أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الحسين بوخرطة - الجابري، جعيط، العروي وأركون ومشروع تحديث التراث














المزيد.....

الجابري، جعيط، العروي وأركون ومشروع تحديث التراث


الحسين بوخرطة

الحوار المتمدن-العدد: 5991 - 2018 / 9 / 11 - 10:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



في سياق عودتي إلى بعض الكتابات الخاصة بالمشاريع الضخمة في مجال تحديث التراث، التي أنتجها عمالقة الفكر المغاربيين الجابري وجعيط والعروي وأركون، أجد نفسي دائما مصطدما مع عبارة ساحرة يكررها أركون في كتاباته وهي "الابستمولوجية الراديكالية"، والتي تعني بالنسبة له، كما جاء في كتابه "قضايا في نقد العقل الديني: كيف نفهم الإسلام اليوم؟"، الذهاب إلى عمق الأشياء أو إلى جذور المشاكل المطروحة وعدم الاكتفاء بمسها مسا خفيفا أو سطحيا. إنها عبارة أراد من خلالها أركون أن يعبر عن وجود اختلاف في مستوى الجرأة في طريقة معالجة هذه الإشكالية المركزية والأدوات المنهجية المطبقة في المشاريع الفكرية لكل واحد من الأهرام الأربعة السالفة الذكر.
إن استحضاري لهذا الأمر لم يكن صدفة، بل جاء نتيجة تفكير دائم في مسألة ارتباط قوة الفعل التنموي بالزعامة السياسية والفكرية، ودفاعي على خلق شروط ديمومة التداخل القوي ما بين ما هو فكري وما هو السياسي. وهنا أبرز بدون تردد كون تفسير القرآن الكريم حسب أسباب النزول عند الجابري كان حدثا بارزا جدا في مجال الجرأة، حدث أبان عن حاجة الشعوب العربية والمغاربية ومؤسساتهم الرسمية ومنظمات مجتمعاتهم المدنية إلى تشييد جسر تواصلي قوي ما بين انتاجات عبد الله العروي ومحمد أركون من جهة وهشام جعيط ومحمد عابد الجابري من جهة أخرى. إن الإنتاج الأخير للجابري (تفسير القرآن حسب أسباب النزول) أكد بالملموس الالتزام المنهجي الصارم لهذا الهرم في ترسيخ الصبغة التاريخية للتراث المتراكم زمن نزول الوحي.
لقد ركز الجابري في كتاباته على الأدوار المنوطة بالمثقف العربي، متفاديا الحديث عن المثقف الإسلامي، ومستحضرا التشكل التاريخي لزواج وثيق ما بين العروبة والإسلام. إن دعوته لدراسة التراث من أجل تحديثه وخلق ظروف وشروط التحاقه بالركب التاريخي لما تحقق إنسانيا على مستوى العالم شكل بالنسبة له انشغالا دائما. لقد انشغل بهذا الإشكال المعقد والحساس إلى أن ختم مشروعه بقراءة جديدة للنص الأصلي (القرآن الكريم)، قراءة مؤيدة لتاريخانية التراث المجسد للقراءات المتباينة جغرافيا وزمنيا لآياته. إنه مجموع الأفكار والسلوكيات والعادات والممارسات التي تم إنتاجها جراء التكرار أو الاستحياء أو التعارض أو التجاوز للتراكمات التراثية.
لقد حذر الجابري من استقالة العقل العربي، وأثار أركون اكتساح الحداثة العالمية لكل البلدان والشعوب وقدرتها على تفنيد كل المناقشات الدائرة حاليا حول الأصولية والتزمت وتحدث عن المشروع الغربي لخلق الموسوعة القرآنية، وكتب العروي على مفهوم العقل، وأثار هشام جعيط مفهوم الفتنة. إنها نقط التقاء قوية أبررت حاجة البلدان العربية والمغاربية إلى الاستثمار رسميا في بلورة وتفعيل مشروع هوياتي حداثي جديد يحدث طلاقا تاما مع المشاريع الإيديولوجية السابقة واللاحقة الفاشلة كالمشروع الإخواني أو القومي الناصري، أو المشروع الخميني الشيعي،..... إلخ.
في هذا الصدد، أرى أننا فعلا قد وصلنا إلى هذه النقطة في سياق مشجع نسبيا، سياق ترسخت من خلاله على الأقل القناعة في الأذهان والعقول كون ترويج فكرة ضرورة العودة إلى الأصل أي إلى الصفر لا يمكن تصنيفه إلا في خانة العبث والعدمية. في نفس الآن، تعالت وتنامت الأصوات المطالبة بتقوية إعادة التفكير المؤسساتي والمجتمعي في الظاهرة الدينية (الإسلام أحد تجلياتها) بالشكل الذي يساهم في بناء مشروع حداثي على المستوى الإقليمي. إنها الأصوات المنددة في نفس الوقت بما تم إنتاجه في إطار السياج الدوغمائي المغلق من أفكار وسلوكيات وممارسات تقليدية أبانت التطورات التاريخية أن لا أساس لها من الصحة.
إن تجاوز عدد كبير من الأفكار، التي سخرت وسائل ضخمة لضمان ديمومة تقديسها ووصفها بالنهائية، وإسقاطها من برج التعالي التاريخي، أصبح اليوم مكتسبا مشجعا ومحفزا لمصادر القرار من أجل الاستثمار في خلق إطار مؤسساتي على المستوى الوطني (المغرب من أكبر الدول المؤهلة إقليميا لإنجاح هذا المشروع) مختص في مجال إعادة دراسة وتحديث التراث الإسلامي.
وتجدر الإشارة في الختام أنني، ابتداء من نشر هذا المقال، سأستأنف تنشيط المجموعة الفيسبوكية "منتدى البحث في الهوية لدعم الحداثة والديمقراطية"، على أن أقوم في المستقبل القريب بتغيير اسمها بما يناسب. فإضافة إلى تنشيط النقاش والبحث الحر الملتزم بالقواعد الابستمولوجية العلمية في مجال إعادة قراءة التراث، أطمح أن تكون هذه المجموعة بوابة لمناقشة ومواجهة الكتابات والاستنتاجات الغربية سواء منها الموضوعية والعلمية أو تلك المتسرعة اللاعلمية المجحفة التي تتفنن في ربط الإسلام، دين الانفتاح والتسامح، بالموضوعات المثيرة كالعنف السياسي والخطابات الأصولية.



#الحسين_بوخرطة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- باع معلومات عسكرية للصين.. محلل في الجيش الأمريكي يعترف بـ-خ ...
- تونس: مظاهرة للمطالبة بإطلاق سراح نساء اعتقلن بعد انتقادهن ل ...
- غزة بعيون RT
- الكويت.. القبض على -الغول المصري-
- بعد جدل في الكونغرس.... إدارة بايدن توافق على صفقة أسلحة بقي ...
- بايدن: اتفاق هدنة في غزة قد يمنع هجوما إيرانيا على إسرائيل
- شحنة قنابل أمريكية بقيمة 750 مليون دولار في طريقها إلى السعو ...
- سفير روسي يوضح سبب إصرار حكومة بريطانيا على الاستعداد للحرب ...
- -بيت الرعب-.. العثور على 5 جثث داخل منزل في لبنان (فيديو + ص ...
- روسيا تكشف عن مركبة -بيك آب- مدرعة خفيفة في منتدى -الجيش – 2 ...


المزيد.....

- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الحسين بوخرطة - الجابري، جعيط، العروي وأركون ومشروع تحديث التراث