أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الحسين أيت باحسين - ظاهرة الاحتفال عند المغاربة (حول مهرجان ئمعشار بتيزنيت نموذجا) (1)















المزيد.....

ظاهرة الاحتفال عند المغاربة (حول مهرجان ئمعشار بتيزنيت نموذجا) (1)


الحسين أيت باحسين

الحوار المتمدن-العدد: 5998 - 2018 / 9 / 19 - 16:44
المحور: الادب والفن
    


تزخر مناطق الجنوب المغربي، وتحديدا إقليم سوس، بحواضره وبواديه، بظواهر ثقافية احتفالية متعددة ومتنوعة كغيره من المجتمعات التي تأصل استقرارها لقرون عديدة هنا أو هناك، وفي هذا المجال الجغرافي أو ذاك. وتختلف هذه الظواهر في جزئياتها ومتغيراتها داخل مجال هذا الإقليم من حاضرة إلى بادية، ومن قبيلة إلى أخرى، رغم وحدة موضوعها وظروفها الزمانية والمكانية والمناسباتية، وربما رغم وحدة مقاصدها ووظائفها. وهي تخضع لأشكال من التغير الذي يطالها بوتيرة متفاوتة التسارع، لا بد أنها تخضع بدورها لقوانين معينة، تختفي وفقها، أو تتحول هذه الظاهرة الثقافية أو تلك، أو تخفت، أو تنتعش، أو تظل ثابتة أو تكاد، كليا أو جزئيا.
ويبدو أن تنوع هذه الظواهر يعكس، فيما يعكس، تنوع المجال الجغرافي للإقليم من جبال إلى وهاد إلى سهول وبحر وصحاري، وما يترتب عن ذلك من تنوع في المناخ، وتفاوت أو تنوع في مستويات التعامل مع هذا التنوع. وتعكس أيضا، ربما تنوع أشكال استجابة الساكنة، على مدى العديد من القرون، لمطالب التكيف مع تنوع هذا المجال، وفي الوقت ذاته مع التغيرات الطارئة عليه، عبر المدى نفسه، ذات الطابع الاجتماعي، السياسي والاقتصادي، أو ذات الطابع الثقافي اللغوي والديني، أو الحضاري بشكل عام، وذلك على افتراض أن الظواهر الثقافية تلك هي أشكال من استجابة التجمعات السكانية لتحدي الطوارئ والتغيرات تلك، ولأشكال تأثيرها على موارد عيشها.
ننصرف عن مثل هذه الافتراضات وما تقتضيه من تمحيص إثباتا أو نفيا. فذلك ما لا يرقى إليه هذا التقديم، لنشير إلى أن من هذه الظواهر الثقافية، ما لفت أنظار المهتمين بالمجتمع المغربي عامة والشأن السوسيوثقافي خاصة. وانصب الاهتمام السوسيوثقافي على الظواهر الاحتفالية خاصة منها احتفالية "عاشوراء" وصفا ومحاولة لفهم طقوسها ودلالاتها. ولم يقتصر هذا الاهتمام على الباحثين الأجانب (2) كما هي العادة، بل شد انتباه المؤرخين والأدباء وكذا الفقهاء المسلمين عامة والمغاربة خاصة (3) مِمَّن قاموا بدراسات مختلفة المناهج والمقاصد، ومتباينة المقاربات المنهجية، ومتفاوتات العمق والقيمة العلمية.
غير أن التوجه الرسمي، منذ الاستقلال، وربما قبل ذلك وعلى الدوام كان إلى تعهد ظواهر ثقافية معينة ورعايتها، وتشجيع ممارسة طقوسها، ومقابل ذلك إلى محاربة صنف آخر من هذه الظواهر ومنعها، وفي أحسن الأحوال إلى عرقلتها، وربط ممارستها بالشروط التي يتعذر معها استمرارها، وذلك بمبررات مختلفة وتعلات تلابس طقوسها ومراسيمها بقدر ما تلابس وتكتنف طقوس ومراسيم الظواهر الاحتفالية المتبناة من هذا التوجه.
وتستند هذه المبررات على خلفيات إيديولوجية غير معلنة، أو مموهة في حالة إعلانها، باعتبارات دينية أو سياحية أو تجارية أو ما إليها، وذلك عند إحياء ورعاية المواسم والفرجات الشعبية المتبناة، فيما تكون معلنة بقوة، إذا كانت ذات صبغة دينية، عند الإقدام على حظر تنظيم هذه التظاهرة الاحتفالية أو تلك، أو عند التمهيد لهذا الحظر. إذ ما أسهل نعت طقوسها ومراسيمها بالبدع، أو بمخلفات الديانات الوثنية أو بالتأثيرات الواردة من المجوسية أو اليهودية أو المسيحية أو من غيرها من الملل والنحل.
وبمبررات وخلفيات من هذا القبيل دأبت جهات لا مسؤولة على التلويح بمنع تنظيم إحدى أعرق الفرج الشعبية بتيزنيت حاضرة وبادية. ويتعلق الأمر بظاهرة "ئمعشار" التي يقترن إحياؤها بعاشوراء، بما هي مناسبة وذكرى محاطة بتصورات وطقوس ذات مرجعيات متنوعة. وكان المنع قد طال تنظيم هذه التظاهرة لعدة سنوات لأسباب أمنية قبل أن تتراجع السلطات عن قرارها وتسمح بإعادة إحيائها.
وحتى لا يتكرر ذلك لأسباب إيديولوجية، وساكنة المدينة متشبثة بفرجتها السنوية المتميزة، وبالنظر إلى قيمتها التراثية، وثرائها الفرجوي والدلالي، جاء هذا العمل الذي يهدف، فيما يطمح إليه منه الأستاذ جامع بنيدير، إلى التعريف بهذه الظاهرة الاحتفالية، ومن خلال ذلك إلى مطمحين إثنين:
- تقديم وصف شامل ودقيق لها، لسياقاتها ولمختلف مراحلها وأدواتها، وشخوصها، وكذا لمختلف الطقوس الفرجوية المحايثة لها واللاحقة، وما إلى ذلك مما يهيئها مادة جاهزة لمن عسى سيقاربها بمنهج أو مناهج علمية أكثر نجاعة وفعالية.
- لفت انتباه المعنيين بالتراث الشعبي بشكل عام، والأمازيغي بشكل خاص، إلى قيمة هذه التظاهلرة الثقافية، وإقناع ذوي القرار، في ضوء ذلك، بأن لا أساس للنعوت التي توجه إليها من ذات الخلفيات الإيديولوجية الآنفة الذكر. بل وإقناع ذوي القرار هؤلاء، ولم لا؟ وكذا فعاليات المجتمع المديني التيزنيتي، بالعمل على تبني هذه التظاهرة رسميا، ورعاية تنظيمها، وإعلانها مهرجانا شعبيا سنويا خاصا بمدينة تيزنيت، على غرار المهرجانات التي تحتضنها بعض أخواتها من المدن المغربية. وإن كلا من المدينة وساكنتها وفرجتها لجديرات فعلا بذلك.

