جوزفين كوركيس البوتاني
الحوار المتمدن-العدد: 6016 - 2018 / 10 / 7 - 22:55
المحور:
الادب والفن
أدس نفسي الخربةفي حقيبة اليد كل يوم. أحشرها بين أغراض أحتفظ بها للتباهي لا أكثر.
وأذهب للتسول أقصد للبحث عن لقمة العيش مثل طلب بطاقة (فود ستامب)التي في الحقيقة لا أحتاجها لو كنت لازلت أحتفظ بكرامتي التي سلبت مني في الوطن.والا لما أنا هنا.
وبعد أن أنتهي من ملء أستمارة طلب المعونة أتجه إلى المقهى مبددة ما تبقيا لي من الوقت حالي حال كل الجاليات التي هربت من ويلات بلدانهم وتعسفها. باحثة عن كرامة رغم إن الكرامة إن أخذت يصعب ردها.مبددة ما تبقيا لي من العمر.وأراجع يوم مغادرتي الوطن.كيف قمت بدس نفسي في حقيبة سفر.محملة بكل ما أحتاجه وما لا أحتاجه.وبصراحة لم أحتاجها.وأعتقد كما حملتها سأعود بها دون أن أفتحها.سأعود بها وكتفاي متورمتان من ثقلها.
وبعد أول رشفة من قهوتي المسائية أجدنفسي أدسها في صرة جدتي. المصنوعة من بقايا خرق لملابس جدي ومن قمصان أبي (ودشاديشها)وفي الصرة مرآة مخدوشة كحيائي الذي خدش يوم غادرت الوطن بحجة بناء حياة جديدة.ومشط خشبي وحفنة زبيب أسود في كيس صغير تحمله معها كزوادةللطريق أينما ذهبت. ومسبحة من الكهرمان الأحمر تعود لجدي وبعد وفاتها علقها أبي في صدر الديوان. قبل أن يستولوا الغرباء على البيت وعلى الديوان وعلى المسبحةأيضا.
وبعد أن أنهي قهوتي الحلوى جدا لتحلى مرارة فمي ولو مؤقتا.أدس رأسي الذي بحجم حبة الخردل في كيس صغير وأذهب به إلى التسوق ثم أعود مبكرا إلى شقتي الفارغة وصوت خشخشة الكيس يذكرني برسائلك التي أنقطعت عني منذ دخولي عالم (الأوكي) يومها كانت تأتيني من بعيد يوم كنت أنت في الغربة وأنا كنت في غربة الوطن. كيف كنت أقرأها بولع أمرأة تحلم بالسفر وبساعة الصفر.بعدها أدسها تحت وسادتي وأضم الوسادة بلهفة محروم ثم أغط في نوم عميق. واليوم أنت رحلت عن الدنيا وأنا رحلت من مكاني الأصلي الذي أثبتت لي الغربة.لا مكان يليق بي ألا ذلك المكان أي بيتي العتيق وديوان أبي ومسبحةجدي..
ولكن لا أعرف إن كنت سأعود بحقائبي المثقلة أم أني سأضطر إلى فتحها وقلب المواجع ما بداخلهاوالتخلص من كل ما أحتفظت به.و الحكام الجدد هم من سيحكمون على قرار العودة التي أصبحت مصائرنا مربوطة بحبل قدراتهم المحدودة.
#جوزفين_كوركيس_البوتاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