أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كرم خليل - الحرية بين الإعتقاد والحقيقة















المزيد.....

الحرية بين الإعتقاد والحقيقة


كرم خليل
سياسي و كاتب وباحث

(Karam Khalil)


الحوار المتمدن-العدد: 5992 - 2018 / 9 / 12 - 22:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كثيراً ما نسمع البعض يقول ( أنا حرّ) , فما الذي نعنيه بذلك , وهل نحن أحرار بالفعل كما نعتقد , ونعي ما نفعل تماماً , والسؤال الأهم هل نحن مدركون بالفعل لمعنى (الحرية )؟, أم أننا كالببغاء مجرد مكررين ومرددين لكلمات وجمل لا نفقه معناها البتة ؟.
وهنا نتساءل إلى أي درجة يحق لنا فعل ما يحلو لنا باستخدام مفهوم الحرية , وتسييسه كما يحلو لنا , مستغلين جهل الآخر بالمعنى الصحيح له , فنسلب حقوق الآخرين بالقوة , ونسييس مشاعرنا للوصول إلى غرض شخصي , القتل و السرقة وممارسة الاستغلال سواء أكان ذلك للمناصب أم للأشخاص , ما الذي يبيح كل ذلك , وتحت أي مسمى ؟ , أهي الحرية حقاً ؟, أم هو الاعتقاد الخاطئ حول معناها الصحيح .
الحرية هي حالة من الوعي , أي أن أعي ما لي وما علي , ما هي حقوقي , وما هي الواجبات التي تترتب على هذه الحقوق !, فقبل أن أطالب بأي حق من حقوقي فلأنظر هل قمت بكل واجباتي فعلاً !.
لا يحق لأي امرئ سلب حرية الآخرين أو استغلالها انطلاقاً من حريته هو وتبريرها , فكما قال مونتيسكيو (تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية الآخرين ), وإذا عدنا إلى التاريخ سنرى كيف بُرر استخدام الإنسان لحريته, وما المقياس الذي اتبع لذلك .
العقد الاجتماعي وفكرة الحرية :
لا يستطيع الإنسان أن يعيش بمفرده , لأنه سيفنى , أولاً نتيجة لعدم حفاظه على بقاءه وبقاء أبناء جنسه ولأنه عاجز كفرد عن تلبية حاجاته بمفرده , لذلك لجأ إلى الاجتماع والعيش مع أبناء جنسه على شكل جماعات , حيث يقوم كل منهم بالمهام المنوطة به , لكن ولكي تستمر هذه الجماعات بالنمو وجب عليهم وضع قوانين وتشريعات لا يُسمح لأفراد الجماعة بتجاوزها أو الخروج عليها , ونتيجة لتطور المجتمعات ظهرت نظريات تطرح فرضيات حول الحالة الأولى للمجتمع الأول وآلية تشكله , كالنظرية الذي قال بها (هوبز) في محاولة منه لبيان نشوء المجتمع , حيث رأى أن الإنسان في هذه المرحلة الافتراضية أناني وهمجي وفقير, وللخروج منها وجب الاتفاق للعيش في ظل قوانين مشتركة تؤدي إلى وجود سلطة حاكمة مطلقة تردع الإنسان عن العودة إلى الحالة الهمجية .
فكانت السلطة الملكية المطلقة التي تعطي الحق للملك بأن يمتلك صلاحيات مطلقة , مقابل تنازل الشعب بالكامل عن حريته في مقابل الحماية التي يقدمها له هذا الملك , وهنا يصبح الشعب عبداً مكبلاً بالقوانين التي تسعى لفرض سلطة الملك , على حساب الشعب وحريته .
أما لوك فقد كان أكثر ليونة منه في الافتراض فقال إن الحالة الأولى هي حالة من الفوضى والصراع مع وجود بذور أخلاقية , فهي حالة واقعية لا افتراضية , كما أنه خفف من سطوة الملك المطلقة , فبرر للشعب الثورة على الحاكم دفاعاً عن النفس , وهنا نرى لوك يحاول إيجاد توازن مابين الشعب والحاكم , لكن مع ذلك فمازالت حرية الحاكم فوق حرية الشعب , بالرغم من أن ظاهرها العكس لأن واجب الملك الدفاع عن الشعب وحمايته لا تسخيره واستعباده لخدمته وخدمة مصالحه .
