أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي عبدالقادر ريكاني - المفسدون في الارض (متلازما السلطة والفساد)














المزيد.....

المفسدون في الارض (متلازما السلطة والفساد)


سامي عبدالقادر ريكاني

الحوار المتمدن-العدد: 5973 - 2018 / 8 / 24 - 03:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الفساد الذي يعتبر افة شرق اوسطية عادة ما يكون مرتبطا بالسلطة بالدرجة الاولى وياتي لصيقا برجالاتها في بداية الامر، ومن ثم ياخذ بالتمدد في مفاصل الدولة، وينزل بعدها ليشمل الفرد والمجتمع ككل وبمرور الزمن يعمل على اجبارهم ليقوموا باعادة هيكلة علاقاتهم المجتمعية واخلاقياتهم وبما يتوافق مع سلوك السلطة الفاسدة ومتطلباتها.
عندها يتحول الفساد شيئا فشيئا ليصبح سلوكا مالوفا لدى غالبية افراد المجتمع، ومن ثم يصبح رفع شعار "الغاية تبرر الوسيلة" هي العقيدة الوحيدة التي تؤمن بها غالبية افراد المجتمع، يغذيه طبيعة الغريزة الانانية لدى الانسان والخوف من المجهول وذهاب الحال الذي يجلبه عليه الظلم الاجتماعي وانعدام العدالة والفوضى الاداري وغياب قوة القانون..الخ، وهو في رحلته نحو الخلاص والبحث عن رغد العيش فاذا به يلجأ الى أي وسيلة كانت وباي ثمن حتى لو كان على حساب قيم الدولة والدين والدساتير والقوانين والعقد الاجتماعي المتفق عليه بين افراد ومكونات المجتمع الواحد، حينها ستصبح السلطة هي القبلة التي تتجه صوبها حركة المجتمع بكل افرادها وتنوع توجهاتها وافكارها، وتصبح اللعبة السياسة وقيمها طقوسا يمارسه كهنوت السياسة والفساد خلف الشعائر الدينية والقومية تسوق خلفها الشارع عبر العقل الجمعي لتتمم بهم الفريضة المقدسة.
فلا يبقى حينها الا ان يتحول الصراع على السلطة الى صراع صفري بين مكونات المجتمع ويصبح هو الجهاد المقدس، ويصبح معها الغدر والخيانة والعمالة، دهاء وخبرة وشطارة سياسية، ويتحول معها الانانية والمصلحية والمحسوبية والتملق والتزلف والمداهنة وتبدل الاقنعة وتغير المستمر للمواقف والقيم والانحطاط الاخلاقي ,,الخ من الامراض المجتمعية هي القيم التي تفرض نفسها على سلوك الناس وعلى علاقاتهم مع بعضهم البعض .
ويصبح بعدها الاتكال على قوة رابطة الدم والقبيلة بدل قوة الدولة والقانون طقوسا وشعائر تضمن ترابطا روحيا تمكن الفرد على الثبات امام تحديات الصراع الدائر ويصبح عاملا مهما وسهلا في الوصول الى مرحلة التمكين والقدرة على المشاركة او السيطرة على السلطة.
ولكن ماذا بعد ومن اجل ماذا كل هذا؟ الجواب القدرة على فعل الفساد أي القدرة على التصرف بالمال العام.
حينها سيصبح الفساد(سرقة المال العام بكل اشكاله) هي القيمة الحميدة المرغوبة والمحببة لدى غالبية افراد المجتمع، والاخذ بوسائها والتحلي بسلوكها هي القيمة الاخلاقية المثلى لديهم.
فالفساد لم يبقى ذلك الذي يستحي منه السياسي كما الفرد العادي وحتى بقية شرائح المجتمع بل اصبحت حقيقة وغاية مجتمعية حتى اصبح يقاس سلوك الانسان الناجح في الوعي المجتمعي بمدى شطارته وقدرته على مايجنيه الشخص عبر الفساد، وفي هكذا مجتمع لايعتبر سياسيا او شخصا اجتماعيا ناجحا من لايجيد او لايملك او لايتحلى باخلاق الفاسدين.
والملفت في الامر ان النبتة الخبيثة لذلك السلوك الفاسد اخذ لها مرتعا خصبا في تربة الوعي الباطني لدى الكثير من النخب السياسية التي تسمى بالمعارضة وحتى لدى شريحة واسعة من المثقفين ورجالات الدين ايضا ممن يدعون الى الاصلاح ومحاربة الفساد، وبمختلف توجهاتهم الايديولوجية وغيرها، مخفين حقيقة نفسياتهم تلك وراء وعيهم الظاهري المعلن المعبر عن الندية والمعارضة والرافضة للفساد، ولكن بمجرد ان تاخذ تلك النخب افرادا او جماعات مكانا لها في زاوية من زوايا السلطة حتى لو كان ضئيلا جدا، حتى يبدا ذلك السلوك المشين لديهم بالانطلاق من وعيهم الباطني المخفي ليطفو على السطح ويبدا بالنمو والانتشار والسيطرة على وعيهم الظاهري، غير مبالين بما تفوح منهم من رائحة وطعم ثمرة الشجرة الفاسدة والخبيثة تلك،التي بدات تزكم الانوف وتقضي على الذوق والسلوك السليم، متذرعين في تبرير سلوكهم هذا عبر حجج واهية لا تقل دنائة وخبثا عن حجج وتبريرات السلطة الفاسدة، كاشفين بذلك الغطاء عن حقيقة نفوسهم المريضة وزيف ادعائاتهم حول الاصلاح ومحاربة الفساد، فهؤلاء اشر على مجتمعاتنا من الصنف الاول الذي يتبنى الفساد علنا.
ولكن مع هذا فهناك من يسعى الى القضاء على الفساد وهو صادق في مسعاه ويملك خطة وبرنامج لذلك ولكن المشكلة تكمن عند هؤلاء في تبنيهم للوسائل الفاسدة فهم: اما ياخذون بالوسائل الصحيحة الا انهم لاستعجالهم في الوصول الى النتائج يلتجؤون الى وسائل فاسدة فيفشلون ، او يفشلون في المداومة على خوض المعركة اما لقلة المعرفة او لشدة المواجهة او المنافسة. واما انهم ياخذون بالوسائل الفاسدة لمعالجة واقع فاسد ويريدون بذلك القضاء على الفساد، ومعالجة الفساد بوسيلة فاسدة لاتكون النتيجة الا فسادا.
وبهذا لاتكون النتيجة في كلتا الحالتين الا الرجوع الى نقطة الصفر لصالح الفساد والمفسدين.



