أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهند صلاحات - ثلاثة رسائل كتبتها راشيل كوري














المزيد.....

ثلاثة رسائل كتبتها راشيل كوري


مهند صلاحات

الحوار المتمدن-العدد: 1505 - 2006 / 3 / 30 - 09:43
المحور: الادب والفن
    


في مثل هذه الأيام الحائرة ما بين الشتاء والصيف، وتحديداً قبل الخامس عشر من آذار من قبل سنتين، كانت راشيل كوري ابنة الثالثة والعشرين ربيعاً القادمة كالمستحيل من واشنطن، تلك الفتاة الأجمل من زهر الحنون، الأرق من نسمات الربيع النيسانية، الأنقى من بياض زهر نرجس جبلية فلسطينية، كانت راشيل هنا بيننا، وكنا نحتفي بها وتحتفي بنا كلن على طريقته الخاصة، وربما كنا نتبادل الأدوار، فنحتفي بها بالطريقة الكلاسيكية الأمريكية، وتحتفي بنا على الطريقة الشعبية الفلسطينية.

كانت راشيل بيننا جزء منا، وكنا كل قلب راشيل .. تلك الإنسانة التي تعلمنا معها قيمة الإنسان والإنسانية، وتعلمت معنا مذاق الصمود المجنون في المدن المحاصرة...



راشيل كوري صديقة العصافير والفراشات.. جاءت من وراء المحيط في زمن منحط يذهب فيه الناس وراء المحيط حيث الجنة في عقولهم هناك ... كانت راشيل تبحث عن جنتها في وسط الأزقة المعتمة، والتفاصيل الممنوعة، كانت راشيل تبحث عنا وعنها في غزة ...



حيث المخيمات والأطفال وبيوت الزنك والصفيح.. حيث الدمار والرماد.. حيث الدبابات والبلدوزارات.. جاءت راشيل حيث مزج هدير الأمواج مع صوت المدافع والقذائف..

هناك في رفح .. في حي السلام .. آه يا حي السلام ... أي سلام وأي كلام هذا الذي يمكن أن يبقى في ظل هذا العصر الصهيوني الجبان..



جاءت الجرافات والدبابات لهدم البيوت .. فتصدت لها راشيل بخصرها النحيل .. وجسدها الطري كعضن سنديان.



فتاة تحمل براءة السنونو في عينيها.. تتقدم بتحدي باتجاه آلة للموت، آلة لا تحسن إلا صنع الموت بأسرع وقت ممكن، آلة مخصصة لسحق العشب الأخضر الطري، وقتل الأمل، وراشيل.



مشهد للموت أكثر من درامي، راشيل تتقدم، و الوحش الحديد المسمى جرافة يتقدم أكثر وأكثر.. وتراجع الجميع سوى راشيل..



بإصرار لم يعرفه إلا فرسان العصور الوسطى، وعصور صدر المعارك الكبرى تقدمت راشيل لتحمي شجيرات النخل في رفح، أصرت إلا أن تحمي البيت والشجر .. وان تحمي أعشاش العصافير من الموت ..



تقف وصورتها تطبع في عيني قاتل يقود آلة موت تتقدم باتجاهها... ومن ثم مضت راشيل عنا خلف بحرها القرمزي.. خلف المكان الذي لا نعلمه.

مضت راشيل مع الأزهار المزركشة الزاهية التي داستها جنازير الدبابات الكبرى، المُهدات من الدول الكبرى... والتي ربما تكون قد صُنعت في بلدها..

رحلت راشيل العصافير، وماتت معها العصافير، وتعانقت دمائها والزهور مع التراب .. وحلقت روحها عاليا ... عالياً جداً حيث لا ندرك أيضاً ... حيث يمضي الشهداء دوماً دون موعدٍ، وحيث لا يصطف العائدون من المعركة، وقلبت راشيل الفتاة اليانعة موازين الدولة الدخيلة العظمى. وأضافت راشيل أسمها لقائمة الشرف النسائي الفلسطيني مرة أخرى.



