أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاطمة ناعوت - رجاء الجميلة … سلامتك














المزيد.....

رجاء الجميلة … سلامتك


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5981 - 2018 / 9 / 1 - 15:04
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


الصَّبيّةُ المليحةُ ذاتُ الخِصرِ الناحلِ والقوام الممشوق والعينين السوداوين والشَّعر القصير آلا-جرسون، ابنةُ مدارس فرنسيسكان العريقة، الصَّبيةُ التي تعرفُ كيف تجعلُ الفساتينَ تخفقُ حول جسدها النحيل، خفقانَ جناحين ملوّنين حول فراشة، تصحو في أحد نهارات عام 1958، ليدقَّ قلبُها فرحًا حين يخبرها الرفاقُ أنها اختير "ملكة جمال القطر المصري". بعدها، تهافتت عليها بيوتاتُ الأزياء الراقية؛ لتغدو أجملَ فاشون-موديل في الوطن العربي. تعرفُ كيف تخطُرُ في خَفَر عذراءَ خجولٍ في ثوبِ زفافٍ أبيضَ، يُوشوّشُ اللؤلؤُ على صدره بأسرار خطيرة، وكيف تخطو نهارًا برشاقة في ملابس سبور فضفاضة، وكيف تسير الهوينا بكعبين رفيعين مثل ليدي في فستان سواريه، إذا ما حلّ المساء. لا أحدَ ينسى فستانَها البروتال الأنيق، وهي تراقصُ "عمر الشريف" "تشاتشاتشا"، فدهس حذاءها، مرّةً ومرّة، ثم حملها ليدور بها على البيست؛ كما يفعل الراقصون المحترفون من حوله، فإذا به يُسقطها على الأرض، فتُوسِعُه تقريعًا: “يا أخي مادام مبتعرفش ترقص، بترقص ليه؟"
بالأمس أطلق أحدُ "سخفاء الخواء"، كما يروقُ لي أن أُسمّيهم، شائعةً رخيصة تُفضي برحيل الجميلة، التي أثرَتْ شاشتَنا العربيةَ بغزير الأفلام وعروض الأزياء والبرامج والحوارات والنضال المجتمعي. وتلقّفت صفحاتُ فيسبوك الخبرَ الكذوب وأشبعته نشرًا ونثرًا في دروب الثرثرات اللاهية التي لا تعرفُ للجِدّ سبيلاً. هاتفتُها لأطمئن عليها، فجاءني صوتُها حزينًا مندهشًا، وسألتني: “فعلا عاوزة أعرف، يعني ايه واحد يضيع من عمره خمس دقائق، ليخترع كذبة، ثم ينشرها في نصف ساعة أخرى؟! ماذا استفاد وقد خسر من عمره ما لن يعود؛ والعمرُ أغلى ما لدينا؟! تصوّري لما آخد عزايا بنفسي! ليه كده؟!” وأجيبُها: يا أنيقةَ مصرَ، إنهم لا يخسرون شيئًا كما تظنّين. فالعمرُ غالٍ عند مَن يمتلك مشروعًا يشغله. أما الشاغرون البُلداءُ فالوقتُ لديهم ليس رخيصًا فحسب، بل هو حِملٌ ثقيلٌ يودّون الخلاصَ منه. إضاعةُ الوقت وهدرُ العُمر لدى الخاملين هدفُ أهداف الحياة. هم مثل نبات "الهالوك" الذي يعتاشُ على أغصان النباتات. يتسلّقون على الأسماء الكبيرة ظنًّا منهم أنهم بهذا يكبرون. ولو علموا فلا شيء يجعلُ الإنسانَ كبيرًا إلا ثمارُ عقله ويديه. الشائعةُ ظاهرةٌ في المجتمعات الكسول، لا يُطلقها إلا بُلداءُ خاملون، ولا يُشيعُها إلا حمقى شاغرون، لا يستوثقون مما يشيعون. الشائعةُ قد تهدمُ أسرةً، وقد تقتلُ إنسانًا، وقد تُشعلُ حربًا. وحاملُ وزر كلّ ما سبق شخصٌ تافهٌ ليس إلا صفرًا في قائمة الأحياء. لا أحد شعُرَ بمجيئه للعالم، ولا أحد يشعرُ برحيله. لكنه قبل أن يمضي يكون قدّ لوّث العالمَ ببصمةٍ سوداء لا معنى لها إلا أن تشيرَ إلى صفرٍ قد مرّ بهذا العالم ورحل تاركًا نُدبةً في شجرة الحياة.
