|
قضية الخاشقجي بين الاعلام والاستخبارات
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 6023 - 2018 / 10 / 14 - 05:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أن يقع النظام السعودي في هذا الخطأ الفاجع والفاضح ، فهذا دليل قوي أنه نظام لا يمت للعصر بأي صلة . نظام بليد وغبي ، ففي عصر أصبح فيه العقل لبشري عقلا جمعيا ، والتفكير فيه صار تفكيرا تكامليا ، فان اقدام النظام السعودي على ارتكاب هذه الجريمة النكراء يدل بما لا يدع مجالا للشك أنه نظام حديث بعقلية القرون الوسطى . حيث كان التنكيل بالمعارضين والأحرار والمستقلين نهارا جهارا . دون أن يفكر الحاكم في رد الفعل سواء في الداخل أو في الخارج . فالداخل مقموع ومكبل ، والخارج نفسه خارج التغطية . اما ونحن بازاء ثورة تكنولوجية غير مسبوقة ، وفي اطار نظام كوني تفاعلي ، فان اتيان مثل هذا الفعل المشين ليعتبر قمة الغباء والبلادة . وهذا دليل أن الحاكم العربي عامة ، والحاكم السعودي لا يتابع تطورات العصر ، ولا يقرأ علوم الاستخبارات والاستعلام ، ولا يفقه شيئا في ذبذبات الاعلام الرقمي . ومدى تطور العقل البشري وما استطاع أن ينتجه في ظرف زمني وجيز من علوم وأبحاث وتجهيزات وآليات جد متطورة . فالاستخبارات العالمية اليوم لا تكتفي بتطوير وشيطنة أفعالها ومؤامراتها ، بل أيضا بتنويع وتجديد ادوات اشتغالها ، كالأشعة تحت الحمراء التي يمكن أن يستعملها الخبراء الاستعلاميون الترك في كنف القنصلية السعودية ، والحامض الفوسفوري للكشف عن أدق تفاصيل الاثار التي يمكن اخفاؤها ، والصور المتعددة الأبعاد ، والتصوير الكاليغرافي ، او بواسطة الأشعة المقطعية . بالاضافة الى تكنولوجيا التنصت عن بعد ، أو تلك الدقيقة التي يمكن زرعها بسهولة في أي مكان حساس .وهذا ما حدث في واقعة خاشقجي ، أي الاعتماد على أجهزة التنصت أو اعتراض المكالمات وجميع تطبيقات الهواتف المحمولة الدقيقة حسب آخر التسريبات . وعليه يمكننا البناء الآن على مدى وثوقية الأجهزة الأمنية التركية باغتيال الصحفي السعودي منذ البداية . لكن لأسباب يمكن تجليتها وفهمها ، تماطلت الأجهزة التركية في منح المعلومات والأدلة القطعية لأهداف متعددة ليس أهمها عدم الكشف عن طرق تجسسها على القنصليات الأجنبية داخل البلد . كمل يمكن هنا أن نضيف اعتراض الاستخبارات الأمريكية مكالمات تلفونية بشأن التخطيط لاغتيال الصحفي السعودي ، دون تنبيه الضحية أو احاطته علما بما يهيأ له . وفي حالة جمال خاشقجي ، فان هناك احتمال وضع سيناريو محبك ودقيق لاسقاط محمد بنسلمان في شر نواياه وأعماله وطموحه المفرط للحكم . اذ من المعلوم ان الاستخبارات تستغل الأشخاص حسب ميولهم وأهوائهم ونزوعهم لارتكاب بعض الأخطاء او الجرائم ، فهي تدرس بعناية استعداد الشخص المستهدف لفعل عمل ما ودرجة هذا العمل ، في حين تكون هي قد هيأت له ما يزيده غرقا . هذا ما حدث مع صدام حسين ، وهذا ما حدث مع السيسي ، وهذا ما يحدث اليوم مع محمد بنسلمان الذي وجد نفسه في النهاية وحيدا أمام العالم باجمعه . ويمكن هنا الاشارة الى الدراسة الميدانية والدقيقة للبيئة المحلية التي يتحرك داخلها ويسيطر عليها أمثال محمد بنسلمان من كبار الشخصيات ، وخاصة الحكام العرب . فنحن اذا ما دققنا جيدا في كيفية وصول عبد الفتاح السيسي بعد هذه الفسحة الزمنية فسندرك أن الرجل قد مهد له تمهيدا ، وفرشوا له الأرض بالسجاد الأحمر ، مع الانتباه الى الدلالة المزدوجة للون الأحمر ، ووصل الى حكم أكبر دولة عربية كانت تمثل الى حدود عقود قريبة القلب النابض للأمة العربية ، وتنتج ثلث ما ينتجه العالم العربي من انتاجات ثقافية ، كتب وأفلام ومسلسلات ومفكرين ....