استعمار مصر تأليف تيموثى ميتشل وترجمة بشير السباعى واحمد حسان6

خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب
(Khalid Goshan)

الحوار المتمدن-العدد: 5987 - 2018 / 9 / 7 - 18:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

خاتمة الكتاب
فلسفة الشىء
سوف اشرح لكم فلسفة الشىء ، هكذا بدأ المارشال ليوتى الحاكم الاستعمارى للمغرب حديثه وبرفقته الكاتب اندرية موروا وهو يهبط من القطار فى الرباط مستعرضا العاصمة الجديدة

اننا صنعنا عاصمة جديدة على شكل مروحة عند مركز المروحة هناك مبان الادارة وورائها الوزارات الحكومية ثم الاشغال العامة ثم الطرق والكبارى والزراعة والغابات

– وهذا الفراغ الموجود الان هو مبنى المالية ان ما حدث هو تنسيق وعبقرية نظام للامة الفرنسية المستعمرة للمغرب

ان ما حدث هو ان الغرب صنع معرضا فى الامة المحتلة معرضا مبهرا ومنظما لدرجة انه يقال ان احد الزعماء المتمردين فى المغرب وكان يواصل مقاومة عنيدة للجنرال هنريز بعد ان سمع عن معرض لفرنسا فى بلاده طلب عقد هدنة وترخيصا للذهاب اليه ثم يواصل المقاومة

وعندما وفق على طلبه استقبل بترحيب حار ووقع من فوره فى حب المستعمر وبعد الزيارة استسلم هو وقبيلته

فى القاهرة كانت هناك مدينتان ، المدينة الحديثة الاكثر جاذبية بما لايقاس والمدينة القديمة التى كان يبدوا مقدرا لها ان يمتد احتضارها ولا تبعث ابدا لانها غير قادرة على الصراع ضد التقدم وعواقبه الحتمية ، احدهما قاهرة الفنانين والاخرى لانصار الصحة العامة والحداثة
فى فقرة شهيرة من كتاب معذبوا الارض يصف فرانز قانون العالم الاستعمارى بانه عالم مقسم قسمين حى اوربى وحى محلى

الحى الاوربى متين البنيان زاهى الاضاءة ، الشوارع مكسوة بالاسفلت وصناديق القمامة تبتلع المخلفات واقدام السكان فيها لا ترى ابدا الا فى البحر ، ولو رأيت فانها محمية فى احذية قوية رغم ان شوارع البلدة نظيفة معبدة بلا حفر ولا احجار ، مدينة الاوربيين جيدة التهوية والتغذية

اما بلدة السكان المحليين فهى مكان سيىء السمعة يسكنها اناس اشرار ، الناس فيها يعيشون فوق يعضهم البعض فى اكواخ مهترئة والبدة تغرق فى المجارى والاقذار

يحلم الشخص المحلى فى الجلوس على مائدة المستعمر فى بلدته ، وان ينام فى سريره ومع زوجته ان امكن ، انه الفصل الاستعمارى المريع

ان المدن القديمة سيئة التخطيط هناك مبانى عالية واخرى واطئة وهناك شوارع ملتوية وغير منتظمة ، ان الصدفة هى التى صنعت المدينة القديمة وليست ارادة البشر الذين يستخدمون العقل

فى النظام الاستعمارى الامر مغاير ، هناك تنظيم للمدن ـ فى مصر تم انشاء احياء جديدة ثم شبكة رى وصرف وتمت السيطرة على فيضان النيل وبناء ثكنات عسكرية ومراكز بوليس وفصول دراسية والاخطر انه تم بناء شبكة سكة حديدية كانت الاكبر على الاطلاق فى الشرق بالنسبة لعدد السكان انها السلطة الجديدة ( جوهر الدولة الحديثة – لقد تم تقسيم العالم الى قسمين مجال الاشياء ومجال النظام

السلطة الاستعمارية ىتسود ولكنها لا تكون حاضرة ابدا بشكل مباشر ولكنها موجودة
لقد فهم الغرب الشرق تماما وفهم كيف يديره من خلال بضعة الاف من الاوربين يحكمون الملايين من البشر الغارقين فى الفوضى

كتب اللورد كرومر موجزا انجازات الاحتلال البريطانى لمصر قائلا
لقد اكتسب الجندى المصرى بعض الفخر بالذى الذى يرتديه فقد حارب كما لم يحارب من قبل – والرجل المريض يمكن العناية به فى مستشفى جيد الادارة – والمجنون لم يعد يعامل على انه وحش كاسر – والعقوبات التى ينالها اسوء المجرمين لم تعد همجية

فى الفهم الغربى يعامل الانسان على انه جسم وعقل لكل معاملته ، فكما يمكن السيطرة على الجسم يمكن السيطرة على العقل بتربيته

انتهى الاستعراض السريع لهذا الكتاب الشيق استعمار مصر وقد نتفق ونختلف عليه ولكنه بكل المقاييس كتاب رائع لانه ينير لنا الطريق ويرينا كيف يتعامل الغرب معنا

انه يدرس ويخطط ويحلل وينفذ ربما يغير طريقته تبعا لطريقة مقاومتنا له ولكنه دائما وللاسف ناجح فى طريقة ادارته لنا حتى الان على الاقل
لقد نجح بالاستعمار المباشر حتى بات البعض منا يترحم على ايامه ، ونجح ايضا بالاستعمار غير المباشر وبادواتنا نحن

الكارثة الحقيقية انه يبدوا اننا لا نفهم حتى ذواتنا ولا حضارتنا ولا نجد سبيلا للارتقاء دون ان نذوب فى الاخرين ، وفى الحقيقة اننا لن نذوب وسنظل مسخا شرقيا ، ما لم نفهم كيف ندلف العالم الجديد بالعلم والتربية والانضباط وليس بالفهلوة

#خالد_محمد_جوشن (هاشتاغ)       Khalid_Goshan#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات