كريم كركوكي
الحوار المتمدن-العدد: 6018 - 2018 / 10 / 9 - 20:08
المحور:
الادب والفن
إغتيال
كمن سُحِب من تحت رجليه البساط، أحس بنفسه هائماً طائراً في الفيافي والصحاري ذات الرمال الساكنة الدافئة، لم يكن يستوعب ما يجري حوله من الهياج و المرج والفزع الناجم عن تدافع الجمهور نحو محله، في حين تنزل الهراوات والسياط على الناس لإبعادهم عن جثته.
شاهد فرسة بيضاء شاردة من بعيد، من غير فارس تقترب منه من الأُفق بين الكثبان الرملية البعيدة جداً عن عينيه، إنها كسراب تظهر و تختفي.
في سعيه لجعلها في مدى نظره. سقط رأسه إلى الخلف بين المنضدة والجدار، مما تحرك مسار الدم المنبثق من رأسه نحو عينه الأيمن، متجمعاً كبركة قانية في تجويف عينه.
أزيز الذباب حول أُذنيه، حَوّل الصحراء القاحل إلى جبال و أودية وعرة، فيما الجيش تهاجم كل حجر و شجرة، ثبت نظره على الفرسة، التي تتحيّن فرصة الوصول إليه. حاول أن ينادي عليها، ولكن أوتار صوته خذله في حنجرته.
إمرأة قمحية اللون، شهداء العينان، بعبائتها السوداء وبصرخاتها الحادّة، إستطاعت أن تشطر الجمهور وتقاوم الحراس بكل ما أوتيت من قوتها وتصبح على مقربة الجثة المنهارة من على كرسيه مائلاً رأسه بين رجل المنضدة والجدار المصبغ بلون الدم القاني.
كَبَا الفرس نتيجة رشقة رصاص غادر أصاب إحدى رجليه الأمامييتين.
امتدت يد المرأة نحو الجثة فيما تجر الحراس يدها الأخرى لإبعادها، و كنمرة جريحة هائجه إلتفت نحوهم، دبت الذعر بينهم، مما أرغمهم على تركها بقربه.
احتضنته المرأة بكل قوتها، فمال رأسه على كتفها، مع عويل السمراء وفزعها، و إنهمار الرصاصات في خارج المحل، أظلمت كل شيئ أمام عينيه، لم تبقى هناك إلاّ وميض خيط أبيض تلمع في الأفق .
كـريــم كركوكـي
أربيـل 1990
#كريم_كركوكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