أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فيصل القاسم - اشتُم العربَ والمسلمين وأصبح بطلاً في الغرب















المزيد.....


اشتُم العربَ والمسلمين وأصبح بطلاً في الغرب


فيصل القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 1509 - 2006 / 4 / 3 - 11:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا بد من التمييز دائماً بين الطريقة التي تتعامل بها الأنظمة الحاكمة في الغرب مع الحكومات العربية والطريقة التي يتعامل بها المجتمع المدني الغربي مع العرب. فقد دأبت الأوساط الحاكمة في الغرب على تشجيع ودعم المستبدين والطغاة والمتطرفين والمتخلفين العرب لأنهم أفضل من يحافظ على المصالح الغربية في المنطقة ويُبقي المجتمعات العربية في حالة من البؤس والجمود.لكن في المقابل نرى المجتمع المدني الغربي في بعض اتجاهاته يحتضن ويساند أعداء التطرف والاستبداد والتخلف في المنطقة العربية من معارضين ومفكرين وصحفيين وناشطين في مجال حقوق الإنسان ومطالبين بالديمقراطية وليبراليين ويمدهم بالعون المادي والمعنوي. غير أن هذا التناقض في الموقفين الرسمي والمدني في الغرب تجاه العرب لا يصب دائماً في مصلحة القضايا العربية، فهو في بعض الأحيان أقرب إلى توزيع الأدوار منه إلى اختلاف في السياسات الغربية. ولو نظرنا إلى نوعية الأفراد والمسائل العربية التي يساندها المجتمع المدني الغربي ويتبناها في بلادنا لوجدنا أنها لا تقل خطورة على العرب من السياسات الديكتاتورية العربية البائسة التي تدعمها الأنظمة الغربية وتباركها.

فما أن يظهر كاتب أو صحفي أو ناشط عربي يرجم العروبة والإسلام ويحقرهما وينال من الثقافتين العربية والإسلامية حتى تتهافت عليه بعض المنظمات ووسائل الإعلام الغربية بحيث يصبح بطلاً دولياً بين ليلة وضحاها، علماً بأنه يكون نكرة لم يسمع به من قبل سوى زوجته وربما أولاده. لكن مع ذلك فإنه يصل إلى العالمية بسرعة البرق ويصبح مادة دسمة لوسائل الإعلام الغربية التي تفرد له مساحات كبيرة على صفحاتها الأولى وتبدأ المعاهد ومراكز الدراسات والبحوث والجامعات بالتهافت عليه كي يتكرم عليها بمحاضرة كما لو أنه هيغل زمانه، وتتسابق بعض المراكز الغربية لمنحه الجوائز التقديرية. وكأن المجتمع المدني الغربي يقول للمثقفين العرب: «إذا أردتم أن تحظوا برعايتنا ودولاراتنا وجوائزنا القيمة فما عليكم إلا أن تنسلخوا من جلودكم وتنقلبوا على ثقافتكم وحضارتكم وتشتموهما بأقذع الأوصاف وتخونوا أمتكم. والباقي علينا!"

لقد لاحظت خلال إقامتي الطويلة في الغرب أن هناك ميلاً غربياً صارخاً لتبني النماذج العربية والإسلامية المارقة. وأتذكر أنني قدمت ذات مرة محامياً عربياً في أحد البرامج سخر من الثقافتين العربية والإسلامية وصب جام غضبه على الوضع العربي فإذا بأحد المسؤولين الإعلاميين الغربيين يبادر بسؤالي عن ذلك «المحامي المقدام والعظيم"، كما وصفه، وضرورة أن نحصل على رقم هاتفه كي نستفيد من «علمه وخبرته» في برامجنا. وفعلاً أصبح ذلك المحامي منذ ذلك الوقت ضيفاً دائماً على الكثير من الفعاليات الإعلامية الغربية.

