|
صعوبة الاعتراف بالحب
حسين عجيب
الحوار المتمدن-العدد: 5995 - 2018 / 9 / 15 - 09:05
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
" لماذا يصعب الاعتراف بالحب " ... 1 صدمتني العبارة ، وأثارت شجوني وذكرياتي ....زمان يا حب . كنت أبحث عبر غوغل عن معنى " الاعتماد النفسي " أو الاعتمادية ...؟ وقرأت العنوان الصادم ، والمثير ، والضروري بشكل تصاعدي مع تقدم العمر . لماذا يسهل الانتقاد ، وتوجيه اللوم والثأر والعنف وغيرها ...بل الأمر يتجاوز ذلك ، يعتقد غالبية البشر والأديان أيضا أن الطبيعة البشرية مجبولة على الشر والطمع والعدوان ، ويشاركهم بذلك الاعتقاد الكثير من الفلاسفة والعلماء من مختلف التوجهات الفكرية . لكنني رغم كل شيء أؤمن بالإنسان وأؤمن بالحب ....غدا أجمل ( بالطبع تتخلل حياتي أوقات الضيق واليأس ، ورغبة التدمير الذاتي والموضوعي ) . .... قلة من البشر يحصلون خلال حياتهم على صداقات حقيقية ، متنوعة ، ومن الجنسين . لست وحيد عصري بلا شك . لكن ، لا يوجد رجل يمكن أن أحسده على صداقاته ، مع المرأة خاصة . وحدها علاقة الصداقة ، تتيح إمكانية المعرفة المتكاملة للإنسان ، وعلى مختلف المستويات ... لا يعرف نفسه من ليس الصديق الجيد لنفسه أولا . كما أن العجز عن الحب ، يبدأ مع العجز عن الاصغاء والمعرفة ، وفشل التقدير الذاتي أولا . ( هذه تجربتي ، وهي أكثر من فكرة ورأي كما أنها أقل من معلومة ) .... سأبدأ من النقيض : لماذا يسهل الصراع والتدمير والتخريب و ....كل فعل سلبي ، وأكثر من ذلك لماذا يدمن معظم البشر العدوان والكراهية والحقد ، ويعيشون حياتهم بغالبيتها في الصراع والخوف والغيظ المتبادل ؟! لماذا التسامح شاق ومتعذر على الانسان ، وبشكل ثابت ودائم . بينما العكس تماما ، لا أسهل من التخريب والتدمير والثأر . قلت معظم البشر ، جميع البشر . تلك خلاصة التحليل النفسي ( الفرويدي ) . وأعتقد أن الزمن أعطى حكمه الصحيح والعادل بين فرويد ونقاده....وخصومه يونغ ، آدلر ،.....وصولا إلى أريك فروم ( مصدري الأساسي ومعلمي بالتحليل ) . فرويد وماركس تربطهما أكثر من علاقة عادية ، مصير مشترك . الاثنان حاولا الجمع بين الفلسفة والعلم وفشلا . بعدهما حاول ويلهم رايش الجمع بين الماركسية والتحليل النفسي وفشل . بعده حاول أريك فروم الجمع بينهما مع التنوير الروحي وفشل . وأحاول من جهتي الجمع بين التنوير الروحي والفلسفة والعلم ... وأفشل بالطبع . والمفارقة أن أخطائهما _ ماركس وفرويد _ وفشلهما الحقيقي مصدر شهرتهما وشعبيتهما الطاغية ، وانجازاتهما المعرفية شبه مجهولة . ماركس الحقيقي ، وفرويد الحقيقي ....يستمران بالفعل في كتابتهما وعبرها فقط . وهذا موضوع آخر ، على أهميته ، سأهمله مؤقتا وأعود إلى السؤال وموضوعه . .... الاسقاط أحد أهم مصطلحات فرويد والتحليل النفسي ، تحول معهما من مفهوم ثقافي عام ، حاول ماركس تحديده قبل ذلك ( الوعي الزائف أو الأيديولوجيا ) ... إلى أحد أهم المصطلحات في علم النفس الكلاسيكي مع الكبت نقيضه المنطقي بالتزامن مع مقلوبه التمثل أو المحاكاة . خيار الانسان المر ، والثابت ، بين الكبت أو الاسقاط ؟! الاثنان يتجهان إلى المرض النفسي الصريح . التصعيد والتسامي كلمة السر والسحر معا . لماذا يرفض غالبية العلماء مصطلح التصعيد ....