أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد أبو قمر - كتاب الشعب وكتاب الدولة















المزيد.....

كتاب الشعب وكتاب الدولة


محمد أبو قمر

الحوار المتمدن-العدد: 6013 - 2018 / 10 / 4 - 22:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كتاب الشعب وكتاب الدولة :
=============
الدستور هو كتاب الدولة ، الدستور الذي أُستفتي عليه الشعب هو كتاب الدولة المقدس ، وبدون هذا الكتاب فإنه لا دولة ، بدون دستور يلتزم به الكبير قبل الصغير، بكل بند وبكل حرف وبكل إشارة فيه فإنه يستحيل وجود دولة بالمعني السياسي والتاريخي والقانوني ، وبدون هذا الالتزام المقدس الذي لا يقبل أي تهاون فإنك لا تستطيع أن تسمي البلد الذي بلا دستور أو تهمل مؤسساته هذا الدستور ، أو تتلاعب به ، لا تستطيع أن تسميها دولة ، وإنما يمكنك أن تتخيلها عزبة ، أو مقهي كبيرا ، أو غرزة واسعة ، أو تجمع غوغائي لا رابط بين أفراده ، ولا يخضع لأي نظام .
وحتي لا يحدث خلط ويظن البعض أنني أضع الدستور في منزلة أعلي من الكتب الالهية فإن الكتب الإلهية المقدسة هي كتب الشعب ، هي كتب الأمة ، هي الكتب التي أهداها الله إلي عباده لليعلمهم ويزكيهم ويملأ عقولهم بالحكمة ويمكّنهم من معرفة كيفية تنظيم العلاقة بينهم وبين خالقهم ، وهي كتب مختلفة بقدر الاختلاف العقائدي السائد في أي دولة ، فلكل اصحاب ديانة معينة كتاب مختلف عن أصحاب ديانة أخري ، أما حديثنا عن الدستور فهو حديث عن الكتاب الذي ينظم العلاقة بين الناس وبين بعضهم البعض ، وبينهم وبين السلطة ، وبين الجميع - شعب وسلطة ومؤسسات - وبين الدولة.
أول إجراء عملي يؤكد احترام الدولة شعبا وسلطة لدستورها الذي وافق عليه الشعب هو ترجمة بنود هذا الدستور إلي قوانين تحدد كيفية إعمال مواده وكيفية معاقبة من يخالف أو يهمل الخطوط العامة التي رسمها الدستور .
بدون هذه القوانين فإن الدستور يصبح حبرا علي ورق ، بل إن وجود الدولة ذاته يصبح محل شك ، ذلك أن القانون - (من حيث كونه مصبوبا ومصاغا من مواد الدستور المقدس)- فهو إذن العامود الذي يحمل الدولة ويصونها من الاهتزازات ومن الاضطرابات ومن المظالم ومن ضياع الحقوق ، لذلك فإن هذا القانون يجب أن يكون قويا إلي أقصي درجة ، وحاسما بلا هوادة ، وعادلا بلا أي خذلان ، ومنصفا بلا أي هوي ، ومنجزا ، وصلبا .
وبدون هذا القانون فإنه لا دستور إذن ، وبالتالي لا دولة كما نوهت سابقا ، فقد قلنا إن القانون هو الذي يحمل الدولة ، فإذا غاب من له القدرة وحده علي حمل الدولة فإن الدولة تسقط ، تنهار ، تتحطم ، تتهاوي ، تسودها الفوضي ورويدا رويدا تخرج من التاريخ وإذا بقت فإنها تبقي فقط تحت توصيف العزبة أو المقهي الكبير ، أو التجمع البشري الغوغائي الذي لا يعرف النظام وتغيب فيه الاخلاق والقيم الانسانية المتعارف عليها.
والسؤال الذي يدق في صدري الآن دقا عنيفا يكاد يميتني هو :
هل نحن نحترم دستورنا ، هل ترجمناه إلي قوانين شاملة تغطي كافة بنوده ، وفاعلة تحقق معني كل مادة وتتضمن الغرض منها ؟
إذا كنا نحترم دستورنا ونقدسه ، وإذا كنا قد ترجمناه إلي قوانين شاملة وفاعلة ، فماذا يعني عدم قبول شهادة المسيحي في المحاكم الشرعية ؟؟؟، وماذا يعني عدم وجود قاضي مسيحي في محاكمنا الشرعية ؟؟؟ ، وماذا يعني إحالة بعض القضايا إلي فضيلة المفتي ؟؟!! .
مهلا ، أرجوك لا تتسرع وتروح تحدثني عما هو شرعي أو غير شرعي ، فأنا أتحدث عن كتاب الدولة لا عن كتاب الله ، أنا أتحدث عن الكتاب الذي ينظم العلاقة بيننا ، الكتاب الذي يعتبر عقدا بيننا وبين بعضنا وبيننا مجتمعين وبين النظام وبيننا نحن والنظام وكافة المؤسسات وبين الدولة ، أنا أتحدث عن العقد الوطني الذي اتفقنا فيه علي أننا نحن جميعنا متساوون في الحقوق والواجبات بغض النظر عن الدين وعن العرق وعن اللون وعن الجنس . ، حديثنا الآن منصب علي هذا الكتاب البشري الذي وقعنا عليه جميعنا في الاستفتاء ، فحين أعرض