أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - عندما يموت البحر من الجوع














المزيد.....


عندما يموت البحر من الجوع


شوقية عروق منصور

الحوار المتمدن-العدد: 6003 - 2018 / 9 / 24 - 22:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما يموت البحر من الجوع
شوقية عروق منصور
تقذف وسائل الاعلام يومياً أرقاماً وصوراً عن حالة الفقر المخيفة في العالم العربي ، صوراً تراهن على ذل الانسان العربي ، الذي وصل الى حد عناق الرغيف فقط ، ولم تعد أيامه سوى شرفات تطل على لعنات الموت والهروب والجوع .
لكن حين نتأمل الجوع العربي – خاصة نتيجة الحرب في العراق وسوريا و اليمن - في زمن الرقص مع الرفاهية ، وأنوع الطعام وأشكاله والوانه ، في زمن يفتح أبوابه على الموائد العامرة التي تحمل تلالاً من الطعام وجبالاً من الحلويات لا بد أن نختصر التأمل ، ونعلق أوسمة الحزن على صدر الإنسانية .
بعيون زجاجية يمرون على صور الأطفال الجوعى ، لا أحد يسأل عن مستقبل الطفل العربي في ظل هذا الجوع الذي يخرج من بين جفافه ، دموعاً وذلاً وحاجة وتعليماً عقيماً وشخصيات ضعيفة ، لا أحد يسأل عن مصير هذه النفوس التي عندما تكبر لا بد أن تكون نفوساً محطمه، مهشمه ومهمشه ، لا بد أن تكون بساطاً يدوسون عليه ، لا قيمة لها ، تعيش في طوابير الطأطأة والركوع .
قد نتثاءب ونتنهد ، أفواهنا المزروعة بالطعام ، وصلت الى حالات التنهد على الميزان ومراقبة ارقام الأوزان ، والقيام بتجويع أنفسنا تحت مسميات الرجيم والجسم الرشيق.
و حين يقوم عشاق القصائد بالاحتفاء بنظرات النساء الجميلات ، لا أحد يهتم لنظرات الجائعين ، وحين تغني المطربة لفحولة الرجال وتزعم أن نظراتهم لافتة إعلانية تضيء أسرار الحياة ، لا أحد ينتبه للطفل الجائع الذي يحوي في داخله أصدق الاسرار، و التي لا يكتشفها إلا من ذاق بؤس الجوع والحرمان .
ومن أراد أن يمشي في الأرض مرحاً ، تتجمد الأرض تحت خطواته ، هناك في مكان ما ، يعادل المرح والفرح ، عنوانه الجوع .
كنت دائماً أهتم بصور الأطفال الجوعى لأنهم يدفعون فواتير لعب الكبار وجنونهم السياسي ، ولا يستطيعون الكلام والاعتراض ، و أشعر أن الكبار حين يجوعون قد يتبجحون ويمثلون ويأكلون الهواء والفراغ ولا يعترفون ، يكسرون الصخر ولا يذهبون الى الموت جوعاً ، قد يذهبون اليه حباً ، ويفتخرون بالموت حباً ، ويتغنون به ، لكن الجوع لا .
لكن موت الفنان اليمني " سالم البحر " المعروف يمنياً وعربياً بعازف الأمواج ، جوعاً وعطشاً نتيجة الحصار المفروض على مدينة الحديدة . فهو عار العار في الزمن السعودي والعربي الذي يشن حرباً على بلد أصبح تساقط أطفاله ونسائه وشيوخه ومبدعيه جزءاً من قهر وعدوان يحرق كل شيء .
لقد وجدوا جثة " سالم البحر " عبارة عن كتلة عظم تغطيها طبقة من الجلد الجاف ، فقد مات جوعاً نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة والحصار السعودي . واعترف أصدقائه أنه كان يعاني من الفقر الشديد، حيث لم يجد في جيبه ثمن الطعام .
اليمن ، بلد الحضارات التي وجد الفن مصلوباً على بناياتها ، وعواميد الشعر تنحني على القصائد العصماء ، وتاريخها الذي تتوهم السعودية – وجيش التحالف – أنه يستطيع أن يكون قطيعاً من القردة يحملونه على الاكتاف ويصفقون له ، فيرقص طرباً لهم ، هذا التاريخ تحول الآن الى لقمة لم تصل الى فم " البحر " ومثل الجائع "البحر" الآن في اليمن آلاف " البحار " ، لا أحد يسمع آهاتهم وأصوات معدهم الخاوية.
" سالم البحر " الفنان اليمني الذي كان يغني ويكتب ويلحن ، ويملأ الليالي بصوته الشجي يموت جوعاً ، بعد أن ثقب قلبه غدر الأخوة العرب وصمتهم على جوعه وجوع أطفال اليمن.
هناك المئات والآلاف مثل "سالم البحر " يموتون من الجوع في الوطن العربي- ليس اليمن لوحده - والأقسى من ذلك حين تنقل الفضائيات صوراً وبرامجاً عن أشهى الأكلات والأطعمة وكيفية اعدادها والمطابخ الأنيقة الفخمة التي تصور المواطن العربي في سعادة .. في ذات الوقت نعرف أن أرواح هؤلاء الجوعى تقف في محطة الذل ، تنتظر المساعدات او الرحيل في باص الاحتضار والموت .



#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرب الدم في داخل حبة بندورة
- الزائر الفلسطيني دفنه الحنين والزائر الاسرائيلي شبع من الترح ...
- قانون القومية يرقص رقصة الكيكي في ذكرى المجزرة
- ما زلت انتظر عودة ساعة جدي
- ريفلين وليبرمان لن يجدوا أنفاق الاصرار
- بدنا نلعن أبوه
- قتله لكن فقراء
- الشهيد نجمة في السماء والاسم المجهول لى الارض
- قانون العنزة السوداء في حذاء نتنياهو
- عذراً من أقدام الشهداء
- الكاتوشوك لنا والمرايا لنا وليس لهم الا الصمت
- الشجاعة تؤدي الى المرحاض الذهبي
- ماذا سنقدم لمرغريت وفيكتور وفانيسيا
- انحني تقديساً لأم أحمد جرار
- خمس دقائق تلخص وجع وعد بلفور
- عهد التميمي ليست فلسطينية
- أموت في أمك يا تميم
- الموت وقبعات السحرة
- شادية وشوقية والجد حسن
- زمن ياسمين زهران


المزيد.....




- نتنياهو يبحث المرحلة الثانية من اتفاق غزة خلال زيارته إلى أم ...
- السودان: أكثر من 60 قتيلا في هجوم لقوات الدعم السريع على سوق ...
- هيغسيث: -داعش- تكبدت خسائر جراء الضربة الأمريكية في الصومال ...
- قلق في إسرائيل بسبب منصب رئيس وفد المفاوضات مع حماس 
- وزير الخارجية المصري: لن تنعم المنطقة بالسلام ما لم تقم دولة ...
- تقدم روسي.. وترمب يصر على الحل بأوكرانيا
- لقطات جوية من مكان تحطم طائرة طبية في مدينة فيلادلفيا الأمري ...
- بولندا.. مرشح المعارضة للرئاسة يتعهد بإعادة 20 مليون بولندي ...
- ويتكوف ونتنياهو يتفقان على بدء مفاوضات المرحلة الثانية لوقف ...
- الدفاع الروسية: القوات الأوكرانية ارتكبت جريمة حرب جديدة بقص ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - عندما يموت البحر من الجوع