راشيل كتبت على صخرات رفح ثلاثة رسائل عصية على النسيان.



· سجلت في الرسالة الأولى أسمها وأسم من سبقنها في ذات المعركة على ذات الأرض.

· وفي الرسالة الثانية سجلت وصيتها لشعب حائر، يظن أن القيمة الديمقراطية لا يمكن أن تتحقق إلا في دولة غربية.

· وكتبت وصيتها الثالثة لرجال الشرق العاجز، بأنها امرأة تعلمت كيف تدافع من نساء هذا الشرق أيضاً، لكن الشرق سلب وصاياهن.



رحلت راشيل دون رسالة وداع لنا، لأنها تعلم أنها ستعود مرة أخرى، فربما قالت إلى اللقاء قبل أن تمضي، وربما ربتت على أوراق زهرة، أو قبّلت عنوة ملامح طير في السماء.

كل ما نعرفه أن راشيل كانت بيننا قبل سنتين ومضت، وما نعلمه أيضاً أنها ستعود مرة أخرى لهذه المروج، وستقيم احتفالية أخرى للنرجس، وتُزوج مع درويش الليلك، وترقص معنا الميجنا.



لراشيل التي تمضي كل الزهور التي سيهديها الرجال للنساء في يوم المرأة التي لم يكن مصادفة بأن يأتي قبل رحيلها بأسبوع، فهي ربما اختارت هذا الموعد بقصد، بأن يكون المنتصف بين يوم المرأة وعيد الأم، لتحمل منتصف الزهور من الاثنين، ولتستطيع أن تتقبل الزهور من الرجال القادمين من سفوح الجبال يحملون النرجس البري يهنئون نسائهم بيومهن، وحتى تتقبل الزهور التي سيأتي بها الأبناء والبنات لأمهاتهم في عيد الأم.



كانت راشيل عروس نساء فلسطين في يوم المرأة، وكانت أم في عيدها من قبل أن تكون أم.



راشيل كوري ... من كل نساء فلسطين ... ومن كل أمهاتها ... لك الخلود

ولنا طول الشقاء



#مهند_صلاحات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حماس تراود اليسار الفلسطيني عن نفسه وتغلق الأبواب
- اليسار الفلسطيني ... عندما يقتات على الفتات
- فوق القانون ...
- عيب ... هاي مطلقة
- رسالة لصديقتي النحلة
- راديو الحرة -يردح- ديمقراطية
- هنودٌ حمر ... ديمقراطيون فلسطينيون
- قراءة في قصة - لوحةٌ وبزّة متّسخة- للأديبة الفلسطينية انشراح ...
- الاغتيال الأخير لمنظمة التحرير
- ظِلالُ الغُرُبَة ...
- قُبلة العام الجديد
- رحاب ضاهر في -أسود فاجر- : المكان في هذا العصر ضيق، لا يتسع ...
- التكفير والتخوين في مواجهة الديمقراطية بالعالم العربي
- مسرح الجريمة في لبنان ... العرض مستمر
- أَدوار ... - قصة قصيرة جداً
- جُزء مِنَ وَقتِكَ فَقَطْ - قصة
- حوار أدبي ...مع الأديب الفلسطيني -مهند صلاحات-
- لماذا لا يثقُ العالمُ فينا ؟
- أربعُ برقياتٍ ثائرةَ لنساءِ مدينتي ... لإعلانِ الثورة
- لماذا تموت غريب


المزيد.....




- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...
- تهديد الفنانة هالة صدقي بفيديوهات غير لائقة.. والنيابة تصدر ...
- المغني الروسي شامان بصدد تسجيل العلامة التجارية -أنا روسي-
- عن تنابز السّاحات واستنزاف الذّات.. معاركنا التي يحبها العدو ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهند صلاحات - ثلاثة رسائل كتبتها راشيل كوري