أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الاء السعودي - تحليل لوحة “مشهد من الطوفان” للفنان الفرنسي جوزيف ديزيريه، رسمت عام 1826














المزيد.....

تحليل لوحة “مشهد من الطوفان” للفنان الفرنسي جوزيف ديزيريه، رسمت عام 1826


الاء السعودي

الحوار المتمدن-العدد: 5982 - 2018 / 9 / 2 - 07:02
المحور: الادب والفن
    


كثير هي اللوحات التي تسابق فيها الفنانون على تجسيد وتخليد ما قد عانت منه اوروبا في العصور الوسطى والظلامية السائدة آنذاك بفعل هيمنة رجال الكنيسة على الحياة كلها في اوروبا والتحكم في مصير شعوبها قاطبة!! وما تبع ذلك من تدنى وتدهور في جميع جوانب الحياة، حيث اتسمت تلك الفترة بالظلام والجهل والتخلف، بالإضافة إلى الغرق في الخزعبلات والاعتقادات الساذجة من سحر وشعوذة وغيرها من آفات قلة الوعي بسبب الهيمنة الكاملة على عقول البسطاء من قبل رجال الدين، وذلك قبل القرن السادس عشر الذي يعرف بأنه قرن الإصلاح الديني للمسيحية بعد ان تيقن الأوروبيون ووجدوا بعد العديد من الثورات ان الدرب الذي تسير عليه الكنيسة يخرج عن تعاليم السيد المسيح والمنطق اللاهوتي، خاصة مع انتشار ظاهرة بيع صكوك الغفران التي أمر بها البابا حينها..
في لوحتنا هذه، استوحى ديزيريه المشهد من الطوفان العظيم الذي حصل في زمن النبي نوح، يجبرنا الفنان هنا على الغوص والتعمق بالتفاصيل وقراءة التاريخ الاوروبي لمعرفة الدوافع الخفية التي أجبرته على التجسيد والانتقاء، وأسباب اختيار ألوان ايضا!! طبعا اللوحة حظيت بنصيب الاسد من الشهرة بالنسبة للوحات كثيرة تصور حال اوروبا قبل عصر النهضة وثورة الفنانين على الواقع وسلطة الكنيسة آنذاك، وهي طفرة فنية عبقرية مُنجزة بضربة فرشاة عالية الإتقان!! اضافة الى ان اهتمام ديزيريه بالتاريخ في لوحاته يعود الى تتلمذه على يد الفنان الفرنسي ذو الرؤية التاريخية والكلاسيكية الجديدة أنطوان جان كروس، حيث أخذ عنه الإهتمام بالتفاصيل التاريخية والاحداث في لوحاته..
اللوحة هنا تجسد رجل شاب قوي البنية وممشوق القوام، يشرع بإنقاذ شيخ عجوز شائب اللحية والرأس، على الرغم من انه كان بامكانه إنقاذ طفله الرضيع، حيث انه الأقرب اليه والاخف وزناً والأسهل عليه!! الا انه آثر انقاذ الرجل الكهل على طفله وعلى زوجته التي اخذت تمسك بِجِذْع شجر قريب عله يمنحها لحظات إضافية للحياة ويمنح ابنها كذلك قبل ان تبتلعهما المياه!! نظرتها توحي بقرب النهاية والاستسلام للمصير!! حيث انها على يقين بأنه لا نجاة!! وكأنها تعلم بأن زوجها لن يشرع لانقاذها ابدا!! الرضيع يبدو وكأنه يلتقط انفاسه الاخيرة ويناظر السماء وقد أمسك بطرف شال والدته الذي انساب من اعلى جسدها وقد غمرت المياه ملابسها.
ديزيريه هنا قد تعمد على إظهار الشاب بتلك الصورة ووجهه القاتم شديد السواد!! حيث انه يمثل الجهل ووجهه الأسود يمثل التفكير الظلامي والخضوع الذي قد غرقت به اوروبا آنذاك، الخضوع لمن؟ الجواب يكمن بالخضوع لرجال الدين الذين أحكموا قبضتهم الحديدية على الرعية والساسة والفكر على حد سواء!! والذين يمثلهم الرجل العجوز الغريب، لحيته وشعره الرمادي كلاهما يرمزان للتقاليد والموروثات، ثياب العجوز الحمراء ترمز لمنزلته الدينية، حيث ان اللون الأحمر في المسيحية يرمز لدم الفداء ويمثل ايضا النار التي عمد فيها التلاميذ يوم حلول الروح القدس، الزوجة تمثل الحاضر والجسر الذي يقود نحو المستقبل الذي يمثله الرضيع، ولكن الرجل يصّر على مد يد العون والنجاة للكهل العجوز الذي لا مستقبل له والذي ايضا انقاذه اصعب ما قد يكون بسبب بعده عن الصخرة التي يقبع عليها الشاب..
فعلى الرغم ايضا من ان كلا جسدي الزوجة والابن يضجان بالحيوية وتملؤهما الخصوبة، على عكس العجوز الذي قد هرم وفرغت منه طاقته للإعمار والإصلاح، الا ان "الجهل"مصمم على التمسك بـ"الماضي" واهمال كل من "الحاضر" و"المستقبل"!! وهذا يمثل الدفاع المستميت عن المعتقدات والموروثات حتى لو لم تعد تجدي نفعا او يعود وجودها بالفائدة!! اضافة الى التقديس الأعمى لرجال الدين الذي كان مسيطرا على الأوروبيين انذاك دون النظر الى الدور الحقيقي وفاعليتهم في الإعمار والإنماء!!



#الاء_السعودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرة على ثلاث لوحات من مدارس فنية وحقب زمنية مختلفة تحمل الع ...
- ما بعد انتهاء المرحلة المدرسية، وعقدة الاختيار الجامعي
- الداهية الماكر، افيخاي ادرعي
- 10 معلومات قد لا يعرفها البعض عن فينسنت فان جوخ:
- نظرة على اربع لوحات تحمل العنوان ذاته -القبلة-، من اربع مدار ...
- حول لوحة -التضحية باسحق- للإيطالي دومينكو زامبيري
- حول لوحة ظهور المسيح بعد قيامته للقديسة مريم المجدلية للفنان ...
- حول لوحة -القبلة- للإيطالي فرانشيسكو هايز..
- كلمة وداع اخيرة، للرمز الكاريزمي للامم المتحدة.. كوفي عنان!!
- ليس كل من يكتب جملة.. يصبح كاتبا!!
- نظرة عامة على لوحة -الساقي المغني- للفنان جاك فيتريانو
- لبنان ما بعد عودة الحريري، ترقب، انتظار والخوف من -تصعيد- جد ...
- التوقعات الواردة والتغيرات المحتملة لتنازل الملك سلمان المرت ...
- هل سينجو احد من قبضة محمد من سلمان؟ وماذا بعد اعتقالات الامر ...
- تركيا وامريكا، الحليفين اللذان لن يتفقا ابدا! طرق اصلاح مسدو ...
- قراءة سريعة حول مفهوم -العلمانية-
- امجاد شمعية
- اليمن، حرب سياسية واهلية..مجاعة وفقر وكوليرا
- هل سيتحول اقليم كردستان الى جنوب سودان اخر؟؟
- عام على اغتيال -الناهض-..


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الاء السعودي - تحليل لوحة “مشهد من الطوفان” للفنان الفرنسي جوزيف ديزيريه، رسمت عام 1826