إلى يومنا ؟! .... الاسقاط هو نفسه التحويل خلال المقابلة النفسية ، الفارق بينهما كمي وليس نوعي . قد يحدث الاسقاط لا شعوريا فقط ، ....رؤية فرد في الشارع ( امرأة أو رجل ) يقوم بسلوك كريه ومقيت _ الاعتداء على قاصر أو أي عمل سيء _ وقد يكون عادة أولى عند المشاهد ويكرره بشكل دائم دون أن يشعر بذلك ، وعند رؤية آخر يقوم بنفس الفعل قد يدخل معه في صراع مباشر ...وهو صادق في نيته وشعوره برفضه وإدانته للفعل ( ذلك ما يخبرنا به التحليل النفسي ويؤكده ، وهو لم يكن مجال اختلاف بين المحللين ) . الكبت وجه مقابل للإسقاط ، أو هو القطب النقيض . بعبارة ثانية : ثنائية الكبت والاسقاط هي نفسها ثنائية اضرب أو اهرب ( حلقة مفرغة ) . والشخصية التي تعتمدها بشكل ثابت ، ما تزال في الطور الانفعالي والسلبي : الأمس افضل من اليوم ، وغدا هو الأسوأ . .... الحب دوغمائي بطبيعته خصوصا الحب الجنسي ( لا يحتمل التعدد ) إما أو : أبيض أو أسود ، دون ذلك احترام ، محبة ...وغيرها . وهو نقلة حقيقية من النرجسية ( أنا _ ضد _ العالم ) إلى الانتماء ( نحن _ ضد _ هم ) . ( هذه قضية إشكالية وليست موضع اتفاق ) صعوبة الاعتراف بالحب ، وبقية التعبيرات المتنوعة عن المشاعر الرقيقة ، مصدرها فقدان الشعور بالحب أو غياب موقف الحب المتكامل في حياة الشخص ( امرأة أو رجل ) . الكلام المكتوب خصوصا ، يدمج الشعور والفكر في اتجاه واحد ، أو يوحدهما مؤقتا . البرمجة اللغوية العصبية مثال ذلك ، وهي أمل ، وأفق حقيقي لكسر عزلة الانسان . .... خلال القرن العشرين حدثت انعطافات نوعية في حياة العالم والانسان ، وربما تغيرت البنية الداخلية للدماغ بشكل فعلي عن أقرب الأسلاف !؟ .... الفكر والكلام واللغة والاعتقاد نسق ثقافي _ اجتماعي ، وأحد محاور المجتمع الحديث عامة . الفكر ظاهرة اجتماعية _ ثقافية بعبارة ثانية ، ويكتسبها الفرد عبر الأسرة والمدرسة بالتزامن مع بقية المؤسسات الاجتماعية القائمة . الشعور والسيالة العصبية والتشابكات الكهربائية _ الكيميائية في الجملة العصبية للفرد ، وفي الدماغ خصوصا ، ظاهرة بيولوجية وفيزيولوجية ، ما تزال شبه مجهولة علميا وثقافيا . العلاقة بين الفكر والشعور تشبه العلاقة بين الحب والجنس ... على الأقل تذكر بها . .... أعتقد أن السؤال الأساسي والأهم ، حول سبب السلوك الغريب والشاذ ( أو غير المنطقي على الأقل ) حول الرغبة والممارسة المشتركة : بالحصول على الحب بالقوة والتخويف !؟ خبرتي وتجربتي الشخصية تشيران إلى قوة العادة والادمان . أيضا الكبت والاسقاط يفسران تلك العادة ، العابرة للثقافات والعصور برأيي . تفسير فرويد المعروف " الاجبار على التكرار " ، لا يكفي بعد معرفة المشكلة وتكرارها .
