أُحِبُّكِ عِنْدَمَا يَهْطلُ الثَّلْج
عِنْدَمَا تُغَرِّدُ الْبَلابِل
أُحِبِّكِ يَا سَوْسَنَتِي الرَّائِعَة
أَتُوْقُ إِلَيْكِ كَمَا يَتُوْقُ الأيلُ
إِلَى المِيَاهِ الْعَذْبَة
أَيَّتُهَا الْعَبِقَة ..
إِذَا وَجَدْتِ نِجْمَةً تَخُرُّ
فَاعْلَمِي أَنَّ مسْحَةً مِنَ الْحُزْنِ تَنْتَابُنِي
وَأَنَّ شَوْقِي وَاحْتِرَاقَي إِلَيْكِ
لا يِخْتَلِفَانِ عَنِ اِحْتِرَاقِ الجَّمْرَات!
يَا رَحِيْقَ الْمَسَافَات ..
عِنْدَمَا يَغِيْبُ الْقَمَرُ
تَحْزَنُ النُّجُوْم ..
وَعِنْدَمَا تَعدِّيْنَ النّجُوْم
اِعْلَمِي أَنِّي كُنْتُ أُعِدُّهَا أَنَا الآخَر
ويبقى طَيْفُكِ الجَّمِيْل
يَتَرَاقَصُ مُتَوَهِّجَاً
حَوْلَ نُجَيْمَاتِ الصَّبَاح!
إنّي أَتَلَهَّفُ إِلَيْكِ ..
هَلْ تَتَلَهَّفِيْنَ مِثْلِي
لِقَضَاءِ سَاعَات مِنَ الْعُشْقِ
بَيْنَ أَحْضَانِ الْمُرُوْج
أَمْ أَنَّكِ ما زلتِ
تَعُدِّيْنَ النّجُوْم
وَتَنْتَظرِيْنَ الْيَمَام؟!
عِنْدَمَا أَفْرَحُ كَثِيْرَاً
أَشْعُرُ أَنَّ هُنَاكَ سَوْسَنَةً جَمِيْلَة
اِسْتَطَالَ بَقَاؤهَا
فَوْقَ قَلْبِيَ الْحَزِيْن!
عِنْدَمَا أُرْهَقُ تَمَامَاً وَتَتَثَاقَلُ قَدَمَاي
أَشْعُرُ أَنَّ حَبِيْبَتِي تَعُدُّ حَبَّاتَ الْبَرَدِ
وَنَسيَتْ
أَنْ تَرْتَدِيَ مِعْطَفَهَا الْمَخْمَلِيّ!
كُلَّمَا أُمْعَنْتُ في غُرْبَتِي الطَّوِيْلَة
تَذَكََّرْتُ وَجْهَكِ يَا زَنْبَقَتِي
شَامِخَاً بَيْنَ سُهُوْلِ الْقَمْح ..
كُلَّمَا حَضَرْتُ فَرَحَاً
تَذَكَّرْتُ قِوَامَكِ الْبَهِيْجِ
أَيَّتُهَا التَّائِهَة
خَلْفَ الْبِحَار ..
كُلَّمَا سِرْتُ فِي أَزِقَّةِ الْمَدَائِن
شَعَرْتُ أَنَّ خَيْطَاً مِنَ الْحَنَان
يَجْرِفُنِي إِلَيْكِ!
تَعَالَي يَا عَسَلاً بَرِّيَاً
فَحُلُمُ الْبَارِحَة كَانَ جَمِيْلاً
لَكِنَّكِ الأَجْمَل! ..
( تَعَالَي يَا أُنْثَاي
عِنْدَ اِنْبِلاجِ الْفَجْرِ
وَالنَّاسُ نِيَام ) ..
أَوَاهٍ .. حَبِيْبَتِي
اَلْبَارِحَة زَارَنِي عَاشِقٌ وَعَاشِقَة
نَحْنُ وَسُكُوْنُ الْلَّيْل
وَنُجَيْمَتَانِ سَاهِرَتَان
كَمْ كَانَتَا تَرْغَبَانِ الْعِنَاق!
اَلنَّدَى يُعَانِقُنَا وَخَصْبُ الْحَيَاة
مَائة وخمسينَ نِجْمَةً أَحْصَيْتُ
وَأَخْبَرْتُ بَعْضَهَا أَنْ تُبَلِّغَكِ السَّلام
إِنْ لَمْ تُبَلِّغْكِ السَّلام يَا مَلاكِي
فَالنُّجُوْمُ خَائِنَة!
يَا أَيَّتُهَا الْغَائِبَة الْحَاضِرَة ..