جاء روسو ليظهر جانباً جديداً في العقد , فبين أن الإنسان كان يعيش في حالة من الرخاء والسلام في ظل المبادئ الأخلاقية , إلا أن التطور الاقتصادي وما رافقه من ازدهار وتقسيم للعمل أدى إلى التجمع , وظهرت الملكية الخاصة التي أدت إلى انتشار قيم الجشع والأنانية و الصراعات في المجتمع , فكان لابد من وجود عقد يحمي مصالح الفئات جميعاً بلا استثناء, فكان ظاهره المساواة وباطنه اللامساواة , وهذا ما أدى إلى المشاكل والصراعات في المجتمعات الحديثة , فنظرية العقد الاجتماعي حاولت الوصول إلى مفهوم وقانون عام وشامل يحفظ حقوق وواجبات جميع الأفراد على المستوى السياسي, فكان لابد من التنازل والتعاقد لاستمرار المجتمع والحد من الصراعات فيه .
إذن القانون الخارجي والعقد الاجتماعي لم يوضح معنى الحرية وكيفية تحقيقها للفرد لأن الهدف منه سياسي بحت , فكيف نستطيع كأفراد تحقيق حريتنا دون الوصول بالمجتمع إلى شكل آخر من الصراع .
القانون الداخلي هو ما يجعلني حراً بحق , لا ما يراه الآخرون من أفعالي !
الحرية أن أمتلك قانوناً يحكمني من الداخل , لا القانون الخارجي الذي يحكم المجتمع ككل , فهذا القانون ينبع من داخلي وأطبقه لأنني على وعي تام بحريتي , فلست بحاجة لقانون يحكمني من الخارج , أو يحاسبني على أخطائي وهفواتي , فالموظف الذي يرفض الرشوة ليس بالضرورة أن يكون أخلاقياً أو حراً , لأن دافعه إلى رفضها ربما يكون هو الخوف من العقاب وليس الحرية , وبالتالي فهو مقيد وليس حراً فيما فعل, فلولا الخوف من العقاب لما كان هنالك من رادع يمنعه من ارتكاب فعل الرشوة ,فهو بذلك عبدٌ لشهواته ونزواته وليس حراً كما يدعي .
أين نحن الآن من الحرية :
فلنلقي نظرة على الطبقات الموجودة في مجتمعنا الآن , قد لا نلوم الطبقات البسيطة منه , لأنها لم تصل إلى الدرجة الكافية من الوعي لفهم المعنى الحقيقي للحرية , فتعتقد أنها تفعل الصواب , ظناً منها بأنها تسعى نحو الحقيقة , لكننا لا نستطيع التبرير البتة لأولئك الذين وصلوا إلى درجة عالية من الثقافة والعلم , ومع ذلك أخفقوا في الوصول إلى المستوى المطلوب من النضج بالوعي , فتراهم يتأرجحون بأفكارهم, فتارة يُعلون من شأن الاعتقاد , وتارة ينهالون بالنقد الساحق له , وذلك تبعاً لما يسمع أو يقال , لأنهم عاجزون عن الوصول بأنفسهم إلى الحقيقة , فهم للأسف مثقفون ولكن بمنحى احتيالي , فهم لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه من مراتب العلم , حباً بالعلم والمعرفة , وإنما سعياً للمكانة والمال , فكانوا عبيداً لما سعوا إليه , وهم للآن عاجزون عن التحرر لأنهم لا يقرؤون أو يسعون للمعرفة البتة , فما أدى للانحطاط الأخلاقي والمعرفي في مجتمعنا ليست الظروف التي تحيط به فحسب , بل نحن كذلك – حين اعتنقنا قضية المؤامرة – وأن الكون بأسره متآمر علينا , ويسعى إلى تحطيمنا وسلبنا ما نملك , مع أننا في الحقيقة لا نملك شيئاً سوى ترهات واعتقادات خاطئة ورثناها عن السابقين علينا , ولازلنا للآن نتغنى بها , ونعلق أخطاءنا لتدور حولها , بدلاً من البحث الحقيقي والجاد لإزالة العوائق الفعلية العالقة بتفكيرنا والتي حالت دون نمونا الأخلاقي بحق , ودون وصولنا إلى الحرية التي ننادي بها اسمياً لا فعلياً , لأننا لا نعيها بحق , فلينظر كل منا إلى داخله , وليحاور نفسه ليرى إلى أي مدى يتمتع بالحرية بحق , فإذا استطعنا ذلك واعترفنا به , وقررنا التنازل عن التبرير المزيف بأننا دوماً على حق , عندها سنكون قد قمنا بالخطوة الأولى على طريق الحرية بالحقيقة لا بالاعتقاد والإدعاء المزيف بمعرفتها .



