|
افريقا بلون الدم
محمد فرحان
الحوار المتمدن-العدد: 1511 - 2006 / 4 / 5 - 12:28
المحور:
الادب والفن
فندق رواندا يروي الفيلم قصة المذبحة والحرب العرقية في رواندا التي شكلت الحرب الاهلية فيها عنوانا صارخا للدور الانجلو ساكسوني ، الذي ادار معركة الموت من خلف ستار عبر ادواتهم من عصابات الهوتو وبعض العسكريين الروانديين والتي تعود الى نيسان من العام 1994. فبينما كان الرئيس الرواندي "جوفينال هابياريمانا" (والذي ينتمي الى قبائل الهوتو ) عائدا إلي بلاده عقب توقيع اتفاقية سلام بين حكومته والجبهة الوطنية الرواندية المتمردة (من قبيلة التوتسي)، اخترق صاروخ طائرته لتسقط محترقة؛ لتندلع أكبر مذبحة إفريقية قادتها مليشيات يطلق عليها اسم "إنتراهامو" من متطرفي قبيلة الهوتو الذين يمثلون أغلبية سكانية في البلاد وبرعاية مباشرة من الجيش الرواندي ذي الأغلبية من الهوتو أيضا. المذبحة التي راح ضحيتها قرابة مليون قتيل من قبيلة التوتسي الذين قُتلوا بالسواطير والسيوف، في واحدة من اكثر حروب التطهير العرقي بشاعة وبدور خفي لصراع الاقوياء (فرنسا وبريطانيا وأمريكا) على المصالح والنفوذ في هذا البلد الهام في منابع النيل.
والمذابح العرقية التي شهدتها رواندا خلال التسعينيات، كانت موضوعا لعدة أفلام روائية ووثائقية اشهرها الفيلم الوثائقي "أقتلوهم جميعا" للصحافي الفرنسي جان سان أكسيبري والذي بتثه القناة الفرنسية - الالمانية arte.والتي كررت عرضها لهذا الفيلم الاسبوع الماضي. في هذا السياق يأتي فيلم "فندق رواندا" للمخرج الايرلندي " تيري جورج" .والذي يلتقط حكاية مدير احدى الفنادق في العاصمة الرواندية "كيجالي "والذي استطاع إنقاذ حياة 1628 شخصا وجعلهم في منأى من عمليات القتل الجماعي التي كانت مارستها المليشيات المتقاتلة في العاصمة الروندية، (قام بدوره الممثل الأسباني "دون تشيدل"،) ، بعدما سمح لهم بالدخول إلى الفندق والإقامة فيه بدل السياح الأوربيين الذين غادروه، وسعى بأساليب عديدة (منها الرشوة المالية لقادة الجيش الرواندي، وزعم علاقته بجهات متنفذة في الداخل والخارج) لحمايتهم من عمليات الذبح حتى بدأ التدخل الدولي. والفيلم بمثابة شهادة إدانة واضحة لجرائم الحرب الأهلية بعدما رفضت كل الدول الغربية ذات النفوذ والقوات في المنطقة (فرنسا وبريطانيا وأمريكا) التدخل لإنقاذ الضحايا أو وقف عمليات الذبح الدائرة علنا بالسيوف في الشوارع والتي نقلتها عدسات مصوري التلفزيونات الأوربية على الهواء مباشرة إلى العالم!. والفيلم يقدم شهادات حية على لسان مسئولي قوات الأمم المتحدة في رواندا التي حمت الفندق، وشهادات عن الدور الغربي الصامت حيال المجازر ورفض التدخل،
ويلخص هذا الموقف(تيري جورج) في حوار من ابلغ الحوارات بين قائد القوات الدولية وهو يبلغ مدير الفندق "إنهم لا يهتمون لشأنكم.. إنكم حثالة بالنسبة لهم"، وذلك بعدما اعتقد مدير الفندق ان الخلاص قاب قوسين او ادنى بوصول القوات الأوربية ظنا منه بان المذابح ستتوقف الا انهم خيبوا ظنه حين يتكشف له ان الاوامر الصادرة لهم تتوقف عند حدود انقاذ الرعايا الغربيين (البيض) فقط، ورفض إنقاذ أي شخص أسود لحد منع شخص بريطاني الجنسية أسود اللون يعمل مع فريق أحد التلفزيونات الغربية من الصعود لحافلات الإنقاذ لمجرد أنه أسود اللون. يدين الفيلم الدور الفرنسي البلجيكي والانجلو ساكسوني في تأجيج المذابح، حيث كانت فرنسا ودول الفرانكوفون مؤيدة لقوات الهوتو في حين تؤيد أمريكا وبريطانيا والمحور الأنجلوسكسوني، التوتسي، ويبين الفيلم دور ميليشيات "الهامو" والجيش الرواندي ذا الغالبية من الهوتو يوم أوقفت هجومها على الفندق عندما قام مدير الفندق بالاتصال برئيسه في بلجيكا وطالبه الاتصال بالفرنسيين لممارسة نفوذهم على حكومة رواندا لوقف الهجوم. بل إن إنقاذ حياة رواد الفندق الهاربين من القتل الجماعي لم يتم إلا عندما بدأت قوات التوتسي في الهجوم على المدينة وتحقيق تقدم فتم عقد اتفاقات تبادل لاجئين بين طرفي النزاع نزح معها رواد الفندق. كما يكشف الفيلم علاقات الفساد بين قادة الجيش الرواندي وتجار الحرب والمال والاثراء الفاحش والمتاجرة بكل ما من شأنه ان يديم الحرب ويحتاجه المتصارعون.في حرب فقدت عقلها.
#محمد_فرحان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دراما تلفزيونية
-
المثقف والسياسي
المزيد.....
-
شباب كوبا يحتشدون في هافانا للاحتفال بثقافة الغرب المتوحش
-
لندن تحتفي برأس السنة القمرية بعروض راقصة وموسيقية حاشدة
-
وفاة بطلة مسلسل -لعبة الحبار- Squid Game بعد معاناة مع المرض
...
-
الفلسفة في خدمة الدراما.. استلهام أسطورة سيزيف بين كامو والس
...
-
رابطة المؤلفين الأميركية تطلق مبادرة لحماية الأصالة الأدبية
...
-
توجه حكومي لإطلاق مشروع المدينة الثقافية في عكركوف التاريخية
...
-
السينما والأدب.. فضاءات العلاقة والتأثير والتلقي
-
ملك بريطانيا يتعاون مع -أمازون- لإنتاج فيلم وثائقي
-
مسقط.. برنامج المواسم الثقافية الروسية
-
الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|