أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد برقان - الثقافة الاحتجاجية (5)














المزيد.....

الثقافة الاحتجاجية (5)


رشيد برقان

الحوار المتمدن-العدد: 6031 - 2018 / 10 / 22 - 21:52
المحور: الادب والفن
    


الثقافة الاحتجاجية (5)
وفكرة الاحتجاج أو الرفض الثقافي ليست جديدة على الأنماط التعبيرية سواء الشعبية أو العالمة، ولكنها قديمة قدم الصراع الذي يتولد بين فئات اجتماعية متطلعة إلى انتزاع حيّز لها في الفضاء العام التعبيري والتدبيري، في أفق فرض تصورها للعالم. وبين فئات مسيطرة ترى في كل تطلع مروقا وخروجا عن الثوابت. فبقدر ما تسعى الثقافة السائدة نحو شيطنة كل التصورات المناوئة، وتعتمد على نظرية المؤامرة لتعزل كل محاولات إرساء أسس مخالفة لقيمها ومبادئها لتجعلها تبدو غريبة مستوردة من الخارج، وبالضبط من كيانات معادية لمصلحة الوطن. نجد الثقافة الاحتجاجية تثبت أصالتها عبر تمسكها القوي بالواقع الحي وتسعى للتجذر في لاوعي الناس. عبر صراحتها ووجاهة طروحاتها.
ويمكن الاستدلال على أصالة التعبيرات الاحتجاجية بالنكت والحكايات الساخرة التي كانت تتناول القايد والفقيه وكذلك الغني الجشع العجوز، وتركز على سلوكاتهم الجائرة، وتعمل على تقويض أسس سلطتهم، كما تضعهم دائما في موقع تناقض بين الأصل في وظيفتهم وبين التحويل والتزييغ الذي يقومون به لهذه الوظيفة خدمة لأغراض شخصية. فالقائد دائما ما يتطلع إلى ممتلكات الفقير، والفقيه دائما يسعى نحو علاقات جنسية خارج الإطار الشرعي، كما يجنّ الغني العجوز من أجل استرجاع شبابه بالظفر بزوجة أو محبوبة شاب لاتزال تنعم بشبابها.
ولم تكن الأشكال التعبيرية المغربية لما بعد الاستقلال خالية من هذا النمط من التعبير حيث استمرت الحكاية الساخرة والنكتة، على المسار نفسه، باعتبارهما أشكالا تعبيرية شعبية تظهر امتعاض القطاعات العريضة من المجتمع من السياسات العمومية، خصوصا حينما تكون لا شعبية، وغير مستندة على حوار وطني، كما تعكس طموحات وتطلعات الفئات الشعبية الكادحة والفئات المتطلعة إلى مستقبل جميل. وفضلا عن الحكاية الساخرة والنكتة اضطلعت بعض المقالات الصحفية والكاريكاتور بهذا الدور. على أن التعبير الاحتجاجي بدا قويا في المسرح خصوصا تجربة مسرح الهواة، حيث عدّ المسرح شكلا تعبيريا احتجاجيا جديدا، متوافقا مع طموحات الشباب في التعبير، وفي الانفتاح على الأشكال التعبيرية العالمية، وملائما أكثر للروح التجريبية في كل بناء جديد؛ فاعتبار المسرح أب الفنون وشكلا تعبيريا قادرا على دمج تعبيرات أخرى داخله جعلت الشباب المتعلم سواء في الحركة الوطنية، أو شباب اليسار ما بعد الاستقلال، يقبلون عليه ويتخذون منه وسيلة المواجهة الأساس لهدم الثقافة المحافظة. كما لعبت الأغنية دورا رياديا في بلورة رؤية احتجاجية لدى الشباب في ستينيات وسبعينيات القرن الفارط، وخصوصا تلك التي كانت تقوم على مسخ مضامين مبتذلة مرفوضة، وتحوّلها تحويلا احتجاجيا أو إيروتيكيا (على الرغم من أن هذا الشكل من التحويل لم يسمح له بالتداول، وبقي متداولا في إطار ضيق، وداخل العلاقات المقربة فقط، إما لشحنته السياسية القوية أو لتعابيره الإيروتيكية الجارحة).
تحتاج ثقافة الاحتجاج إلى تراكم وبناء. ولعل بروز الأجناس الأدبية الرصينة والمتعارف عليها يكون متأخرا؛ لهذا ليس من الغريب أن نرى ملاحظات الباحثين عن غياب الأدب أو السينما عن مواكبة الحركات الاحتجاجية، وعن تهافت المحاولات الأولى، لأنها تهدف ركوب الموجة فقط، وادعاء التعبير عن الحركات الاجتماعية، وإحراز قصب السبق في هذا المجال، وقليلة هي الأعمال الفنية التي استطاعت لحد الآن التقاط روح الحركات الاحتجاجية الجديدة لما بعد 2011.
إن المعبّر السريع عن الثقافة الاحتجاجية هو بالدرجة الأولى الأشكال التعبيرية السريعة والموجزة، والتي تستطيع أن تضمن لنفسها التداول السريع بعيدا عن الوسائط المكلّفة أو المراقبة. ولعل خير النماذج التي يمكننا التوقف عندها هي النكتة، والكاريكاتور، واللافتة، والشعار، والمشاهد التصويرية القصيرة من قبيل "البود كاست"، واللقطات المجتزأة من بعض الأعمال الفنية، وكذلك عمليات التركيب أو "المونتاج" الذي يلتقط حدثا معينا ويتدخل للتعليق عليه وتوجيه المتلقي نحو مقصده من المقطع عبر إدخال لقطات فنية كوميدية غالبا في وسط العمل بطريقة فنية.
وعموما ارتبط هذا الشكل من التعبير باليسار واليسار الجديد وبالفئات المتنورة داخل المجتمع، والتي كانت دائما تسعى نحو اجتثاث تصرفات وسلوكات بائدة ومحافظة، وتريد فرض سلوكات بديلة تدفع نحو التحرر والانعتاق.