#كرم_خليل (هاشتاغ)       Karam_Khalil#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسباب النكوص في المسار الثوري
- المجتمع المدني كجوهر ثقافي في حياة الشعوب
- دور المجتمع المدني في بناء المجتمعات
- الأمل إكسير الحياة ودفقها المتجدد في الروح
- في ظل اضمحلال التنوير وسطوة التعصب: كيف يتعامل الإسلاميون مع ...
- الحرب في مواجهة الهوية: سوريا نموذجاً
- سرطان البيروقراطية.. النمسا نموذجاً
- الألم ديدن الإبداع ودفق الحياة
- فوضى الإسلام السياسي: بين حماقة الأداء واستغلال المنهج
- حديث مستفيض في ماهية الحب
- إيران من تصدير الثورة إلى تدمير المنطقة
- الأسلمة ومعارك الصراع الأيديولوجي بين الفكر الحداثي والتقليد ...
- عجز دولي لمواجهة التمدد الإيراني في الشرق الأوسط
- أستراتيجيات دول المشرق العربي بين الغباء والتواطئ
- هل يعود المسيح من بوابة السيطرة اليهودية على أوروبا
- راديكالية الجماعات الإسلامية وأساطيرها الجهادية
- الاسلاميون وحقوق الأنسان
- الشيوعية والصهيونية: الولادة من خاصرة اليهودية
- الحل السياسي في سوريا بين الممكن والمستحيل
- فن صناعة وتسويق الإرهاب كظاهرة عالمية


المزيد.....




- رياح عاتية تقتلع سقف منزل متنقل وسط عاصفة خطيرة بأمريكا.. شا ...
- هل لا تزال أمريكا وجهة مفضلة؟ هكذا سيتنازل السياح عن أحد بلد ...
- قرب الحوثي وإيران.. تفاصيل نقل أمريكا قاذفات الشبح -بي-2- إل ...
- الغضب يمكن أن يساعد في تخطي الحزن.. فكيف ذلك؟
- نفتالي بينيت يطلق حزبا جديدا.. والاستطلاعات تظهر خطره على مق ...
- هنغاريا بصدد تعليق جنسية فئة من مواطنيها
- لوكاشينكو يهنئ بوتين بذكرى تأسيس اتحاد روسيا وبيلاروس
- زلزال ميانمار.. رجال الإنقاذ الروس مشطوا أكثر من 62 ألف متر ...
- أوكرانيا وروسيا تقدمان شكاوى للولايات المتحدة بشأن استهداف م ...
- قاضٍ أميركي يرفض نقل قضية الطالب محمود خليل إلى لويزيانا


المزيد.....

- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كرم خليل - الحرية بين الإعتقاد والحقيقة