2 القول بعبارة أخرى يصعب الاعتراف بالحب ، على الشخص الذي لا يشعر بالحب . والسبب بسيط وواضح أيضا ، لأن الكذب عملية صعبة ومعقدة وتستهلك الطاقة بشكل تصاعدي وثابت . في العلاقات اليومية أو الحميمة تنكشف الشخصيتان ، ويكون التعامل الاعتيادي بحسب القيم الشخصية لكل من الفردين ( رجل _ رجل ) ، أو ( امرأة _ امرأة ) أو ( امرأة _ رجل ) ....وبصرف النظر عن طبيعة العلاقة ونوعيتها ....قرابة أو صداقة أو علاقة عاطفية وجنسية أو غيرها ، تتحدد العلاقة الإنسانية بالمستوى المعرفي _ الأخلاقي للشخصيتين معا ، وخصوصا القيم الشخصية _ هي العالم الحاسم في مختلف العلاقات . القيم الشخصية ، أو درجة النضج الفردي ، أو المستوى المعرفي _ الأخلاقي ، أو نوع الطبع الفردي للشخص ....هي صيغ مختلفة لفكرة ( وخبرة ) واحدة ، تحدد نوع ومستوى شخصية الفرد ( امرأة أو رجل ) ، وهي بدورها تحدد نوع علاقاته المختلفة . يمكن اختصار الطبع الفردي وفق اربع مستويات أساسية : 1 _ الشخصية النرجسية ( أنا مقابل الكل ) . لا وجود لعلاقات الحب أو التعاون والاحترام في حياة الشخص النرجسي ، سوى بشكل عابر ويتبع لظرف أو وضع . عدا ذلك علاقات صراع مستمرة _ بصرف النظر عن نوع العلاقة ( قرابة أو صداقة أو جيرة أو علاقة عاطفية وجنسية ) . 2 _ الشخصية الدغمائية ( نحن _ ضد _ هم ) . علاقات الشخصية الدغمائية من ضمن جماعتها حصرا . أو هي علاقات مؤقتة وظرفية . تتميز الشخصية الدغمائية على النرجسية بالنمو الطبيعي للبعد العاطفي ، ولكن المشاعر الرقيقة والمحبة تقتصر على أفراد جماعتها . 3 _ الشخصية الأنانية ( أنا المركز ) . تتميز على سابقتيها بادراك الاختلاف الطبيعي بين الثقافات والمجتمعات المختلفة ، وبوحدة القيم الإنسانية وشمولها ، لكن وبنفس الوقت يقتصر حب الشخصية الأنانية على حاجتها . بزوال الحاجة والمصلحة الشخصية مع الشريك _ ة أو الخصوم يتحول إلى عدو مباشر . 4 _ الشخصية الموضوعية.... تصفها الأشعار وسير البطولة وغيرها ، ولحسن الحظ لا تخلو جماعة بشرية مهما صغرت من المواقف والسلوك البطولي . فيكتور فرانكل _ بحسب تجربتي _ افضل من وصف الشخصية الموضوعية . 3 الحب ، شعور والتزام وموقف . بوجود الحب بالفعل ، يسهل الاعتراف بالحب . بوجود الحب الحقيقي ، يسهل الاعتذار وتحمل المسؤولية ، كما يسهل الالتزام وغيرها . ويبقى السؤال المزمن : هل يمكن أن يحب إنسان إنسانا آخر ( نرجسي ، أو دغمائي ، أو أناني ) !؟ جوابي الشخصي ، بصعوبة بالغة ، وبشكل مؤقت وظرفي . يمكن تقسيم العلاقات الإنسانية إلى 3 مستويات : 1 _ علاقات الخوف و نموذجها علاقة ( فريسة _ مفترس ) . 1 + 1 = أقل من واحد . 2 _ علاقات الحاجة ونموذجها علاقة ( أعمى _ مقعد ) . وهي نموذج لعلاقات الاحترام : 1 + 1 يساوي أكثر من واحد وأقل من 2 ؟ 3 _ علاقات الحب .... قبل اكثر من عدة آلاف من السنين أكتشفها المعلمون القدامى ، وصاغها لا وتسي : 1 + 1 = أكثر من عشرة آلاف .... غدا أجمل ( ربما ) ... ولكن
#حسين_عجيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفكر العلمي الجديد
-
الكذب قيمة معرفية وأخلاقية أيضا !؟
-
المأزق الانساني ( حياتنا مشتركة )
-
خلاصة بحث العجز عن الحب
-
العجز عن الحب3 _ ملاحظات وهوامش غير مكتملة
-
خلاصة كتاب الزمن _ الحاضر في الآن _هنا ( طبيعته ومصدره واتجا
...
-
العجز عن الحب 2 ....إلى صديقتي روزا
-
العجز عن الحب 1
-
ملخص كتاب الحب
-
كتاب الحب _ ملحق 1
-
كتاب الحب 3
-
كتاب الحب 2 تتمة
-
رسالة مفتوحة 2 إلى الفيزيائيين الأحياء في سوريا وخارجها
-
رستلة مفتوحة إلى كل عالم _ة أو مهتم بالفيزياء حي ، اليوم 16
...
-
كتاب الحب 1
-
تكملة موقف الانكار _ حلقة مشتركة بين كتاب الزمن زكتاب الحب
-
كتاب الزمن 6
-
كتاب الزمن 5
-
كتاب الزمن 4 سوريا 2020 _ رواية مضادة
-
كتاب الزمن ملحق 5
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|