------------
الهوامش:
1- تقديم الحسين أيت باحسين لكتاب مهرجان ئمعشار بتيزنيت، تأليف جامع بنيدير، منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازازيغية، مركز الدراسات الأنتروبولوجية والسوسيولودية، سلسلة دراسات رقم 8، 2007، ص.9-11).
2- يمكن العودة، على سبيل المثال، إلى هذه المصادر:
AUBIN, Eugène (1908) Le Maroc d’aujourd’hui, Librairie Armand Clin, Paris.
BRUNOT, L. (1952) Textes arabes de Rabat, Librairie Orientaliste, Paris.
BRUNOT, L. et Mohamed BEN DAOUD (1932) L’arabe dialectal marocain, 2ème édition, Rabat.
CASTELL, F. (1916) Note sur la fête de l’Achoura à Rabat, Archives berbères.
DEVERDUN, Gaston (1959) Marrakech des origines à 1912, Ed. Rabat.
DOUTTE, Edmond (1909) Magie et Religion dans l’Afrique du Nord, Alger.
DOUTTE, Edmond (1905) Marrakech, Comité du Maroc, Paris.
3- يمكن العودة، على سبيل المثال، إلى هذه المصادر:
ابن ابراهيم، عباس (1938) الإعلام بمن حل بمراكش وأغمات من الأعلام، ط.1، المطبعة الجديدة، فاس.
ابن الصديق، أحمد (1341هـ) متاب الأخبار المأثورة فيما يتعلق بيوم عاشوراء، مطبعة ابن حيون، طنجة.
ابن القطان، فضائل عاشوراء ضمن مجموع مخطوط في خزانة ابن يوسف بمراكش، رقم 168.
بخوشة، محمد (1943) أدب المغاربة وحياتهم الاجتماعية والدينية وبعض خرافاتهم، ط.3، الدار البيضاء.
البكري، أبو عبيد الله (1857) كتاب المغرب في ذكر بلاد إفريقية والمغرب (جزء من من المسالك والممالك) نشر دوسلان، الجزائر.
البيروني، أبو الريحان محمد (1923) الآثار الباقية عن القرون الخالية، طبع ليبزيك، مكتب المثنى، بغداد.
الجراري، عباس (1999) عاشوراء عند المغاربة، منشورات النادي الجراري، رقم 16، ط.1، مطبعة ومكتبة الأمنية.
السوسي، محمد المختار (1960) المعسول، الدار البيضاء، الجزء 1.
عاشور، محمد بن محمد العربي الرشاي: رسالة (في بدع عاشوراء)، مخطوطة في الخزانة الحسنية بالرباط، ضمن مجموع رقم 2028،
LAKHSASSI, Abderrahmane (1989) Reflexions sur la mascarade de Achoura, Signes du présent, n°6, p. 31-39.