الخ . ان مجرد النظر الى الضجة الاعلامية الصاخبة التي رافقت اغتيال الخشاقنجي ، وبالرغم من ادانتنا لعملية استدراجه للاختطاف ثم الاغتيال . فان هذه الضجة الاعلامية العالمية التي رافقت قضية اختطافه ، بالنسبة للمتتبع والمدقق والمهتم ، تعتبر غير عادية ، وكأن كل وسائط الاعلام العالمية قد تجندت لتأليب الرأي العالمي ضد نظام آل سعود ،وخاصة منه ولي العهد محمد بنسلمان ، رغم ما نتابعه يوميا من كوارث عظمى وجرائم حرب بشهادة الأمم المتحدة ومنظمات دولية عالمية تعنى بحقوق الانسان ، فان تعتيما عالميا قد ضرب على كارثة اليمن العامة والشاملة . وكأن اغتيال رجل واحد لا يعادل قتل مآت الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ والعجزة والشباب ، وادخال الدولة اليمنية في دورات متتالية من الأمراض الفتاكة التي خلناها قد انقرضت من وجه الأرض كالكوليرا والديفتيريا ، وكما وصفت وكالة سبوتنيك الروسية ذلك عن جدارة ، استطاع آل سعود أن يعيدوا الى اليمن أمراضا انقرضت او حسبناها انقرضت . فكيف صمت العالم مدة ثلاث سنوات على هذه الفجائع والجرائم واهتز لفاجعة واحدة .؟ هذا السؤال وحده يمكن أن يميط اللثام عن دور المخابرات في ارتباطها بالاعلام ، خاصة مع انتشار الاعلام الشعبي ، او تكنولوجيا الاتصالات الرقمية .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
روسيا تلوي عنق اسرائيل
-
انهيار الديبلوماسية المغربية
-
قضية توفيق بوعشرين والتوظيف السياسي
-
لا أمل ...
-
صناعة الشرق الأوسط من جديد
-
بين اللورد بايتس ووزراء كلينكس
-
هل يمكن أن أخالف السيد حسن نصر الله ؟؟
-
لو كنت مثلي
-
من الأسلمة الى الأنسنة
-
تعويم الدرهم المغربي ، نحو غرق أعمق واحتجاجات ضخمة
-
النظام المغربي أمام حقائقه
-
تحليل استخباري لأحداث ايران الأخيرة
-
احتجاجات ايران تحت مجهر احتجاجات المغرب
-
لا تركعوا لهبل
-
أول صفعة عربية للبيت الأبيض من أضعف خلق الله
-
قراءة جيوستراتيجية في قرار ترامب نقل السفارة المريكية الى ال
...
-
اللعب خارج الملعب ؟ المملكة العربية السعودية نموذجا
-
هذه موانع الحرب العشرة في الشرق الأوسط يا عطوان
-
بنكيران ينسف بروج الدكاترة والمحليين العاجية
-
مقارنة عابرة بين ديمقراطية الكيان الصهيوني وبين ديمقراطية ال
...
المزيد.....
-
مراوح قارب تسحق ذراع شاب أثناء غطسه في البحر.. والسائق معتذر
...
-
ترامب يعلن مواصلته عقد تجمعات بأماكن مفتوحة بعد محاولة اغتيا
...
-
ألمانيا.. ازدياد شعبية الحزب المعارض لإمدادات الأسلحة إلى ال
...
-
-سرايا القدس- تعلن السيطرة على طائرة استطلاع إسرائيلية في خا
...
-
فرنسا لا تستبعد ضلوع طرف أجنبي في أعمال تخريب شبكة القطارات
...
-
أستراليا تحظر استخراج اليورانيوم من أحد أكبر المناجم في العا
...
-
صحيفة أمريكية: نتنياهو بين نارين بعد طلب واضح من قادة الديمق
...
-
إسرائيل تقدم للإدارة الأمريكية مقترحا معدلا لصفقة التبادل وو
...
-
نعيم قاسم: أعيش أفضل حياة لن أتخلى عنها وحسن نصر الله أسعد إ
...
-
سلسلة انفجارات تدوي في مدينة دنيبر الأوكرانية
المزيد.....
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
المزيد.....
|