|
الغزو الأمريكي للعراق والدور الإيراني
محمد أحمد الزعبي
الحوار المتمدن-العدد: 5971 - 2018 / 8 / 22 - 19:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تقف وراء دافعي لكتابة هذه المقالة ، مقالة قرأتها هذا الصباح للأخ صلاح المختار تحمل عنوان ( تركيا : ألغاز متعمدة ) . لقد كانت المقالة تحليلا سياسيا جيداً للأزمة الراهنة بين أمريكا وتركيا ، والتي يظهر القس الأمريكي ( أندرو برانسون ) وفتح الله غولن على سطحها ، فقط من أجل التغطية والتعمية على الأسباب الحقيقية وراء هذه الأزمة ، والتي هي بنظر الكاتب صلاح المختار- ونظرنا نحن أيضاً - إلحاق تركيا بجاراتها وأخواتها في الوطن العربي( تدميراًوتقسيماً وتهجيراً ) ولاسيما العراق وسوريا من هذه الأخوات . إننا لانشك في أن النظام التركي ، برئاسة السيد رجب طيب أردوغان ، يعرفون جيداً أبعاد اللعبة الأمريكة التي تدور في المنطقة حولهم ، ولكنني - ومع ذلك - تمنيت على المسؤولين السياسيين والاجتماعيين والاقتصاديين في هذا البلد الجار ،أن يطلعوا على وجهات نظر أصدقاء تركيا في الوطن العربي ، والذين ذاقوا قبلهم مرارة تلك اللعبة الدولية حول هذا الموضوع ، وخاصة في العراق وسورية . (ملاحظة : تشير كتابة سوريا بالألف هنا إلى سوريا الكبرى ، بينما تشير كتابتها بالتاء المربوطة إلى سورية الصغرى ، والتي أطلق عليها حسن نصر الله ذات يوم ( سورية الأسد !!) . وفيما يتعلق بسوريا الصغرى ، التقيت في الأيام الأولى لثورة آذار2011 بمجموعة من الشباب السوريين من اللاجئين الى ألمانيا بأوقات مختلفة ، هرباً من بطش عائلة الأسد ( الأب والإبن ) وشبيحتها ، وكان ذلك قبل عام 2015 وبالتالي قبل استنجاد الوريث بفلادمير بوتين كي ينقذه من ثورة وثوارآذار2011 ، والذين كان يطلق عليهم ، دونما خجل أو وجل ، اسم ( العصابات المسلحة ) . لقد لفت نظري يومها تطلع بل وشبه اقتناع بعض هؤلاء الشباب بإيجابية الدور الأمريكي في سوريا ، وأنه ( الدور) يصب في صالح الثورة ، وبالتالي فإنه سوف يؤدي عاجلاً أم آجلاً الى رحيل بشار الأسد من سورياً ، ولاسيما أن كلمة (إرحل) كانت تتردد يومياً عدة مرات على لسان السيد أوباما رئيس الولايات المتحدة الأمريكية . لقد كانت مجموعة الشباب الذين أشرت إليهم أعلاه واقعين برأيي في إطارخدعة أمريكية مزدوجة ، فمن جهة كانوا ينظرون إلى أمريكا ، وبالذات إلى رؤسائها ، بل وإلى الغرب عامة ،على أنهم على درجة عالية من الأخلاق ، وبالتالي فإنهم لايكذبون أبداً ، ومن جهة أخرى فإن أمريكا هي بنظرهم قادرة على كل شيء ، وبالتالي فهي عندما تقول لبشار إرحل ، فإن ما سيبقى عليه هو فقط للرحيل . تجهيز نفسه قلت يومها لهؤلاء الشباب المخدوعين بالدور الأمريكي في سورية : إن أمريكا – أيها الإخوة - عندما غزت العراق وأسقطت نظامه الوطني عام 2003 ، استبدلته بمجموعة من اللصوص الطائفيين الموالين لولي الفقيه في طهران ، ممن وصلوا إلى السلطة في العراق، كما هو معروف ، على ظهر دباباتها ، وهي اليوم تقوم في سورية باستثمارما زرعته يداها عام 2003 في العراق ، وما قاسم سليماني وحسن نصر الله سوى النبات السام والزيوان الذي زرعته أمريكا في العراق عام 2003 ، وهي تحصده اليوم ( بعد 2011 ) في سورية ، والذي قامت وتقوم بتغطيته وتمويهه بزرعها نبتة جديدة في سورية الى جانب نبتة ولي الفقيه في العراق ، ألا وهي( داعش) ، والتي تمثل الضرورة الطائفية المضادة لطائفية بشار وولي الفقيه وحسن نصر الله ، انطلاقاً من أن ( لكل شيء أفة من جنسه ) وذلك من أجل التعمية والتضليل على دورها في سورية ، من جهة الموالي ( من تحت الطاولة ) لنظام بشار الأسد ، ومن جهة أخرى الساكت على تواجد ودور أتباع قوات خامنئي وحسن نصر الله العسكرية في سورية . لقد تفاجأ هؤلاء الشباب السوريين المتفائلين ب إرحل ( أبي يوسف ) ، بداية ، باستدعاء بشار لقوات ولي الفقيه وحسن نصر الله ، وثانياً باستدعائه لقوات فلادمير بوتين الروسية، وإعطائها الإذن