#سامي_عبدالقادر_ريكاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الازمة التركية بين الحقيقة وزيف الاعلام الايديولوجي
- الاستراتيجية الامريكية الجديدة بقيادة ترامب بعد داعش
- الانتخابات التركية الرئاسية والبرلمانية والتوقعات
- الانتخابات العراقية والتخبط الكوردي
- لتصعيد الامريكي والغربي الاخير بين الحقيقة والواقع
- لا تنتظروا الحل خاصة من بغداد فعقدة الحل هاهنا(في اقليم كورد ...
- الايديولوجيات الاسلامية، والتركية منها، واللعبة الدينية ضد ا ...
- القضية الكوردية بين كركوك وعفرين
- حكومة الاقليم بين خيار الانصياع للداخل او الخضوع لبغداد
- هموم المواطن الكوردي ولعبة الاحزاب
- كوردستان وعكس السير
- تجار الاوهام
- التقاذف بكرة الاستفتاء بين العبادي والمحكمة الاتحادية
- امريكا وروسيا وغرامهم بالزواج الاسلامي
- على الكورد ان لايلوموا امريكا بل عليهم ان يلوموا انفسهم
- ما الذي حصل في كركوك؟
- مستقبل الدولة الكوردية بين البداوة والمدنية
- ما الذي على الكورد فعله امام هذا التصعيد ضد الاستفتاء على تق ...
- ساعات حاسمة حول مصير الاقليم الكوردي
- هل سيجري الاستفتاء على الاستقلال في اقليم كوردستان ؟


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي عبدالقادر ريكاني - المفسدون في الارض (متلازما السلطة والفساد)