الحسين أيت باحسين
باحث في مركز الدراسات الأنتروبولوجية والسوسيولوجية،
بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية،
(تقديم لكتاب مهرجان ئمعشار بتيزنيت، 2007).



#الحسين_أيت_باحسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إبراهيم أخياط، محمد منيب والحسين ملكي: سيرة مناضلين أمازيغ ( ...
- أية سياسة لغوية منصفة، للغتين الرسميتين للدولة المغربية ؟
- عيون الماء (30/30): على سبيل خلاصات أولية لسلسلة هذه الحلقات ...
- مياه العيون (29).. المياه المعبأة في زجاجات أمام ندرة مياه ا ...
- عيون الماء (27) .. خاصيات العلاج للمياه المعبأة بالزجاجات
- عيون الماء (28) .. تعبئة المياه المعدنية والتطورات التكنولوج ...
- عيون الماء (26) .. شركات تعبئة مياه العيون في زجاجات
- عيون الماء (25) .. أنواع مياه العيون المعبأة في زجاجات
- عيون الماء (24) .. عين سيدي حرازم والرواج التجاري
- عيون الماء (23) .. الترفيه في شيشاوة والعلاج بأكلميم
- عيون الماء (22) .. فزوان تجمع السياحة والعلاج
- عيون الماء (21).. -تاسبّازرت ن ؤركَراكَ- لعلاج داء الكلب
- عيون الماء (20).. بارد ؤ سخون آ مولاي يعقوب
- عيون الماء (19) .. طقوس -ئموران- بضواحي مدينة أكادير
- عيون الماء (18).. -عين العاطي- في أرفود بالجنوب المغربي
- عيون الماء (17) .. جنيات -سمك النون- في شالة
- عيون الماء (16) .. أسطورة الجن والسلاحف في للا تاكركوست
- عيون الماء (15) .. سياحة وعلاج ومآرب أخرى
- عيون الماء (14) .. بومال ن دادس وقصة الكلب والراعي
- عيون الماء (13).. أسطورة عين ئمي ن ئفري بدمنات


المزيد.....




- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...
- تهديد الفنانة هالة صدقي بفيديوهات غير لائقة.. والنيابة تصدر ...
- المغني الروسي شامان بصدد تسجيل العلامة التجارية -أنا روسي-
- عن تنابز السّاحات واستنزاف الذّات.. معاركنا التي يحبها العدو ...
- الشارقة تختار أحلام مستغانمي شخصية العام الثقافية


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الحسين أيت باحسين - ظاهرة الاحتفال عند المغاربة (حول مهرجان ئمعشار بتيزنيت نموذجا) (1)