أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسعد الجبوري - القراصنة - حلبجة يوم ماتت اللغات















المزيد.....


القراصنة - حلبجة يوم ماتت اللغات


أسعد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 427 - 2003 / 3 / 17 - 02:12
المحور: الادب والفن
    


 

القراصنة

                                    


                                            حلبجة يوم ماتت اللغات

1
عميقاً في الأرجوان .
الندى بثياب الحداد .
طويلاً  كملاجئ السيوف .
النواحُ ،
ولن يذبل في حدائق القرون .
صلصالٌ في اللغةِ ..
والدمعُ سلالمٌ حتى الغيوم .
نظراتٌ تتكدسُ خلف نظرات .
وحول الأرضِ الجثامينُ والزمهريرُ.
كل عام ..
والعيدُ  لغمٌ  في مترو اللحم .
تلك  بلادٌ ..
ترى العراقَ على ظهره ثكنةً ..
والزمانَ  من قرابين الوريدِ .
تلك ذاكرةُ الميتم ..
ومن الحرب المعطفُ .
تلك قامةُ الجبل ..
ومنه الـ (( برنو )) لمصادرةِ الموتِ
من الموت .
أو لتطرده عن المنازل القصائد الأكباد
الضفائر الوعول المرايا .
جاءت الطائرات ..
راحت الطائرات ..
لكن كاوه لن يحمل الجبال على ظهرهِ
ويرحل .

2
أتراك وفرسٌ وعربٌ .
مثلثُ برمودا..
حوله الدمُ في الوجه يضيق.
وبه تفيض أذرعُ الطواحين
في قيعان الأساطير .

حتفٌ كمينٌ
يتلألأ فوق الخرائط .
وكلّ الليل للتفتت .
وبه حادي الألغامِ ينشرُ
طحينَ الأنفال على الزهر البريّ
في ( بيره مكرون ) .
سفوحٌ ومنتحبون .
وقوافلٌ تصحرت بقيامةِ الكيمياء .
المدافعُ مآذن الجحيم .
ومن قصعةِ الجندِ زفافُ الجثث .
هنا .. الزلازلُ لقياسِ ظلامِ
اللغة .
هنا ..
البردُ يشتعلُ في الثياب .
والتواريخُ مناجلٌ تعملُ في الدم .
جاءت الطائرات ..
راحت الطائرات ..
لكن كاوه لن يحمل الجبال على الظهر
ويرحل .


3
أتراكٌ وفرسٌ وعربٌ .
ثلاثةُ مناجل لربيع واحدٍ
في كتاب .
ثلاثةُ قنابل تحت سرير
بقوائم من أنقاض الغرقى .
نحن الأسوارُ
نحن البارودُ
نحن البكتريا  .
سمواتنا مجعلكةُ
وتحتها تدورُ المدنُ  وتُمحى .
جاءت الطائرات ..
راحت الطائرات ..
لكن كاوه لن يحمل الجبال على الظهر
ويرحل .
4
لما كانت الأرض طاولةً عارية.
وهو يجلسُ لوحدته.
يمصّ سكرتهُ من القمر ،
ليطيرَ نافذةً طويلةً من الهواء .
تاجهُ ثلجٌ مطرزٌ بالنبيذ .
هو الكان يمشي من برج النحل
إلى برج الحكومة .
هو الكان يكتبُ من أول النهدّ لآخر
(سنندج ) .
مازجاً  ما  بين ضحكةَ الجيشِ
ونواح اللغات .
وحالماً بنوروز
طائراً جهبذاً على سراط القصف ِ
المستطيل .
هو الذي يشهد انفصالَ رأسه
عن رأسه ويرتاحُ من خوفه .
جاءت الطائرات ..
راحت الطائرات ..
لكن كاوه لن يحمل الجبال على الظهر
ويرحل .