وبعد تلك الواقعة بفترة أطلت علينا وسائل الإعلام الغربية بخبر هروب الكاتبة البنغالية تسليمة نسرين من بلادها خوفاً من القتل بتهمة الإساءة إلى المقدسات. وقد تلقفت الأوساط الإعلامية والثقافية الغربية خبر تسليمة وراحت تطبل وتزمر له. وقد غدت الكاتبة البنغالية المارقة بين ليلة وضحاها حديث الشارع الغربي وأمست الدول الغربية تتسابق على منحها حق اللجوء. كيف لا وهي التي تطاولت على دينها وسخرت من ثقافة أبناء جلدتها؟

وما زال المسلسل مستمراً، ففي الولايات المتحدة مثلاً يحظى أحد الكتاب العرب بمكانة عالية جداً فقط لأنه أصبح عدواً للعرب ولا هم له إلا النيل من ثقافته العربية والإسلامية ورجمهما في كتاباته ومحاضراته مع أنه في محل منبوذ في العالم العربي، وحسبه أن يسلم من بصاق الناس وركلاتهم فيما لو قابلوه. وينطبق الأمر ذاته على الأصوات «العربية» التي ظهرت في الآونة الأخيرة وراحت تكيل الشتائم والإهانات للعرب والمسلمين في أوروبا وأمريكا. وقد أصبح بعضها بين لحظة وأخرى محط اهتمام وسائل الإعلام ومراكز الدراسات والبحوث الغربية لا لشيء إلا لأنه تطاول على الإسلام والمسلمين ووقف إلى جانب الصحف الغربية التي أهانت المقدسات الإسلامية.

لكن ليس كل المفكرين والمثقفين الذين يحظون بالتكريم والرعاية في الغرب هم معادون لأوطانهم وثقافاتهم العربية، فهناك شخصيات فكرية وكتاب وصحفيون عرب متمردون جديرون بالتكريم في كل مكان، فما أحوجنا للفكر والصحافة والثقافة المتمردة في هذا العالم العربي الخانع. لكن المشكلة أن الهيئات والمنظمات الغربية التي تكرم المتمردين العرب لا تكرمهم دائماً على عطائهم الفكري والثقافي الاستنهاضي الذي نحن بأمس الحاجة إليه، بل على مجرد تطاولهم على ثقافاتهم العربية والإسلامية وتسخيفهم للفكر الإسلامي. صحيح أن بعض المفكرين العرب الذين تحتضنهم وترعاهم العواصم الغربية أنتجوا بحوثاً ودراسات تجديدية عظيمة نحتاج لها كثيراً في الفكر والدين والاجتماع والثقافة، لكن لعل السبب الأهم في حصولهم على الرعاية والاهتمام الغربيين هو ارتدادهم عن عقيدتهم وليس إبداعاتهم الفكرية ونظرياتهم التحديثية. والدليل على ذلك أن المؤسسات الغربية مستعدة أن تجود بمعونات سخية على كل من يريد أن يجري بحوثاً و دراسات أو يقيم مراكز مهمتها التعرض للمجتمعات والثقافة الإسلامية.

لا شك في أننا بأمس الحاجة إلى دعم المجتمع المدني الغربي في شتى المجالات. لكن المشكلة أنه لا يساعدنا إلا فيما يخدم أغراضه ومصالحه وفيما يتعارض ويؤذي مصالحنا وثقافتنا. نحن نحتاج المساعدة في التخلص من الأمية ونشر ثقافة حقوق الإنسان من أجل الإنسان وليس من أجل ابتزاز الأنظمة الحاكمة وتخويفها بالتقارير الحقوقية كي تجود على الغرب بمزيد من التنازلات. لماذا لا تدافع منظمات حقوق الإنسان الغربية مثلاً إلا عن أزلامها في العالم العربي؟ فلو كان المعتقلون في السجون العربية من أنصار المنظمات الغربية لأصبحت أسماؤهم على كل لسان وفي كل تقرير. وإذا لم يكونوا على علاقة بتلك المنظمات لغدوا في غياهب النسيان. وقد لاحظنا مثلاً اهتمام هيئات المجتمع المدني الغربي المنقطع النظير بمعتقلي «ربيع دمشق» بينما لم نجد أي اهتمام بمئات المعتقلين الآخرين في السجون السورية. نحن بحاجة للحكم الصالح وللديمقراطية لكن ليس تلك التي تناصب ثقافتنا وعقائدنا العداء. كيف لنا أن نقبل بالليبرالية التي يروجها الليبراليون العرب الجدد المدعومون من بعض هيئات المجتمع المدني الغربي والتي لا هم لها سوى شيطنة الثقافتين العربية والإسلامية؟ كيف لنا أن نقبل ببرامج تحرير المرأة المدعومة غربياً إذا كان الهدف منها تجريدها من ملابسها وقيمها وجعلها سلعة رخيصة في سوق النخاسة العولمي أكثر منه منحها حقوقها المهضومة؟ كيف لنا أن نصدق أن منظمات المجتمع المدني الغربية مهتمة فعلاً بوضع الأقليات في بلداننا إذا كانت تستخدم الأقليات كحصان طروادة لاختراق المجتمعات العربية والإسلامية، علماً أن وضع الكثير من الأقليات في بلداننا أفضل بمائة مرة من وضع الأكثريات!! كيف لنا أن نقبل بحرية التعبير التي يساندونها في بلداننا إذا كان الهدف في بعض جوانبها التطاول على الثوابت والأسس الثقافية والحضارية التي تقوم عليها مجتمعاتنا وخلخلتها؟ ولمن يسخر من كلمة الثوابت كما يفعل بعض الليبراليين أود فقط أن أذكرهم بأن هناك في الغرب ثوابت لا يستطيع أحد أن يمسها ويُعتبر الاعتداء عليها اعتداء على أسس المجتمع والدولة.

