أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس سالم - هَاديسا وهريسة والانتماء














المزيد.....

هَاديسا وهريسة والانتماء


إدريس سالم
شاعر وكاتب


الحوار المتمدن-العدد: 5981 - 2018 / 9 / 1 - 14:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليس في وسع الإنسان أن يختار أحلامه بيده، حتى يحقّق منها ما يشاء ويهوى، فالوطن ليس دائماً على حق، والإنسان لا يستطيع أن يمارس حقاً حقيقياً إلا في وطنه، وهذا كان حالنا – أنا وابنا خالي مصطفى حجي بلال وصالح بوزان بلال – عندما حضرنا حفلة فنّية رسمية نظمتها مجلس بلدية مدينة مرسين في تركيا، فقط دفعنا أنفسنا للأمام، بين الجمهور الغفير المتعطّش لرؤية الفنانة التركية «هَاديسا – Hadise»، التي أصبحت في نظر الحاضرين هريسة لذيذة، بنكهتها الحلوة.

إن الانسان يولد وهو مُجهّز بخمس حاجات أساسية؛ واحدة منها تنتمي للمخ القديم كما يسميه "وليام غلاسر" في تفسير الحاجات الإنسانية، وهي التي تختصّ بتداوُل الحاجات الفسيولوجية العضوية للإنسان؛ من حاجة للمأكل والمشرب والتنفّس، وحاجات الوجود أو الامتداد، أما الحاجات الأربع الأخرى، فهي تنتمي للمخ الجديد، وهي الحاجة للانتماء والمحبة، والحاجة لتقدير القوة والبأس، والحاجة للحرية والمشاركة في القرار، والحاجة للراحة النفسية، وإلى الوجود في بيئة تقبل الفرد وتُشجعه، لذا فإن الانتماء يعتبر أحد الاحتياجات الهامَّة للإنسان والدوافع المؤثرة في حركته الانتمائية، كالوطن والقومية واعتناق الديانة وحزبه السياسي ومنهجه الفكري وناديه الرياضي وجنسه ومهنته.

في حفلة «هَاديسا»، لم أرَ أيّ وجود للحاجات الجديدة والقديمة في عقلية الجيل التركي الجديد، كانوا بعيدين جداً عن روح الانتماء للوطن وتقديس العلم، رغم أن المناسبة كانت لذكرى يوم النصر التركي على دول الحلفاء عام 1922 بقيادة مصطفى كمال أتاتورك، بل العكس كانوا متعطشين لرؤية جمال ومفاتن وإغراءات «هَاديسا»، التي بدورها لم تبخل على جمهورها أبداً، حيث أتت مرتدية تنورة قصيرة جداً وصدراً مكشوفاً إلى حدّ ما، وكأن الوطن والانتماء بالنسبة للجيل التركي الجديد هو تلك التنورة الحمراء القصيرة، وذاك الصدر الجميل المعرّق جراء الجوّ الحار، والملتمع من كثرة إضاءات المسرح.

قبل أن نصل الحفلة، كان الصغار والكبار يتوافدون وبكثرة نحو المسرح، تأمّلت نبرة الخطابات السياسية والوطنية من الشخصيات البارزة ومسؤولين أتراك، عدد الجمهور تخطّى 5000 شخص، غالبيتهم يحملون أعلاماً تركية صغيرة، وفي كل كلمة خطابية تتعلق باسم تركيا أو مصطفى كمال أتاتورك أو الاستقلال أو الحرية كان نصف الجمهور يسخر من الخطاب الرنّان، والربع من النصف الآخر يلتزم الصمت، والربع الأخير يرفع العلم عالياً ويهتف ويصرخ جاعلاً فمه صفارة إنذار، معلناً انتماءه للوطن التركي.

رغم أنني سأتعرّض إلى نقد جارح وكلام قاسي، أو قد تتخطى إلى اتهامات وخيانات «على مَن سيتهمني بالأردوغانية، عليه ألا ينسى الأربعين مليون متواطئ كوردي في تركيا، الأجدر به أن يحاربهم ولا يحاربني»، إلا أنني أحترم العلم التركي، ليس حبّاً بأردوغان ككاريزمة سياسية وقيادية ولا لحكومته الذكية على شعبه ولا لجمال الطبيعة والحضارة التركية، وإنما لأنني أتحامى تحت ظلّ هذا العلم ولو بشكل مؤقت، ولأن هناك الآلاف من الأتراك الأبرياء استشهدوا تحت رايته، سواء حباً به أو إرغاماً، ومَن لا يحترم علم غيره لن يحترم أحد علمه.

أخيراً:
لا يكفي الإنسان أن يعيش على أمجاد آبائه وأجداده أو الأحزاب التي ينتمي إليها اسماً، وإنما المطلوب دائماً هو أن يسعى إلى صنع حاضره وتاريخه وبناء مجده، من خلال جهده وعمله المتواصل باتجاه العمران الخارجي والتقدّم الداخلي، ليتجاوز مِحن واقعه وتحدياته، وهذا بطبيعة الحال يتطلّب الانفتاح على حركة الحياة كلها، وذلك من أجل بلورة الفكر والرؤية الجديدة والمنهج الجديد والأساليب الجديدة، التي تمكنه من بناء تجربته وتطوير واقعه وتعزيز بناء انتماءه الوطني.



#إدريس_سالم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصادق الأمين على مصالح كوردستان
- إذاعة CAN FM صوت نقيّ لمجتمع مدنيّ
- أخي
- إلى «سينور» العنيد والمُتمرّد
- لاعبو «سينور» ماذا لو لعبوا في أحد الأندية الأوروبية؟
- هل أصبحت عفرين ولاية تركية؟
- لماذا قاطع مسعود بارزاني الانتخابات العراقية؟!
- ترامب.. رجل الأرقام لا السياسة
- مقامُ الهواء.. شعرٌ صوفيٌّ للنخبة ودروسٌ في الحكمة
- الخيمةُ 320
- الخيمةُ ثلاثمَائة وعشرون
- سقوطُ الآلهةِ في عفرين
- ثورة الجِياع في إيران لن تُسقط النظام
- حكّام العراق يحاربون الإرهاب بالفساد
- سوتشي بين السياحة والسياسة
- التعليم أساس لبناء كوردستان
- كذبة الثعابين السوداء في كركوك
- أُسُود على كوردستان، فئران أمام إسرائيل
- التآمر على كوردستان بنظرية المؤامرة
- قراءة في مقابلة رضا آلتون مع عُكاظ


المزيد.....




- اكتشاف مقبرةً قديمةً غامضةً في مصر.. ماذا في داخلها؟
- طائرة تسقط وتشتعل أمام سيارة على طريق سريع.. لن تصدق ما حدث ...
- -ذو بوندزمان- : حين يمنحك الشيطان فرصة العودة إلى الحياة ..ف ...
- القضاء اللبناني يستمع لإفادات سجناء سابقين في صيدنايا حول مص ...
- الدفاعات الروسية تسقط 13 مسيرة أوكرانية جنوب غربي البلاد
- تراجع مقلق في صحتها العقلية.. بريتني سبيرز تثير الجدل بعد نش ...
- خبير: -مليون جندي أوكراني في المقابر.. هل تبرر كراهية الغرب ...
- دعم ألمانيا محوري لنجاح العملية الانتقالية في سوريا.. لكنه م ...
- النمل العدواني يغزو ألمانيا ويسبب أضراراً بالغة في البنية ال ...
- كندا.. زعيم حزب المحافظين يهدد بترحيل مؤيدي فلسطين


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس سالم - هَاديسا وهريسة والانتماء