5
أتراكٌ وفرسٌ وعربٌ .
مدافعٌ تجرُ ذيولها صعوداً ،
لقطفِ الأرواح .
وفي كل مضيق مجنزرةٌ سامّة .
جيوبٌ بالذئابِ مليئةٌ .
وكل عندليب بجناحهِ مصاب .
مدنٌ بلا مظلات أو ظليل أو ظلال .
تيهٌ يتناغمُ في بلعومِ  تيه .
والمرايا مثقوبةٌ بالجثث .
فمتى تأوي الفراشةُ لمنزلها الشعري
يا شيركه .
الأفقُ وسادةٌ عمياء .
والقصيدةُ بعوسج النشيج
تغرق .
لم يبق في النشيد سوى باب
الضريح .
فأين منك المتحفُ الخيالي ..
والغبشُ موجٌ من زجاج .
أهو الكوردي ( فائضاً ) عن الحاجة .
فأين المدافنُ لتسعَ كل الجبال .
دع الليلَ حريراً منقطاً ..
ويمر ما بين العين وبين حقول
التبغ .
أهو الموتُ دميتكَ ..
لتلعبَ في تخومها بلا يدين .
أهو الهلاكُ الأولمبيي
حيث العظامُ حريقٌ في الهرولةِ .
والأمُ  كهفُ اللجوء .
أم هو الوطنُ الفقيدُ في القطار
الشتات ..
وأنتَ الفاقدُ المفقودُ الفقدُ
لا صاعقة إلا في مياهك .
جاءت الطائرات ..
راحت الطائرات ..
لكن كاوه لن يحمل الجبال على ظهره
ويرحل .


6
معاً ..
شربنا جمرَ النبيذ في المحطات
الكؤوس .
كلانا من شناشيل الحمى ،
وفي الزنازين نتقلب .
مشينا على ارتفاعاتنا خبباً
وكانت الثلوجُ  في أرجلنا
ثقوباً بحجم البحيرات .
وكم رأينا غصونَ السلاحِ لبلاباً
هناك ..
حيث المدى طير رماد برسم القنص .
والغبار الأصفر ملاكُ الحكومة .
جاءت الطائرات ..
راحت الطائرات ..
لكن كاوه لن يحمل الجبال على ظهره
ويرحل .

7

تنتحب
تذوبُ
فأيننا من شمس الكلمات ..
تقصّ عمى الخرائط .
حيث اللغات تسقطُ
ولا يبقى إلا النور المكسور .
وبه نسقي الأضاحي .
جاءت الطائرات ..
راحت الطائرات ..
لكن كاوه لن يحمل الجبال على ظهره
ويرحل .
هو المتصوفُ في حرائق أتاتورك .
هو الجسدُ النقالةُ المطوي
على نفسه في ارم ذات بغداد .
وحريرهُ  يركضُ منه مشتعلاً
في بلاط الفرس .
هو طولُ القصيدة..
ونحن نتوكأ حروف سورداش
ومقام رش بست .
حيث عاشق بهدينان
يناجي في سوران طيوفَ الهوى .
أتراك وفرسٌ وأعراب
هم أولُ النبال في جوف الجبل .
هم أول نارٍ على ظهر الجبل .
هم أطول الصلوات أمام جثمان
الجبل .
هم العواصفُ ..
والراقصُ كوردي على الفحم .
هم القواميسُ ..
وهو حبرُ نفسه الأحمر بين صحائف
العمر .
وترجمانهُ الصاروخُ .
هم الحصون  ..
وهو قافلة الريح تنحتُ في الهجرةِ
ونصّ مسرحهِ الاغتراب .
هم المصائدُ منتصبة ..
وأطرافهُ طعامُ الفخاخ .
جاءت الطائرات ..
راحت الطائرات ..
لكن كاوه لن يحمل الجبال على ظهره
ويرحل .

8
أيها النبعُ
يا حارتي القديمة في أربيل .
هل تعلمتَ التدفقَ في بريدٍ
يصل الله بالعراق .
أنتَ المشتهي حبّاً لا مدفعاً .
أنتَ الراكضُ بين القصائد أيلاً .
وحوله الأدغالُ وجدران الظلمة .
الليلُ .. الليلُ
والخمرُ يعتلي كفاُ مقطوعة .
الحكوماتُ الحوافرُ
الحكوماتُ الملفاتُ
ودمكَ بالفوانيس يترجرج .
تعبرُ مرآةً .. محارباً .
تدخلُ مرآةً .. لاجئاً .
تعبرُ تدخلُ تفرّ تُصورُ نعاسَ
العصور .
نسلكَ من ورد الله .
وأنتَ سرّ البكاء في اللوحة .
جاءت الطائرات ..
راحت الطائرات ..
لكن كاوه لن يحمل الجبالَ على ظهره
ويرحل .


