|
غاردي دبيّ-عليّ السوريّ: الجزء الثاني 7-
لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان
(Lama Muhammad)
الحوار المتمدن-العدد: 5965 - 2018 / 8 / 16 - 20:57
المحور:
الادب والفن
أحسّسته يوماً مختلفاً! يومٌ ورديٌّ في عالم أزرق.. يوم يحق لي فيه الحلم.. ماأصعب الحلم إن كان قاموسك لا يرشي الأحلام!
ضفرتُ لون شعري البنيّ الذي لم تلعنه ألوان التّجار..
و على وجهي: وضعت ابتسامةً مكان أحمر الشفاه.. و أملاً مكان الكحل في العينين..
ربما سيكون اليوم تاريخ مستقبلي لحفلٍ ألبس فيه الفستان الأبيض.. حفل لا يشبه الطبل و الزمر.. يصوّرنا الأصدقاء على شاطئ البحر.. ثم نذهب عَشَرَتُنَا للعشاء في مطعم بسيط اعتاد تقديم الياسمين للعريسيَن…
اليوم في اليوم يشبه اليوم في الغد.. نحن نعيش مستقبلنا دون أن ندري.. اليوم يومي السعيد الذي وصلت فيه أولى رسائل الغائب… ***************
-يارب اقتل المتزمتين قبل أن تنتهي الحضارة كما انتهت في القديم..
كنت أشاهد مجازر داعش في حق السوريين.. أكل القلوب.. اغتصاب الأطفال.. بيع النساء.. الغضب و العجز يحاصر بساطتي.. السؤال الذي يُحيّرنيّ: -لماذا لا يثور المسلمون ضد داعش؟ لماذا لا يدافعون عن سلامهم؟ كيف يتظاهرون ضد الغلاء و ضد الفساد و حتى ضد الأنظمة.. و لم يكترثوا لسرطان يستشري في جسد أوطانهم من المحيط إلى الخليج؟
كلّما كتبتُ شيئاً على ( الفيسبوك) فإن كثرة يسرقونه و يتبنونه.. هذا يعني أنهم يؤيدون الفكرة على الأقل، فلمَ لا يشجعون عليها؟
القلوب النبيلة لوحدها تشارك منشوراتي و كتبي.. هي تعلم أن نشر الأفكار في زمن نقاب الفكر زكاة في رصيد مستقبل أحفادنا..
كنتُ أسبح في أفكاري.. وأشرب قهوتي على ضفاف البحيرة الأمريكية الهادئة.. الشواطئ هنا ملك الفقراء قبل الأغنياء و لا مجال لاحتكارها.. دعنتي نيل إلى ما يسمونه هنا ( البرانش) و هو وجبة فطور متأخر يعني وجبة بين الفطور الباكر و الغذاء.. يمكن اعتبارها الفطور الطبيعي في بلدان الشرق - حيث يستيقظ الناس في أيام العطل متأخرين أو يهملون فوائد الإفطار في الأيام العادية فيتأخرون في الأكل.. أو ببساطة يمنعهم الفقر من الأكل صباحاً-.. كل شيء هنا يجعلني أعيش المكانين في نفس الزمان! في قلبي أفكار حزينة و أخرى لها أمل لا يموت..
عندي تصوّرٌ لا يخلو من المنطق بأن البشريّة وصلت إلى نفس زمن العولمة و الصواريخ في القديم.. أي أن الفراعنة مثلاً عرفوا الهاتف المحمول و الحاسب الشخصي.. وصلوا القمر.. و غاصوا في قاع البحار.. يعني كما أنه لكل منّا حيوات كثيرة.. فلكوكب الأرض حيوات أكثر.. لكن عمره في كل حياة آلاف السنين…
ربما خلط الدين بالساسة أفسد الأمكنة في القديم.. و هذا ما سيحدث مجدداً إن لم يستخدم البشر عقولهم.. إن الأديان لم تأتِ من جديد، بل تكررت للبشر.. و في كل حياة لهذا الكوكب كانت هناك أديان سماويَة دعت إلى خير الناس إن هم استخدموا عقولهم.. الأديان كالثورات.. يركبها المستفيدون و الضالون!