الشرعي بأن تسرح وتمرح حيثما وكيفما تشاء في سورية ، وثالثاً بأطروحة وزير خارجية بشار( وليد المعلم ) المضحكة المبكية : ( إن من يريد العدوان على سورية فليس لديه من مبرر سوى بالتنسيق معنا !!!) وذلك كرد على استباحة سورية براً وبحراً وجواً من كل ما ومن هب ودب . وذلك لحمايته من الثورة السورية التي أوشكت على سحب الكرسي من تحته ، ورابعاً بتحول خطوط أوباما الحمراء الى اللون الباهت الأقرب الى الصفرة ، وخامساً باللقاءات الودية المتوالية المشفوعة بالابتسامات العريضة لجون كيري ( وزير خارجية أوباما ) ونظيره الروسي لافروف ، ثم لتتابع " لعبة الأمم " مسيرتها الودية بزمن ترامب الأمر الذي أوصل الأوضاع في سوريا والعراق ( وبمساعدة داعش ) إلى ماوصلت إليه اليوم . إن سكوت أمريكاعلى الاحتلال الروسي لسورية تحت ذريعة أنه قد استدعي من قبل نظام شرعي ، إنما يشير – برأينا - إلى أمرين اثنين ، الأول هو اعتراف أمريكا الضمني بأن نظام بشار هو نظام شرعي رغم مناداتها الكاذبة يوميا برحيله ، والثاني هو قيام روسيا ( نيابة عن أمريكا ) بتدمير ثورات الربيع العربي ، التي أوجدت الإمكانية الحقيقية لسقوط الأنظمة الوراثية الطائفية والقبلية والعسكرية في الوطن العربي ،( أو لمن يشاء في الشرق الأوسط ) والتي هي واقعياً تمثل وتحمي المصالح الأمريكية ، وعلى رأس هذه المصالح حماية الكيان الصهيوني .
لقد دفعت التطورات المتتالية والمتسارعة في سورية الشباب الذين أشرت إليهم أعلاه ، الى مراجعة حساباتهم ومواقفهم حول موقف الدول ( العظمى ) ولاسيما أمريكا وروسيا من قضية الشعب السوري عامة ، ومن ثورة آذار 2011 خاصة ، وبالتالي من مذابح الأطفال وغرقهم في البحور والمحيطات ، ومن مذابح المدنيين بالسكاكين ومن استخدام بشار للسلاح الكيماوي في أكثر من مكان ومن زمان ، ومن الاغتصاب والتهجير ، ومن اعتقال مئات الألوف بسبب مشاركتهم في المظاهرات السلمية ، وبقتل الألوف منهم تحت التعذيب الممنهج والهادف ، بحيث باتت كافة المنظمات المختصة بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة عاجزة حتى عن العد والإحصاء وأصبح التفريق بين العدو والصديق أمراً ممكناً في وعيهم الجديد . لقد مثل الغزو الإنجلو أمريكي للعراق عام 2003 . – من وجهة نظرنا - حجر الأساس ، لفتنة طائفية ، أرادت لها أمركا أن تكون فتنة طويلة وعريضة ، بحيث لايمكن رؤية نهاياتها لاطولاً ولا عرضاً، في المدى المنظور . وهذا مامثلته وما أكدته التصريحات والمواقف والقرارات المتناقضة والمتعارضة لمجلس الأمن حول دورنظام ولي الفقيه الطائفي في دول الربيع العربي ، ولا سيما في العراق و سورية ، والذي ( مجلس الأمن وبالتالي قراراته ) لايعدو كونه أداة لضحك دول الفيتو الخمس ،وخاصة الدول النووية الأقوى منها ، على ذقون ( المجتمع الدولي ) عامة ، ودول الربيع العربي خاصة . إن للفتنة الطائفية السنية – الشيعية التي زرعها الغرب في الشرق الأوسط ، أهدافا قريبة وأخرى بعيدة ، وسوف يطال حصادها المرليس فقط الدول العربية وإنما أيضاً وأيضاً تركيا ذلك أن المطلوب أمريكيا ،هو الاّ يبقى في الشرق الأوسط دولة أو دويلة واحدة يمكن أن يشكل وجودها - ولو على المدى البعيد – تهديداً محتملاً سواء للولايات المتحدة الأمريكية ، أو لأصدقائها وحلفائها في المنطقة ، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة . يجادل البعض في أن نظام ولي الفقيه في طهران ، هو من بين الأعداء الفعليين والمباشرين وليس المحتملين للولايات المتحدة الأمريكية . إن مايمكن قوله لهذا البعض( مع الإحترام لوجهة نظرهم ) ، هو إن وقوف نظام ولي الفقيه في طهران ضد دول الربيع العربي في كل من العراق وسورية وليبيا واليمن ، و تحت سمع وبصر الجميع ، لهو أسطع برهان على أنه ( النظام الإيراني ) يقف مع نظام عائلة الأسد ومع "إسرائيل" في خندق واحد ، إنه المثلث الأشد عداء لثورات الربيع العربي ، وهو اليد اليمنى لكل من روسيا وأمريكا وإسرائيل في سورية .