علّ مروجي الشائعات يتأملون ما أراد أن يعلمنا إياه سقراط قبل خمسة وعشرين قرنًا من الزمان. جاءه أحدُ تلاميذه قائلا: “يا مُعلّم، أريد أن أحكي لك شيئًا عن تلميذك فلان.” فقال له أبو الفلاسفة: “حسنًا، ولكن أولا مَرِّرْ ما تريد قوله على ثلاثة فلاتر: 1- هل أنت متأكد من المعلومة؟ فأجاب التلميُذ: (لا، بل سمعتها من أحدهم.) 2- هل المعلومة طيبة لٌا يكره الشخصُ سماعَها؟ فأجاب التلميذُ: (بالعكس، المعلومة مشينة.) 3- هل سيُفيدنُي سماعُ المعلومة؟ فأجاب التلميذ: (في الواقع، لا أظن.) هنا ابتسم سقراط وقال: “تودُّ أن تسرق من عمري لحظات أُنصتُ فيها لخبر كاذب، ومشين، وغير مفيد؟!” فخجل التلميذ وأطرق أرضًا، ومضى. ليتنا نتعلم فلسفة الفلاتر السقراطية قبل أن نلوك سِيَرَ الناس بما يكرهون. فالإنسانُ "كلمةٌ"، والشرفُ "كلمةٌ" والكونُ "كلمة"، "في البدء كان الكلمة"، وقد يكون في الكلمة موتُ إنسان فاعل صالح يبني مجتمعه. رجاء الجداوي، سلامتك يا حبيبتي.
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوبَى لصُنّاع الفرح
- أشهرُ صفقة باب في التاريخ
- هرمُ الإسكندرية ... والشيخُ سيد
- حين يفترسُنا العشقُ سرًّا
- دموعٌ على جديلة … وآيسبرج على حُفاة!
- بوق نذير: -أنتِ ماحساش بالناس-!
- هل تعرفون المصريين الأرمن؟
- أسئلةُ -جوجان- الصعبة
- المتحف الكبير … هديةُ مصرَ للعالم
- نادي الشرق الأدنى للأرمن
- قواعدُ الرجال … يا نساء العالم!
- ه. ق. … أقصر رسالة في التاريخ!
- على أبواب الجامعة: كهف الفيلسوف، وحبل الفيل
- الخوف من الخوف
- لماذا الأوغاد لا يسمعون الموسيقى؟
- من الذي جرح ساقها؟
- كتاب الأخلاق … يا وزير الأخلاق
- كارما… المسيحيُّ في قلب المسلم
- لكي لا ننسى صناع الهلاك!
- خطأٌ مطبعيٌّ ... بالقلم الكوبيا


المزيد.....




- بتطبيق المواعدة -تندر-.. قد تبدو هذه الفتاة جذابة للعزاب ولك ...
- الولايات المتحدة.. اعتقال امرأة في فلوريدا بتهمة -الاتجار با ...
- 7 رجال وامرأة يخوضون انتخابات الرئاسة بالغابون
- أفضل من الزواج والمال! .. دراسة تكشف عن المصدر الحقيقي للسعا ...
- الأمم المتحدة تحقق في 36 غارة إسرائيلية في غزة ضحاياها -من ا ...
- معاناة النساء وكفاحهن..قصص يسردها مهرجان -فيلم المرأة- في ال ...
- لماذا تزيل أعداد متزايدة من النساء حشوات تكبير الثدي؟
- صدمة بعد تسبب خطأ تلقيح صناعي بإنجاب امرأة طفل زوجين آخرين
- 800 دينار الآن سجلي..كيفية التسجيل في منحة المرأة الماكثة با ...
- اليوم العالمي لمكافحة السرطان: تعزيز الوعي والتكاتف لمواجهة ...


المزيد.....

- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاطمة ناعوت - رجاء الجميلة … سلامتك