أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إيرينى سمير حكيم - ابداع التمثيل الصامت فى مشهد النهاية من فيلم شادر السمك















المزيد.....

ابداع التمثيل الصامت فى مشهد النهاية من فيلم شادر السمك


إيرينى سمير حكيم
كاتبة وفنانة ومخرجة

(Ereiny Samir Hakim)


الحوار المتمدن-العدد: 5986 - 2018 / 9 / 6 - 04:08
المحور: الادب والفن
    


يصف النص فى العمل السينمائي الكثير من المشاعر لدى أبطال العمل ويُعبِّر عن انفعالات القائمين به، سواء عن حقائق مشتركة فى دواخلهم مع ما يجسدونه من شخصيات، أو مجرد تعبير عن حالات يدونوها بالتمثيل أمام المُشاهد ..

بينما استخدام تعابير الوجه وايماءات الجسد مع قافية النغمات الموسيقية فقط بدون نص، فهو يعكس أكثر بكثير مما تستطيع الألسنة الإشارة إليه فى مكنونات الشخصية، وما بين سطور الاحدث وتحول مساراتها الدرامية ..

ولكن استخدام تلك العناصر الدرامية يلزم وجود مفردات خاصة من المواهب، لتُقدَّم بإتقان خاص، حتى تؤدي جودة تأثيرها على المتلقى، وفى العمل السينمائى الذى سأتحدث عنه هنا قد تم استخدام هذه الأدوات بلباقة اخراجية شديدة، استطاعت أن تقوم بتحقيق هذا التأثير الأدائى البليغ بفن تعبير صامت.

وهذا المقطع هو المشهد الأخير من فيلم شادر السمك

وتعود أهمية مشهد النهاية من الفيلم إلى ابداع المخرج على عبد الخالق فى تنسيق توظيف الأشخاص مع الأشياء فى رمزية المشهد السينمائى، والذى نجد فيه أن للأشياء نفس القدر من الأهمية، التى كانت للأشخاص فى تكوين الحدث الدرامى، وهذا سواء كانوا ممثلين من أبطال العمل أو الكومبارس فيه، فقد تساوت جودة التوظيف البصرى بين معطيات المشهد على حد سواء.

ولقد تضافرت كل عناصر العمل من أداء تمثيلى وموسيقى واخراج، لتعطى للمشاهد انطباعات رمزية أكثر عمقا، وبُعدا أكثر دلالة على معانى هامة ينتهى عليها العمل، ليظل تأثيرها ممتدا فى ذهن وروح المشاهد إلى ما بعد الإنتهاء من مشاهدته.

ويعتبر هذا المشهد تمثيلا صامتا من أهم المشاهد التعبيرية فى السينما المصرية، بادئا بزاوية سفلية للكاميرا تتركز على وجه ( المعلم "أحمد" كبير معلمين الشادر وقتها – الشخصية التى يقوم بتجسيدها الفنان أحمد ذكى) الذى يتهكم بنظراته على جوانب الشادر، واضعا فى فمه سيجار لا يلمسه بيديه اللتين فى زاوية تالية للكاميرا تظهران وهما فى جيوبه، لا يأبه بدخانها مستهينا بنارها، متفحصا سكون كبار الشادر الذين يستصغرهم، ويراهم هادئين متوارين فى جحورهم منتظرين مقدم سيدهم.

وفى استخدام رمزى متفرد لم يكن مكررا، ولم يتم استخدام رمزى لأشياء درامية بنفس القوة فيما بعد، تم تجسيد حرب ضارية بين كبرياء هؤلاء وجحود هذا.

والتى من أبرزها هى دكاكين المعلمين

فلقد لعبت الدكاكين رمزية عالية المعنى على طول الفيلم، فهى بمثابة عروش لكل "معلم" من معلمين شادر السمك، كأنها كراسي سُلطة، ومن خلالها تم التحكم فى صراعات داخل الشادر على النفوذ والمال، وأخيرا فمن داخل هذه الدكاكين نفذوا حكم الإعدام الجماعى على "المعلم أحمد"..

ومن جمال استخدام وتوظيف الأشياء من المخرج فى المشهد النهائي، نجد كيف سلط الكاميرا على كل معلم، وهو بداخل دكانه ينظر بغضب مكتوم كأنه النقطة التى أنهت جمل التهديدات السابق ذكرها فى المشاهد السابقة، وبعد اقتراب الكاميرا على كل منهم يُغلَق الدكان من أعلى لأسفل، ولا تذكر الكاميرا يد أو وجه غالقه، وبعد تنفيذ حكم الإعدام تُفتح هذه الدكاكين واحدة تلو الأخرى من أسفل لأعلى لتُظهِر وجه كل منهم مبتسما راضيا..

لقد استخدم المخرج حركة أبواب الدكاكين كأنها حركة اصبع الأمر والنهى من كل معلم منهم، بالإشارة لصبيانهم حتى يقتلوا هذا الزعيم غير المحبوب، تعبيرا عن قدرتهم على اهلاكه المتمثلة فى تجمعهم، وعَقد نيتهم على التخلص منه، وتوفر خدمة صبيانهم التى توفر لهم تنفيذ رغباتهم بعيدا عن تلويث ايديهم بدمه.