إن تركيا - واقع الحال – لاتدخل في إطار دول الربيع العربي ، ولكنها بعد عام 2011 باتت مقارنة بدور إيران المشبوه في سوريا ولبنان ، الجار الأقرب والأكثر تفهما ً لهموم الشعبين العراقي والسوري ، وخاصة في ظل حكومة حزب العدالة والتنمية ذي البعد الإسلامي ، الأمر الذي سمح لكل من أمريكا وصنيعتها " إسرائيل " باحتسابها (تركيا) من " الأعداء المحتملين " للطرفين . وفجر بالتالي هذه الأزمة ( أزمة القس أندرو برانسون ) بينهما . إن التداخل بين الموقفين الروسي والإيراني مع الموقف التركي في سورية ( الثلاثي الضامن بمناطق خفض التصعيد وغيرها ) وخاصة في أستانا وسوشي ، إنما ينطوي – برأينا - على تشويه متعمد للموقف التركي من الثورة السورية ، وتقع مسؤولية تصحيح هذا التشويه المتعمد على السيد رجب طيب أردوغان قبل أن تدرجه كل من روسيا وإيران في إطار حساباتهما الإستراتيجية ( المبهمة ) ويصبح نظام السيد أردوغان رهينة بيدهما ، وعندها سوف ينطبق على محاولة أردغان التراجع - إن وجدت - مقولة " بعد فوات الأوان " .
#محمد_أحمد_الزعبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ملحمة سجون بشار والديموقراطيات الخرساء
-
أبو هشام في فقرات
-
نظام الأسد وإشكالية الهوية العربية ( إعادة نشر)
-
بعد سقوط درعا بيد بوتن، عود على بدء
-
الثورة السورية وصمت المجتمع الدولي
-
حوران بين فكّي بوتن وترامب
-
المعارضة السورية بين القول والفعل
-
حوران بين المطرقة والسندان في مثلث الموت
-
الثورة السورية وجنرالات الأسدين
-
شاهد عيان على ضياع الجولان
-
القضية الفلسطينية وأعداؤها الثلاثة
-
الرياضيات الأحدث (5+1)=(4+1)
-
موسم التهجير إلى الشمال ونصيحة قلم
-
ليس بين القاتل والمقتول شعرة معاوية
-
الثورة السورية والثلاثيات الثلاثة
-
الغوطة الشرقية بين الموت والتهجير
-
الضربة الثلاثية -أما بعد
-
مؤتمر أنقرة الثلاثي والأيادي الستة
-
الدول الكبرى وأكذوبة داعش
-
عيونهم تسأل ودموعهم تجيب
المزيد.....
-
نتنياهو يبحث المرحلة الثانية من اتفاق غزة خلال زيارته إلى أم
...
-
السودان: أكثر من 60 قتيلا في هجوم لقوات الدعم السريع على سوق
...
-
هيغسيث: -داعش- تكبدت خسائر جراء الضربة الأمريكية في الصومال
...
-
قلق في إسرائيل بسبب منصب رئيس وفد المفاوضات مع حماس
-
وزير الخارجية المصري: لن تنعم المنطقة بالسلام ما لم تقم دولة
...
-
تقدم روسي.. وترمب يصر على الحل بأوكرانيا
-
لقطات جوية من مكان تحطم طائرة طبية في مدينة فيلادلفيا الأمري
...
-
بولندا.. مرشح المعارضة للرئاسة يتعهد بإعادة 20 مليون بولندي
...
-
ويتكوف ونتنياهو يتفقان على بدء مفاوضات المرحلة الثانية لوقف
...
-
الدفاع الروسية: القوات الأوكرانية ارتكبت جريمة حرب جديدة بقص
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|