عليك معضلة لا تتفق مع ما جاء بهذا الكتاب فلا تدفع بالشرع أو بما هو جائز شرعا أو غير جائز في مواجهتي ، لأنني إذا وافقتك علي دفوعك هذه فمعني ذلك أنني أوافقك علي الخلط بين ما هو بشري قابل للتغير والتطور وبين ما هو إلهي ثابت لا يتغير ، وهذا الخلط يؤدي إلي التشوه ، والدول التي يتداخل دسنورها مع النصوص الدينية وتختلط قوانينها مع ما هو حلال أو حرام هي في النهاية دول مشوهة لا وجه لها ، لا طعم لها ، تنفرط قيمة الانسان وتهدر حقوقه نتيجة هذا المزج الذي لا ينتج إلا مسخا لا هو قانون مدني بشري ولا هو قانون إلهي وإنما هو تشوه يؤدي إلي إهدار قيمة المواطنة بطريقة طائفية عنصرية ، وإلي إهدار قيمة الانسان وكرامته وحقوقه بسبب اختلافه في الدين .
إما أن تكون الدولة دينية صريحة ، أو دولة مدنية صريحة ، الدولة التي ينطبق عليها وصف الدولة يجب أن تكون ملامحها واضحة ، قوانينها غير قابلة للخلط ، لا مجال للهوي أو للتأويل خصوصا فيما يخص الحقوق المتساوية والواجبات الواحدة ، إما أن تكون الدولة دولة دينية بشكل صريح ، لا كتاب لها غير الكتاب الالهي ، أي لا دستور ولا عقد وطني يُستفتي عليه الشعب ، ولا قوانين لها غير الشريعة والحدود ، يحكمها ويتحكم فيها أي صاحب رؤية دينية سلفية كانت أو إخوانية أو جهادية أو داعشية ، وإما أن تكون دولة مدنية خالصة ملامحها واضحة تماما ، خالية من اللؤم والخبث والتحايل والممارسات غير النزيهة والمواءمات الطائفية والمذهبية ، لا يختفي فيها ما هو ديني خلف ما نتوهم أنه مدني ، ولا يلوذ أو يداهن ما هو مدني كل ما هو ديني ، ولا يختلط فيها ما هو إلهي له صفة الثبات بما هو مدني متحرك ومتغير ومتطور بطبيعته ، ولا مجال لخلط ما هو حرام أو حلال بما هو قانوني دستوري ،
في الدولة الدينية سيكون من الطبيعي عدم قبول شهادة المخالف للدين ، وسيكون طبيعيا عدم قبول شهادة المرأة ، وسيكون طبيعيا عدم تعيين المخالفين للدين في المناصب القضائية ، ولن يكون للوطن هوية غير دين الحكام ، وسيكون طبيعيا أن تكون الهيئة الحاكمة كلها منتمية لدين واحد ، وسيكون طبيعيا أيضا أن يكتب المفتي في معرض كتابة رأيه في حكم إعدام أحدهم أنه لا يجوز مساواة دم بدم!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!.
كل ما هو طبيعي وعادي ومألوف في الدولة الدينية لا يمكن قبوله نهائيا في الدولة المدنية ، لكن لو تسرب أي شيء منه أو تم ممارسته في الدولة التي تدعي انها مدنية تصبح هذه الدولة كما لوكان أحد قد شوه وجهها بإلقاء ماء النار عليه ، تصبح مسخا مشوها لا هي دينية ولا هي مدنية ، كل شيء فيها يجوز ولا يجوز في وقت واحد ، كل شيء فيها قانوني وحرام في ذات الوقت ، أو حلال وغير قانوني في وقت واحد ، ولا يمكن فيها التفريق بين الخطأ والخطيئة ،لكن يتم فيها وبسهولة جدا التفريق بين الرجل وزوجه بحكم محكمة باعتباره كافرا ، وفي محكمة أخري علي بعد خطوات من المحكمة الأولي يتم تبرئة الرجل وإعادة زوجته إليه.



#محمد_أبو_قمر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحصار من كل الجهات
- المال والرأسمال
- التطوير بين التلفيق والترقيع
- المرأة ، والحب والزواج وكثير من الأكاذيب والجرائم


المزيد.....




- كييف.. على دقات ساعة موسكو وواشنطن
- رغم الحرب والحصار.. خان يونس تتشبث بالحياة
- -سأقتل نفسي قبل أن أعود إليهم-... محاولة هروب يائسة لضحايا ش ...
- حماس تعلن فقدان الاتصال مع محتجزي الإسرائيلي-الأمريكي عيدان ...
- قطر وروسيا.. تعزيز التعاون إقليميا ودوليا
- ناشطون لبنانيون يرسلون 6 أطنان من المساعدات الإنسانية إلى دو ...
- البيت الأبيض: كرة الرسوم الجمركية في ملعب الصين
- هل تتجه علاقات الجزائر وفرنسا للقطيعة؟
- موسكو: غالبية أوروبا تعارض نشر قوات سلام
- أزمة صاعدة بين حكومة نتنياهو والشاباك


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد أبو قمر - كتاب الشعب وكتاب الدولة