|
لربما امي تنتظرني
دارين هانسن
الحوار المتمدن-العدد: 5977 - 2018 / 8 / 28 - 02:19
المحور:
الادب والفن
للمسكينة التي تنتظر خلف النافذة يصرخ بوجهها ذاك الجندي" ليس في معاملنا خبز، ففي معاملنا القنابل تفجر نفسها ان لم تجد حائطا ترتطم به" ليس في يدي بندقية! تصرخ تلك الصغيرة. ليس في جعبتي أقلام رصاص او دفاتر وليس في منزلنا أبا يقرع الجرس حين يعود من المقابر ليس بوجه امي ابتسامة تساعد على وقف النزيف وليس في جعبتي أيها الجندي سوى حلم عابر حين مات في يدي كانت امي تريد ان تهاجر. يد اخي الصغير التي قطعت حين كان الكل يقاتل وهو يلعب الكرة حين كان لكل يرمي بعضه بالقنابل وهو يركض بين الشوارع التي تطل على المقابر حين كان للصغار معنى في اللعب ومكان في الضحك ومكان في الحارة التي تنازع حين اتى اخي الصغير مبتور اليدين كانت امي من الموت ترتجف تصرخ بالقتلى " ويل لمدمني الحروب والمهاجع ويل لي من بؤس قومي في المخادع وكيف لابني ان يرتوي تلك الألآم ويل للموت الذي بصغيري طامع ويل لي أيها المخادع" كانت أمي أيها الجندي ترتمي ببطء فوق الطاولة تريد ان تضم اخي الصغير بيدها لكن قوة اخرى من داخلها خانتها فسقطت سقطت امي بين رجليً! حين كنت صغيرة وقفت هناك انظر الى اخي الذي ينزف أحاول ان اوقظ امي! بينما يرمي الجيران بأنفسهم علينا وتهلهل النسوة باننا اهل الشهيد وبان الفخر لنا. بان ابي قد حلق في سماء الوطن يرتفع فوق النفوس الضعيفة يكون وحده هناك في الاعلى ينظر الينا! لكأنه لا يريدنا؟ هكذا فكرت! وهم يرددون تهاليل الشهيد والشهادة فوق راس اخي الذي ينزف وامي التي لم تستيقظ بعدها تغفو فوق الطاولة! كنت حينها أيها الجندي ارتدي مريول المدرسة والحقيبة في ظهري، احمل الرسمة الجديدة في يدي وأريد ان اخرج. ان اذهب الى ساحة المدرسة والعب الكرة، ابي سقط امام المدرسة التي لم تبق لنا، ضحكت حين عرفت ذلك أيها الجندي. ضحكت! انا عمري ستة أعوام ذاكرتي حروب واغنيتي المفضلة عن الشهيد. عن ابي! لا! اغنيتي المفضلة عن الموتى الذين يسقطون فجأة امام اعيننا. عن امي! في تلك الغرفة حيث اجتمع الجيران كنت ارقص اقترب من اخي اضم جراحه اقبل يداه التي تنزفان ابكي فوق الجرح، قال لي حينها لا تبكي فوق جرحي فالدمع المالح يعذب اعصابي، هل الدمع مالح أيها الجندي، هل الدمع لديه لون او رائحة. أكملت الرقص فوق جثة امي اصرخ بها اوقظها اخبرها بكل تلك النكات التي تحب اضع راسي فوق خدها وانتظرها ان تستيقظ. ان تعطيني إشارة من يدها. وحين لا تجيب اصرخ! فيطلب مني جارنا ان اخرس، فأطيعه! اسد حلقي أيها الجندي واخي ينزف. أحاول ان اضم يديه الى قلبي ولكنه سقط بين ركبتي وهرول الجيران حولي، حملوه الى المشفى على ما اعتقد وعادوا به من دون لون وضعوه بجانب امي الزرقاء، انا اقبل يدي امي واهرول اضحك وابتسم للجيران، اسال ابن جارتنا ان نلعب الكرة معا، هو ذاك الولد الشقي الذي احب! شعره اسود، عيناه خضراوان كشجر اللوز في فصل الربيع. رمقني بنظرة غريبة، لكأنه كان يفهم ما معنى الموت! في منزلنا كل الجيران الذين مازالوا في الحي، كلهم ينظرون الي هواتفهم. لا افهم ماذا يجري، اهم يلعبون لعبة باربي وبيت بيوت علي الهاتف. اسال اخي لأنه يعرف بالموبايلات اكثر مني، لكن يداه اللتان تنزفان باردتان. اصفع وجهي من شدة برودتهما اركض الي امي باردة هي كالأيس كريم التي اعتادت ان تشتريه لي. الجيران الذين بقوا في الحي كلهم في منزلنا ينتظرون حسب ما اذكر جثة ابي. النسوة اللواتي اعرفهن كن بجانب امي يرمون فوقها الورود وانا اجمع بعضها، اشم رائحتها واضعها فوق انف امي اسالها عن رايها في الرائحة لكنها لا تجيب. اهل يعقل ان تتركني امي لوحدي حين ينزف اخي ويصير الدم في الغرفة فوق العابنا، ارمي الورود فوق امي واصرخ! في الحقيقة اشتمها لأنها تستطيع النوم وبعمق حين ينزف اخي. لكن جاراتنا اللعينات أيها الجندي تبعدني عنها. بينما هن مشغولات في ابعادي يصل جارنا الاصلع لا اذكر اسمه لكنه كان يحب اخي كثيرا يأمر الناس في منزلنا بغسل امي واخي لان جثة ابي مفقودة. ماذا تعني جثة أيها الجندي؟ اهل تعني بان ابي قد اختار ان يسافر لأنه نسي ان يشتري لي لعبة الباربي من المحلات قبل ان تقفل ولأنه نسي ان يشتري الحذاء الرياضي لأخي؟ اخي ينام الان وامي أيضا فدع ابي يأتي الى المنزل فانا لن اغضب منه لأنه نسي ان يشتري لي اللعبة لكنني اريده ان يصرخ حين يأتي الى المنزل فتستيقظ امي من نومها ويستيقظ اخي ويتظاهر بانه يحضر واجباته المدرسية. كل من في المنزل كان مشغول بغسل امي واخي وجارتنا الخبيثة ترسلني بطلب الخبز من الفرن الان، هلا تعطيني بعض الخبز أيها الجندي لربما امي استيقظت الان . ..
#دارين_هانسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ارواح في وجه العاصفة
-
تراوما من نوع اخر
-
البحر و الصور الغامضة
-
توضيح الفرق بين الإسلامي والمسلم يتطلب جهد جماعي
-
حول مقال ( الحمرا لم تعد لبنانية)
-
ممنوع
-
عبرنا من هنا
-
هل ننتظر قوة خارجية من الفضاء؟
-
آعد التسجيل!
-
حيرة واقع معفن
-
كيف لي
-
وطن افتراضي
-
بين تلك الخيم ألاف الحكايا
-
كاسك سورية من الحدود
-
بحضور سرير ميت
-
لا للعنف ضد المرأة
-
هو الوطن
-
سقط الإله
-
حيث بائع القهوة بانتظارهن
-
كاسك يا أيقونتي الجريحة
المزيد.....
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
-
إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|