-ليست الجالية العربيّة في بلاد المهجر بأحسن من سواها.. غيبةٌ و نميمةٌ كما في بلادنا بالضبط… -القلّة هنا أمسكت علمها و أخلاقها فخرجت مستقلة لا تُقلِّد سلفها بسذاجة و لا تنسخ مهجرها بغباء! -الوضع في دبي ليس أفضل حالاً.. فمع كون المكان يشع بالحضارة المعمارية و الاقتصادية، لكن المجتمع مازال في حاجة إلى صحوة كتاب.. أو كما تقول عليا : صحوة طب نفسي! -بغض النظر عمّا تقولين.. فإنني أعتقد أنه إذا ما استمرت الحكومة الإمارتية في صرف أموال النفط على تطوير البلاد.. لن يصبح لهذا المكان الجميل منافس في العالم.. أما إن استلم المتزمتون زمام الأمور، فستذهب البلاد في طريق العراق.. ماحال عملك هناك؟ -العمل غير عملٍ .. لا يشبه لبنانَ مطلقاً، أعمل بشكل جديّ كل يوم لمدة تسع ساعات.. عندي يوم عطلة واحد.. الجمعة.. فيما عدا ذلك أنا أقابل المرضى.. من كل الجنسيات.. أستخدم اللغة الإنكليزية.. أحسّ نفسي في حلم جميل بأنني سأحصد نتيجة تعبي في آخر الشهر، و على الرغم من غلاء الأسعار في دبي، فإن الحياة جميلة! سألت نيل: -ليس لديكم غيبة و نميمة..؟ و أجابت غاردي مع ضحكة: -هذا في كل مكان…
غاردي هو اختصار ل غاردينيا و غاردينيا صديقة مشتركة ل نيل و أمنية.. عاشت جارةً لهما في أمريكا مع زوجها و طفلتيَن.. عاشت مرارة الزواج غير الناجح كما أمنية، لكنها كانت أشجع منها.. ذهبت إلى دبي في رحلة و لم ترجع.. طلقت زوجها في ليلة لا قمر فيها.. سرت الشائعات الكثيرة حول طلاقها، لكن طبيبة العيون كانت أكبر من كل كلام الجوعى.. حضنت طفلتيها و عملت بجد..
زوجها سافر إلى ولاية أخرى، و يحكى أنه تزوج من امرأة شبه أميّة- فلا قدرة له على محاولة ترويض مزيد من المتعلمات- .. أما غاردينيا فتأتي لزيارتنا مع كل مؤتمر تحضره في أمريكا… غاردي جد ممتنة لدولة الإمارات.. تنام و تقوم على شكر الحكام فيها، في نفس الوقت و مع كل تفجير يحصل في الشرق.. تمسك قلبها في يدها و فيه طفلتَيها. ****************
الشوارع في العراق أجمل منها في أي مكان آخر.. لأنها تسير إلى منتصف قلبك.. فإن كنت من أتباع شاعرةٍ ما .. ستسري الكلمات في دمك.. هذا حال أهل العلم و الشعر في العراق.. تسري دماء الكلام في دمهم…
قالوا له أن هبة في السجن، و التهمة: ازدراء أديان. بكى و هو يتذكر غناءَها الأخير:
كان يا ما كان .. يا سادة يا كرام دينٌ جميل و بعض من التيجان!
قرر التاج الأول لبس الدين، فكان واسعاً عليه.. قَصَّهُ من اليسار.. قرر التاج الثاني لبس الدين فكان ضيقاً عليه.. وسَّعهُ من اليمين..
قرر التاج الثالث لبس الدين.. وجده قصيراً فوضع عليه (شقفة أحاديث).. و التاج الرابع وجده طويلاً فأحرق تفاصيله.. و الخامس.. و السادس.. و المئة و المليون…
و بقي من الدين قطعة صغيرة.. تنافس الساسة في الإتجار بها.. التسويق لمكانها.. بينما استخدمها العقلاء كشاهد على وجوب استخدام العقل..
كان يا ما كان .. يا سادة يا كرام دينٌ جميل و بعض تيجان!
يتبع…
#لمى_محمد (هاشتاغ)
Lama_Muhammad#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ليثيوم-الطب النفسي الاجتماعي-حكايتي 5
-
ثلاث عيون و أنفيَن- عليّ السوريّ الجزء الثاني 6-
-
سأضع الحجاب- العلاج النفسي الاجتماعي- حكايتي4
-
بين الأكراد و اليزيديين: ضاع الشرف العربي-عليّ السوريّ الجزء
...
-
لماذا طلّقني؟-الطب النفسيّ الاجتماعيّ- حكايتي3
-
تظاهرات العراق: رعب الحكومات العربية في تجدّد دائم...
-
تونس وطن الله على الأرض-علي السوري الجزء الثاني4-
-
سيروتونين-الطب النفسي الاجتماعي- حكايتي 2
-
حكايتي - الطب النفسي الاجتماعي 1-
-
القاهرة و إبريق الحلوى- علي السوري الجزء الثاني-3
-
بيروت و إله الحرب - علي السوري الجزء الثاني -2-
-
مُتيَّمٌ في بغداد- علي السوري الجزء الثاني- 1
-
ثلاثة أزمنة و كفُّ الغول- العلاج النفسي الأدبي 30-
-
حضراتكم: من لعنة الفراعنة إلى لعنات الصمت- العلاج النفسي الأ
...
-
عُقَدٌ واحدة من المحيط إلى الخليج-العلاج النفسي الأدبي 28-
-
هيومان ترافيكينغ-العلاج النفسي الأدبي27-
-
عفرين و اغتصاب الإسلام- العلاج النفسي الأدبي 26-
-
بلاد العرب و غرفة النوم الكبيرة- العلاج النفسي الأدبي 25-
-
سايكوسوماتيك سابقاً-العلاج النفسي الأدبي 24-
-
ربيِّني! -العلاج النفسي الأدبي 23-
المزيد.....
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
-
إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|