#رشيد_برقان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثقافة الاحتجاجية (4)
- الثقافة الاحتجاجية (3)
- الثقافة الاحتجاجية (2)
- الثقافة الاحتجاجية (1)
- مناصفة الإرث جرأة في الطرح أم هروب إلى الأمام
- مانفع المهرجانات
- تسريب الامتحانات أو فن صناعة الأبطال
- الزين اللي فيك أو جرح الكرامة
- لكل مقام نفاق مناسب
- الزين اللي فيك محروق
- من أجل 20 فبراير ثقافية
- حول 20 فبراير و المثقف
- عودة إلى المشهد الثقافي بالمغرب
- من أجل مشهد ثقافي هادف
- المثقف و الممانعة
- وصفة خارقة للريادة الثقافية
- من أجل ثقافة بديلة


المزيد.....




- تصوير 4 أفلام عن أعضاء فرقة The Beatles البريطانية الشهيرة ...
- ياسمين صبري توقف مقاضاة محمد رمضان وتقبل اعتذاره
- ثبت تردد قناة MBC دراما مصر الان.. أحلى أفلام ومسلسلات عيد ا ...
- لمحبي الأفلام المصرية..ثبت تردد قناة روتانا سينما على النايل ...
- ظهور بيت أبيض جديد في الولايات المتحدة (صور)
- رحيل الممثل الأمريكي فال كيلمر المعروف بأدواره في -توب غن- و ...
- فيديو سقوط نوال الزغبي على المسرح وفستانها وإطلالتها يثير تف ...
- رحيل أسطورة هوليوود فال كيلمر
- فيديو سقوط نوال الزغبي على المسرح وفستانها وإطلالتها يثير تف ...
- - كذبة أبريل-.. تركي آل الشيخ يثير تفاعلا واسعا بمنشور وفيدي ...


المزيد.....

- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد برقان - الثقافة الاحتجاجية (5)