محمود شقير
الحوار المتمدن-العدد: 5972 - 2018 / 8 / 23 - 11:49
المحور:
الادب والفن
عنزة
أمضيت ساعة وأنا أبحث عن ليلى في برّيّة الأجداد. تنقّلتُ من مكان إلى آخر حتّى عثرت عليها. كانت ترعى الأغنام في سفح الجبل. استوقفتها وهي تركض خلف عنزة رعناء.
قلت لها: لا تركضي بعيدًا، قد يظهر لك ذئب.
قالت باستهتار: أنا لا أخشى الذئاب.
فوجئت بكلامها، ثمّ تركتني وواصلتِ الركض. وأنا رحت أحلم حلمًا يعيدنا معًا من ذلك السفح حتّى لا نقع في محظور ما.
عدنا بعد وقت إلى سريرنا ومعنا تلك العنزة الرعناء.
رغبة
ليلى التي تبيع في حلمي وحلمها ورق الدوالي عند باب العمود
ألحّت عليها رغبة لم تفصح عنها لزميلتها المقرفصة إلى جوارها: أن تستلقي على البلاط العتيق
لعشر دقائق أو عشرين.
لكنّها لم تفعل، كما قالت لي، بسبب عيون المارّة وأقدام الجنود.
بيت
نمنا في بيتنا بعد أن أحكمنا إغلاق الشبابيك، وكانت تحتمي بجسدي من لسع البرد، ولم نتوقّع أن يأتينا الجنود الغرباء.
لكنّهم جاءوا في حلم حلمناه، وكان لا بدّ من الذهاب مع الحلم إلى منتهاه. حملونا ونحن في الفراش وألقوا بنا في العراء، ثم وضعوا الموادّ الناسفة في زوايا البيت ونسفوه.
قالت بانزعاج: لم يعد لنا بيت.
قلت: سأبني لك بيتًا.
واصلت نومها، وأنا شرعت في بناء بيت، سقفه من ورد وحيطانه من كلام.
بيتٌ لا تطاله الموادّ الناسفة، وهو قادرٌ على البقاء.
ضجيج
أصغينا في حلمنا بانتباه، ولاحظنا أنّ للصمت ضجيجه الخاصَّ القادم من جهة القلب.
أثناء الإصغاء، جاء المطر على غير ميعاد، كما لو أنّه راغب في لفت انتباهنا إلى حضوره الذي لم نتوقّعه، أو كأنّه كان لنا بالمرصاد.
جاءنا محمّلا برسائل شتّى. مكث على مقربة منّا ساعة أو ساعتين.
وفي الأثناء، رحنا، أنا وليلى، نفضي له بما يساورنا من شغف وحنين.
جرّة زيت
قليتُ البطاطا بالزيت لنأكلها مع الخبز والجبن والزعتر والزيتون.
وكنّا نجلس فوق العشب عند سفح الجبل قريبًا من البرّيّة التي عاش فيها الأجداد. قالت: قيس، أين أنت؟
قلت: أنا هنا يا ليلى، أتهيّأ للصعود.
قالت: تزعجني رائحة الزيت المقليّ مثلما تزعجني قنابل الغاز.
فتحتْ عينيها في حلمها، فلم تجد زيتًا أو بطاطا.
تململتْ وتقلّبت وهمهمت ببضع كلمات، وكان عليها أن تنتظر، لأنّني صعدت الجبل مشيًا على قدميّ لأحضر جرّة زيت، حضنتها بين ذراعيّ أثناء نزول المنحدر.
#محمود_شقير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