متتابعة من اللغة والمفردة التي تقوم على أساسها هذه الرواية فتتكون امامنا مشاهد من لغة تمرد عجائبية هي الأساس في السرد فتكون عملية تهشيم المعتاد وإعادة صياغته تثبيتا لسيرة روح كان الصبر علمها النحت بالكلمات فكانت بين أيدينا هذه الرواية تجسيدا لتشكيلات تلاحق الجوهر واصل الاشياء .

#لنا_الفاضل (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات