أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - جواز سفر














المزيد.....

جواز سفر


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 6016 - 2018 / 10 / 7 - 15:20
المحور: الادب والفن
    


جواز السفر السّوري يعمل وله قيمة أيضاً، لكن قد لا يعمل بالنسبة لي أو لك ربما.
لم أفكر بالسفر للغرب يوماً ، ولم أبحث عن طريقة السّفر، لأنني ببساطة لم أكن متفرّغة لهذا الأمر، فالأمر المعيشي، ومستقبل أولادي يشغلني، وتأمين مستوى لائق في الحياة كانت مهمّة ليست سهلة بالنسبة لي، وربما بالنسبة لك. لا زال يعمل بالنّسبة للأثرياء.
كان يخامرني حل الهجرة منذ الثمانينيات من القرن الماضي حيث هاجر أغلب جيراني السّريان،، وكانوا يعودون، ويفتحون مشاريعهم بعد أن يحصلوا على جنسية البلدان التي هاجروا إليها، لكّنني لم أبحث عن الموضوع كثيراً، كنت لازلت من بين الأغرار الذين يؤمنون بأن" لكلّ مجتهد نصيب" وباعتباري مجتهدة فقد كنت أركض حول نفسي إلى أن سقطت في الفراغ الرّوحي، والإفلاس المادي، وكنت أتمنى لو أحظى بإقامة ما في هذا العالم الغريب.
تشاورت مع ابنتي في كندا، وكانت جديدة العهد هناك، وطلبتني للزيارة. كنت أفكر في العودة لو زرتها لأنّ أبنائي ليسوا معي، ولا بد من استكشاف الجوّ أولاً.
لم تنجح المحاولة، وأتاني الرّفض لطلب الزيارة لأنّني سوريّة .
قدمت طلب زيارة لألمانيا مع وعد من أصدقائي بأن أقدم لجوءً بعد انتهاء مدة الزيارة، وتمت مقابلتي من قبل موظفة لبنانية مسؤولة عن المقابلات، فتواصلت معي تلفونياً، وقالت رفض طلبك لأنّك سوريّة، وتريدين البقاء في ألماني. بكيت بعد رفض طلبي. ليس لأنّه رفض بل لأنّ العشرات من السوريين الذين أعرفهم يقضون إجازاتهم في الغرب، وجواز سفرهم مليء بالتّأشيرات، وبعض أصدقائي ذهب إلى ألمانيا بطريقة نظامية من الإمارات وحصل على اللجوء ببساطة، مع أنه سوري وحياه ليست في خطر.
أمام ذلك التحدي قرّرت الهجرة مع عائلتي، وبدأت أبحث عن تكاليفها وكانت باهظة في ذلك الوقت. بعت بيتي وبعض الأشياء، وخرجنا ضمن رحلة مجهولة، وباهظة الثمن، وكان ذلك قبل الهجرة السورية الضّخمة سيراً على الأقدام .
تعرّضت للموت في اليونان، وللإفلاس، لكنّني وصلت أنا واولادي إلى السويد، وكنت محبطة لدرجة أنّني كنت أقول لنفسي هل يستحق الأمر تلك المغامرة؟ لم أكن أعرف الإجابة، لكنّني اليوم عرفتها. نعم كان يستحقّ .
بعد حصولي على الجنسية السويدية فكرّت بزيارة ابنتي في كندا. حجزت بطاقة الطّائرة، وأنا خائفة من التفتيش والمطارات حيث لازال الخوف يلبسني، وعندما كنت أقدم جواز سفري في المطار كان يفتحون صفحاته ويقولون لي: " رحلة سعيدة" دون أن يختموا الجواز. يقولون لي أنا السورية المرفوضة من العالم رحلة سعيدة".
وصلت كندا، وكان في استقبالي مندوب ابنتي إلى المطار حفيدي مارسيل وصديقه، وهما يضحكان. رأيت العالم بعيني فتى سيكون من ضمن نظام ديموقراطي، ولديه برنامج لمدة عشرين يوماً في البرلمان مخصص لطلاب المدارس المختارين من أجل التعرف على السياسيين. حفيدي مارسيل في الصف الثامن. وصلت معه ومع صديقه وكانت ابنتي لا تزال في عملها، وبعد قليل أتت حفيدتي ريتا ذات السبعة عشر عاماً منهكة. قالت لي كنت سوف أكون في استقبالك، لكنني كنت في العمل التطوّعي، فقد استطاع موقعي على الانترنت جلب مساعدات عينيّة كبيرة على الانترنت سأقوم مع فريقي بتوزيعها على المشردين. مازحتها، وقلت :هل يشبهوننا؟ هي لا تعرف ماذا قلت، لكنها أبدت أسفها لأجلهم، وشرحت لي عن أوضاعهم، وأخيراً أتت ابنتي بحماسها الذي يربكني أحياناً، وبينما كنت أسعى للراحة .كانت تسعى لإمتاعي، وبعد تناول الغذاء طلبت منّي أن نذهب إلى منطقة مسيساغا الفخمة حيث التجمع العربي الأكبر في تورنتو، ورأيت فخامة الأبنية، والبذخ، والرفاه عند المهاجرين الشّرعيين العرب الذين قدم أكثرهم مع أمواله من دول الخليج، ورأينا الكنيسة القبطية الضّخمة هناك.
ذهبت إلى النوم، وأنا أتمنى أن يكون الغد مخصّصاً للطبخ، والدفء العائلي. سخرت ابنتي من مقولة الدفء هذا، وقالت : لقد حجزت فندقاً قرب شلالات نياغارا. الدفء العائلي هو الشواطئ الجميلة، والحياة خارج المنزل، ومعرفة العالم. الدفء العائلي هو أن تحبي نفسك ، والعالم دون تفكير، تقومين بالنظر إلى العالم بشكل سطحي. رأيت دفئاً عائلياً حقيقياً.، وسنكون اليوم في رحلة الدفء العائلي التي تعبّر عنها ابنتي.
لا أشرح عن رحلتي كي يحسدني البعض، فأنا أخلق لنفسي حزناً إن لم يوجد حزن، وفيما يدور الحزن في دائرتي تضعني حفيدتي أمام تحدّ:" جهزّي نفسك كي أطيّرك في عطلة نهاية الأسبوع، هم يسمحون لي بتطيير من أرغب" حفيدتي تقود طائرة تحت إشراف مدرّبين . هي مشتركة في هذا النّشاط منذ خمس سنوات. لا أخفيكم سرّاً. أخاف أن أطير، لكنّني لن أقول لها ذلك طبعاً. حفيدي يقول لي سوف ترافقينني إلى البرلمان لكنّني لا أستطيع إعادتك. سوف أوكل بالمهمة لصديقي.
ذهبت إلى النوم. بكيت من التكريم. سألت نفسي: هل أستحق؟
أتى إلى ذاكرتي ذلك السّخف الذي يشكل قلوب البعض، وتلك المرأة التي قال لها زوجها: سوف تعوّين من دوني مثل الكلاب. قلت لها يومها: نحن نحترم الكلاب، لكنّ لا أحد يعرف من يعوي قبل الآخر، وغطيت في نوم عميق .



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صباح الخير السّويد
- - إنّها البداية، وليست النّهاية-
- - الذكورة السّامة-
- - أوقظوني عندما تنتهي-
- عندما يخسر المرء أدلته. يؤمن بنظرية المؤامرة
- الكيف بالمناصفة
- عندما يكشف النّقاب
- حول الاغتصاب
- ما يخجلني أحياناً
- مؤشرات السّعادة
- الرؤساء الكاذبون
- تداعيات الانتخابات السّويديّة
- حول الأعمال اليدويّة
- دراسة اجتماعية
- يوم واحد على نهاية الانتخابات السّويديّة
- تطردهم أحزابهم عندما يحرضون ضد العرب والمسلمين. إنّها السّوي ...
- الأحزاب البديلة في الغرب تعادل الإسلام المتشدّد في الشّرق
- السّوري هو الأفضل. شعار عنصري
- مقصّات -4-
- حول مقتل غجري في مدينة سويدية


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - جواز سفر