ومما يزيد في شكوكنا ببعض النماذج المحتضنة غربياً أيضاً أن الكثيرين منهم يجارون الأهداف الغربية، وإلا لماذا لا يتحلون بالشجاعة ذاتها للتصدي للقيم والمفاهيم الغربية؟ لماذا يجبنون عندما تذكرهم بقذارة المشاريع الغربية في بلداننا؟ وبدلاً من فضحها يبدأون بالدفاع عنها؟

ليس كل المثقفين العرب الذين يحظون برعاية وتشجيع غربيين مارقين، لكنهم إذا أرادوا أن يبرئوا ساحتهم فعليهم أن لا ينشدوا البطولة في الغرب على حساب أهلهم وقضايا وهموم أوطانهم كما فعل كريستي ماهون في مسرحية «لعوب العالم الغربي» The Playboy of the Western World حيث يتفاخر البطل عندما يهرب إلى قرية مجاورة بأنه قتل والده. وفعلا يُعجب به أهالي القرية ويرحبون به أجمل ترحيب على فعلته «البطولية". ونرجو ألا يكون مثل مثقفينا مثل كريستي الذي يكسب التصفيق خارج قريته على فعل شائن.



#فيصل_القاسم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مبروك عليكِ العراق يا إيران
- الغزو الذي أعاد الهيبة للأنظمة العربية
- عولمة باتجاه واحد
- ما أحوجنا إلى النقد التلفزيوني
- الاستبداد العربي أكبر حليف لإسرائيل
- هل يلغون الحج يوماً ما بعد ضجة الرسوم الدنماركية؟
- لماذا لا يتوارون خجلاً؟
- عولمة الحزن والأسى والبلادة
- العولمة تعيد حساباتها
- أليست دولة المؤسسات كذبة كبرى؟
- كلنا أولاد حارة واحدة وما حدا أحسن من حدا
- العوّربة تصرع العولمة بأدواتها
- أنيتا روديك: لدي خمسون مليون جنيه لن أترك منها جنيهاً لأولاد ...
- عندما يتاجر مصممو الأزياء بعذابات الفقراء
- لماذا وحدتهم الوطنية مقدسة ووحدتنا مدنسة؟
- السمكة تفسد من رأسها
- خرافة الإعلام الحر
- لماذا كلما ارتقى الغرب علمياً انحدر إنسانياً؟
- تعددت الأكاذيب والاستعمار واحد
- -الدمقراطية- العراقية:ضجيج ليبرالي وحُكم كهنوتي!


المزيد.....




- ويتكوف: وفد أمريكي سيتوجه إلى السعودية لإجراء محادثات مع وفد ...
- إيطاليا.. الجليد والنار يلتقيان في مشهد نادر لثوران بركان إت ...
- كيف يبدو مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل؟
- روبيو ونتنياهو يحملان إيران عدم الاستقرار في المنطقة، ويؤكدا ...
- فيديو: مناوشات مع مؤيدين لإسرائيل أثناء مظاهرة مؤيدة لفلسطين ...
- رئيس دولة الإمارات يستقبل النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ال ...
- سوريا.. هجوم على دورية تابعة لوزارة الداخلية في اللاذقية يسف ...
- سيناتور أمريكي يوجه اتهاما خطيرا لـ USAID بتمويل -داعش- والق ...
- السعودية.. القبض على 3 وافدات لممارستهن الدعارة بأحد فنادق ا ...
- الخارجية الروسية تعلق على كلمات كالاس حول ضحايا النزاع الأوك ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فيصل القاسم - اشتُم العربَ والمسلمين وأصبح بطلاً في الغرب