9
الراجماتُ قبائلٌ تمطرُ .
والأعينُ ذات النظرات
مستقيمان
والغروب خطٌ مقفى ..
ومنه الرحيلُ في ساعة اليد
مستنفراً .
جبالٌ صحارى والموتى تجليات ..
وعازفُ الدستور ثعبانٌ .
فاقتل كوردياً لتربح خسارة الله .
جاءت الطائرات ..
راحت الطائرات ..
لكن كاوه لن يحمل الجبالَ على ظهره
ويرحل .
10
حرابٌ ..
تجلسُ في كتابهِ .
ومن سماده المريع
قوسُ قزح ٍ والكمنجةُ العارية .
تلك أرواحٌ معطوبة ..
الثلجُ المؤرخُ
والضفافُ فلسفاتٌ من شرفاتها
تتدلى رقابُ البيشمركة .
هم الداخلون في صفنة الكيمياوي ..
النازحون من فوهة المدفع إلى تقاطع
العظام على الطريق .
وحلبجة ضلع التاريخ المكسور .
جاءت الطائرات ..
راحت الطائرات ..
لكن كاوه لن يحمل الجبالَ على ظهره
ويرحل .
أتراك وفرسٌ وعرب
ثلاث مختبرات لربع ضحكة
بلا مأوى .
فتعال يا شيفان ..
نتبعُ مجرى التاريخ حتى خلودنا
في الأناشيد .
تعال نركضُ خلف العربات في قامة
ليلٍ يضيقُ على سنبلة .
تعال إلى نهار ٍ داخَ من تعثر
أقدامنا على السلالم .
لم يبق يا شيفان من حصانٍ
لنمتطِ دمعنا .
لم يبق من رمح ٍ ،
لنبثهُ بظهر ليست لنا .
دول تخوضُ في كراتنا الدموية
ألعابها قرابين قرابين .
أليس هو الخردلُ القشدةُ
على الجبال .
ما أفظع أن نغني في جنازتنا
المدورّة .
ما أفظع تقاسيم البزق بعد دفن
القرى .
هات منك حنجرتك يا شيفان ،
لنتبع الأرواح في حلبجة .
وتحتها كعكةُ الطفولة مغسولة
بالمدفع العملاق .
تعال نرى الحربَ في المفاصل .
وأين منها أمنا بين شعاب التواريخ
والأعراق تكون .
فقل لي أي طريق لنسلك
وزاغروس مقفل .
وأي كلام يطير من الفمِ
والمأتمُ خطوتنا الأخيرة .
من يأخذنا لقلعة دزة
ويجعل منا  غجراً بين الغيوم .
هي الأسطورةُ في مجرى الأرض ..
وأشورُ هودجُ ضوء ونشيد .
جسدٌ تفتح في كركوك ورداً
من الكلدان .
وقام منه النساطرةُ أجنحةً
لمدن الله .
جاءت الطائرات ..
راحت الطائرات ..
لكن كاوه لن يحمل الجبالَ على ظهره
ويرحل .
يا للقلب المعتق كطوروس
وفوقه الأمطارُ تقرأ السنديان .
حيث الرقابُ تطلُ
مموسقةً بمقامات الديناميت .
جاءت الطائرات ..
راحت الطائرات ..
لكن كاوه لن يحمل الجبال على ظهره
ويرحل .

11

هي الأرضُ الزنزانةُ الكأسُ
المغلقةُ .
وكم حلمتُ بقصيدة في شيخ عمران .
أتبخرُ فيها .
وبجسرٍ في زاخو
أدخرُ من تحته الألماس .
أية سمفونيات من تلك الأوتاد ..
نجلسُ تحتها لقطف المصابيح
من السليمانية .
أو نمشي على أصواتها في دهوك .
آن للتاريخ الإقلاع عن تدخين
حشيش المراثي .
وعن تلك الطائرات ..
ليس من ريشٍ على أجنحتها
لتطير بعد .


 



#أسعد_الجبوري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديكتاتور
- الإميراطور
- تحت سماء نصف مُكتملة


المزيد.....




- الأديب والكاتب دريد عوده يوقع -يسوع الأسيني: حياة المسيح الس ...
- تعرّف على ثقافة الصوم لدى بعض أديان الشرق الأوسط وحضاراته
- فرنسا: جدل حول متطلبات اختبار اللغة في قانون الهجرة الجديد
- جثث بالمتاحف.. دعوات لوقف عرض رفات أفارقة جُلب لبريطانيا خلا ...
- المدينة العتيقة بتونس.. معلم تاريخي يتوهج في رمضان
- عام على رحيل صانع الحلم العربي محمد الشارخ
- للشعبة الأدبي والعلمي “جدول امتحانات الثانوية العامة 2025 ال ...
- من هو ضحية رامز في 13 رمضان؟ .. لاعب كرة قدم أو فنان مشهور “ ...
- فنانون يبحثون عن الهوية بين أرشيف التاريخ وصدى الذاكرة
- أمير كوستوريتسا: الأداء الأفضل في فيلم -أنورا- كان للممثل ال ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسعد الجبوري - القراصنة - حلبجة يوم ماتت اللغات