|
اللوحة مثال اعلى للجمال
غالب المسعودي
(Galb Masudi)
الحوار المتمدن-العدد: 5986 - 2018 / 9 / 6 - 14:13
المحور:
الادب والفن
غالب المسعودي: اللوحة... المثال الأعلى للجمال
حوار: خضير الزيدي الحياة والموت واتصالهما بفكرة اللوحة تعبيرية كانت ام تجريدية مجال يحرك اهتمام الفنان غالب المسعودي الذي يسعى إلى ان يشكل مشهداً للحرية بين هذين الحدين. والفنان غالب المسعودي طبيب اسنان متخصص بجراحة الوجه والفكين شارك في جميع المعارض الوطنية منذ عام 1999 ، واصدر مجموعتين شعريتين ، وله اسهامات في مجال النقد التشكيلي. في هذا الحوار يتعرض غالب المسعودي إلى فكرة حرية الإنسان وموته مستفيداَ من الذاكرة الانسانية التي تحاول الصمود امام الموت اليومي الذي يلف حياتنا. * مشروعك من الناحية الفكرية يعالج بدون شك دلالات كبيرة ويغوص في مستوى الوجود وله ثنائيات وانشقاقات تعبيرية، هل تراه يتواصل مع الارث الانساني ويتجانس مع استثناءات الطبيعة وتحولات الزمن؟ ـ ان المتتبع للآثار الفنية التي خلفتها الحضارات العظيمة لا بد من ان يلاحظ انها كانت تعبر جدار الزمن الكرونولوجي وتتوق نحو التماس الرائع والسامي غايتها الفضيلة الكبرى وهو الجمال، ولكل حضارة حسب ما توفر لها من ظروف موضوعية ظلت تترع نحو الديمومة وتعنى بابتكار حلول فكرية للصراع بين ما هو زائل إلى ما هو خالد وهذا هو مشروع الفنان المبدع في كل الازمان. ومشروعي من ناحية فكرية يركز على بنية العقل وهذه مهمة جداً في بناء طرق التفكير لدى الفرد كون ان اهمية الفن تتلخص بانه ضرورة اجتماعية واخلاقية وبالتالي ضرورة انسانية، اما التواصل مع الارث الانساني فهو متاح للجميع والاكثر احقية في التوصل هو من يستطيع ان يتمثله. * في لوحتك تخطيطات لاختلاجات (الكائن) مما توحي بانه (مقدس) ومنشغل بعلة الحقيقة و حيزها الغريب من لحظة الوجود ،ألا تراه يتوحد مع موجوداتك كانه يقين / وتصور؟ ـ الفنان كائن لا يتنبه إلى العالم بالذهن وحده بل بوجدانه كله حتى ان شدة انتباهه تتعلق برغباته وعواطفه واهوائه ، واذا كان هذا لا يظهر عند كل الناس وذلك لغرقهم في صعوبات العيش مما يجعلهم ينصرفون إلى ما هو ضروري لاستمرارهم في الحياة فان الفنان لا يجد ما يقيم اوده ويجعله متوازناً مع رغباته الا طريق الفن وهذا هو الفرق بين اصالة المفكرين وتفسير حالتهم الوجدانية وهم ينصرفون إلى اعمالهم الابداعية. ان الفنان لا يمكن ان يطالب بالوضوح والدقة والشعارية في التزامه الاجتماعي الا ان ذلك لا يقوده إلى انكار ذلك الالتزام وذلك بتطويع الحدث ضمناً وعلانية إلى مصب التقديس ليكون نتاجاً انسانيا ومثالاً خالداً في حدود اصالته وقدرته الذاتية على استيعاب السابق واللاحق وعلى الوقوف على تلك الابعاد الوجودية ليكون حضوراً دائماً يلقي بظلاله على التجارب المستقبلية. * تبدو لوحتك (صعبة في كيانها وتكوينها) كانها مسبوقة بادراك يترابط مع مبادئك وهويتك وربما ايديولوجيتك فهل هو انتماء واقعي ام فعل من مقاصد كائنك العاقل المركون في سطح اللوحة؟ ـ حري بنا ان ننتبه إلى التناقض الصارخ بين من يريد ان يؤسس لمنهج جديد وبين من يريد الابقاء على الصيغ العقيمة ويحاول ان يدفعها إلى مواقع التقديس عابراً منطق التجاوز الجدلي وهذا يضعنا امام مهمة الحفاظ على العناصر الايجابية والحية من أي تجربة وذلك برفعها إلى صيغة متقدمة عبر انصهارها داخل موقف جديد والذي يكبح تحويلها إلى فزاعة ميتافيزقية في ايدي الجهلة يوجهونها ضد التطور وضد تطورها هي نفسها من حيث كونها تجربة نضجت ضمن نسق معروف وفي سياق عيني وتطبيقي وابعادها عن العقم والضحالة والانطلاق من الترعة التي تتبناها وتتماهى معها و عدم التوقف عند الاسباب القريبة، وذلك بالدخول إلى عالم الفن المبدع كي لا يحجب ذلك عن اعيننا اموراً فائقة الاهمية وهي الارهاصات العميقة التي تحققت من خلال تجربته الذاتية. ان الفنان يرفض كل الصعوبات والاشكالات التي انتصبت امامه عائقاً من دون ان يكون متجاوزاً المبادئ و الهوية الا انني اعتقد ان عصر الايديولوجيات قد انتهى ولذا تاتي اعمال الفنانين لتمثل الوجود بشكله وتمثل الفنان بروحه. * بعين الكاميرا كيف تراقب واقع الحركة التشكيلية العراقية من حيث تجسيد اللوحة وطرح ابعاد نظرية للفن التشكيلي وعلى من تراهن في خصوص التنظير من جهة وتجسيدات الفن التشكيلي بالنسبة للتشكيل العراقي؟ ـ لمست من خلال مراقبتي للحركة النقدية التشكيلية العراقية شيوع ثقافة الاسم والنرجسية المرضية والدونكيشوتية وعقدة التشبه بالاخر، ولكن هناك اسماء ملكت زمام المعرفة ولو ان بعضها اعطت تنازلات بسيطة نظرا للظروف غير الانسانية الا ان القدر اتاح لها ان تواجه الامر اثر خلاصها من عذاب الذات واخص بالذكر هنا الفنان عادل كامل والناقد محمد الجزائري والناقد سهيل سامي نادر وكما يقول الفنان عادل كامل ثمة لذة، جماليات نزعات تعبيرية اجتماعية معتقداتية، طرق للحوار، اعلانات اشارات، التباسات، غطرسات... الخ في فن الإنسان، أكثر من ذلك هناك ما لا يمكن مقاومته.. الفناء، اما درجة الاختلاف في الخطاب الثقافي فهي مشروعة من حيث التقليد والنوع ولا يسعني الا ان اصوب النظرة ـ باتجاه التاثيرات الاجنبية و الذاتية والتي تسهم في تاسيس خطاب الاشتغال من موضع يضعها في مكانها الحقيقي من الحركة الثقافية العربية الحديثة، ولم يقتصر هذا على نطاق قراءة الواقع العيني بل تعداه إلى مشاريع حول صورة المستقبل وهذا ما ادى بالتالي إلى تعقيد الصورة الهجينية في ذهن المتلقي والذي يؤدي بالتالي إلى جعل الثقافة المستقلة أكثر اهتزازاً وقلقا في تجديد الفكر وسوف يتبين لنا لاحقا ان هذا الامر سيشكل المنطلق الحقيقي لاستيعاب وتعميق الخطاب المستقبلي. * هل من انكسار وجداني دفعك إلى روح واحدة وبحث جوهري واحد ام وجدت ضالتك في هذه التعبيرية التجريدية فإنفردت باسلوب خاص في تكوين اللوحة فاصبحت من الناحية الشكلية هوية لك؟ ـ وهل غير الانكسارات تدفع الروح الوثابة إلى تدفق وجداني وبحث عن الجوهر، وهل تصلح إلى غيري هويتي ومع لحظة الالهام ومن دون ان يكون هذا التكييف الاخير لان العمل الفني وهو يتحول إلى اثر في وجود حاضر ابداً بيد ان الصور الجمالية التي افلتت من آسار الماضي ونفذت إلى الحاضر ثم اتجهت إلى المستقبل انها تحمل طابع الذكرى أو طابع الادراك بالخيال وللزمن بعد مشخص في الوجدان ولان الذكرى والادراك والخيال تتقاطع زمانياً ولا سيما لدى الفنان فهو يسجل ذكريات خالصة في آثاره الفنية ويضمنها شيئاً من ادراكاته وشيئا من وعيه وشيئاً من خيالاته فهي لا تعبر عن الواقع بمعناه الضيق بل عن المثال الاعلى الذي يتطلع اليه الفنان ولكن كيف تتكون هذه البنى الذهنية والبديعية ابتداء من الطفولة ومن الحياة العادية إلى الحياة الفنية وفي هذه الحال يمكننا ان نرى في الصور الجمالية شيئا من التجريد فالصور الجمالية شانها شأن الافكار العامة بحاجة إلى علاقات تربط بينها لان التجريد يعني الانفصال اصلاً، وهذا يعني ان هناك بنية من نوع اخر بنية وجدانية مشخصة ومنها تنشأ العلاقات بين الفنان وبين الموجودات وهي علاقات الذات بالموضوع وهي بالتالي علاقة البديع بالظاهرة الجمالية وهي القاع الذي تقوم عليه كل العلاقات الأخرى المجردة وهكذا نجد ان هناك اختلافاً في الحالة الوجدانية التي يعبر عنها اذ اننا نختار من صور العالم الخارجي ووسائل التعبير ما نرى انه يتلاءم مع حالتنا الوجدانية وهذا ما يحدث بالضبط للفنان مع مراعاة الفارق بين وسائل الابانة والصور التي تعن له لان الاختيار هو جوهر التجربة الفنية.
#غالب_المسعودي (هاشتاغ)
Galb__Masudi#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ستار العفة
-
جرحي وطني
-
الفنان ماجد السنجري تعدد دالات النص سياقيا
-
الذي يخاف و لا يستحي
-
الغباء موهبة
-
يوميات عراقي
-
صباحُ حلو حوار بين عاشقين
-
وكح
-
أكرو ستك
-
هايكو عراقي
-
وضع الطيران
-
يوم القيامة
-
رسائل غير مشفرة
-
أعتراف
-
سماء مضمدة بالسواد
-
الحب كالموت لا ياتي الا مرة واحدة
-
لا تحتفوا بي
-
النقد السياقي - -مفارقة السياق نحو حراك ثقافي جدي
-
حبيبتي ثمار
-
الجمعة التالية
المزيد.....
-
6 أفلام تتنافس على الإيرادات بين الكوميديا والمغامرة في عيد
...
-
-في عز الضهر-.. مينا مسعود يكشف عن الإعلان الرسمي لأول أفلام
...
-
واتساب يتيح للمستخدمين إضافة الموسيقى إلى الحالة
-
“الكــوميديــا تعــود بقــوة مع عــامــر“ فيلم شباب البومب 2
...
-
طه دسوقي.. من خجول المسرح إلى نجم الشاشة
-
-الغرفة الزهراء-.. زنزانة إسرائيلية ظاهرها العذاب وباطنها ال
...
-
نوال الزغبي تتعثر على المسرح خلال حفلها في بيروت وتعلق: -كنت
...
-
موكب الخيول والموسيقى يزيّن شوارع دكا في عيد الفطر
-
بعد وفاة الفنانة إيناس النجار.. ماذا نعرف عن تسمم الدم؟
-
الفنان السوري جمال سليمان يحكي عن نفسه وعن -شركاء الأيام الص
...
المزيد.....
-
تحت الركام
/ الشهبي أحمد
-
رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية
...
/ أكد الجبوري
-
نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر
...
/ د. سناء الشعلان
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
المزيد.....
|