اسماعيل شاكر الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 5972 - 2018 / 8 / 23 - 22:12
المحور:
الادب والفن
سواعد لاهثة
انتهى حفلنا الصغير ياصغيرتي ، وانطفأت أصابع الموسيقى ، لكن اشتعل في جسدي ضوء اخضر ، رأيتك فيه احلى من عصير قصب السكر . ورايتني أتسلل إليك على بردية منقعة بهموم " اخناتون " .
انت لست انت حين تتجردين من سلطات النهار ، ومن كل الخوف الذكوري ، لحظتها انهارت في ذاكرتي لوحات سلفادور دالي ، وعبرنا عبر قبلة واحدة : حواجز الازمنة والأمكنة ، وانا أردد : ايمكن لقبلة واحدة ان تستثير كل هذا العطاء .
ربما ، ربما رأيت كما يرى الناءم : ازميلاً لنحات يوناني ،
او صوتاً لمطرب ريفي رف في فضاء الغرفة كطاءر غريق ،
لقد كنا انا وانت في تلك الليلة نتابط كتاباً واحداً : أحببتك اكثر مما ينبغي ...*
*************************
هاتفني بصوت راقص مليء بالحركة والسرور ، وكلمني بصوت لا اثر فيه لشجن او حزن ، كانت ترافق الصوت : موسيقى أستطيع تمييز آلاتها ، واستطيع وصف مكانها بانه خاص وليس عاماً ، اذ تنبعث منه همسات واقدام راقصة لجسدين وليس لجمهور كثيف ...
- كلمتك لكي أكون البرهان الساطع على صحة أطروحتك عن : ذاكرة ما بعد الموت التي قدمتها في منشورك السابق .
- فأجبته ، كانت نزوة من نزوات خيال سكران يا حبيبي
- لدي شاهد حي هي زوجتي التي تحتفظ بفيديو عن حفلتنا الصغيرة ، ولديها عناوين العازفين ، ويمكن لك ان تطابق ما سمعته الان بما هو محفوظ في الفيديو .
- ارتعش استكان الشاي في يدي ، ورغم القطرات الحارة التي سقطت منه ، لم أضعه على الطاولة التي امامي ، نسيته تماماً ، ورحت أكلم نفسي شارد الوعي : هذه المرة تلفونات من وراء القبور ، احصد يا متخلف ما جناه الخيال عليك ، وفكرت بتغيير ملابسي والهرب من الشقة والالتحام ببحر الناس ، ولكنه لم يمهلني : أرسل لي من وراء قبره هاتف زوجته ..
- فاتصلت بها ، جاءني صوتها ضاحكاً : منذ عام أصيب زوجي بالسرطان في حباله الصوتية ، وانقطع عن الكلام وزهد في الاكل ، واصبح جسده هيكلاً من عظام تخشخش حين ينهض ، وتخشخش حين يجلس ، فلازم فراشه ، وكانت سلوته الوحيدة الفيسبوك الذي قرا فيه منشورك السابق فأشار علي بالاقتراب منه ، قال لي : اقرأي هذا المنشور فقراته ، وحين فرغت منه نظر كل منا في عين الاخر ، ثم ابتسم وقال سأطبق الفكرة ، وسأحملك معي .. وراح ، حملوه صباح اليوم التالي ، ولكنه لم يتركني حملني معه وذهب بي بعيداً .. وبدات تدندن عن معشوقها الذي ترك كل شيء في هذه الدنيا ، ولم يختر سوى ذكراها ...
- ******************
- رواية : أحببتك اكثر مما ينبغي ، للمبدعة السعودية ، اثير عبد الله النشمي
#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