ليأخذك المشهد إلى رمزية أخرى وكأنه بعد صراع "المعلم احمد" الطويل مع السٌلطة، والذى انتهى بطمع أهوج كان أشبه بمحاولة سمكة أن تصبح حوتا، فما كان منهم إلا أن يتعاملوا مع هذه السمكة كصيادين، واقتنصونها برصاص خادميهم، وابتلعوها ككتيبة اعدام من حيتان.

وكان لهذا المشهد العظيم توظيفا رائعا من المخرج للموسيقى التى ظهرت مصاحبه للتمثيل الصامت، والتى صممت جزء من تكوين هذا المشهد، واكتفى المخرج فى لحظات أخرى منه بصوت أبواب الدكاكين، وصوت طلقات الأعيرة النارية المنتقمة من هذا المتمرد، لتُكمل عزف التأثير النغمى للموسيقى التصويرية فى هذا المشهد الخاص، وفيه لا يشعر المشاهد بانقطاع الموسيقى بل وكأنها نغمات متتالية متماشية تماما مع الأحداث النغمية، واللحن التصويرى المعبر عن المشاعر والأحداث..

ليستكمل الموسيقى مرة أخرى ناهيا المشهد بتصاعد الدخان وزحف الدماء فى أرجاء الشادر، ولكن تلك المرة ليس دخان سيجار هذا المتعجرف إنما دخان الأسلحة النارية التى اخترقت طلقاتها جسده، مع تعالى التوزيع الموسيقى الذى يصل لذروة الاحساس فيه عند اندماج أداء الآهات للكورال معه على نغمات نفس المقطع الموسيقى، تحسرا وتشفيا فى هذا الإنسان البائس الذى يعبر عن شريحة كبيرة جدا من نوعيات البشر..

محققا بذلك المخرج وكذلك المؤلف رمزية شادر السمك التى تشير إلى الدنيا ونوعيات السمك بنوعيات البشر فيها، ورحلة انسان يعبر عن القدر الأكبر من نوعيات النفس الانسانية، وكيف تلوث بالطمع بعد أن بدأ مشوار نضجه بالحب والشهامة، وكان الفساد فى الجزء الثانى من رحلته هو مأمنه وسلوانه، والذى وجد أنه ضمان استمراره وتحقيق شغف شهوتة فى الحياة..

لينتهى الفيلم بمشهد موت كما بدء بمشهد موت، معطيا للمشاهد دعوة فلسفية للتفكير فى منطقه فى الحياة من خلال رمزياتها المشار إليها فى الفيلم، مقارنة مع معطياتها للإنسان فى الواقع.

وكان لإختيار مشهد ينتهى به فيلم رمزى فى الاساس يكون ممثلا فى صورة تمثيل صامت، فهو اختيار يستحق أن يُنعَت بالذكاء، لأنه بالتأكيد فرصة أكبر للمشاهد للتأمل، ورسالة أقوى من أى نص لمخاطبة مشاعره وذهنه، والذى قد أُنهَك بمدة الفيلم، ليعطى المخرج أفضل وأقوى صورة للتأثير على المتفرج، وبطريقة تحمل حنكة فنية وحكمة انسانية تفيده فى الحياة.

فيلم شادر السمك هو قصة نبيل نصار، سيناريو وحوار عبد الجواد يوسف، موسيقى حسن ابو السعود، من بطولة الفنان احمد ذكى والفنانة نبيلة عبيد، ومن اخراج على عبد الخالق.



#إيرينى_سمير_حكيم (هاشتاغ)       Ereiny_Samir_Hakim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مُعزون متعبون
- سبب الإقبال الجماهيرى المتزايد على برامج المقالب للفنانين
- المفهوم اليهودى لقبول السلام بين المسيح والسادات بميزان التا ...
- قبول اليهود للسلام بين المسيح والسادات
- لا تصدقوا سياسات حناجر المنابر
- مَن علَّقوا سلامهم على مشانق الهلاك!
- عرض *مفتاح شهرة* لا تترك مفتاح شهرتك لأخر
- مسرحية *نزهة فى أرض المعركة* الإبداع فى ميدان التَورية
- عرض *كأنك تراه* عندما تواجه مرآة إيمانك!
- يا جان دارك
- عرض *إن عاش* عندما يُصبح أُناسنا بقشيشاً للشعوب
- الهجرة النفسية
- الصبح وليمة الساهرين
- عودة أوديسيوس!
- أنا لست آسفة على إزعاجكم
- يا جمل تاه فى جبال الصبر
- تقرير عن عرض قطف القاصرات ليس استعراضى وإنما تمثيل صامت
- إنتقام أوديسيوس
- فى محراب فلسفة الفن الروحية لفيلم The Perfume ومسلسل ونوس
- يا من حولتم دماء النساء إلى ذنوب


المزيد.....




- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إيرينى سمير حكيم - ابداع التمثيل الصامت فى مشهد النهاية من فيلم شادر السمك