يَا رَحِيْقَاً
أسْتَنْشِقُهُ فِي صَبَاحَاتِي الْبَاكِرَة
لِمَاذَا وَجْنَتَاكِ مُدَبَّقَتَانِ
بِحُبَيْبَاتِ التُّوْتِ؟
تَعَالَي أُقَبِّلُكُ فِي الْهَوَاءِ الطَّلْقِ
أُعَانِقُكِ دُوْنَمَا اِسْتِئْذَانٍ
مِنَ التَّقَالِيْدِ الْمَجْنُوْنَة
أَيَّتُهَا
الْمَعَلَّقَة
بِأَهْدَابِ
النُّجُوْم
تَعَالَي ..
فَأَنْتِ الأُنْثَى الَّتِي سَتَمْسَحُ
عَنْ جَبْهَتِي أَحْزَانَ الْعَالَم!
تَعَالَي فِي أَوَائِلِ الْرَبِيْع
وَاحْملِي مَعَكِ بَاقَات الزَّيْزَفُوْن وَالنَّرْجِسِ البَرِّي ..
تَعَالَي يَا عَبَقِي الآتِي
أُقَبِّلُكِ
إِلَى حَدِّ الْبُكَاءِ وَأَكْثَر!
يَا مَهِيْضَةَ الجِّنَاحَيْن
تَعَالَي عِنْدَ الْمَسَاءِ الْحَنُوْن
فَأَنَا لَدَيَّ بَلْسَمٌ يَشْفِي جِنَاحَيْكِ
تَعَالِي عِنْدَ الظَّهِيْرَةِ
عِنْدَ اِشْتِدَادِ الْحَرِّ
فِي أَيَّةِ لَحْظَةٍ تَشَائِيْن ..
الآن!
هَلْ مَازِلْتِ تُسَرِّحِيْنَ شَعْرَكِ
تَنْتَظِرِيْنَ الْغَسَق
عَيْنَاكِ تَائِهَتَانِ عِبْرَ الْفَيَافِي
وَقَلْبُكِ مَلِئٌ بِالانْكِسَارَات؟!
تَعَالِي يَا تَائِهَتِي نُنْشِدُ سَوِيَةً
أُنْشُوْدَةَ الْفَرَح
قَبْلَ أَنْ يَنْتَهِي هَذَا الزَّمَان!
آهٍ .. لَوْ أَعْلَمُ
مَنْ قبَّلَ
زَهْرَ الْبَيْلَسَانِ قَبْلِي
وَلاذَ بِالْفرَار؟
مَغْبُوْنٌ أَنْتَ يَا قَلْبِي
وَمُتَأَلِّمَةُ أَنْتِ يَا ذَاكِرَتِي
أَوَاهٍ ..
لِمَاذَا الجَّسَدُ هَكَذَا يَتَلَظَّى
وَهَذِهِ الرُّوْحُ لَمْ تَنْعَتِقْ بَعْدُ؟
عَيْنَاكِ يَنْبُوْعٌ
يَِرْوِي ظَمَأي السَّرْمَدِي
أَمْسَكْتُ مِجَذَافِي لأُبْحِرَ فِي عَيْنَيْكِ
أَمْوَاجُكِ الْهَائِجَة لا تُخِيْفُنِي
وَأَغْوَارُ يَمُّكِ
تُزِيْدُنِي تَصَوُّفاً فِي حُبِّكِ!
عَجَبَاً أَرَى
سَفِيْنَةُ الْحُبِّ أَفَلَتْ
وَمَعَهَا عُشْقِي وَوَجْدِي!
وَقَفْتُ أَنْظُرُ إِلَى الأُفُقِ الْبَعِيْدِ
وَبَدَا فِرَاقُكِ أَبْعَدَ مِنَ الأُفُقِ
بَآلافِ الأَمْيَال..
لِمَاذَا الْغَسَقُ مُغْبَرٌّ هَذَا الْمَسَاء
وَعَيْنَاكِ لَفَّهُمَا الضَّبَاب؟
حَبِيْبَتِي! ..
اِِبْعَثِي لِي سَلامَاً مَعَ النَّسِيْم ..
مَعَ الْيَمَام
وَلا تَكُوْنِي حَزِيْنَة!
يَا أُنْشُوْدَةَ الْمَسَاء
أَنْتِ حُبِّي وَوُدِّي
صَوْرَةُ الشَّمْسِ أَنٍتِ
عِنَدَ الْغُرُوْبِ ..
سَأَلْتُ السُّفُنَ عّنْكِ ..
وَبَحَثْتُ عَنْكِ بَيْنَ طَيَّاتِ الْغُيُوْم ..
إِلَى أَيْنَ تُرِيْدِيْنَ أَنْ أَذْهَبَ
إِلَى السَّمَاء أَمْ إِلَى أَعْمَاقِ الْبِحَار؟!
حَتَّى أَمْوَاجُ الْبَحْرِ سَأَلْتُهَا عَنْكِ ..
فَكَانَ الجَّوَابُ صَدَىً لِصَوْتِي
لأَشْجًانِ الْمَسَاء!!
ستوكهولم: تشرين الثاني 1994
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم